نزع ملكية عقارات 3 مدارس في 3 محافظات    الرئيس السيسي يوافق على قرض فرنسي بقيمة 70 مليون يورو    وزير الاتصالات يبحث التعاون مع محافظ طوكيو بمجال دعم ريادة الأعمال    صور.. نائب محافظ الأقصر يشهد احتفالات عيد تحرير سيناء بمكتبة مصر العامة    الرئيس السيسي يغادر العاصمة اليونانية أثينا متوجها إلى روسيا    وزير الخارجية الإسرائيلي: ثمن التوصل إلى صفقة بشأن غزة قد يكون مؤلما    ضبط 40.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    نيابة أسوان تصرح بدفن أم وطفلها ضحايا انفجار أنبوبة بوتاجاز داخل منزل بمنطقة عباس فريد    «الداخلية» تقرر السماح ل63 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    وزير الثقافة: نسعى لوضع أسس علمية ومهنية تضمن محتوى درامي يرتقي بالذوق العام    محافظ القليوبية يشهد توقيع بروتوكول تعاون لإقامة معرض لمؤسسة دار المعارف ببنها    رئيس جامعة أسيوط يترأس لجنة اختيار عميد كلية العلوم بالجامعة    رئيس الوزراء يجرى حوارا وديا مع المواطنين بمستشفى محلة مرحوم بالغربية    فريق طبي مصري ينجح في ترميم فك مريض روسي باستخدام المنظار والميكروسكوب بمستشفى العلمين    لويس إنريكي: لم أتمنى مواجهة برشلونة في نهائي دوري الأبطال    محافظ أسيوط: تنظيم فعاليات بمكتبة مصر العامة احتفاءً بذكرى نجيب محفوظ    امتحانات الدبلومات الفنية.. رابط تسجيل استمارة التقدم قبل غلق ملء البيانات    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    الغندور: بيسير لا يرى سوى 14 لاعبا يصلحون للمشاركة في الزمالك    أزمة مباراة القمة.. هل تحرم لجنة التظلمات الأهلي من التتويج بفصل الختام؟    توريد 51 ألفا و652 طن قمح بكفر الشيخ    الولايات المتحدة تعتزم تعيين حاكمًا أمريكيًا للإدارة المؤقتة لقطاع غزة    أبناء محمود عبدالعزيز وبوسي شلبي في مواجهة نارية أمام القضاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    وزير التعليم يشيد بقرار رئيس المركزي للتنظيم والإدارة بشأن آلية نتيجة مسابقات وظائف المعلمين المساعدين    طقس اليوم الخميس.. درجات الحرارة تقفز ل 39 درجة    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    عاجل- هيئة الدواء المصرية تسحب دواء «Tussinor» من الأسواق    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    مدير مكتبة الإسكندرية يفتتح ندوة المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب - صور    لدعم فلسطين.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب    جامعة عين شمس تفوز بجائزتين في المهرجان العربي لعلوم الإعلام    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    الزمالك يستعيد مصطفى شلبى أمام سيراميكا في الدورى    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    وزير الصحة ونقيب التمريض يبحثان تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    دور المرأة في تعزيز وحماية الأمن والسلم القوميين في ندوة بالعريش    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل الذي وحّد المصريين بعد مذبحة عظيمة فسُمّيت البلاد على اسمه
نشر في بص وطل يوم 28 - 11 - 2010


"على اسم مصر، التاريخ يقدر يقول ما شاء..
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء"
(صلاح جاهين)
في مصر، في زمن قديم، عاش الملوك العظام في المُدُن العملاقة التي أقاموها على ضفتي النيل، وحصّنوها بالطلاسم المدمّرة للعدو، وأمَّنوا مداخلها بتماثيل نحاسية تنفث النار التي تحرق جيوش الغزاة، وأطلقوا في سمائها طيورا عاقلة تصيح حول الغريب إذا دخلها، وامتلكوا في قصورهم مرايا سحرية تريهم ما يجري في أركان الدنيا، من هؤلاء الملوك من حكم مائة عام، ومنهم من بلغ حكمه الخمسمائة، وغيرهم جاوز الألف، وأرسلوا الجيوش الجرّارة تُخضع الأرض لسطوتهم، وللأجيال التالية كتبوا أسرار الكون ونبوءات المستقبل على جدران المعابد، وبنوا الأهرمات ليحفظوا فيها علومهم من دمار الطوفان، ووضعوا أبا الهول بجوارها ليسحق من يريدها بعدوان.
أعتقد أن القارئ العزيز قد دار رأسه مع هذا الكلام، الذي يشبه قصص أساطير القدماء، وحكايات "تولكين" صاحب سلسلة "سيد الخواتم"..
