مشكلتي إني مش واثقة من نفسي ومترددة، ودايمًا باشعر بالقلق والخوف ومش حاسة بقيمة نفسي، وده مضيّعني، وكمان حاسة إن جوايا متلخبط مش عارفة أرتب نفسي ولا أولوياتي.. أنا عمري 22 سنة، وفي كلية حقوق؛ يعني مش صغيرة؛ لكن برغم كده لسه حاسة إني تايهة. مشكلتي إني اتعرفت على شاب مش مناسب لي، أنا عمري ما مريت بتجربة ارتباط في حياتي، وكان ده أول واحد أرتبط بيه، كنت دايما زي أي بنت بتتعاكس ومبسوطة؛ لكن كنت متضايقة إن مافيش علاقة جدية في حياتي، وأول ما أحب أختار اخترت غلط.
الشاب ده أكبر مني بسنة، وفي معهد، ومستواه الاجتماعي والبيئي مختلف عننا؛ بس باحس إنه طيب.. وهو متمسك بيّ؛ لأنه شافني طيبة وفيّ صفات كويسة، وإني من عيلة محترمة والحمد لله، وكمان والدتي مش مصرية.
بس المشكلة إنه همجي وفيه صفات وحشة، وأنا باعمل نفسي مش شايفة؛ كل ده لأني خايفة أنجرح من لسانه الطويل، وأما بنزعل بيضايقني بكلامه، ولأني طموحة جدا دايما يستهتر بطموحي.
المشكلة إني خايفة أقول له لا أبعد؛ ليجرحني بكلمة أو برسالة؛ لأنه عملها قبل كده، أو يتكلم عني.. والمشكلة الأكبر إني كنت باكذب عليه كتير، ومفهماه حاجات مش صح، وطمّعته فيّ أكتر؛ يعني من ناحية المستوى الاجتماعي والمادي هو مفكرني بنت ناس هاي أوي.. وأنا بنت بسيطة؛ بس أهلي والحمد لله على خلق ودين، وهو قال لي: أنا هارتبط بيكِ علشان أهلك.
خايفة يفوتني العمر وأنا وحدي من غير شخص في حياتي.. أختي وأصحابي نصحوني أبعد وأنا بارجع تاني أحس إن فيه حاجة بتشدني ليه؛ مع إني مش بحبه؟
love.queen
عزيزتي.. تعانين مشكلة رئيسية وهي عدم ثقتك في نفسك، والتي أدّت بكِ إلى المشكلة الثانية، وهي أن تسمحي لنفسك بالارتباط من شخص تعلمين في قرارة نفسك أنه لا يناسبك بأي حال من الأحوال.
لكن هناك مشكلة ثالثة لم تنتبهي لها، وهي أن استمرار علاقتك بهذا الشاب غير المسئول تزيد من عدم ثقتك في نفسك؛ وبالتالي خوفك من عدم وجود شريك لكِ في الحياة أو بالأحرى إنسان يقتنع بكِ، تدورين في دوائر مغلقة من التقليل من شأنك، والتردد، والانجذاب لشخص لا يستحقّ مجرد التفكير فيه.
أنتِ في المرحلة الجامعية؛ فلماذا كل هذا الخوف من الوحدة، والخوف من عدم وجود من يرتبط بكِ، وهل عدم ثقتك في نفسك -بهذا القدر- له علاقة بمعاملة أسرتك لكِ؟ كنت أتمنى لو أنكِ تحدّثتِ أكثر عن علاقتك بوالديكِ وإخوتك.
لنتحدث عن مشكلتك الأولى "التردد والخوف وعدم الثقة في النفس وعدم القدرة على ترتيب الأولويات "، أرى عزيزتي أن كل هذا ناتج عن افتقادك للغة التواصل مع من حولك، وعدم اختيار الأصدقاء؛ فهم إما نعمة أو نقمة، هذا بالإضافة إلى عدم تحديد الهدف الذي تسعين لتحقيقه.
وحتى بالنسبة لكونك تنوين -بإذن الله- العمل مضيفه طيران؛ فأشعر أنه هدف مرتبط برغبتك الداخلية في فك جميع القيود التي أحاطتك بها الأسرة، أو ربما أحطتِ بها أنتِ نفسك نتيجة خوفك من المجهول وإغلاقك على نفسك نتيجة عدم الثقة في الناس.
تذكري دائمًا وأبدًا أن نِعَم الله علينا لا تعدّ ولا تحصى، ومنها نعمة القناعة بما رزقنا الله به كثيرًا كان أو قليلًا؛ فبالقناعة والرضى نشعر بالثقة والسعادة التي لا تضاهيها سعادة.
