السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا عندي أسئلة محتاجة حد يرد عليّ أرجوكم.. هو ليه كده لما نحب حد لدرجة كبيرة ونفضّله حتى على نفسنا ما يقدّرناش؟ ليه في ناس موجودة عشان تعذب ناس؟!! وليه رغم كل العذاب ما بنقدرش نبعد عن اللي بنحبه؟ ليه لما نعامل الناس حلو ما نلقيش غير الوحش من أعز الناس؟ ليه دايماً أنا مشغولة وغيري لا يبالي؟ هل ده معناه إن اللي بنحبهم ما حبوناش أصلاً؟ ولّا معناه إنهم حبونا بس إحنا اخترنا غلط، اخترنا ناس بتحب بأنانية، ناس فاهمة الحب عطاء بس من طرف واحد أكيد مش من طرفهم؟ والسؤال اللي مجنني بجد ليه إحنا متمسكين بيهم ولو بعدنا نلوم نفسنا وما نلومهمش؟ يا ريتني ما عرفت حد ولا وثقت في حد؟!! الدنيا دي وحشة أوي أوي لما يكون حد هو كل همنا ولما ما نحسش بالفرحة إلا لو شفناه بيضحك.. وما نحسش بالحزن إلا لو شفناه حزين..
يعني لما نكون مستعدين للتضحية عشانه من قلبنا ونكون مبسوطين.. ولما يكون هو الشاغل الأول والأخير ولما أنا أكون مش عايزة من الدنيا إلا إني أكوّن بيت صغير، ونكون مستورين، وإني أجيب أولاد وأربيهم كويس، وإني أشتغل شغل وأساعد مع شريك حياتي، يبقى أنا غلطانة!! أنا مش عارفة أنا أكيد عملت حاجة غلط جداً في حياتي وربنا عاقبني بالإنسان ده وعدم قدرتي على الابتعاد عنه رغم كل شيء ده برضه عقاب.. يا رب إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي. nod
أتلمّس من بين ثنايا عباراتك الحزينة جرحاً غائراً يأبى أن يندمل، سبّبه لكِ شخص كنت تظنين فيه أنه يشفي أي جرح يمكن أن يصيبك، أشعر ببحة حزن قاتلة في حروفك، وغصة تأبى على الزوال في حلقك، أشعر بمرارة في قلبك، ودمعة حبيسة في عينيك انفجرت ثائرة مع آخر كلمة في خطابك بللت معها الورق، فبات كمشاعرك هشًّا لا يحتمل أي مزق فيصبح خرقة بالية. هل تعرفين يا "n" أين المشكلة؟ هل تعرفين مصدر النزيف الذي لا يتوقف في قلبك؟ مصدره أنك تتعاملين بطبيعتك النقية السليمة التي فطرك عليها الله جلّ جلاله، والمشكلة الأكبر أنك تنتظرين من الجميع وتحديداً الأقرب إليكِ من أنفاسكِ أن يُعاملك كما تحبين أن تعاملي، ولكنه يفعل ويعاملك بفطرته الملوّثة التي ألقت فيها الأيام قذرات الحياة من عمل وعلاقات وغدر وخيانة وكذب ونفاق... إلخ. ألم أقل لكِ يا "n" أنكِ بسيطة بساطة فطرتك، تسعين لبيت صغير وأطفال وعمل متواضع وحياة عادية ولكن دافئة، ولكن لا تَلقي لنا الأيام دائماً بالبسطاء من أمثالك بل تَلقي إليك أشخاصاً من النوعية التي قابلتها حتى تقوّي من دعامة قلبك في مواجهة الحياة، ربما تحزنين ولكنك ستفرحين، ربما تهزمين ولكنك ستنتصرين، ربما تضعفين ولكنك ستقوين، التجربة ستجعل منك إنساناً أفضل وأقوى، ولكن حذار أن تكوني إنساناً أقسى، كوني ذاك الحذر الذي لا يمانع في إعطاء مشاعره لمن يستحقها، كوني ذلك المتحفز لأي محاولة للتلاعب بما يمتلك من مشاعر وعطّاء بشدة لهذه المشاعر لو علم أن من يسعى إليها جاد في مساعيه. سيأتي اليوم الذي تكافؤك فيه الدنيا على صبرك وتطبطب على جرحك، ستدغدغ مناطق الألم بداخلك حتى تطيّبها، ستجد بئر الحرمان بداخلك فتبعث لك بمن يرويها ويعوّضكِ خيراً عمن أسلفه تعذيباً وتلاعباً بمشاعركِ، ستجدين بيتكِ كما حلمتِ به، ستجدين أطفالك كما تمنيتِهم، ستجدين زوجكِ كما طلبتِه، رجلاً شديد الرجولة ولكن حنون، شديد الغيرة ولكنه متفاهم ومتعقل، طموح ولكن قنوع. عندما يحدث كل ما سبق، سوف يأتي اليوم الذي تجلسين فيه بجوار مدفأة منزلك في أحد أيام الشتاء الشقية بلسعة بردها غير القاتلة، ستتذكرين كل شيء، بينما أطفالك يداعبون أطراف ثوبك، وبينما زوجك ينتفض من على مقعده تأثراً بمباراة كرة قدم، وينظر لك بعينين حانيتين اعتذاراً منه على ترككِ وحيدة خلال هاتين الساعتين، ستتذكرين بينما أنتِ تحتسين النسكافيه فتتعثر إحدى قطراته بحلقك فتسعلين وتقولين في سرك: "خير اللهم اجعله خير".. ستتذكرين وقتها أن الله بالفعل جعله خيراً وأفضل خير، ستتذكرين أن الله ابتلاكِ بجرح قاسٍ كي تتقرّبي إليه وتطلبي منه العفو فيطرب باستغاثتك به فيغيثك، وقتها ستطلقين تلك الدمعة الحبيسة للأبد ليس على مَن هَجَرك في يوم من الأيام، ولكن على الأيام التي ضاعت ولم يكن يستحقها.. هل عرفتِ الآن ليه الدنيا "وحشة أوي أوي"؟