الإثنين المقبل، افتتاح النصب التذكاري للدفاع عن قناة السويس    وزير البترول يبحث مع البنك الدولي التعاون بمجالات الطاقة والتعدين    الري تعلن عن إزالة 164 تعديا على فرع رشيد في عدد من المحافظات    الغرف التجارية: انخفاض طن السكر 3 آلاف جنيه.. وسنودع الاستيراد في 2026    وزير الهجرة اليوناني: العمالة المصرية أحد أولويتنا فهي الأكفأ والأنسب    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف مباني سكنية في رفح    كأس العالم للناشئين - عودة الزغبي.. وحمزة عبد الكريم يقود الهجوم أمام سويسرا    خلاف على الميراث ينتهي بسحل عامل في دمياط    محمد سامي يشيد بأحمد السعدني بعد عرض تريلر فيلم ولنا في الخيال حب    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    استعدوا ل قطع المياه غدًا.. تنويه هام لسكان هذه المناطق    استقبال الشرع بواشنطن يقلق إسرائيل بسبب جبل الشيخ    وداع موجع لأيقونة الزمالك.. محمد صبري يرحل قبل أن يفي بوعده لجمهوره    يوفر أكثر من 5 آلاف فرصة عمل.. أبرز المعلومات عن المركز الزراعي المتكامل    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    عالم أثار إسبانى: المتحف المصرى الكبير مبهر وفخم وكل زائر سيشعر بعظمة الحضارة    دار الكتب والوثائق تعيد إحياء تراث مجلات الأطفال في احتفالية الطفولة    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات ضمن البرنامج الوطني لتنمية المجال    رئيسة نايل تى فى: مقترح تغيير شعار القناة قدمه فريق التطوير والقرار للهيئة    الهام شاهين للمخرج محمد عبدالعزيز: "عندك خلطة النجاح ولك يد كبيرة في صنع الهام شاهين "    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    باحث إسرائيلي: بنيامين نتنياهو يتعرض ل "دهس ملكي" على يد ترامب    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    الأمم المتحدة: أخطر الجرائم ارتكبت في الفاشر من دون تحرك دولي    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سابق بالخيرات باذن الله ?!    حصن يومك.. أذكار الصباح والمساء ترفع الطمأنينة وتزيد البركة    رحيل زيزو المجاني يدفع الزمالك للتحرك لحماية نجومه    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    موعد مباراة جورجيا ضد إسبانيا فى تصفيات كأس العالم 2026    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    خطا بورسعيد والصعيد الأعلى في تأخر قطارات السكة الحديد    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الصحة: فحص أكثر من نصف مليون طفل للكشف عن الأمراض الوراثية    الرئيس التنفيذى للمجلس الصحى: الإعلان قريبا عن أول دبلومة لطب الأسرة    طريقة عمل المكرونة بالسي فود والكريمة بمذاق أحلى من الجاهزة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة في شمال سيناء    اليوم العالمي لمرضى السكري محور فعالية توعوية بكلية تمريض «الأزهر» بدمياط    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بجامعة الدول العربية    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    وزارة التعليم تضيف معلمي ثانية إعدادي للفئات المستحقة ل«حافز التطوير»    برباعية في أوكرانيا.. فرنسا تصعد لكأس العالم 2026 رسميا    غلق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر لرفع كوبري مشاة محطة المونوريل    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورسي يسعى الى منع تحويل «تويتر» موقعاً لحملات التضليل
نشر في صوت البلد يوم 07 - 06 - 2018

«...الأخبار الكاذبة تتفوق على الصحيحة في تويتر» وفق استنتاجات وردت في دراسة موسعة حول الأخبار الكاذبة نشرتها مجلة (Science) ونقلتها نشرة (The Atlantic).
