يحفل تاريخنا العربي بكثيرٍ من النوادر والطرف والفكاهات، التي تخبرنا عن ظرفاء العرب وحكمائهم أيضاً.. نتخير بعضاً منها لنقرأه سوياً؛ علّها ترسم بسمةً على شفاهكم، وتنقل لنا ولكم لمحات من زمانهم. *********** من أكل من هذا ضربت عنقه! أعدّ الحجاج مائدة في يوم عيد فكان من بين الجالسين أعرابي؛ فأراد الحجاج أن يتلاطف معه، فانتظر حتى شمّر الناس للأكل، وقال: من أكل من هذا ضربت عنقه. فظلّ الأعرابي ينظر للحجاج مرة وللطعام مرة أخرى ثم قال: أُوصيك بأولادي خيراً.. وظلّ يأكل؛ فضحك الحجاج وأمر بأن يُكافأ. *********** عن "الفالوذج واللوزينج"! سأل أحد الأمراء أشعب: ما تقول في الفالوذج واللوزينج، أيهما أطيب؟ (وهما نوعان من الحلوى). فأجاب أشعب: أنا لا أقضي بين غائبين، أحضِرهما لأحكم بينهما. فضحك الأمير وأمر بإحضارهما. فأخذ أشعب يأكل لقمة من هذا ولقمة من ذاك حتى قضى عليهما. ثم قال: أصلح الله الأمير، ما رأيت خصمين أشد جدلاً منهما، كلما أردت أن أُدلي بحكمي لأحدهما يأتي الآخر بحجته؛ فيعطّل الحكم. *********** أكلت ولكنني ما شبعت! اشترى أحد المغفلين يوماً سمكاً.. وقال لأهله: اطبخوه. ثم نام.. فأكل أولاده السمك ولطّخوا يده بزيته. فلما صحا من نومه.. قال: قدّموا إليّ السمك. قالوا: قد أكلت. قال: لا. قالوا: انظر إلى يدك! ففعل.. فقال: صدقتم.. ولكنني ما شبعت! *********** لا تؤاخذني يا سيدي اللص! شعر جحا بوجود لص في داره ليلاً؛ فقام إلى الدولاب واختبأ فيه، وبحث اللص عن شيء ليسرقه فلم يجد، فرأي الدولاب؛ فقال لعل فيه شيئاً، ففتحه وإذا بجحا فيه؛ فتراجع اللص وقال: ماذا تفعل هنا؟ فقال جحا: لا تؤاخذني يا سيدي؛ فإني عارف أنك لم تجد ما تسرقه ولهذا خجلت منك واختبأت في الدولاب. *********** حتى لا تتحمل مشقة الحضور! أحسّت زوجة جحا ببعض الألم فأشارت إلى جحا أن يدعو الطبيب؛ فنزل لإحضاره وحينما خرج من البيت أطلّت عليه زوجته من النافذة وقالت له: الحمد لله لقد زال الألم فلا لزوم للطبيب؛ لكنه أسرع إلى الطبيب وقال له: إن زوجتي كانت قد أحسّت بألم وكلفتني أن أدعوك؛ لكنها أطلّت عليّ من النافذة، وأخبرتني أن ألمها قد زال، فلا لزوم لأن أدعوك؛ ولذلك قد جئت أُبلغك حتى لا تتحمل مشقة الحضور.