ما هي علاقتك بالله عز وجل، أرجو من الله أن تكون علاقتك به قوية، وأن تتذكري دائمًا أن بذكر الله تطمئن القلوب، ومع شخصية مثلك ثقي أنك كلما حرصتِ على هذه الصلة القوية، زادت ثقتك في نفسك.
ولكِ أن تعلمي عزيزتي أن لأصدقائنا تأثيرًا بالغًا جدًّا على شخصياتنا؛ سواء بالسلب أو الإيجاب؛ فقد تكون عدم ثقتك في نفسك ناتجة عن اختيارك الخاطئ لصديقاتك.
تذكري جيدًا -وأنا متأكدة- أنكِ ستجدين منهن من كانت سببًا في فقد ثقتك في نفسك؛ كأن تشعرك أنها أفضل منكِ في أي شيء؛ سواء مستوى دراسي أو اجتماعي أو مادي؛ وخاصة في اختيار الملابس والذوق العام.
عزيزتي إن عدم الثقة في النفس له أسباب عديده أولها البعد عن الله، ووجود حواجز بيننا وبين الوالدين والإخوة، والاختيار الخاطئ للأصدقاء، ومن نأتمنهم على أسرارنا، والاختيار الخاطئ للإنسان الذي نرتبط به.
كم مرة شعرتِ فيها بأن صديقة لكِ تقول تعليقها بذوق وتأدّب، وكم المرات التي علّقت فيها مَن كنتِ تقولين عنهن صديقات على أي تصرف تقومين به أو ملابس أو أي شيء تشترينه بشكل يقلل من ثقة أي إنسان يلقي لهم بالًا في نفسه.
أنا متأكدة من أن هذا حدث عدة مرات وبسبب بُعدك عن أسرتك، أو حساسيتك المفرطة زاد تعاملهن من افتقادك للثقة في نفسك تدريجيًّا.
وبمجرد شعورك بأن هناك من يهتم بشأنك ويشعرك بأهميتك ويملأ عليكِ فراغ حياتك الذي فرضتِه على نفسك، ارتضيتِ أي شيء في سبيل عدم التخلي عن هذا الشعور الواهم.
أرجو أن تتفهمي كلامي جيدًا؛ فشعورنا بالنقص والفراغ يجعلنا نخطئ الاختيار بشكل لا يمكن تصوره؛ بل ونغضب الله ونكذب على أنفسنا قبل أن نكذب على الآخرين؛ فتزيد نظرتنا السيئة لأنفسنا والشعور بالضيق والقلق والخوف.
"هو قال لي أنا هارتبط بيكِ علشان أهلك"، وفوق هذا يعاملكِ بهذا السوء، واعترفتِ أنه غير أمين عليكِ لا بالقول ولا بالفعل أو المشاعر؛ فلماذا هذا التمسك بإنسان يقلل من شأنك ويدمر أعصابك؟
هل تعتقدين أن الله يغلق بابًا في وجه عبد راجع إليه تائب نادم على تصرف أو فعل أساء فيه لنفسه قبل أن يسيء للآخرين؟ لماذا لم تفكري في أسرتك الطيبة التي وضعت ثقتها فيكِ؟ وإلى متى ستتحملين هذا الحمل الثقيل المهين؟
هناك مقولة "أن من هان على نفسه هان"، وبما أنكِ هُنتِ على نفسك وارتضيتِ الارتباط بإنسان بهذا السوء فستهونين عليك بشكل لا تتوقعينه.
لذا فأرجوكِ من صميم قلبي أن تعقدي العزم وتتوكلي على الله وتقطعي علاقتك بهذا الشاب، وبالنسبة لخوفك من أن يقول لكِ كلامًا جارحًا أو يتحدث بما يسيء لكِ؛ فتأكدي أن استمرار علاقتك به لن يمنعه من شيء؛ بل سيعطيه فرصة أكبر لأن يمارس عليكِ أمراضه النفسية وأطماعه.
كما أنصحك بالقراءة في مجال التنمية البشرية والخاصة بتنظيم الوقت أو إدارته؛ لتتعرفي على السبل المثلى لاستغلال الوقت بشكل جيد.
وبالنسبة لعدم القدرة على ترتيب الأولويات؛ فصدقيني بمجرد استعادة ثقتك في نفسك، والتخلي عن هذه العلاقة الفاشلة؛ فستكونين أكثر جرأة، وثقة في نفسك، وتحديدًا لأهدافك، وتحملًا لمسئولية تحديد أصدقائك والإنسان الذي يستحقك.
وفقكِ الله صغيرتي؛ فأنتِ لا تزالين صغيرة على الخوف من الوحدة، واعلمي أن الإنسان هو الذي يضع نفسه إما في وضع الثقة والمسئولية أو الجبن واليأس.