في البداية أحب أوضح حاجة مهمة بخصوص تعليقات الحلقة السابقة، من خلال الحلقة السابقة والحلقة دي كمان لازم ندرك تماماً إنه مش كفاية إننا نبقى على دراية باستخدام الكمبيوتر، لكننا في حاجة شديدة لإتقان واحد من برامجه، وأيضاً لإتقان لغة من اللغات بشكل جيد، إذا كنا بالفعل نريد السفر حتى لو لدولة عربية، وتقدروا يا جماعة تقروا الإعلانات الموجودة بجريدة الأهرام يوم الجمعة عن فرص العمل بالسعودية أو الخليج، ستجدون أنها تتطلب الشرطين بشكل أساسي، ولما يكون عمرك 21 سنة فأنت كده وضعك ممتاز؛ لأنك في خلال سنتين أو ثلاثة ستتمكن من الوصول لهدفك وإجادة هذه المهارات بشكل جيد. وبالنسبة لفكرة الآلاف من خريجي كليات الشَعب كما يسمونها (حقوق - تجارة - آداب) فالحياة ليست بهذا السوء؛ فالكثير من طلبة هذه الكليات متفوّقون، ومنهم من حصل على تقديرات في الحقوق وعمل بالنيابة العامة والنيابة الإدارية، ومنهم من تخرّج في كلية التجارة، وحصل على دراسات، وعمل في وظائف مرموقة بإدارة الأعمال، وأنا شخصياً خريجة كلية الآداب ومن نفس دفعتي أقابل الآن شعراء وأدباء وصحفيين، وهذا لا يعني أن الدفعة كلها قد نجحت، لا؛ فنصفها تقريباً فتيات يجلسن الآن في البيوت، وشباب "ملطوعين" على المقاهي، لكن "اللي عايز يبقى حاجة، هيبقى حاجة". وفرصتك كشاب في السفر أفضل كثيراً من كل المراحل العمرية الأخرى، هذا ما ستقوله لك كل الشروط والمتطلبات التي تفرضها عقود العمل أو حتى بنود الهجرة، كذلك أصحاب المؤهلات العليا فرصتهم أكبر من أصحاب المؤهلات المتوسطة، والدراسات العملية أفضل كثيرا من النظرية، هكذا تنظر الدول التي تفتح أبواب الهجرة إليها إلى طالب الهجرة بطريقة "حساب النقط "، تعرف يعني إيه حساب نقط؟! أقول لك.. يمنحون نقاطاً لكل شيء بمعنى لو كنت شاباً من 20 : 30 سنة تأخذ مثلا 4 نقط، بين 30 : 40 تأخذ 3 نقط، بين 40 : 60 نقطتين، ولو كنت حاصل على دكتوراة تأخذ 4 نقط، ماجستير 3، بكالوريوس 2 وهكذا يتم حساب مجموع نقاطك بحيث لا تقل عن عدد معين، فلنفترض أنه 30 نقطة، ويتم حساب كل شيء بالنقاط، اللغات التي تجيدها، مهاراتك، حالتك الاجتماعية، كل شيء..فيا ترى عندك كام نقطة؟! كما قلت لك في الحلقة السابقة إن قرار الهجرة قد يأخذ مرحلة إعداد تستغرق عدة سنوات، وخلال هذه السنوات تستطيع اكتساب المزيد من النقاط من خلال تحسين مستواك في لغة أو الحصول على مؤهل أعلى، أو اكتساب مهارة، أو الزواج أو أي بند من البنود الأخرى. وهناك بعض الدول تضع قائمة باحتياجاتها من الموارد البشرية والمهن التي تحتاج إليها، ومنها على سبيل المثال في قائمة العام الماضي كانت كندا في حاجة لطباخين وعمال مطاعم وعمال بناء، لكن في الوقت نفسه هي راغبة في أشخاص مؤهلين علمياً بشكل جيد، ولهذا يسهل على المهاجرين من شرق آسيا السفر إلى كندا؛ لأنهم حاصلون على درجات علمية في هذه التخصصات، ولا يجدون أي حرج في العمل بمؤهلهم الجامعي في المطبخ أو البناء أو أي مهنة أخرى.
ماتبيعش الميه في حارة السقايين!! وهنا يجب على كل من يفكر في العمل أو الهجرة أن يفكر أيضا في مجال عمله، ففي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وتسريح العديد من الموظفين، وإفلاس العديد من الشركات والبنوك، فقد أصبح من الواجب على كل شخص أن يدرس السوق جيداً ولا يقوم بالخطأ القاتل الذي يقوم به معظم الأشخاص وهو أن "يروح يبيع الميه في حارة السقايين"!. فالواجب على كل شخص التمسّك بتخصص معين، وهذا التخصص يجب أن يكون مطلوباً في المكان الذي ترغب في السفر إليه، فلنفترض أن صديقنا (س) حاصل على بكالوريوس تجارة مثل ملايين الشباب المصريين، وأنه يرغب في العمل بالسعودية، وبمراقبته لسوق العمل من خلال الإعلانات وشركات التوظيف اكتشف أن الطلب زائد على مدقّقي الحسابات أو محاسبي التكاليف، وأنه يحتاج إلى دبلومة وبعض الخبرة في هذا المجال ليصبح طريق السفر ممهداً له، فلماذا لا يعدّ نفسه بالشكل المناسب. في السوق العالمي كل ميزة تحملها ستفرق معك، كل معلومة تعرفها، كل دراسة اجتزتها، قد تكون سبباً في تميزك عن الآخرين من حاملي المؤهل نفسه وأصحاب التخصص ذاته. إن الهدف من فتح بعض البلدان لأبواب الهجرة هو رغبتها في اكتساب المزيد من الموارد البشرية والربح من وراء هذه الموارد، لذلك تفضّل بعض الدول المهاجرين الأثرياء الذين ينقلون ثرواتهم واستثماراتهم إليها، وأحيانا ترغب بعض الدول في الأشخاص المؤهلين علمياً وذوي الكفاءات كالأطباء والمهندسين وحاملي الدرجات العلمية كالماجيستير والدكتوراه، وأحياناً ترغب هذه الدول في العمالة الرخيصة وأصحاب الحرف التي لا يُقبل على العمل بها أهل البلد الأصليون، فيا ترى ستصنف نفسك تحت أي فئة؟!
تعرف على العالم الجديد.. ومن البلاد التي قد تفتح أبواب الهجرة كل عام بعض بلدان الاتحاد الأروبي وكندا وأمريكا ونيوزيلندا وأسترليا واليابان، وفي البداية وكنصيحة إذا أردت السفر إلى بلد من هذه البلاد، فابدأ في الاتصال بمركزها الثقافي وسفارتها في مصر، ادخل إلى المكتبة، وتعرّف بهذا العالم الجديد، احضَر بعض الفعاليات التي يقيمها المركز، واسأل عن الكورسات وإجراءات الهجرة أو الدراسة بها واشتراطاتها، وفكّر كم من هذه الشروط ينطبق عليك، وكم منها يمكنك تحصيله خلال الفترة المستقبلية. والآن وللأمانة الشديدة يجب أن أحكي لكم عن عدة مواقف، مثلكم تماماً أعرف أن سوء الأوضاع في مصر تجعل البعض يلجأ للهروب والسفر، وأحياناً لإلقاء نفسه في البحر دون حتى أن يعلم إذا كان سيصل للشاطئ أم سيلقى حتفه، ولكنني خلال عشاء مع بعض الأصدقاء العرب الذين مرّ على وجودهم في كندا أكثر من 20 عاماً فوجئت بأجاباتهم عن سؤالي: هل تشعرون بأن كندا أصبحت وطنكم الآن؟ فأجابني أحدهم بأنه ينتظر سنّ التقاعد بفارغ الصبر لكي يعود إلى وطنه، وأجابني الآخر بأنه لا يشعر بالانتماء إلى أي مكان لا هنا ولا وطنه الأصلي، وأخبرني الثالث وهو الوحيد الذي لديه عائلة وأطفال هنا بأنه يودّ لو عاد إلى وطنه، ولكن خوفه على مستقبل أولاده من الفساد في وطنه الأصلي هو ما يجعله متمسكا بالحياة في كندا. من جرّب السفر وقابل ناسا من أهل وطنه في الخارج، قد يتفق معي في هذا، وهو أن المصريين في الخارج عادة ما يعانون نفس مشكلاتهم في داخل الوطن، وذلك لأننا نظنّ أن الأرض هي المشكلة وأن مصر هي الأزمة التي نودّ الخروج منها، فنخرج ولكن دون أن نغيّر عاداتنا السيئة وطرق تفكيرنا البالية وإيماننا الخاطئ بفهلوتنا وذكائنا الخارق للعادة، والذي لا يتعدى أن يكون كذبا ونصبا ومحاولة لكسر النظام، وبالتالي لا نجد نتائج مُرضية. يتعذّب المهاجرون في البداية، يعملون بلا توقّف لتأمين لقمة العيش ودفع الفواتير والضرائب وتعلّم لغة جديدة والحصول على شهادة علمية ذات قيمة، وما نراه نحن في مصر هو الوجه الجيد من الصورة عندما يأتي أحدهم في إجازة، فيلبس أفضل ما عنده ويساعده فرق العملة في التحدث عن النعمة التي وصل إليها؛ لأن كل شخص يرغب دائما في إظهار الوجه الجيد لاختياراته، ولكن في الحقيقة الهجرة تجربة صعبة قد تساوي في صعوبتها محاولة النجاح داخل الوطن، وما أؤمن به حقاً أن الناجح ناجح في أي مكان، سواء داخل وطنه أو خارجه. في انتظار تعليقاتكم وأسئلتكم.
اقرأ أيضاً: غيّر حياتك بإيدك: عمارات من بَرّه وعِشش من جُوّه غيّر حياتك بإيدك: نظرية (ع).. عربية وعيادة وعروسة غيّر حياتك بإيدك: للحالمين بالسفر.. طريقكم إلى سلم الطائرة غيّر حياتك بإيدك: عشرون عاماً تحلم بأداء العمرة ولم تدّخر جنيهاً من أجلها!! غيّر حياتك بإيدك: فقير وشاطر تاخد منحة.. فقير وخايب تاخد زيرو