في كل مرة سنقرأ قصيدة، أو جزءاً من قصيدة، أو حتى بيتاً واحداً فقط لأحد الشعراء المعروفين أو غير المعروفين اسماً، وإن بقيت أشعارهم هذه أبداً.. نفعل ذلك بحثاً عن "شوية هوا" نتنفّسهم عبر كلمات معطّرة يبقى رحيقها طويلاً طويلاً. محمود درويش، الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات، وُلد عام 1941 في قرية البروة (قرية فلسطينية مدمرة، يقوم مكانها اليوم قرية أحيهود)، وفي عام 1948 لجأ إلى لبنان، وهو في السابعة من عمره، وبقي هناك عاماً واحداً، عاد بعدها متسلّلاً إلى فلسطين. أكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد متخفّياً؛ حيث كان يخشى أن يتعرض للنفي من جديد إذا كشف أمر تسلّله، وعاش تلك الفترة محروماً من الجنسية.. أما تعليمه الثانوي؛ فتلقّاه في قرية كفر ياسيف. لم يسلم درويش -شاعر المقاومة الفلسطينة- من مضايقات الاحتلال؛ حيث اعتُقل أكثر من مرّة منذ العام 1961 بتُهَم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972؛ حيث نَزَح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان؛ حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، احتجاجاً على اتفاق أوسلو. ومحمود درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب، الذين ارتبطت أسماؤهم بشعر الثورة والوطن، ويعتبر واحداً من أبرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث وثوريته.. نترككم مع أبيات القصيدة. أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا واسرقوا ما شئتمُ من صور، كي تعرفوا أنكم لن تعرفوا كيف يبني حَجَر من أرضنا سقف السماء *** أيها المارون بين الكلمات العابرة منكمُ السيف، ومنا دمُنا منكمُ الفولاذ والنار، ومنا لحمنا منكمُ دبابة أخرى، ومنا حجرُ منكمُ قنبلة الغاز، ومنا المطرُ وعلينا ما عليكم من سماء وهواء فخذوا حصّتكم من دمنا، وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا وعلينا نحن أن نحرس وَرْد الشهداء وعلينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء *** أيها المارّون بين الكلمات العابرة كدّسوا أوهامكم في حُفرة وانصرفوا وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس أو إلى توقيت موسيقى المسدس فلنا ما ليس يُرضيكمُ هنا؛ فانصرفوا ولنا ما ليس فيكم؛ وطن ينزف شعباً ينزف وطناً يصلح للنسيان أو للذاكرة *** أيها المارون بين الكلمات العابرة آن أن تنصرفوا وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا آن أن تنصرفوا ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا فلنا في أرضنا ما نعمل ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة الأول ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل ولنا الدنيا هنا.. والآخرة فاخرجوا من أرضنا من بَرّنا.. من بحرنا من قمحنا.. من ملحنا.. من جُرحنا من كل شيء، واخرجوا من مفردات الذاكرة أيها المارون بين الكلمات العابرة استمع لأبيات من القصيدة بصوت المطربة أصالة إضغط لمشاهدة الفيديو: