فى الوقت الذى ينتعش فيه الاقتصاد الأمريكي، والتوظيف عند أعلى مستوياته منذ عقود، تواصل بنوك مثل «بنك أوف أمريكا كورب» توجيه ودائعها المتزايدة نحو السندات الأمريكية الحكومية بدلاً من إقراض تلك الودائع للاقتصاد الحقيقى، مما رفع ممتلكات القطاع من هذه السندات إلى 2 تريليون دولار. ويرجع جزء من هذا التراكم إلى القواعد التى اشترطت على البنوك امتلاك المزيد من الأصول الآمنة بعد أسوأ ازمة مالية منذ الكساد الكبير، ولكن هذا الرقم يعكس أيضا كيف أن المقترضين – خاصة هؤلاء الأمريكيين الذين عانوا أزمة أسعار المنازل – لايزالون يسددون ديونهم بدلاً من أخذ ديون أخرى لشراء أصول باهظة الثمن، وهذا قد يعنى أن الاقتصاد الامريكى ليس قويا بقدر ما توحى به البيانات المتفائلة. وقال بيتر تشير، مجير الاستراتيجية الكلية فى «برين كابيتال»، تمتلك البنوك نقدية ضخمة للغاية، ورغم تخفيف شروط الائتمان، لايزال من الأسهل على البنوك شراء سندات الخزانة. ورغم أن عمليات الشراء قد تساعد على احتواء أى ارتفاع فى عائدات سندات الخزانة عندما يتجه الاحتياطى الفيدرالى نحو رفع أسعار الفائدة، فإن انخفاض الطلب على القروض له تداعيات أيضا على مدى قرب ارتفاع تكاليف الإقراض هذا العام. وقالت تفاصيل اجتماع الفيدرالى لشهر يناير إن الكثير من صناع السياسة يفضلون الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة لوقت أطول حتى يتجنبوا تعريض التعافى للخطر. وأثبت الاستثمار فى السندات الحكومية أنه خطوة مربحة للبنوك، فهم يحققون زيادة فى هوامش الربح بمقدار 100 نقطة أساس عند استثماراتهم فى سندات الخزانة لأجل 5 سنوات بدلاً من تركها خاملة كودائع لدى البنك المركزى الذى لا يدر عليهم سوى 25 نقطة أساس. ويذكر تقرير لوكالة أنباء بلومبرج إن البنوك التجارية الأمريكية امتلكت نقدية بقيمة 2.83 تريليون دولار فى 11 فبراير الجارى، مرتفعة من 2.57 تريليون دولار نهاية العام الماضي. كما أن استثمار البنوك فى سندات الخزانة لأجل 5 سنوات تعود عليهم بعائدات جذابة تفوق ما يدفعونه للمودعين لديهم، واتسعت الفجوة بين عائدات السندات الحكومية ومتوسط فائدة الإيداع فى أكبر أربعة بنوك أمريكية فوق المستوى المعتاد على مدار العقد الماضى. وتبلغ هذه الفجوة فى بنك «بنك أوف أمريكا» حوالى %1.44، طبقاً لبيانات جمعتها وكالة أنباء «بلومبيرج». وضاعفت الأربعة بنوك الأمريكية الكبرى وهى «سيتى جروب»، و«بنك أوف أمريكا»، و«ويلز فارجو آند كو»، و«جى بى مورجان تشايس آند كو» ممتلكاتها من سندات الخزانة إلى أكثر من الضعف إلى 251.8 مليار دولار العام الماضى، طبقا لشركة «كومبليت بنك داتا دوت كوم» التى تحلل البيانات من الاحتياطى الفيدرالى، وشركة تأمين الودائع الفيدرالية. ومن ناحية أخرى لم يواكب الائتمان هذه الوتيرة، بسبب تراجع الطلب الاستهلاكى على القروض، وارتفعت القروض إلى الشركات فى البنوك التجارية الأمريكية بنسبة %13، بينما لم تزداد القروض الاستهلاكية سوى بنسبة %5 إلى 1.2 تريليون دولار.