فالأخبار المزيفة والقصص الملفقة والمفبركة، وفقاً للدراسة تصل إلى أكبر عدد من الناس وتخترق في شكل عميق الشبكات الاجتماعية، ولكنها تنتشر أسرع من البرق عبر (تويتر) لتميزه بالسرعة الفائقة في تداول الأخبار والمعلومات، ولعل هذا «أهم ميزاته وأسوأ عيوبه في آن»، وفق خبراء النيوميديا.
أظهرت الدراسة التي قام بها ثلاثة من الباحثين المرموقين بمعهد ماساشوسيتس للتقنية MIT بالولايات المتحدة الأمريكية «إن غالبية الأخبار الزائفة والإشاعات التي راجت على تويتر مصدرها، وسبب انتشارها هم البشر أنفسهم، وليس التطبيقات المبرمجة bots للتغريد الذاتي، ولإعادة التغريد، كما كان متوقعاً».
وتعتبر هذه الدراسة الأضخمَ في مجالها، حيث قضى الباحثون 11 عاماً– من 2006 إلى 2017– يتتبَّعون سلوك المغردين على (تويتر)، وردود أفعالهم تجاه مجموعات من الأخبار الصادقة والكاذبة.
ورصد الباحثون حوالى 126 ألف قصة ما بين زائفة وحقيقية، سرت بين أكثر من 3 ملايين مستخدم، بأكثر من 4.5 مليون تغريدة وإعادة تغريد.
أهمية هذه الدراسة تكمن في أن ست هيئات مستقلة متخصصة ساهمت في مساعدة الباحثين على تمييز الأخبار المزيفة من الحقيقية، وظهرت نسبة تطابق في مراجعاتها للأخبار المستخدمة في الدراسة تتراوح بين 95-98٪. وقال رئيس طاقم البحث سوروش فوسوغي» إن قصة مزيفة يمكن أن تصل إلى 1500 شخص بمعدل ست مرات أكثر من القصة الحقيقية».
أظهر التحليل الإحصائي للدراسة «أن الأخبار الزائفة تمتلك فرصة 70٪ أكبر الانتشار مقارنة بالصادقة»، وبالتالي أن «قدرة الأخبار الزائفة على الوصول لأكثر من ألف مستخدم أكبر بستة أمثال من نظيرتها الصادقة»!.
إضافة إلى الشائعات التي اتضح «أن لها القدرة على تحقيق سرعة إعادة التغريد بنسبة10-20 مرة أسرع من الحقائق»!
الكذب: الغرابة والعاطفة
رأى معدو الدراسة «أن ناشري الأخبار الكاذبة يلعبون على وترين حسّاسيْن. الأول يتمثل في إثارة الفضول بغرابة وجِدَّية الأخبار والقصص التي يروجونها، وابتكارها، مقارنة بالحقائق، والوقائع الصادقة، فيما الثاني يعتمد على استغلال العواطف من خلال نشر الصور والكليبات لضحايا مدنيين وأطفال تصورهم في أشكال مفجعة ناجمة عن تعرض مدنهم للقصف الجوي، وقد تكون من أحداثٍ أخرى لا علاقة لها بالحدث الذي يتم الحديث عنه، فيتداولها المغردون بدافع تأثرهم عاطفياً دون تمحيص.
احتلت الأخبار والقصص الزائفة المتعلقة بالسياسة المساحة الأكبر في الدراسة، فقد بلغت حوالى 45 ألفاً من أصل 126 ألفاً، وتركَّزت في المواسم السياسية المهمة مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية 2012 و2016.
وقد حظيتْ الأخبار السياسية الكاذبة بنسبة الانتشار الأعلى مقارنة بالأنواع الأخرى.
فمثلاً حققت القصص السياسية المفبركة نسبة 3 أضعاف باقي المجالات في الوصول إلى أكثر من 20 ألف مستخدم.
في سعيه لتعريف الأخبار الكاذبة رأى أحد معدي الدراسة البروفيسور سينان آرال» أن الأخبار المزيفة هي بطبيعتها غير عادية، وتنشر( قصص) غير معروفة، والناس بسجيتهم يميلون أكثر إلى تقبل وتبادل مثل هذا النوع من المعلومات».
