بعد مقتل 3 جنود في كمين، حصيلة جديدة لقتلى الجنود الإسرائيلي في غزة منذ مارس    شعبة الأدوية تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي وتوضح الأسباب    اليوم، إعادة فتح الطريق الدائري الإقليمي بعد إصلاحه ووضع مخطط لضبط الحركة المرورية    اليوم، آخر موعد لدفع فاتورة التليفون الأرضي بدون غرامة    احذر.. انتحال صفة شخص من ذوي الإعاقة يُعرضك للحبس والغرامة.. وفقًا للقانون    لماذا تراجعت أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة؟ (رئيس الشعبة يوضح)    مياه أسيوط: الانتهاء من إصلاح تسريب خط المياه الرئيسي وضخ المياه تدريجيًا    القانون يحدد شروط وإجراءات التنقيب في المناجم.. إليك التفاصيل    براتب 11000 جنيه.. العمل تُعلن 1787 وظيفة بمحطة الضبعة النووية    الوسطاء يكثفون جهود وقف إطلاق النار فى غزة وإنجاز «خرائط الانسحاب»    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف مبانٍ سكنية وسط مدينة خان يونس    ممثل أمريكا لدى الناتو: ترامب يرى فرصة اقتصادية في تصنيع أسلحة لكييف بتمويل أوروبي    إعلام إسرائيلي: انتحار 15 جنديًا منذ بداية عام 2025    بعد انتقاله لميلان.. مودريتش: ريال مدريد سيبقى في قلبي    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    بسبب خلافات حول بنود التعاقد.. الحزم السعودي يتراجع عن ضم أحمد عبدالقادر    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    الزمالك يحسم التعاقد مع نجم زد.. كريم حسن شحاتة يكشف    القانون يحدد ضوابط لنقل وزراعة الأعضاء البشرية.. تعرف عليها    موجة حارة وأمطار رعدية.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غدًا الأربعاء    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. اَخر تطورات عملية التصحيح ورابط الاستعلام الرسمي    وفاة مسنة سقطت من علو داخل منزلها في سمالوط بالمنيا    حبس عاطل 15 يومًا لتبوله على سيارة محامية بالمحلة الكبرى    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    خاص | أسرة حفيدة أم كلثوم ترد على مدحت العدل بعد انتقاده حجابها    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    حكاية صورة | خريطة نادرة تكشف ملامح «القاهرة» كما رآها الأوروبيون قبل 400 عام    أصل الحكاية| «جحوتي» القرد الحكيم الذي أنقذ البشرية وألهم ديزني في The Lion King    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    القانون يحدد شروط وضوابط ممارسة مهنة الطب البيطري.. تعرّف عليها    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    د.حماد عبدالله يكتب: جودة الحياة في مصر!!    وسام أبو علي يرفض قرار الأهلي بإغلاق ملف رحيله    سعر الموز والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025    مستوطنون يحرقون مخزن سيارات «شرق رام الله» بالضفة الغربية    الأوقاف تُطلق الأسبوع الثقافى ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    في منتصف صراع كالعادة.. حظ برج الدلو اليوم 15 يوليو    4 أبراج «بيبصوا لنُص الكوباية المليان».. متفائلون دائمًا يحولّون الأزمات لمواقف مضحكة    الانتخابات المنسية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    سعر السبيط والجمبرى والأسماك بالأسواق اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025    القضاء الإداري يصدر أحكاماً في طعون انتخابات مجلس الشورى (تفاصيل)    لتجنب انخفاض الكفاءة والعفن.. طريقة تنظيف الغسالة في 4 خطوات بسيطة    علاج شعبي ونبات رسمي لولاية أمريكية.. التين الشوكي فاكهة ذات 12 فائدة    بمكونات موجودة في المنزل.. 5 طرق طبيعية للقضاء على ألم الأسنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    اليونيسف تنعى 7 أطفال قُتلوا أثناء انتظارهم للحصول على الماء في غزة    السيطرة على حريق في مخلفات بقطعة أرض ببنها    فاينانشيال تايمز تنصح المستثمرين الأمريكيين بتوخي الحذر من التراخي في تطبيق التعريفات الجمركية    "الوطنية للانتخابات" تطلق "دليلك الانتخابي" عبر الموقع الرسمي وتطبيق الهيئة    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اجعل جنتك في قلبك
نشر في بص وطل يوم 04 - 09 - 2011


كتب: سيد حامد
سفينة الحياة لا تسير بنا أبدا هادئة؛ وإنما تتقلب ما بين النعيم والشقاء، والسكون والصراع، والغنى والفقر، ونسيم وادع وإعصار جارف..
وليس في الأمر جديد؛ فالدنيا هي دار الابتلاء والاختبار..
لكن ما أجمل الحياة حينما نقابلها بقلب ثابت، معلق بحب الله، يرى حكمة الله تختفي في الخير الذي ينالنا والشر الذي يصيبنا؛ فيقابل ذلك كله بالحمد.. يعيش في جنة الله؛ وهو لا يزال في الدنيا؛ فقد زرعها في قلبه، يستمع إلى تغريد طيرها، ويسبح في أنهارها، وتصفو روحه في سكونها.
فلا تجعل نفسك -أخي الحبيب- رهينة الواقع المؤلم؛ فيغلبك اليأس والقنوط؛ بل ألقِ الألم وراء ظهرك، واقتلع أشواك الحزن، وعش بروحك في الجنة، وامض في الحياة بصدر المؤمن الصادق الإيمان، الذي يحيا في معية الله.
