قالوها في الأمثال والحكم الشعبية: "اللي بيته من إزاز.. ما يحدفش الناس بالطوب".. ومن يخرج بأغنياته عن الذوق العام والعادات والتقاليد التي تربينا علينا، لا يحق له أن يُهاجم أغاني زملائه في عالم "الابتذال" بدعوى أنهم يُروّجون للإسفاف والفن الهابط.. لكن ما علاقة كل هذا بالمطرب "الشعبي" دياب؟! المدعو "دياب" الذي كان مطرب أوبرالي "محترم" يُغني أغاني العظماء في دار الأوبرا المصرية ليرتقي بذوق ووجدان الجمهور، اكتشف بعد وقت طويل أن الأغاني الراقية "ما بتاكلش" مع المنتجين الذين يسيرون على نهج "تهامي باشا" ويبحثون عن "لحم كتير"، بينما لا توفّر الأوبرا لمطربيها الشهرة و"الفلوس" و"اللحم"، فقرر أن يخلع ثوب الطرب الأصيل ليرتمي في حضن "الغمازات"، مستغلاً أكبر كم من "الصواريخ" بعد أن أيقن أنه بدون "صاروخ" ستكون كليباته "زبالة" على رأي "تهامي"، فقام بتزويد كل "صاروخ" بعشرين "رقصة" زيادة لتظهر كل واحدة مفاتنها على قدر المستطاع، ويتحوّل الكليب إلى مباراة مبتذلة تتبارز فيها "الصواريخ" ب"المؤخرات" و"الصدور" بشكل ينقصه "أجنحة" ليكون جديراً بإعلانات "كنتاكي" والسر كله "في الغمازات"! المدعو "دياب" وجد أن نفس الجمهور "الغلبان" -الضحية- الذي ساهم بغيبوبته، وضياعه، وتخبطه -بعد أن تلوّث ذوقه بفعل ال"كيمي كيمي كا"- في نجاح "العنب" و"البلح" و"السيجارة البني"، قد التفت لأغنياته بعد أن كان نسياً منسياً، فقرر استغلال المزيد من "الإفيهات" والمساخر ليخرج علينا مؤخراً ب"العو" مع الاستعانة بنفس الخلطة "الصاروخية" برعاية وإشراف المنتج والمخرج "نصر محروس" الذي تحوّل إلى "تهامي" آخر، بعد أن هجره أبناؤه الذين صنع نجوميتهم وأثرى بهم الفن المصري والعربي وعلى رأسهم شيرين عبد الوهاب وتامر حسني، فقرر أن يُحضّر لهم "العو"! بالله عليكم.. ما علاقة "العو" بالطرب المصري الأصيل الذي كنا نُصدّره للعالم كله، ونبهر به المستمعين من شرق الأرض لغربها؟!! ولنا في "أم كلثوم" و"عبد الوهاب" ومن قبلهم "سيد درويش"، ومن قبلهم "عبده الحامولي"، وآخرهم "محمد منير" العبرة والمثل الأعلى؟! بلاش نسأل عن العلاقة بالطرب المصري اللي باظ خلاص في زمن سعد الصغير، وريكو، وعماد بعرور، ودياب.. وتعالوا نسأل سؤال آخر أكثر بديهية.. ما علاقة "عَلَم مصر" الذي يرمز لهويتنا، وحضارتنا، وسيادتنا بين الأمم والشعوب ب"العو" الذي تحمل ال"موديلز" العاريات في كليبه عَلَمنا المصري ويُلوحن به بحماسة، وكأن هذا الكليب مثلاً الذي أهلنا للوصول لنهائيات كأس العالم، أو منحنا "نوبل" خامسة بخلاف التي حصل عليها محفوظ والسادات وزويل والبرادعي؟!! ألهذه الدرجة هان علينا عَلَمنا الذي يرمز لنا، ليتحوّل من "رمز" إلى "سبوبة"؟!! أَبَعد أن كنّا نهاجم المطربين الذين يتخذون من مباريات المنتخب وإنجازاته "نحتاية" يحصدون بها الشهرة والنجاح بعمل كليبات غنائية تتضمن أكبر قدر من الأهداف ومظاهر الاحتفالات الشعبية، صار علينا أن نشكرهم ونحمد الله على فعلتهم باعتبار أن القادم أسوأ بكثير، واللي يشوف "بلاوي العو" تهون عليه "بلوته"؟! في الزميلة "عين" خرج علينا المدعو "دياب" بتصريحات نارية قال فيها بالحرف: "مش كل مَن غنّى أغنية ترقّص الناس يبقى مطرب شعبي، ولا كل من رقص رقصة بقى شعبي".. (ده على أساس إن "غمازات" و"العو"، الموديلز فيها بيطبخوا طبق اليوم، أو بيلعبوا سلة ومش بيرقصوا).. "الأغنية الشعبية فن له قواعد وأعتقد إني والحمد لله في مكانة جيدة وسط المطربين الحقيقيين".. (هل الصواريخ والعري والملابس الفاضحة والرقصات المثيرة هي تلك الأصول والقواعد؟!).. "للأسف لا يوجد مَن يستحق لقب فنان شعبي الآن سوى أحمد عدوية وحسن الأسمر وحكيم".. (لماذا إذن لم تغنِّ أغاني شعبية راقية مثل أغنية "الناس الرايقة" التي حصد بها عدوية ورامي عياش نجاحاً هائلاً دون أن نرى أي إسفاف أو ابتذال أو إثارة؟!! لماذا لم تُقدّم كلمات وجملاً تُعبّر عن نبض الناس الشعبيين البسطاء الذين لا علاقة لمشاكلهم وهمومهم بأي "عو" إلا إذا كنت أنت نفسك "عو" جديد يخوف طربنا وأذواقنا وعَلَمنا المصري الذي ارتبط ب"المؤخرات" و"الصدور" في كليبك الأخير، بعد أن كان مرتبطاً بالدعاء والسجدة وفرحة شعب بسيط لم يجد ما يفرحه سوى الكرة، بينما صار كل شيء آخر ينغص عليه حياته، وجئت أنت لتكمل خوفه ب"العو". في حربنا الإعلامية الأخيرة مع الإعلام الجزائري، رسم أحدهم كاريكاتيراً ساخراً لمواطن مصري بسيط ينام في الشارع ليصاحبه بتعليق مقتبس من الفنان عادل إمام في مسرحيته "شاهد ما شافش حاجة" كاتباً: "لو كل واحد عَزّل عشان تحتيه رقاصة البلد كلها هتنام في الشارع".. فهل سيجيء اليوم الذي يضع فيه أحدهم صورة من الكليب لل"موديلز" اللاتي يُمسكن العلم بملابسهن الفاضحة، ويصاحبها بتعليق تهكمي ساخر يقول فيه: "هذا هو عَلَم منتخب الساجدين"؟!