وأضاف «إن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بمقدورهم أن يجتذبوا انتباه أكبر في حال استخدامهم معلومات جديدة وغير معروفة حتى وإن شكوا في إمكانية كونها كاذبة».
وشدد البروفسور في التواصل السياسي في جامعة أوكسفورد راسموس كلايس نيلسن على «ضرورة إعادة تنظيف منظومتنا المعلوماتية خلال القرن الحالي».
دورسي وجيوش العابثين
في عدد من التغريدات في (تويتر) اعترف مؤسسه ومديره التنفيذي جاك دورسي بأن الموقع أصبح مكاناً «للظلم والتحرش وجيوش المتصيدين، والاستقطاب من خلال الروبوتات، والتنسيق البشري وحملات التضليل، وغرف الصدى الإعلامي التي لا تسعى سوى إلى بث روح الفرقة والانقسام» وقال «إن تويتر ليس سعيداً بالطريقة التي تعامل بها مع ما يجري في منصته».
إلا أن دورسي الذي أبدى امتعاضه من العبث ببيئة (تويتر) ارتكب نفس جريمة مؤسس فايسبوك زوكربرغ حين قام ببيع البيانات الشخصية لمستخدميه إلى شركة الاستشارات السياسية (كامبريدج أناليتكا) ،وهو ما كشفته صحيفة «صنداي تيليغراف» البريطانية. وأفادت بأن الباحث في «كامبريدج أناليتكا»، ألكسندر كوغان، اشترى البيانات من «تويتر» في 2015.
واعترفت «كامبريدج أناليتكا» أنها استخدمت «تويتر» في الإعلانات السياسية، لكنها أصرت على أنها وكالة تسويق تعتمد على البيانات ولا تتلاعب بالآراء السياسية.
تمتلك روسيا اليد الطولى في الترويج للأخبار والقصص الكاذبة في تويتر، فلقد كشف بحث نشر موقع (بي بي سي) الإلكتروني بعضاً من تفاصيله «إن حسابات في تويتر يشتبه بارتباطها بروسيا تم استخدامها بعد الهجمات الإرهابية الأربع في بريطانيا في العام 2017، بهدف التسبب بأضرار عميقة سياسية واجتماعية ونفسية، إضافة إلى زيادة النفوذ والتأثير».
وعثر باحثون من جامعة كارديف في ويلز على مئات الأخبار والإعلانات في 47 حساب كانت لها علاقات مباشرة بالكرملين. وقالوا «إن بعض الأخبار والقصص معادية للإسلام والمسلمين، وبعضها الآخر يتصف بطابعه الانتقادي للإسلام».
منصات التضليل روسية
عكف المحللون والباحثون في معهد دراسات الجريمة والأمن بجامعة كارديف على تحليل، وتصنيف ملايين من المعلومات والتعليقات والمنشورات التي تم جمعها من منصات مختلفة، ولكنهم توقفوا عند 70 حساب مثيرة للشكوك في تويتر، تبين أن 47 حساب منها كانت تمول من روسيا خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة. وحدد الباحثون مجموعة من الاستنتاجات من بينها:
- إن 35 خبراً ومعلومة عن هجوم جسر ويستمنستر في آذار (مارس) وردت من هذه الحسابات.
- إن 293 خبراً ومنشوراً وقصة نشرتها هذه الحسابات بعد انفجار آرينا غراندي في مانشستر.
- إن140 خبراً وقصة تداولتها هذه الحسابات بعد هجوم لندن بريدج.
- إن 7 أخبار انتشرت في شكل واسع بعد هجوم فينسبري كان مصدرها هذه الحسابات.
- إن هذه الأخبار التي وصل عددها إلى 475 تم إعادة تغريدها لأكثر من 153 ألف مرة من حسابات أخرى.
