على الرغم من وصول ضحايا أسماك القرش ب"شرم الشيخ" حتى الآن إلى خمسة سائحين، ما بين قتيل ومُصاب، فإن الوضع السياحي في هذه المدينة لم يتأثر كثيرا، حيث عبّر السائحون عن تمسّكهم بمواصلة برامجهم الترفيهية؛ للاستمتاع بكل دقيقة على أرض هذه البقعة الخلابة في كل شيء، والذين قطعوا آلاف الأميال لزيارة معالمها، والاستمتاع بطبيعتها البكر وجوّها الرائع. البحث عن الدفء "بص وطل" استطلع آراء عدد من زوار "شرم الشيخ"؛ للتعرف بمدى تأثّرهم بحوادث أسماك القرش، فقالت لينا (سائحة روسية): "أنا أزور شرم الشيخ كل عام في هذا التوقيت بالذات؛ لكي أستمتع بدفء الشمس في الوقت الذي تعيش فيه بلدي تحت الثلوج". وأضافت أن حوادث أسماك القرش لم تؤثّر على مواصلة برنامجها في زيارة كل معالم المدينة؛ فالغوص ليس المتعة الوحيدة التي تحضر من أجلها، ولكنها تؤكد استمتاعها برحلات السفاري، والحفلات الجذابة، وممارسة الرياضة الشاطئية. السياحة العلاجية وأوضح بوتين -سائح روسي يبلغ من العمر 70 عاما- أنه رفض اقتراح عدد من زملاء رحلته مغادرة شرم الشيخ، مؤكدا أن الفندق الذي يقيم به يوفر له أماكن آمنة للسباحة في مياه البحر الأحمر، وأن أسماك القرش لن تحرمه من الاستمتاع بجو الهدوء والراحة الذي يعيش فيه، علاوة على ممارسته للسياحة العلاجية، والتي تعتبر السبب الرئيسي في حضوره إلى شرم الشيخ. إجراءات الأمان أما "جورج" وهو بريطاني الجنسية، فقد أشار إلى أنه يزور شرم الشيخ للمرة الأولى، ولكنه أكد أيضا أنها لن تكون الزيارة الأخيرة، وأنه عندما يعود إلى بلده سوف يحث زملاءه وأصدقاءه على ضرورة زيارة هذه المدينة الجميلة، وقال إنه يطمئن على أطفاله بشواطئ شرم الشيخ؛ حيث تتخذ الفنادق جميع إجراءات الأمان للحفاظ عليهم. رحلات السفاري وعبر "بالاك" (ألماني الجنسية) عن أسفه لوفاة سائحتين؛ منهما سائحة ألمانية، وإصابة آخرين؛ بسبب هجوم أسماك القرش، ولكنه أكد أنه رغم ذلك لن يغادر "معشوقته" شرم الشيخ -كما يحبّ أن يصفها- موضحا أنه استعاض عن هواية الغوص التي يحرص عليها، بممارسة رحلات السفاري وحضور الحفلات البدوية المميزة. الإقبال على الفنادق وعلى نفس المنوال أكدت إدارات الفنادق على أن نسبة الإشغالات بالغرف تأثرت بشكل طفيف -لا يتجاوز 10%- فقد قال محمد عبد الناصر -مدير أحد الفنادق المُطلة على شاطئ شرم الشيخ- إن هذا التوقيت من العام يشهد إقبالا كبيرا، خاصة من سائحي الدول الأوروبية؛ للاستمتاع باعتدال الطقس، ودفء الشمس في الوقت الذي تعاني في بلادهم كثرة الثلوج. الوضع السياحي في شرم الشيخ لم يتأثر كثيراً بعد هجمات القرش الأخيرة وأوضح أنه بعد حوادث أسماك القرش زاد الإقبال على "حمامات السباحة"، وكذلك تحاول الفنادق وضع برامج ترفيهية مختلفة؛ وذلك لتعويض السائحين عن ممارسة هواية الغوص، ومحاولة جذبهم للاستمرار في المدينة، وعدم مغادرتهم لها، مستطردا أن شواطئ مصر هي الأقل بين شواطئ العالم التي يحدث بها هجوم لأسماك القرش على البشر، كاشفا عن أن شواطئ ولاية كاليفورنيا بأمريكا وقع بها 25 حادثا، وفي أستراليا 24 حادثا خلال العام الجاري فقط. تبادل الاتهامات من ناحية أخرى فقد تبادل المسئولون الاتهامات فيما بينهم، في محاولة من كل طرف لتبرئة ذمته مما حدث، فيقول محمد سالم -مدير عام محميات سيناء- إن أجهزة البيئة غير مُقصّرة، وتبذل كل جهدها لحماية شواطئنا، رافضا الأصوات التي تطالب بعمل أسوار "سياج" من "الإستانلس" حول أماكن الغوص، واصفاً ذلك الوضع ب"المستحيل"؛ نظرا لطبيعة البحر الأحمر المختلفة؛ حيث يمتلئ بالشعاب المرجانية، مع صعوبة إقامة مثل هذه الأسوار في كل مكان للغوص. الصيد الجائر وفي المقابل يتّهم "وسيم محيي الدين" –رئيس غرفة الفنادق بالاتحاد المصري للغرف السياحية- وزارة البيئة بالتقاعس في أداء دورها بحماية الشواطئ، ومنع الصيادين من الصيد الجائر في الأماكن التي تعيش فيها أسماك القرش، حتى لا تهاجم السائحين، مطالبا بضرورة قيام الوزارة بوضع شباك حول شواطئنا لمنع تسرّب مثل هذه الأسماك المفترسة، وكذلك توفير الغواصين باستمرار، وليس في وقت وقوع الكوارث فقط. كما كشف الدكتور "محمود حنفي" -أستاذ البيئة البحرية- أن الأسماك التي هاجمت السائحين ب"شرم الشيخ" ما زالت حرة طليقة، وأن التي تم اصطيادها ليست المتسببة في الحوادث، مُحذّرا من الصيد العشوائي لأسماك القرش؛ لأن ذلك مُخالف لقوانين البيئة، علاوة على أن هذه الأسماك تعتبر قيمة اقتصادية. خبراء أسماك القرش وعن الإجراءت المتبعة حاليا لتدارك المشكلة، أكد هشام جبر -رئيس مجلس إدارة غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية- وجود اتصال دائم بعدد من الخبراء الإنجليز في مجال أسماك القرش؛ للتعرف بأسباب تغيّر سلوكيات هذه النوعية ومهاجمتها للبشر؛ حتى يتم حل المشكلة بشكل علمي، بالإضافة إلى توفير أكثر من 40 غواصا؛ لتمشيط المنطقة التي تبدأ من المنطقة المقابلة لفندق "سوفيتل" وحتى "رأس نصراني" عند فندق "البارون". وكالعادة تتفرّق الجريمة على ألسنة المسئولين وتصريحاتهم الوردية، ويتفرّغون لتبادل الاتهامات دون البحث عن أساس المشكلة، ومحاولة حلها من الجذور، حتى عندما وصل الأمر إلى أهم قطاع اقتصادي وهو السياحة، مُتناسين أن السائح لن يصبر طويلا في الاستمرار على أرضنا، خاصة عندما يشعر أن يد الإهمال سوف تصل إلى حياته وأمنه.