البحوث الفلكية يكشف عن سر شعور سكان مصر بزلزال تركيا ويوجه رسالة إلى المواطنين    المعهد القومي للبحوث الفلكية يطمئن المواطنين: مصر لا تقع في حزام الزلازل    أنباء عن هزة أرضية شعر بها سكان القاهرة وعدد من المحافظات    زلزال قوي يضرب القاهرة الكبرى وبعض المحافظات    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    «المسافة صفر».. اشتباكات ضارية بين كتائب القسام وجيش الاحتلال في جباليا    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية    ترامب: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    مروان عطية: جوميز طلب انضمامي للفتح السعودي.. وهذا قراري    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    بيل جيتس يُعلن استثمار 200 مليار دولار في الصحة والتعليم بأفريقيا خلال 20 عامًا    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    التعليم: البكالوريا اختيارية العام المقبل بعد إقرار البرلمان.. و88% من أولياء الأمور يؤيدون النظام    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    طرح لحوم بلدية بأسعار مخفضة في الوادي الجديد استعدادًا لعيد الأضحى    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    محامي دولي يفجر مفاجاة بشأن قرار المحكمة الرياضية المنتظر في أزمة القمة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    قناة الأهلي: هناك أزمة في مشاركة ديانج بكأس العالم للأندية    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    لماذا لا يرغب تامر حسني في دخول ابنته تاليا المجال الفني؟    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    عامل يتهم 3 أشخاص بسرقة شقته في الهرم    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    صرف 11 مليون جنيه منحة عيد الأضحى ل7359 عاملًا بالوادي الجديد    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    أمين الفتوى يحسم حكم توزيع لحوم أو مال بدلاً عن الأضحية    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدعة زوكربرغ وبدائل «فايسبوك» الثلاثة
نشر في صوت البلد يوم 22 - 05 - 2018

بعد فضيحة استغلال شركة كامبريدج أناليتيكا البريطانية بيانات نحو خمسين مليون مستخدم في موقع شركة «فايسبوك»، أصبحت الاخيرة تحت ضغوط شديدة، وأدت إلى طرح تساؤلات ليس فقط بشأن علاقتها بهذا الأمر، وإنما أيضاً حول كامل ممارستها في جمع البيانات من مستخدمي شبكتها الاجتماعية.
أدت الفضيحة إلى انطلاق الدعوات لنزوح جماعي من «فايسبوك»، وأطلقت حملة على تويتر تحت اسم: «احذف فايسبوك - #deletefacebook». وأحد المبادرين بها هو الشريك المؤسس لواتساب براين أكتون. تعتبر فايسبوك التي تمتلك أكثر من بليوني مستخدم أكبر شبكة تواصل اجتماعي شعبية في العالم،ويستخدمها الملايين للتواصل مع العائلة والأصدقاء في كل مكان، ووفق الكاتبة في موقع «إنغاجيت» المعني بشؤون التقنية، نيكول لي، أنه «عبر فايسبوك تستطيع متابعة تواريخ ميلاد الأصدقاء ومناسباتهم الاجتماعية وولادات الأطفال الجدد في اسرهم وحتى مشكلاتهم». وبرأي الأستاذة المساعدة في الدراسات الإعلامية بجامعة كاليفورنيا صفية نوبل «بالنسبة إلى كثير من الناس يعد فايسبوك بوابة مهمة للانترنت» . وقالت:» قد يكون المنصة الوحيدة من الانترنت التي يعرفها البعض» وبالتأكيد هو «يلعب دورا مركزيا في التواصل وخلق المجتمع والمشاركة في المجتمع على الانترنت».
