تشهد السينما الأمريكية هذه الأيام تألقا كبيرا من جانب عائلة بروس ويليز على الشاشة؛ حيث عرضت ابنة الممثل الأمريكي رومر بمصاحبة والدتها ديمي مور، المنفصلة عن النجم منذ عدة سنوات، تجربتها السينمائية الثانية من خلال فيلم "Sorority Row"، وعقب ذلك بأقل من أسبوع بدأ بروس ويليز الأب عرض فيلمه الجديد "البدلاء"، وهو من نوعية أفلام الخيال العلمي التي تستشرف المستقبل بنظرة كارثية، تحذر من مخاطر التطور العلمي على حياة البشر، ومن المنتظر أن يتصدر الإيرادات خلال هذه الأيام. تقوم فكرة الفيلم الرئيسية على ابتكار تقنية متقدمة للغاية تكمن في تطوير ربوتات بديلة للأشخاص، تحمل المواصفات الجسمانية والصحية والاجتماعية التي كانوا يحلمون أن تكون لهم، ويحل هؤلاء البدلاء محل البشر في كل مجالات الحياة من العمل وحتى العلاقات الأسرية، إنها فكرة الشباب الدائم أو الخلود بصورة ما. ويستطيع الإنسان التحكم في الآلة عن طريق العقل؛ فيجعلها تشعر بما يشعر به وتستمتع بما يستمتع به وتتجاوب مع كل احتياجاته مع فارق قوة أداء الماكينة، وتفادي الأخطاء.
ولكن إزاء طغيان الآلة على حياة البشر، تبدأ أقلية من دعاة العودة للطبيعة في مقاومة هذا الغزو الذي أصبح يهدد الجنس البشري، ويستمر الصراع.
لعب ويليز بطولة العديد من أفلام الخيال العلمي التي تكتنفها فكرة الحبكة البوليسية ومنها "العنصر الخامس" و"12 قردا" و"معركة أرماجيدون"، ويجسد في فيلمه الجديد دور المحقق توماس جير، أحد عملاء مكتب المباحث الفيدرالية، يوكل إليه التحقيق في سلسلة من الاغتيالات تحدث للروبوتات وللأشخاص الذين يستخدمونها؛ البشر في أسرّتهم والروبوتات في أماكن مختلفة، ويبرز من بين الضحايا نجل مبتكر التقنية نفسه.
يحاول الفيلم من خلال العديد من الاستعارات والصور الخيالية إجراء عملية إسقاط على كثير من القضايا التي تواجه البشرية حاليا، على حد وصف ويليز أثناء جولته الترويجية للفيلم؛ حيث قال: "لقد سيطرت التكنولوجيا على حياتنا تماما بصورة أصبح من الصعب وضع حد لها".
ويقول ويليز: "إن رسالة الفيلم تكمن في أن عملية إحلال الروبوتات والآلات محل الجنس البشري قد سيطرت بالفعل على كافة مظاهر الحياة في العالم؛ بدءا من الهواتف النقالة، مرورا بالحواسيب النقالة والإنترنت، وأخيرا هؤلاء الآليون الذين أصبحوا يحلّون محل البشر".
ويتابع ويليز: "ومثلما حدث في فيلم "ترمينيتور" أو المدمر الجزء الثالث المعروف باسم "ثورة الماكينات"، نواجه آليون جدد يقدمون لمستخدميهم إمكانية الحياة من خلال آخرين، وللوهلة الأولى تبدو هذه الفرضية حلا عبقريا لمشاكل الإنسان؛ ولكن في النهاية يتضح عكس ذلك تماما".
شاهد تريللر الفيلم: إضغط لمشاهدة الفيديو: جدير بالذكر أن ويليز أصبح منذ منتصف التسعينييات، أيقونة هوليوودية، يكفي وضع اسمه على الفيلم لضمان نجاحه الساحق، وتحقيق أعلى الإيرادات، وهو ما حدث مع سلسلة أفلام "Die Hard" ، وأعمال أخرى متميزة مثل "جاكال" أو "الثعلب" بالمشاركة مع ريتشارد جير، و"العنصر الخامس"، و"12 قردا" بطولة براد بيت.
