لأكثر من شهر اعتاد الجلوس على نفس الطاولة فى كافيتريا الجامعة ليتمكن من رؤيتها كل يوم. منذ أن رآها وهو يشعر أن هذه الفتاة هى من تمناها منذ زمن. بثوبها البسيط ذى الألوان الهادئة وملامحها العذبة ورقتها. والرقة عنده أهم بكثير من الجمال. فكثيرا ما رأى فتيات بارعات الجمال ولكن بمجرد أن تتحدث إحداهن حتى ينتابه نفور منها بسبب الطريقة التى تتحدث بها والتى لا تخلو من خشونة كان يمقتها بشدة. أما هى فكل ما فيها مثالى. اهتم بمتابعتها و ملاحظة طريقة كلامها وتعاملها مع الآخرين وفى كل مرة كانت لا تخيب ظنه وتزيده تمسكا بها. وبعد مرور كل تلك الأيام التى هى فى نظره كافية لمصارحتها بحبه أصبحت أمامه مشكلة هى كيف يعبر لها عن ذلك الحب دون أن تسئ فهمه أو ترفضه وتحبط آماله؟ أيام كثيرة تردد فيها وتراجع بعد إقدام. أتراها تلاحظ نظراته لها؟ إنها تراه. هو متأكد من ذلك. ولكن هل قلبها يراه كذلك؟ يتبادل معها النظرات وهو لا يدرى أهى تقصد تلك النظرات أم لا. وفى ذلك اليوم وجدها تتجه نحوه. نظر خلفه ليتأكد أنها قادمة إليه هو. ولم يصدق نفسه. أستاذ محمد؟ فلم يحر جوابا. كانت المفاجأة أكبر من أن يصدقها. عادت لتكرر السؤال. بصعوبة استطاع الرد عليها: - هو أنا.. أى خدمة؟ - أنا عبير.. الفرقة الثالثة كلية الآداب. أردت التحدث معك قليلا. كان هذا أكبر من أى حلم تمناه. بسرعة قبل عرضها وطفقت تتحدث. كانت مفاجأة غير متوقعة أن تصارحه هى بحبها له. كاد أن يطير من الفرحة وأخذ منها موعدا فى اليوم التالى ليقابلها ويتحدثا عن مستقبلهما معا. ولكن مع مضى الساعات واقتراب موعده بدأ تفكيره يتخذ منحنى آخر. كيف يمكنه أن يكمل حياته مع من بدأته بتصريح الحب. هو لم يستسغ أبدا فكرة أن تتنازل الفتاة عن كرامتها بهذا الشكل مهما كان ما بداخلها من مشاعر. إذا كان هو -وهو الرجل- قد تردد كثيرا فى أمر التحدث إليها فكيف تمتلك هى كل تلك الشجاعة. لم يستطع أن يحدد إذا كانت هذه شجاعة أم جرأة مبالغ فيها. هل كان يرضى غروره أن تدعى هى أنها تريد أن تقترض منه كتابا أو مذكرة لتبدأ علاقتها به عن طريق غير مباشر. هل تضايقه الصراحة لهذا الحد. لا إن هذه الفتاة الواضحة الصريحة لا ينبغى أن تعاقب بالرفض والنكران. سيذهب لمقابلتها. سيخبرها أنه يريد أن يكمل باقى حياته معها. وأنه لن يتخلى عنها أبدا. بعد مرور عام جلست عبير فى كافيتريا الجامعة كعادتها. تسترق النظر إلى الجالس على الطاولة المقابلة. ثم عزمت أمرها واتجهت إليه. -أستاذ أيمن؟ -هو أنا.. أى خدمة. -أردت أن أقترض منك كتابا لأقتبس منه بعض الفقرات! حنان عبد الغفار التعليق: الكاتبة تجيد الكتابة والتجربة جيدة رغم بساطتها. لكن السطور الأخيرة متعجلة فهي تعني أن العلاقة الأولى قد فشلت لاحتمال أن الفتاة جريئة. وهو احتمال وحيد ساذج وبسيط، ويحمل الفتاة المسئولية باعتبارها لعبية. مما أفقد قيمة الشجاعة والصدق في التعبير عن المشاعر قيمتها الكبيرة. وهناك خطأ لغوي واحد. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة