كتب: عمرو أبو بكر إذا أردت أن تشتري ملابس وليس معك الكثير من المال؛ فعليك أن تنتقي المُنتج المكتوب عليه "Made In China"، ولو أردت هاتفًا جوالاً (موبايل) به كل الإمكانيات: (تصوير، فيديو، بلوتوث، برامج، إنترنت...) ومعك القليل من المال؛ فأمامك الهاتف الصيني به كل إمكانيات الهواتف، ويستوعب إمكانياتك المادية أيضًا. ليس ذلك فحسب؛ وإنما.. الصادرات الصينية ارتفعت بنسبة 35% في نوفمبر2010.. الصين تسيطر على تصدير العناصر النادرة الضرورية للتكنولوجيا المتقدمة.. الصين تُطلق حاسوباً خارقاً، هو الأسرع في العالم.. الصين تقول للهند: العالم كبير ويتّسع لكلينا.. الصين تُهدّد زعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية للاقتصاد العالمي، الصين.. الصين.. الصين.. موبايل به كل الإمكانيات بالقليل من المال والجديد.. العروس الصينية!! وتغزو أسواقَ الزواج هذه الأيام، العروسُ الصينية بتكلفة تبلغ 1200 جنيه فقط؛ حيث أغرقت صفحات الموقع الاجتماعي الشهير فيس بوك، إعلانات عن دخول العروس الصينية لمصر لسدّ حاجة الشباب غير القادر على طلبات الزواج بأقل تكلفة ممكنه، وقالت الإعلانات: إن الزوج يستطيع أن يختار مواصفات العروس الصينية؛ من حيث الشكل والقدرات؛ مع العلم أن جميع العرائس الصينيات يُجِدن فنون الطهي والأعمال المنزلية المختلفة، وغالباً ما يكون حجم العروس صغيراً وقصيراً للتوفير على زوج المستقبل عند شراء الملابس، وتتميز الزوجة الصينية أنها لا تشترط سناً معيناً للزوج، كما أنها تقبل بأي رجل؛ وذلك لأنها زوجة مثالية ومطيعة، ولا تناقش زوجها في أي شيء... ونأسف للإزعاج.. فما سبق لم تكن فقرات إعلانية، ولا ترويجاً للمنتجات الصينية؛ وإنما يمكن أن نسميه مشهداً كبيراً يحدث وراء الكواليس.. ونوجّه لك عزيزي القارئ دعوة مفادها "قُوم بص وطل".. بجد.. محتاجين خمسة جد خمسة جد نعرف خلالها أن الصين -وفقاً لقاعدة القوة الاقتصادية والعسكرية- مرشّحة لأن تصبح القوة العالمية الأولى كما كانت قبل قرون عدة.. خمسة جد نعرف فيها أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر الصين المنافس الأكبر والأهم بالنسبة للولايات المتحدة في السنوات القليلة القادمة.. خمسة جد نُدرك فيها أنه في العام 2000 بلغت الاستثمارات القادمة من هونج كونج في الصين حوالي 175 مليار دولار، تغطي 190 ألف مشروع استثماري، وبدأت مدينة شن زين الزراعية الصغيرة، ذات الربع مليون نسمة، التي تقع على الساحل المقابل لهونج كونج، تستقبل المشاريع؛ حتى تحوّلت في عقدين من الزمن إلى مدينة تُنافس هونج كونج، ويعيش فيها اليوم أربعة ملايين نسمة، ويبلغ معدل دخل الفرد فيها 4000 دولار شهرياً. الطالب الصيني بعد أن يؤدي واجباته المدرسية يشارك والده في العمل بالزراعة والمثير حقًا.. أن الصين تُعتبر اليوم أكبر قوة اقتصادية في شرق وجنوب شرق آسيا، وتتفوق على اليابان في الاستيراد والتصدير والناتج القومي، ويساوي إنتاجها المحلي ضِعف إنتاج الهند وروسيا معاً، ويتوقع -وفق المعدلات الجارية للنمو الاقتصادي- أن تتفوق الصين على الولاياتالمتحدة بحلول العام 2015؛ فيتوقع أن يصل الناتج المحلي الصيني في ذلك العام إلى 12 تريليون دولار؛ مقابل 11 تريليونا للولايات المتحدة.
وكان آخر تعداد في عام 2000 قد أحصى سكان الصين بمقدار 1.295 مليار نسمة..
ليس سحرًا وليست شعوذة.. عندما تذهب إلى الصين، ستدرك أن ما وصلوا إليه لا سحر ولا شعوذة؛ وإنما كانت إرادة شعبية، أو بالأحرى إرادة شبابية صينية.. الشباب هناك لا تجده يجلس على المقاهي فترة الصباح والظهيرة والمساء، ينعي حاله لأنه "عاطل"؛ فشعار الشباب عندهم هو "من ليس له عمل فليبتكر عملاً"؛ الابتكار وصل بهم إلى أنهم يحملون منتجاتهم على أكتافهم ويذهبون إلى باب بيتك يطلبون شراء منتجاتهم الرخيصة. خليّة نحل تجدها فجر كل يوم تسير في شوارع هونج كونج، السائر على قدمية والراكب دراجته، والقليل منهم من تجده مستقلاً سيارته، الكل يعمل.. الهاتف المحمول الذي تراه رخصيًا في بلدك وبه كل الإمكانيات، يُصنّع في الصين داخل شَقَّة بسيطة بمساحة قليلة؛ لكن بها صُنّاعاً مَهَرة ومثابرين؛ فلن تجدهم ينامون أثناء العمل، أو "يزوّغون" قبل موعد الانصراف، أو يكثرون الغياب بحجة "مرضي - عارضة - اعتيادي". الطالب الصيني تجده متفوقًا في دراسته، مبتكراً، وبعد أن يؤدي واجباته المدرسية، تجده يشارك والده في العمل بالزراعة. أيها السادة.. إنهم 1.3 مليار نسمة، ومجموع سكان الدول العربية 339 مليون نسمة تقريبًا؛ معنى ذلك أن سكان الدول العربية جميعاً أقل من نصف سكان الصين. ولكن.. جميعهم يعملون؛ لكن شباب وطننا العربي اختاروا الأسهل وهو الجلوس على المقاهي وأمام منتديات وغرف محادثات الإنترنت. كلهم ينتجون.. لكن عمال وطننا العربي اختاروا الأسهل، وهو النوم أثناء العمل وعدم الإتقان وغير ذلك من الأمور التي نعرفها.. وفي النهاية.. كلهم يتفوّقون باختيارهم الأصعب، ونحن نتأخر باختيارنا للأسهل؛ فصِرنا نسمي شعبهم ب"غول الصين العظيم"، ونجلس نتباكى على حالنا الأليم..