يقول الصحفي رون جونسون في كتاب صدر له بعنوان ( العار) إن «حركات الجموع تبعث شعائر درست وطويت».
وأضاف «كنا في بداية تجدد المهانة العامة، بعد سكون وانحسار داما 180 سنة بخطى حثيثة.
وحين ترمي بالعار أحداً، يستعمل آلة مفرطة القوة. وآلتنا قامعة، لا حدود تصدها، ويتعاظم نفوذها وسرعتها.
وهي تسوي المراتب، وتجعل في متناول الجموع الصامتة صوتا، وتنصب لها قوس محكمة عادلة».
يشبه رونسون الشبكات الاجتماعية أو مستعمليها، بمنصات «تشهير رقمية تكبل ضحاياها بالسلاسل، وترغمها، بواسطة أنظمة العلاقات والبلاغات على مواجهة جمهور عدائي، وموقع أو رتبة الضحية في آخر المطاف لا اعتبار لها».
أن دراسة تحليلية دقيقة لميكانيزم استخدام الحسابات في (تويتر)، تكشف عن أن الكثير من الأخبار الكاذبة يتم تغريدها مباشرة لشخصيات مشهورة، على سبيل المثال الكاتبة جوان رولينغ مؤلفة هاري بوتر لكي يتطلع عليها متابعوها على المنصة»، أو إلى زعيم (الرابطة الإنكليزية للدفاع) المعادية للمسلمين تومي روبنسن، أو إلى زعيم حزب الاستقلال البريطاني المناهض للوحدة الأوروبية (UKIP) نايجل فاراج.
ووفقاً لما ورد في دراسة جامعة كارديف من براهين وأدلة، فأن» حملات الترويج للأخبار الكاذبة على تويتر تستند إلى استراتيجية معدة بعناية للتواصل السياسي هدفها الرئيسي رفع منسوب الأضرار، وتأليب الرأي العام على الحكم في محاولة لتقويض الديمقراطية والتعددية في المجتمع البريطاني بعد العمليات الإرهابية».
وذكرت البروفيسورة في جامعة سوانزي البريطانية ساشا تالافيرا في تصريح لإذاعة بي بي سي»، إذا أخذنا بيانات محددة كعينات سنلاحظ فعالية ونشاطاً غير مألوف في تويتر: زيادة في حجم وعدد الحسابات الوهمية التي تنشر وتروج معلومات وأخبار متحيزة».
إجراءات وتوقعات
في سياق جهودها لمكافحة الأخبار الكاذبة ذكرت إدارة تويتر على مدونة الموقع الرسمية على شبكة الإنترنت، أن طواقمها قامت بمتابعة نشاطات هيئة روسية حكومية تدعى «الوكالة الدولية للبحث– IRِA= International Research Agency»، تابعة للحكومة الروسية، وظهر أنها كانت تدير أنشطة مشبوهة على الموقع أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية أواخر 2016، ما استدعى إرسال تنبيهات إلى آلاف المستخدمين الذين تفاعلوا بكثرة مع حوالى 4 آلاف حساب تديرها الوكالة الروسية، بمختلف أشكال التفاعل (الإعجاب– الرد– إعادة التغريد،... إلخ)، وكذلك من كانوا يتابعون بعض هذه الحسابات ال3810 لحظة قيام إدارة تويتر بتعليقها لمخالفتها القواعد المنظمة لبيئة الموقع.
ووفقاً لمدونة الموقع فلقد وصل عدد الحسابات التي تلقَّت حوالى 1.4 مليون حساب. الشيء اللافت هو أن عملية التنبيه ستشمل مراجعة لنشاط هذه الحسابات لتمييز من تفاعل تلقائياً مع الحسابات دون معرفة بنشاطها المشبوه، ومن كان جزءاً من نشاطها.