والحقيقة أن ما سبق كان هو المكتوب بالفعل في كثير من كتب تاريخ ما قبل فكّ رموز حجر رشيد.. فعن هذا النوع المثير من التاريخ.. عن تاريخ مصر في كتابات القدماء وأساطير الأسلاف نتحدث.. فقط أرجو من القارئ العزيز أن يحرّر عقله من كل ما درس وعرف عن تاريخ مصر، وأحيانا كذلك من بعض المنطق، حيث سندخل منطقة تاريخية غير مألوفة له، تحتاج إلى كثير من الانطلاق للعقل!

أول أيام المصريين
1- كتابات العرب
هؤلاء السُمر المبدعون الذين أقاموا أول مدنية عرفها الإنسان، ماذا تقول هذه الكتب عن بداياتهم الأولى؟
أكثر القصص ترددا في كتابات المؤرخين والرحالة العرب والمسلمين اثنتان؛ الأولى تتحدّث عن أن نوح عليه السلام -بعد نهاية الطوفان- قام بتقسيم الأرض على ذريته، فكانت مصر من نصيب "بيصر بن حام بن نوح"، فانتقل إليها "بيصر"، ولما وصلها ورآها دعا الله، فقال: "اللهم إن كانت هذه الأرض التي وعدتنا على لسان نبيك نوح، وجعلتها لنا منزلا فاصرف عنا وباءها، وطيّب لنا ثراها، واجمع ماءها، وأنبت كلأها، وبارك لنا فيها، وتمّم لنا وعدك، إنك على كل شيء قدير، وإنك لا تخلف الميعاد". وعاش فيها "بيصر" وأبناؤه، ثم ورث ملكها عنه ابنه "مصر بن بيصر"، ومن اسمه اشتُق اسم أهلها "المصريين"، وبعد "مصر بن بيصر" تولى الحكم ابنه الأكبر "قبط بن مصر"، والذي حمل شعب مصر اسمه أيضا "الأقباط".
أما الثانية فتتحدث عن أن آدم -عليه السلام- لما أراه الله تعالى العالم وأركانه، أراه مصر، فدعا لها بالرحمة والبرّ والتقوى والبركة في الضرع والنبات وكثرة الرزق، ولملكها بالعز، ولنيلها بالبركة، وبارك نيلها وجبلها (لعله المقطم) سبع مرات، ثم هاجر إليها ابنه "شيث" ومعه أبناء أخيه "قابيل"، فسكن "شيث" جبلها وأبناء أخيه وادي نيلها، وملكها أبناء "شيث"، وتكاثر نسلهم ونسل أبناء "قابيل" حتى عمروا أرضها، ثم جاء من نسل "شيث بن آدم" إدريس عليه السلام، فعلم الناس الزراعة والكتابة ولبس المخيط وعلوم النجوم والري والهندسة (وهو نفس ما يقوله المصريون القدامى عن أوزوريس)، وبنى فيها 140 مدينة عامرة، فازدهرت البلاد، وأصبحت أولى الدول القوية المعروفة تاريخيا.
2- الجبتانا
أما "الجبتانا"، وهي أسفار التكوين الفرعونية التي كتبها المؤرخ مانيتون في العصر البطلمي، فتقص الأمر بشكل أسطوري بحت.
فوفقا ل"الجبتانا" كانت بداية مصر والمصريين عندما قرر الإله رع/ الشمس أن يجعل الآلهة التي يتسيدها ذكورا وإناثا -وكانوا جنسا واحدا أول الأمر- فرفضوا؛ خوفا من أن يصبحوا فانين مثل باقي المخلوقات ثنائية الجنس. فقرر رع إغراءهم بالأنثى، وخلق "قمة الغرب" وهي ربة أنثى فاتنة. فأراد أتوم أن يتزوجها لينجب منها آلهة تنصره على رع في صراعها على السيادة، فأنجب منها على مرات متتالية الآلهة خنم وبتاح وآمون وآتون، ودخلوا جميعا تحت قيادته صراعا ضد رع وباقي الآلهة، خلقوا جميعا خلاله الشياطين والمسوخ وحيوانات أبي الهول والمردة والتنانين؛ ليستعينوا بها على حرب بعضهم بعضا. وفي آخر ولادة ل"قمة الغرب" أنجبت توأما ملتصقا من الظهر هما ذكر "جبتو" وأنثى "جبتانا" التي أحبها الإله خنم، وأنجب منها توأما ملتصقا آخر، وبقيت تلك التوائم الملتصقة يتزاوج ذكورها من إناثها، ويتكاثرون -رغم صعوبة ذلك بالنسبة لوضعهم الجسدي- فخشي رع زيادة قوة حزب أتوم و"قمة الغروب" فشقّ في الأرض نهر "النيلوس/ النيل" وحوّل ماءه إلى خمر، وشرب منه التوائم الملتصقة وأثناء نومهم قام رع بفصل التصاقهم، فتحولوا من صورتهم الإلهية الخالدة إلى بشر فانين، وعاشوا حول وادي النيل، وأصبحوا شعب "الجبتوس"، وعندئذ توحّد الجن والشياطين والمسوخ من الجانبين في جبهة واحدة، فاتّحدت الآلهة بدورها، وأصبح الصراع صراع تحالف البشر والآلهة من جانب، والشياطين والمسوخ من جانب آخر، فتركت الآلهة الأرض -وكانت تعيش فيها سابقا- للبشر، وصعدت للسماء، وإن بقيت على تحالفها مع "الجبتوس".
