أبرز ما في الشأن الإيراني خلال الأيام السابقة، هو رد الفعل الدولي تجاه ملفها النووي ما بين تحذير أمريكي / روسي مشترك، وبين محاولة الوكالة الدولية للطاقة النووية إقناع إيران يتخصيب وقودها النووي في الخارج. تحذير لإيران من النووي و(تركيا) قد تكون الحل كما كان متوقعاً، كان الملف النووي الإيراني على أجندة اللقاء بين الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) ونظيره الروسي (ديمتري ميدفيديف) خلال مشاركتهما في سنغافورة بقمة أبيك الخاصة بدول آسيا وأمريكا المطلة على المحيط الهادئ. فمن جانبه، حذر الرئيس (أوباما) إيران من نفاد الوقت بخصوص الجهود الدبلوماسية لحل أزمة برنامجها النووي. كما عبّر ميدفيديف عن عدم رضاه عن وتيرة المحادثات مع إيران، مضيفا أن سبلا أخرى يمكن أن تُستخدم إذا لم تسفر المناقشات عن نتائج. وشمل حديثه التأكيد على إيران بأهمية إرسال اليورانيوم المخصب إلى بلاده لتخصيبه مرة ثانية بحيث يمكن استخدامه لتشغيل المفاعل النووي الإيراني القديم المخصص للأغراض الطبية. وقال ميدفيديف أيضا إن هنالك احتمال فرض عقوبات إضافية على إيران إذا لم تفتح منشآتها أمام المفتشين الدوليين. ويأتي هذا التحذير بعد بيان التحذير الأمريكي الياباني المشترك خلال اجتماع الرئيس (باراك أوباما) ورئيس الوزراء الياباني (يوكيو هاتوياما) في طوكيو يوم الجمعة الماضي، وشمل التحذير كلاً من إيران وكوريا الشمالية من مواصلة برامجهما للحصول على أسلحة نووية، والتأكيد على أن الجهود النووية لكلا البلدين تشكل تهديدًا للسلام والاستقرار الدوليين، ومطالبة (طهران) و(بيونج يانج) بالوفاء بالتزاماتهما الدولية إزاء برامجهما النووية. يذكر أن هناك سعيا من مفاوضي الدول الخمس المتمتعة بحق الفيتو داخل مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا إلى إقناع طهران بإرسال اليورانيوم الذي بحوزتها إلى الخارج لتخصيبه بدرجة أعلى من الطاقة التخصيبية المتوفرة بمفاعلات إيران ثم إعادته إليها. وفي نفس السياق، اقترحت الوكالة الدولية للطاقة النووية (تركيا) كدولة محتملة يتم فيها التخزين المؤقت لليورانيوم الذي تنتجه إيران، قبل تصدير هذا اليورانيوم لروسيا وفرنسا حيث يمكن تخصيبه وإعادته مرة أخرى إلى الأراضي الإيرانية. وبحسب مصادر الوكالة الدولية، فإن تركيا مستعدة لبحث خيار التخزين، لكن إيران لا تزال لديها تساؤلات حول الأمر برمته. لكن الوكالة تعتقد أن المشاركة التركية قد تكون ضامناً يساعد على تهدئة المخاوف الإيرانية من عدم إعادة اليورانيوم الذي تصدره في صورة وقود مخصب، فالآلية تعتمد على شحن الوقود النووي الإيراني إلى تركيا وتخزينه، بينما تقوم روسيا بتخصيب وقود نووي منفصل آخر، وعندما تتسلم إيران الوقود النووي المخصب ستقوم بتسليم وقودها النووي المخزن في تركيا. وآلية تخصيب الوقود النووي في الخارج تعد في نظر المجتمع الدولي أحد إجراءات بناء الثقة من جانب إيران التي تريد أن تثبت للعالم أن برنامجها النووي ليس مخصصا لإنتاج أسلحة نووية. العلاقات العربية الإيرانية: من التباعد.. إلى التباعد أكثر! أما من ناحية العلاقات الإيرانية العربية، فنجد محاولة من المسئولين الإيرانيين لتحسين العلاقات المتوترة بين بلادهم وبين مصر والسعودية تحديداً، فوزير الخارجية الإيراني (منوشهر متقي) دعا وزير الخارجية المصري (أحمد أبو الغيط) لزيارة بلاده، وذلك بهدف "دفع الثقة بين البلدين" وبحث الأوضاع الإقليمية من منظور حركة دول عدم الانحياز التي ترأس مصر دورتها الحالية. أما من ناحية الجانب السعودي، فقد سادت تكهنات بزيارة (متقي) للمملكة؛ وذلك حرصاً تلطيف الأجواء التي سادت بعد تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية (آية الله علي خامنئي) والرئيس الإيراني (أحمدي نجاد) اللذين طالبا باستغلال موسم الحج لإعلان "البراءة من المشركين"، وذلك بترديد عبارات معادية لأمريكا وإسرائيل، رغم معارضة السعودية لمثل هذه الأعمال والتي ترفض استغلال شعائر الحج في شعارات السياسة. وشددت السلطات السعودية من لهجتها إزاء من يريدون (تسييس الحج) والتأكيد على أن سياستها لا تسمح بتعكير صفو الحج أو التأثير على أمن الحجيج. وتعتبر هذه الزيارة ردا إيجابيا في محاولة إعادة بناء العلاقات بين البلدين التي شابها الفتور بعد انقطاع الزيارات والاتصالات بين مسئولي البلدين منذ نحو عامين. لكن هذه المحاولات لتحسين العلاقات بين البلدين لم تمنع رئيس البرلمان الإيراني من انتقاده اليوم للعاهل السعودي لسماحه لجيشه بقتال الحوثيين في اليمن. أما فيما يتعلق بالصومال، فقد ذكرت تقارير إخبارية يوم السبت الماضي أن إيران أرسلت مجموعة من القوات الخاصة إلى القرن الأفريقي؛ لحماية سفنها التي تمر في المنطقة من التعرض لأية عمليات قرصنة من قبل القراصنة الصوماليين. وتنضم هذه القوات الخاصة إلى ثلاث مهام كانت الجمهورية الإسلامية قد أرسلتها في وقت سابق للمنطقة لنفس الهدف، من بينها الفرقاطة (البروز) والسفينة اللوجستية (بوشهر). وهذه ليست المرة الأولى التي ترسل فيها إيران مهاماً عسكرية إلى منطقة (خليج عدن) منذ عام 2008 وذلك بعد تعرض سفينتها (MV Delight) للاختطاف على يد القراصنة قبالة السواحل اليمنية. لكيلا تتحول جامعات إيران إلى ثكنات عسكرية! أما الشأن الداخلي الإيراني فأبرز ما جاء فيه تصريحات الزعيم الإصلاحي (محمد خاتمي) -والذي شغل منصب الرئاسة من عام 1997 حتى 2005- والتي استنكر فيها إدارة الجامعات في بلاده على نمط المؤسسات العسكرية، وطلب أن يُمحى هذا الطابع العسكري عن المجتمع والجامعات في أقرب فرصة قبل أن يتدهور الحال إلى درجة لا يمكن إصلاحها. وفي ذلك السياق، اتهم إمام مسجد (جامعة طهران) -الساحة السياسية الرئيسية في البلاد- الولاياتالمتحدة بإزعاج إيران محذرا من أن بلاده لن تتخلى عن الكفاح ضد الولاياتالمتحدة. وصرح الإمام (أحمد جناتي): "اذا أردنا أن نتأكد من الحفاظ على الشريعة الإسلامية والثورة، وأن يعيش الشعب مطمئنا، فإنه يتعين أن يستمر علم الكفاح ضد الولاياتالمتحدة خفاقا". ومثل هذه التصريحات ليست غريبة عن السياسة الإيرانية التي تعتبر أمريكا هي الشيطان الأكبر وتنادي بالموت للولايات المتحدة، لكنها تكشف عن عمق الخلاف بين التيار الإصلاحي وتيار المحافظين في السياسة الإيرانية، لا سيما بعد الفوز الحرج للرئيس (نجاد) بولايته الثانية واندلاع المظاهرات الغاضبة المنددة بذلك، والتي أدت إلى مقتل 30 شخصا واعتقال ما يقرب من 4 آلاف، فيما تؤكد المعارضة أن عدد القتلى بلغ 72 شخصا، كما نددت بوقوع انتهاكات جنسية وعمليات تعذيب في السجون الإيرانية.