واتخذت المزيد من الإجراءات الرامية لتنظيف الموقع من «الأنشطة المشبوهة– spamming» لأنها أفسدت الأجواء التلقائية للتواصل.
تسعى إدارة ( تويتر) وفق ما ذكره دورسي من أجل» إيجاد حل شامل من خلال محاولة قياس مدى صحة الحوارات التي تدور عبر منصته، فأدوات القياس التي صممت بالتعاون مع خبراء خارجيين من المفترض أن تساعد في ابتداع خدمة للتخلص من كل ما يسئ من دون الحاجة إلى فرض رقابة».
ما يفعله دورسي لمعالجة هذه المشكلة يختلف عن النهج الذي يتبعه مؤسس فيسبوك زوكربرغ الذي طاف في أرجاء الولايات المتحدة ليستمع إلى آراء المستخدمين، كما اخترع بعض الحلول الممكنة مثل العمل مع مدققي الحقائق لتحديد الأخبار الزائفة والتركيز على المحتوى الصادر عن الأصدقاء، وليس الصادر عن الناشرين، إضافة إلى وضع المحتوى الصادر عن الناشرين في شبكة إخبارية منفصلة».
في مقال له نشرته وكالة بلومبيرغ شكك المعلق الأميركي ليونيد بيرشيدسكي في «إمكانية أن تكون هذه الإجراءات كافية لحل المشكلة. ويفيد بحث أجرته مؤسسة نيلسون المختصة بأبحاث الإعلام بالتعاون مع شركة بيفوتال البحثية «أن الوقت الذي يقضيه المستخدمون على موقع تويتر في العام 2017 تراجع بنسبة 14 في المائة، فيما تراجعت نسبة اهتمامهم بمحتواه بنسبة 0.8 في المائة مقارنة بنسبة 1.1 في المئة».
«...الأخبار الكاذبة تتفوق على الصحيحة في تويتر» وفق استنتاجات وردت في دراسة موسعة حول الأخبار الكاذبة نشرتها مجلة (Science) ونقلتها نشرة (The Atlantic).
فالأخبار المزيفة والقصص الملفقة والمفبركة، وفقاً للدراسة تصل إلى أكبر عدد من الناس وتخترق في شكل عميق الشبكات الاجتماعية، ولكنها تنتشر أسرع من البرق عبر (تويتر) لتميزه بالسرعة الفائقة في تداول الأخبار والمعلومات، ولعل هذا «أهم ميزاته وأسوأ عيوبه في آن»، وفق خبراء النيوميديا.
أظهرت الدراسة التي قام بها ثلاثة من الباحثين المرموقين بمعهد ماساشوسيتس للتقنية MIT بالولايات المتحدة الأمريكية «إن غالبية الأخبار الزائفة والإشاعات التي راجت على تويتر مصدرها، وسبب انتشارها هم البشر أنفسهم، وليس التطبيقات المبرمجة bots للتغريد الذاتي، ولإعادة التغريد، كما كان متوقعاً».
وتعتبر هذه الدراسة الأضخمَ في مجالها، حيث قضى الباحثون 11 عاماً– من 2006 إلى 2017– يتتبَّعون سلوك المغردين على (تويتر)، وردود أفعالهم تجاه مجموعات من الأخبار الصادقة والكاذبة.
ورصد الباحثون حوالى 126 ألف قصة ما بين زائفة وحقيقية، سرت بين أكثر من 3 ملايين مستخدم، بأكثر من 4.5 مليون تغريدة وإعادة تغريد.
أهمية هذه الدراسة تكمن في أن ست هيئات مستقلة متخصصة ساهمت في مساعدة الباحثين على تمييز الأخبار المزيفة من الحقيقية، وظهرت نسبة تطابق في مراجعاتها للأخبار المستخدمة في الدراسة تتراوح بين 95-98٪. وقال رئيس طاقم البحث سوروش فوسوغي» إن قصة مزيفة يمكن أن تصل إلى 1500 شخص بمعدل ست مرات أكثر من القصة الحقيقية».