عاشت عائلات "الجبتوس" صراعا داميا فيما بينها على الثمار والماء، ولكن خطر تهديد المردة والمسوخ وحيوانات أبي الهول لها جعلها تتّحد في جبهة واحدة، هي قبيلة "جبتو" الكبرى.. تحت قيادة أكبرها سنا وخبرة "جبتو مصراييم".
ولأن المسوخ كان محكوما عليها إلهيا بأن تكون أحادية الجنس -كلها ذكور- فقد كانت تغير على القبيلة وتخطف بعض نسائها وتغتصبهن؛ ليحملن مسوخا جددا، ولذا أمر "جبتو مصراييم" ببناء سور للقرية لحمايتها، ولكن الحذر لم يمنع القدر، فهاجمت المسوخ القرية في ليلة وقتلت أهلها، ولم يفلت سوى غلام منها اسمه "جبتو" على اسم سيد القبيلة الذي قُتِلَ في المعركة، وفتاة اسمها "جبتانا"، تزوجا ثم أخذا يجوبان الوادي بحثا عن "جبتيين" ناجين، وبالفعل كانوا يجدون هنا أو هناك عائلات ناجية هربت من المذبحة، فتجمعوا ثم بعد ذلك بدأوا في التفرق وبناء مدن بطول الوادي تخضع كلها لقيادة "جبتو" الذي صار رجلا ناضجا قويا... ومن بعد موته انتقلت السيادة لحفيده أوزوريس الذي قاد الرحلات لاستكشاف الوادي، وأقام المدن وعلّم الناس الزراعة والكتابة (لاحظ التشابه مع إدريس)، ثم دار الصراع المعروف بينه وبين أخيه ست، وخلاله تمزّقت وحدة مصر، وفي النهاية حكمت الآلهة برفع أوزوريس وحورس لمراتب الآلهة، وخذلان ست وأتباعه، ليتولى "مينا نارمر" -أمير الجنوب وقريب أوزوريس- قيادة المصريين نحو الوحدة.
هكذا تحدثت أسفار التكوين الفرعونية عن بدايات المصريين ومصر..
طبعا من السهل على القارئ العزيز إدراك أن لفظة "جبتو" تطوّرت وتحوّرت إلى "قبط"، وانتقلت للغات الأجنبية فأصبحت "كوبتوس" -والتي ينطقها العامة "كوفتس" للدلالة على الأقباط و Egypt و Egypte و Ägypten و Egitto.. و"مصراييم" -المقطع الثاني من اسم "جبتو مصراييم" تحوّل إلى "مصر" بالعربية.. بالطبع توجد تفسيرات أخرى للاسم، ولكني أتحدث هنا عن تلك المرتبطة بالأساطير أو كتابات القدامى.
ختام الجزء الأول
هكذا نقلت لنا أقلام أسلافنا -عربا وفراعنة- البدايات الأولى لمصر.. ولكنهم لم يتوقفوا عند ذلك، ففي الجزء القادم -إن شاء الله- نزور عبر كتاباتهم عالم مصر ما بعد الوحدة، حيث الملوك العظماء الذين استخدموا السحر في حماية مصر، ودوّنوا النبوءات على جدران المعابد، وسُخِّرَ لهم الجن والطير والرياح ليخوضوا معارك أسطورية مثيرة..
(يتبع)
مصادر المعلومات:
1- الجبتانا.. أسفار التكوين المصرية: مانيتون السمنودي.
2- الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين: د.عمر عبد العزيز منير.
3- حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: الإمام جلال الدين السيوطي.
4- تاريخ ابن خلدون: عبد الرحمن بن خلدون.
5- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ابن تغري بردي.
6- شخصية مصر: د.جمال حمدان.
7- تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي: الأب يوحنا النقيوسي.
8- كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار: المقريزي.
9- البداية والنهاية: ابن كثير.
10- بدائع الزهور في وقائع الدهور: ابن إياس.
11- وصف إفريقيا: الحسن بن الوزان المعروف بليون الإفريقي.
12- أساطير اليهود: لويس جنزبرج.
13- سياحت نامه: أوليا جَلَبي.
14- مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي.
15- الكامل في التاريخ: ابن الأثير.
16- موسوعة مصر القديمة: سليم حسن.
17- تُحفة النُظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار: ابن بطوطة.
18- عبر وادي النيل: إدواردو تودا.
19- ديانة مصر القديمة: أدولف إرمان.
20- الديانة المصرية القديمة: د.عبد الحليم نور الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.