رغم شح البيانات الرئيسية الصادرة عن الاقتصاد الأوروبي اليوم إلا أن حركة الأسواق كانت ملحوظة وظاهرة جلياً على تداولات المستثمرين، حيث انقلبت شاشات التداول للأحمر فيما يخص سوق الأسهم الأوروبي، وعاد اليورو للانخفاض والتداول عند مستويات 1.3215 دولار بعد أن سجل أعلى مستوى له خلال اليوم عند 1.3266 دولار. لا تزال اسبانيا تحتل تركيز المستثمرين عزيزي القارئ، تلك الدولة المثقلة بالديون، واضعين بعين الاعتبار أن معدل البطالة الاسباني يبقى الأعلى بين باقي دول منطقة اليورو الذي ارتفع خلال الربع الأول من هذا العام إلى 24.4% وذلك بأدنى مما سجلته البلاد خلال العام 1994 بقليل عند 24.55%، مشيراً الوزير بأن ارتفاع معدل البطالة إلى تلك المستويات يعني أن الحكومة تفقد من إيراداتها ما يصل إلى 953 مليون يورو. ويذكر بأن وكالة ستاندرد أند بورز قامت يوم الجمعة بخفص التصنيف الائتماني لاسبانيا للمرة الثانية هذا العام مُشيرة إلى ضعف اقتصادها و ارتفاع دينها العام إلى جانب هشاشة قطاعها المصرفي الذي تأثر بشكل سلبي واضح من انكماش اقتصاد الدولة، الأمر الذي من شأنه رفع تكاليف الاقتراض على الدولة بشكل أكبر من السابق و التي أصلاً تعدّت مستويات 6%. حيث قامت وكالة ستاندرد أند بورز بخفض التصنيف من A إلى مستويات +BBB مع توقعات مستقبلية سلبية و هذا بالنسبة للسندات طويلة الأمد، في حين قامت الوكالة أيضاً بخفض التصنيف قصير الأمد من A-1 إلى A-2، و شهدنا المخاوف تتزايد مؤخراً حول الاقتصاد الاسباني و مستقبله المظلم نظراً لضعف اقتصاده الشديد وسط ارتفاع مستويات البطالة بشكل كبير، إلى جانب ارتفاع نسبة الدين العام. والجدير بالذكر أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي صدر صباح اليوم ليظهر مواصلة انكماش الاقتصاد في القراءة التمهيدية للربع الأول من هذا العام، حيث انكمش الاقتصاد بنسبة 0.3% بتطابق مع القراءة السابقة ولكن بأفضل من التوقعات التي كانت تشير إلى انكماش بنسبة 0.4%، لتأتي مفاجأة اليوم الجديدة في إعلان مؤسسة ستاندرد أند بورز للتصنيفات الائتمانية عن تخفيض التصنيف الائتماني لستة عشر بنكاً اسبانياً. كما وأضافت ستاندرد أند بورز بأنها وضعت تلك البنوك تحت المراقبة مع تخفيض التطلعات المستقبلية للبنوك إلى النظرة السلبية، ويأتي قرار التخفيض هذا عقب أن قامت الوكالة بتخفيض التصنيف الائتماني لاسبانيا، حيث خفضّت التصنيف الائتماني من A الى BBB+، في حين خفضت التصنيف قصير الأجل من A-1 إلى A-2. لا تزال المشاعر متضاربة عزيزي القارئ حول احتمالية نجاح الاقتصاديات الأوروبية في تخطّي الأزمة، ويرى البعض بأن الأزمة ستتفاقم لوقوع الاقتصاد في ركود عميق جديد، واضعين بعين الاعتبار أن مستويات الثقة لا تزال متردّية في العالم بشكل عام وفي منطقة اليورو بشكل أخص، الحكومات الأوروبية تسعى لوضع خطط تقشفية للحد من توسع العجز، ولكن ذلك يؤدي إلى انخفاض مستويات الإنفاق وضعف الأنشطة الاقتصادية. ويبقى الأمر معلّق على صانعي القرار في منطقة اليورو في المرحلة الأولى، وعلى البيانات الرئيسية التي ستصدر عن الاقتصاد والتي ستؤكد ما إذا كان الوضع سيحتاج إلى دعم جديد أم أن الاقتصاديات ستكون قادرة على تخطي العقبات، ولا ننسى بأن الاقتصاد الأمريكي له دور في دفع مستويات الثقة للارتفاع، وذلك مع العلم أن نمو الاقتصاد الأكبر في العالم شهد تباطؤاً خلال الربع الأول من هذا العام ليرفع من حدة قلق المستثمرين في الأسواق.