أظهر التحليل الإحصائي للدراسة «أن الأخبار الزائفة تمتلك فرصة 70٪ أكبر الانتشار مقارنة بالصادقة»، وبالتالي أن «قدرة الأخبار الزائفة على الوصول لأكثر من ألف مستخدم أكبر بستة أمثال من نظيرتها الصادقة»!.
إضافة إلى الشائعات التي اتضح «أن لها القدرة على تحقيق سرعة إعادة التغريد بنسبة10-20 مرة أسرع من الحقائق»!
الكذب: الغرابة والعاطفة
رأى معدو الدراسة «أن ناشري الأخبار الكاذبة يلعبون على وترين حسّاسيْن. الأول يتمثل في إثارة الفضول بغرابة وجِدَّية الأخبار والقصص التي يروجونها، وابتكارها، مقارنة بالحقائق، والوقائع الصادقة، فيما الثاني يعتمد على استغلال العواطف من خلال نشر الصور والكليبات لضحايا مدنيين وأطفال تصورهم في أشكال مفجعة ناجمة عن تعرض مدنهم للقصف الجوي، وقد تكون من أحداثٍ أخرى لا علاقة لها بالحدث الذي يتم الحديث عنه، فيتداولها المغردون بدافع تأثرهم عاطفياً دون تمحيص.
احتلت الأخبار والقصص الزائفة المتعلقة بالسياسة المساحة الأكبر في الدراسة، فقد بلغت حوالى 45 ألفاً من أصل 126 ألفاً، وتركَّزت في المواسم السياسية المهمة مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية 2012 و2016.
وقد حظيتْ الأخبار السياسية الكاذبة بنسبة الانتشار الأعلى مقارنة بالأنواع الأخرى.
فمثلاً حققت القصص السياسية المفبركة نسبة 3 أضعاف باقي المجالات في الوصول إلى أكثر من 20 ألف مستخدم.
في سعيه لتعريف الأخبار الكاذبة رأى أحد معدي الدراسة البروفيسور سينان آرال» أن الأخبار المزيفة هي بطبيعتها غير عادية، وتنشر( قصص) غير معروفة، والناس بسجيتهم يميلون أكثر إلى تقبل وتبادل مثل هذا النوع من المعلومات».
وأضاف «إن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بمقدورهم أن يجتذبوا انتباه أكبر في حال استخدامهم معلومات جديدة وغير معروفة حتى وإن شكوا في إمكانية كونها كاذبة».
وشدد البروفسور في التواصل السياسي في جامعة أوكسفورد راسموس كلايس نيلسن على «ضرورة إعادة تنظيف منظومتنا المعلوماتية خلال القرن الحالي».
دورسي وجيوش العابثين
في عدد من التغريدات في (تويتر) اعترف مؤسسه ومديره التنفيذي جاك دورسي بأن الموقع أصبح مكاناً «للظلم والتحرش وجيوش المتصيدين، والاستقطاب من خلال الروبوتات، والتنسيق البشري وحملات التضليل، وغرف الصدى الإعلامي التي لا تسعى سوى إلى بث روح الفرقة والانقسام» وقال «إن تويتر ليس سعيداً بالطريقة التي تعامل بها مع ما يجري في منصته».
إلا أن دورسي الذي أبدى امتعاضه من العبث ببيئة (تويتر) ارتكب نفس جريمة مؤسس فايسبوك زوكربرغ حين قام ببيع البيانات الشخصية لمستخدميه إلى شركة الاستشارات السياسية (كامبريدج أناليتكا) ،وهو ما كشفته صحيفة «صنداي تيليغراف» البريطانية. وأفادت بأن الباحث في «كامبريدج أناليتكا»، ألكسندر كوغان، اشترى البيانات من «تويتر» في 2015.