الإمام أحمد بن حنبل قاسى العذاب الأليم خلال مدة حكم الخليفة المأمون، عندما مال الخليفة إلى رأي المعتزلة في أصل القرآن بأنه مخلوق, بينما رأي الإمام أن القرآن قديم منذ الأزل.
ويرفض غرور المأمون أن يخالفه أحد من العلماء, ولو كان في مقام ابن حنبل؛ فأقسم أن يعذبه حتى يوافقه الرأي.
ويدخل الإمام السجن، ويضربه الجلاد بالسياط، وينخسه بالسيف، ويداس بالأقدام حتى يغمى عليه.. وتستمر تلك المعاناة بكل أيامها المؤلمة سنوات طوالا، في مدة حكم المأمون، ومن بعده المعتصم والواثق.
أما ابن حنبل؛ فقد كان يثير دهشة جلاديه بتلك الابتسامة التي تنير وجهه؛ حتى إن تلاميذه يشفقون عليه يوما ويحدثونه أن يصبر على عذاب السجن، فيقول لهم كلمات قليلة جدا، تكشف سر تجلده على تحمل العذاب: "أنا جنتي في صدري".
لقد حدد ابن حنبل الفرق بينه وبين غيره، أنه يحمل جنته في صدره.. وأنه رجل يعيش في جنة الرضا عن الله، وليس يعنيه أن يوضع في السجن أو في قصر؛ فهو في الجنة سواء وضعوه في قلب النعيم أو في قلب العذاب.
فإذا نال أعداؤه من جسده، فهذه روحه تحلق بعيدا.. بعيدا عن جلاديه.. في الجنة.. فكيف لهم أن يُخرجوه منها؟!
إنه إذن لأمر عجيب!!
لكن لما العجب؛ والرسول يقول لأصحابه: إن للجنة رائحة طيبة, يجدها المؤمن من مسيرة أربعين عاما.
ويعرف التاريخ الإسلامي محنة مشابهة, لفقيه كانت كل جريرته أنه تمرد على العقول المتحجرة لبعض الفقهاء؛ فعرف السجن ومرارته مرات عديدة.. إنه شيخ الإسلام "بن تيمية".
كان حراسه وتلاميذه يعجبون من صبره على ظُلمة السجن؛ فكان يقول لهم بلهجة الواثق والمتحدي لكل أعدائه: "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما رحت لا تفارقني، حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".
لقد أرهق شيخ الإسلام أعداءه ومخالفيه..
وتحداهم جميعا بكلماته القوية: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة الإيمان.. والمحبوس مَن حُبِس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه".
ويا لها من كلمات تنير الطريق, وتنقشع بها الغيوم.. وسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه..
الشيخ القرضاوي ذاق تجربة السجن.. فكتب يتحدى أعداءه:
ضع في يدي القيد، ألهب أضلعي .. بالسيط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة .. أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي .. وربي ناصري ومعيني
سأعيش معتصما بحبل عقيدتي .. وأموت مبتسما ليحيا ديني
فأي تحدٍّ هذا للظلم والظلمات، والجبابرة، والظروف القاسية!!
فعش -أخي الكريم- في جنتك، وازرع فيها الأمل لتنشر مِن حولك السعادة.. لتلوذ بها إذا ما اشتدت عليك وطأة الحياة..
فنسنت فان جوخ -الرسام الهولندي الشهير- قضى الجزء الأكبر من حياته يعاني الفقر، وفقدان الحب.. وتقلّبت سفينة حياته ما بين الشقاء والحزن، وسخرية الناس، واستهزائهم به، ووصَمَه بالجنون.
وخلال سنوات عمره القصير، أنتج أكثر من 2000 عمل، لم يستطع أن يبيع أيا منها خلال حياته..
كان يرسم ثم يعرض رسوماته على الفنانين الكبار؛ لكنهم كانوا يصدمونه بآرائهم السلبية؛ حتى إن أحدهم قال له يوما: "إن رسومك يا فان جوخ رديئة".
فكان رساما فقيرا، يجوب الريف بأسمال بالية، وحذاء ممزق، يستجدي خبزه بما يرسمه.
لكن حينما أمسك بالفرشاة بين أنامله، جاءت لوحاته أجمل وأروع من الأصل الذي يُنقل عنه.. وهو أمر يثير دهشة أخيه، الذي يسأله يوما: "إني أرى الجمال في كل ما ترسمه، وأنت لم تعرف للحياة معنى، ولم تنعم بجمالها يوما، كيف تصوّر هذا الجمال الذي لا تراه؟!".
فيرد الرسام الفقير: "لقد حُرمت من كل متع الدنيا، ومن أجل هذا حاولت أن أعطي لوحاتي كل ما كنت أحلم به وأتمناه لنفسي.. سوف تعيش أعمالي في السعادة التي حرمت منها".
لقد أبدع الرسام العالمي لوحاته من تلك الجنة التي كان يحملها في صدره للحياة، وعاش فيها بروحه، أما جسده، ذلك الكيان المادي؛ فقد كان يبدو للناظر أنه محبوس في الدنيا، متقيد بحدودها من نصيب الغني والفقر..
فهجر جوخ الدنيا، وعاش بروحه في جنته؛ فأبدع لوحات لا تزال تبهر مشاهديها على مر العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.