مشكلتي كبيرة قوي.. أنا متزوجة منذ عشر سنوات، ورزقني الله بثلاثة أطفال.. مشكلتي أنني اخترت شريك حياتي خطأ؛ فلقد خدعني في فترة الخطوبة التي هي أساساً كانت شهراً واحداً، وبعدها سافر ولمدة سنة ولم أحتك به في الخطوبة، وبعدها تزوجنا. وجدته إنساناً آخر به كل الصفات القبيحة: أخلاقه وحشة جداً وعصبي بطريقة غريبة وكأنه مريض، بيحب النكد يومياً على أبسط الأشياء وإهانات كثيرة جداً طوال العشر سنوات وأنا أتحمله لأجل أبنائي؛ ولكنني الآن أشعر أنني سوف أموت قريباً أو سوف يصيبني الضغط والسكر كما قال هو لي "إن شاء الله هاجيب لك ولأهلك الضغط والسكر". دائماً يحلف بالطلاق على أي شيء؛ وخاصة في موضوع الإنجاب.. أنا عندي ثلاثة أولاد؛ أول ولد جه طبعاً من غير حلف، أما ابنتي الثانية وابني الثالث فوالله يحلف بالطلاق إما أحمل أو يطلقني، وبالطبع لا أريد الطلاق مع أني أتمناه من كل قلبي. حدث الصيف الماضي أنه سرق كل ذهبي الخاص بي من غير ما يقول لي، وهذا الذهب ذمة مالية ملكي أنا، ثم كالعادة أجبرني بالطلاق على الإنجاب؛ ولكني رفضت هذه المرة وطردني من الشقة.. ووقع الطلاق، وذهبت عند والدي بأولادي الثلاثة وسافر بعدها بيومين، ولأنه عنيد بطريقة غريبة أصرّ على عدم إرسال مصاريف لي ولأولادي، وشُفت الذل كل المدة دي عند أهلي. اتصل بي وقال لي زي كل مرة بأن "هذه آخر مرة ومش هازعّلك تاني" (الأسطوانة المعروفة) أهلي كانوا رافضين لأنه ظهرت أخلاقه وكان شتم أهلي وإخواتي الرجالة والبنات، وقال لي ما لكيش عندي أي حقوق إلا عن طريق المحاكم، وكل الناس كلّمته وهو مسافر يبعت فلوس لعياله ولكنه لم يفعل، واضطريت لرفع قضية نفقة، وكنت أعيش عالة على أهلي، وفي هذه الأثناء كان يسعى للصلح، وعندما وضعنا شروطاً لكي أعود (شروط مادية) لم يفعل. قررت -بعد أن شعرت بالذل وأنا عند أهلي- أن أعود وبدون أن يدفع الثمن، فقال لي بعد العودة: أنا سوف أتزوج بأخرى لأني بحب العيال وعاوز عيال كتير، ولو حصل إنك حملتِ ولو غلطة أنا هاسقّطك، وأنا مش هادخل بيت أهلك ليوم الدين ولا هم كمان يأتوا لبيتي، وكرر الشتيمة على أهلي جميعاً بالاسم، وأنا لا أستطيع الرد عليه؛ لأن ضربه صعب لو حكيت إزاي بيضرب ما فيش حد هيصدّق. هو بني آدم غريب أول مرة أشوف حد يتلفظ على ربنا سبحانه وتعالى بألفاظ لا يصحّ أن يقولها؛ فمثلاً يقول وهو متعصب "أنا باحارب ربنا.. ربنا اللي خلق الكون ده كله أنا باحاربه"، وفي مرة أخرى قال "لو ربنا نزل لحد عندي مش هتقعدي في الشقة" أستغفر الله العظيم. من كثرة حلفه بالطلاق أنا دلوقتي مطلقة مرتين.. من يومين حلف بالطلاق إني مش هانزل مصر السنة دي مع إنه عارف إن فرح أخويا الصيف ده؛ لكنه عايز ينتقم مني ويذلّني وخلاص. قولوا لي أعمل إيه؟ وبالنسبة لأولادي ما اقدرش أبعد عنهم، وفي نفس الوقت هو مش عاوز يجيب لي شقة أنا وعيالي، أما عن شقة الزوجية؛ فهي من حقي مادمت حاضنة؛ لكنها في بيت أهله في بلد ريف ولا يصح أن أقعد فيها.. هل أترك له الأولاد وانفصل عنه أم ماذا أفعل؟ ss.rr
يا أختنا الغالية، صعبة هي حياتك وصعب الاستمرار فيها وأصعب من ذلك أن يدفع أولادك ثمن انفصالك عنه بحثاً عن واحة لن تجديها في الرحيل. لن نعود كثيراً للماضي؛ لأن ذلك لا يفيد ولن يفيد، أنت ارتضيتيه زوجاً وأنجبت منه ثلاثة أطفال، وجرّبت العيش في بيت أهلك؛ فما رأيت -على حدّ تعبيرك- إلا الذل؛ لعدم تحمّل أهلك لأولادك. ثم هو يهددك بأنه سيصيبك وأهلك بالمرض، وهذا دليل على أنه يحمل شيئاً من الكراهية نتيجة لبعض المواقف، ثم إن غضبك الآن لأن فرح أخيك في الصيف وهو لا يرغب في أن يريحك ويصل أهلك، وهذا يزيد من ضيقك وكراهيتك للحياة. فيا عزيزتي لكل منا بلاؤه في الحياة، وقدره الصعب الذي لا بد أن يمرّ به {وبشر الصابرين}.. وليس أمامك اختيار يجعلك في راحة مضمونة أبداً؛ فإما أن تقرري الانفصال عنه وعن أولادك طمعاً في حياة أفضل؛ ولكن من تحمّلت كل هذا الذي قد وصفتِه من أجل الأولاد، قادرة على أن تغادرهم بسهولة، وتستطيع العيش بدونهم من أجل حياة أخرى؟ إجابتك على هذا السؤال هي التي ستحدّد مصير علاقتك به وبهم. فإن كنت تستطيعين ذلك فافعلي والقرار لك وحدك، وإن كنت لا تستطيعين -وهذا ما أظنه- فليس أمامك إلا الصبر.. الصبر عليه ومحاولة كسبه وحسن معاشرته طمعاً فيما عند الله.. وإحساناً لأبنائك والله لا يضيع أجر المحسنين. حاولي تجنّب الخلافات قدر استطاعتك.. عامليه بلطف عسى أن يغير ذلك ويلطف طباعه بمرور الوقت.. فربما يجد منك عنداً أو إهمالاً يجعله يُصِرّ على غباوة الطبع الذي تصفينه وتحكين عنه. وكما قال الشاعر العربي: إن من نكد الدهر للحرّ أن يعاشر من لا يجد بداً من معاشرته؛ فأكملي رسالتك مع أولادك واتقِ الله في نفسك وفيهم، واعملي على طاعة هذا الرجل لا من أجل البقاء بمذلّة؛ ولكن من أجل راحة روحك؛ فالزواج سَكَن، والأوْلى أن يكون بين الزوجين مودة ورحمة.. أما إذا فَقَدَ الطرفان القدرة على التسامح والتجاوز والعفو عندها يصبح الزواج شهادة وفاة للسكينة والرحمة؛ فاصبري واستعيني بالله يهديه بك ويهديه لك. وعسى الله أن يجعل من بعد عسر يسراً.