واعترفت «كامبريدج أناليتكا» أنها استخدمت «تويتر» في الإعلانات السياسية، لكنها أصرت على أنها وكالة تسويق تعتمد على البيانات ولا تتلاعب بالآراء السياسية.
تمتلك روسيا اليد الطولى في الترويج للأخبار والقصص الكاذبة في تويتر، فلقد كشف بحث نشر موقع (بي بي سي) الإلكتروني بعضاً من تفاصيله «إن حسابات في تويتر يشتبه بارتباطها بروسيا تم استخدامها بعد الهجمات الإرهابية الأربع في بريطانيا في العام 2017، بهدف التسبب بأضرار عميقة سياسية واجتماعية ونفسية، إضافة إلى زيادة النفوذ والتأثير».
وعثر باحثون من جامعة كارديف في ويلز على مئات الأخبار والإعلانات في 47 حساب كانت لها علاقات مباشرة بالكرملين. وقالوا «إن بعض الأخبار والقصص معادية للإسلام والمسلمين، وبعضها الآخر يتصف بطابعه الانتقادي للإسلام».
منصات التضليل روسية
عكف المحللون والباحثون في معهد دراسات الجريمة والأمن بجامعة كارديف على تحليل، وتصنيف ملايين من المعلومات والتعليقات والمنشورات التي تم جمعها من منصات مختلفة، ولكنهم توقفوا عند 70 حساب مثيرة للشكوك في تويتر، تبين أن 47 حساب منها كانت تمول من روسيا خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة. وحدد الباحثون مجموعة من الاستنتاجات من بينها:
- إن 35 خبراً ومعلومة عن هجوم جسر ويستمنستر في آذار (مارس) وردت من هذه الحسابات.
- إن 293 خبراً ومنشوراً وقصة نشرتها هذه الحسابات بعد انفجار آرينا غراندي في مانشستر.
- إن140 خبراً وقصة تداولتها هذه الحسابات بعد هجوم لندن بريدج.
- إن 7 أخبار انتشرت في شكل واسع بعد هجوم فينسبري كان مصدرها هذه الحسابات.
- إن هذه الأخبار التي وصل عددها إلى 475 تم إعادة تغريدها لأكثر من 153 ألف مرة من حسابات أخرى.
يقول الصحفي رون جونسون في كتاب صدر له بعنوان ( العار) إن «حركات الجموع تبعث شعائر درست وطويت».
وأضاف «كنا في بداية تجدد المهانة العامة، بعد سكون وانحسار داما 180 سنة بخطى حثيثة.
وحين ترمي بالعار أحداً، يستعمل آلة مفرطة القوة. وآلتنا قامعة، لا حدود تصدها، ويتعاظم نفوذها وسرعتها.
وهي تسوي المراتب، وتجعل في متناول الجموع الصامتة صوتا، وتنصب لها قوس محكمة عادلة».
يشبه رونسون الشبكات الاجتماعية أو مستعمليها، بمنصات «تشهير رقمية تكبل ضحاياها بالسلاسل، وترغمها، بواسطة أنظمة العلاقات والبلاغات على مواجهة جمهور عدائي، وموقع أو رتبة الضحية في آخر المطاف لا اعتبار لها».
أن دراسة تحليلية دقيقة لميكانيزم استخدام الحسابات في (تويتر)، تكشف عن أن الكثير من الأخبار الكاذبة يتم تغريدها مباشرة لشخصيات مشهورة، على سبيل المثال الكاتبة جوان رولينغ مؤلفة هاري بوتر لكي يتطلع عليها متابعوها على المنصة»، أو إلى زعيم (الرابطة الإنكليزية للدفاع) المعادية للمسلمين تومي روبنسن، أو إلى زعيم حزب الاستقلال البريطاني المناهض للوحدة الأوروبية (UKIP) نايجل فاراج.