ونجح ويليز في أن يفرض نفسه من خلال أدوار البطل الأمريكي المنقذ للعالم في أواخر الحرب الباردة، ليتحول من مجرد نجم إلى أحد رموز السلطة الأمريكية، التي تحاول من خلال السينما فرض نظرية البطل الجبار، الذي يقتل الآلاف لينقذ قطة في مشهد لابد منه مهما كان السيناريو.
وأصبح أجره يتجاوز أعلى أجور نجوم هوليوود؛ فبينما لم يكن أجر روبرت دي نيرو مثلا أو روبرت ردفورد يتجاوز الخمسة ملايين كان بروس ويليز يحصل هو وقلة معدودة من صفوة هوليوود على 25 مليون دولار عن الفيلم الواحد؛ نظرا لأنه أصبح رمزا لصقور أمريكا وأحد حماة هذه المنظومة العضلية التي فرضت سطوتها على ثقافة العالم.
وتأكيدا لهذه الفرضية اعتمدت أفلامه على الأكشن المقرون بالخيال العلمي دون وجود قصة حقيقية تظهر قدراته كممثل؛ ولكن بعد بلوغه ال54 أصبح يتعين عليه أن يثبت قدرته على الاستمرار كنجم من نجوم أفلام الحركة المخضرمين وخاصة مع ظهور أجيال جديدة من النجوم أكثر شبابا ووسامة منه بمقاييس المرحلة الراهنة.
غير أن المخرج جوناثان موستو، له رأي آخر فهو لا يشكك مطلقا في قدرات ويليز على الاستمرار كأحد أبرز نجوم الأكشن، موضحا "ويليز يتمتع بحس مختلف، إنه أحد أهم أبناء جيله".
إلا أن التعديلات التي أدخلت على السيناريو تقول عكس ذلك؛ فقد اضطر صناع الفيلم إلى وضع شعر مستعار على رأس النجم الأصلع واستخدام الفلاتر والمؤثرات الخاصة؛ لإظهار ويليز الذي يقوم بالتحقيق في هذه الجرائم، ويستخدم نفس التقنية، أصغر 20 عاما على الأقل، كي يتناسب مع عالم البدلاء المتحولين الذي تدور من خلاله أحداث الفيلم.
شاهد لقطات من فيلم بروس ويليز الجديد "The Surrogates" جاليري فيلم بروس ويليز * كلام في الفن اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: يشارك بروس ويليز البطولة النجمة الأسترالية رادا ميتشيل، التي تألقت في أفلام مثل "Man On Fire" وفيلم وودي آلان "ميليندا وميليندا"، وتقوم رادا بدورة محققة (إف بي أي) التي ترافق ويليز أثناء التحقيقات.
يذكر أن شركة "Touch Stone" التابعة لشركة ديزني كانت قد اشترت حقوق قصة الكوميكس المقتبسة منها أحداث الفيلم، منذ عامين، والطريف في الأمر أن يبدأ عرض الفيلم الآن، في حين أن شاشات السينما ستشهد خلال الأسابيع المقبلة انطلاق عدد من الأفلام التي تعالج قصصها أحداثا مشابهة.
ففي فيلم "Gamer" ينجح مجموعة من الآدميين في السيطرة على مجموعة بشرية أخرى من خلال ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، كما يقدم جيمس كاميرون، مخرج فيلم تايتانيك، فيلمه "AVATAR" ويعرض في كانون أول/ ديسمبر المقبل، ويتناول قصة أحد أفراد المارينز يصاب بالشلل؛ ولكنه يقدم من خلال سيناريو الفيلم بواسطة شخصية افتراضية بديلة، يتم إرسالها خارج الكوكب للتحقيق في سلسلة جرائم تقوم بها كائنات فضائية.
ويتساءل النقاد: هل هي مجرد صدفة أن تعرض هوليوود في الفترة الأخيرة كل هذا الكم من الأفلام التي تركز على إحلال الجنس البشري واستبداله بالروبوتات؟
يقول جوناثان موستو، مخرج "البدلاء": "الفكرة هنا هي محاول البشر الحفاظ على آدميتهم في عالم متلاحق التغييرات، تداهمه التكنولوجيا بسرعة جنونية؛ حقيقة أنه أمر رائع أن نصبح مبدعين ومنتجين لأشياء ممتعة؛ ولكن الجانب السيئ في هذا أننا في واقع الأمر نتحول إلى عبيد لهذه التكنولوجيا".