ووفقاً لما ورد في دراسة جامعة كارديف من براهين وأدلة، فأن» حملات الترويج للأخبار الكاذبة على تويتر تستند إلى استراتيجية معدة بعناية للتواصل السياسي هدفها الرئيسي رفع منسوب الأضرار، وتأليب الرأي العام على الحكم في محاولة لتقويض الديمقراطية والتعددية في المجتمع البريطاني بعد العمليات الإرهابية».
وذكرت البروفيسورة في جامعة سوانزي البريطانية ساشا تالافيرا في تصريح لإذاعة بي بي سي»، إذا أخذنا بيانات محددة كعينات سنلاحظ فعالية ونشاطاً غير مألوف في تويتر: زيادة في حجم وعدد الحسابات الوهمية التي تنشر وتروج معلومات وأخبار متحيزة».
إجراءات وتوقعات
في سياق جهودها لمكافحة الأخبار الكاذبة ذكرت إدارة تويتر على مدونة الموقع الرسمية على شبكة الإنترنت، أن طواقمها قامت بمتابعة نشاطات هيئة روسية حكومية تدعى «الوكالة الدولية للبحث– IRِA= International Research Agency»، تابعة للحكومة الروسية، وظهر أنها كانت تدير أنشطة مشبوهة على الموقع أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية أواخر 2016، ما استدعى إرسال تنبيهات إلى آلاف المستخدمين الذين تفاعلوا بكثرة مع حوالى 4 آلاف حساب تديرها الوكالة الروسية، بمختلف أشكال التفاعل (الإعجاب– الرد– إعادة التغريد،... إلخ)، وكذلك من كانوا يتابعون بعض هذه الحسابات ال3810 لحظة قيام إدارة تويتر بتعليقها لمخالفتها القواعد المنظمة لبيئة الموقع.
ووفقاً لمدونة الموقع فلقد وصل عدد الحسابات التي تلقَّت حوالى 1.4 مليون حساب. الشيء اللافت هو أن عملية التنبيه ستشمل مراجعة لنشاط هذه الحسابات لتمييز من تفاعل تلقائياً مع الحسابات دون معرفة بنشاطها المشبوه، ومن كان جزءاً من نشاطها.
واتخذت المزيد من الإجراءات الرامية لتنظيف الموقع من «الأنشطة المشبوهة– spamming» لأنها أفسدت الأجواء التلقائية للتواصل.
تسعى إدارة ( تويتر) وفق ما ذكره دورسي من أجل» إيجاد حل شامل من خلال محاولة قياس مدى صحة الحوارات التي تدور عبر منصته، فأدوات القياس التي صممت بالتعاون مع خبراء خارجيين من المفترض أن تساعد في ابتداع خدمة للتخلص من كل ما يسئ من دون الحاجة إلى فرض رقابة».
ما يفعله دورسي لمعالجة هذه المشكلة يختلف عن النهج الذي يتبعه مؤسس فيسبوك زوكربرغ الذي طاف في أرجاء الولايات المتحدة ليستمع إلى آراء المستخدمين، كما اخترع بعض الحلول الممكنة مثل العمل مع مدققي الحقائق لتحديد الأخبار الزائفة والتركيز على المحتوى الصادر عن الأصدقاء، وليس الصادر عن الناشرين، إضافة إلى وضع المحتوى الصادر عن الناشرين في شبكة إخبارية منفصلة».
في مقال له نشرته وكالة بلومبيرغ شكك المعلق الأميركي ليونيد بيرشيدسكي في «إمكانية أن تكون هذه الإجراءات كافية لحل المشكلة. ويفيد بحث أجرته مؤسسة نيلسون المختصة بأبحاث الإعلام بالتعاون مع شركة بيفوتال البحثية «أن الوقت الذي يقضيه المستخدمون على موقع تويتر في العام 2017 تراجع بنسبة 14 في المائة، فيما تراجعت نسبة اهتمامهم بمحتواه بنسبة 0.8 في المائة مقارنة بنسبة 1.1 في المئة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.