أظهر مسح أجرته مؤسسة الاستراتيجيات الإبداعية (Creative Strategies) قبل أقل من أسبوعين أن «9 في المئة من مستخدمي فايسبوك الأميركيين ربما ألغوا حساباتهم بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية، وأن 17 في المئة حذفوا التطبيق من هواتفهم و11 في المئة من أجهزتهم و9 في المئة ألغوه كلياً». في السياق، أشار تقرير نشرته صحيفة «الاندبندت» إلى أن بعض الأشياء التي يمكن توقعها عن الشكل المستقبلي لشبكة التواصل، منها أنه لا يزال بعض المستخدمين- معظمهم في الولايات المتحدة واوروبا الغربية- مستفيدين بشكل كبير، إضافة إلى الأشخاص الذين يريد المعلنون الوصول اليهم، إذ إن ثلاثة أرباع أرباح شركة فايسبوك تأتي من أقل من من 10 في المئة من حساباتها. ويرى خبراء «إذا انخفضت الحسابات الأميركية والبريطانية والأوروبية الأخرى، أو حتى أصيبت بالركود، فإن هذا سيكون دلالة على أن ذروة فايسبوك قد تم بلوغها بالفعل»، مرجحين حدوث هذا بالفعل حتى لو استمر العدد الإجمالي للمستخدمين بالارتفاع».
ثقة متداعية وتحديات
تداعى الثقة بفايسبوك لن يؤدي الى تخلي مستخدميه عنه، ومن الصعب توقع أن يفعل الكثيرون ذلك، لأنه بات يستخدم لتسجيل الدخول في العديد من التطبيقات والويب. وتقول مديرة الدراسات العليا بقسم الاتصالات في جامعة (بوفالو) ميلاني غرين إن التحدي في ترك فايسبوك يتمثل في أنه «مشكلة اجتماعية»، وأوضحت أن «كثيراً من الناس قد يرغبون في مغادرة فايسبوك، لكن وبسبب عدم وجود منصة بديلة واضحة يكون بمقدورهم الانتقال إليها جماعياً، فأنه من الصعب عليهم اتخاذ مثل هذه الخطوة». وكتبت الكاتبة الألمانية جيليان يورك على حسابها على تويتر» أن حذف «فايسبوك» ميزة لا تتوفر لجميع الناس، ذلك ان ذوي الاعاقات أو الأمراض أو الذين لديهم عائلات خارج البلاد سيخسرون شبكة دعمهم إذا اختفى فايسبوك».
مع تعرض الموقع لموجة انتقادات عامة بسبب اسلوبه في التعامل مع خصوصية المستخدمين، يتضح يوما بعد يوم حجم الأهمية الكبيرة التي اكتسبتها وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا. ويرى المحلل في وكالة «بلومبيرغ» نوح سميث أن «ربما ستمر سنوات كثيرة قبل أن ننجح في وضع تقييم حقيقي لحجم ونطاق التغييرات التي طرأت على حياتنا، وحتى حينذاك ربما ستبقى هناك الكثير من الأمور التي سنعجز عن استيعابها في شكل كامل». قبل أن تصبح الخصوصية موضوعاً حساساً في «فايسبوك» بمدة طويلة، وتحديداً في 2004، كان مارك زوكربرغ وصف ثقة المستخدمين الأوائل بالموقع الذي منحوه بياناتهم الشخصية بأنه «غباء قاتل» وذلك في حديث خاص بينه وبين أحد أصدقائه كشف تفاصيله موقع «بيزنس إنسايدر». وفي مقال في موقع «ذي غارديان» تقول الكاتبة اوليفيا سولون إنه «منذ ان كشفت صحيفة «ذي اوبزيرفر» عن « فضيحة» سرقة بيانات مستخدمي فايسبوك، بدأ يتضح أكثر أن الشبكة الاجتماعية كانت اكثر ليونة مع ممارسات مشاركة بياناتها مما أدركه كثر من المستخدمين. وقالت: «مع انتشار الفضيحة اثارت استجابة فايسبوك الباهتة تحديا اساسيا للشركة، وهو كيف يمكنها ادانة الممارسة (مشاركة البيانات) التي يعتمد عليها نموذج أعمالها».
كذبة بناء مجتمع عالمي
منذ تعليق «غباء قاتل» لزوكبيرغ قطعت «فايسبوك» شوطاً طويلاً لإقناع فئة من المجتمع بأن الأمر يتعلق بربط الناس بعضهم ببعض و»بناء مجتمع عالمي». تقول سولون «هذا الخطاب التسويقي الزائف اسهل كثيراً على الموظفين والمستخدمين
هضمه من مهمة استخلاص البيانات الشخصية حتى نتمكن من استهدافك بالإعلانات».
في أعقاب الكشف عن استغلال شركة كامبريدج اناليتكا للبيانات التي جمعها الدكتور اليكساندر كوغان تحت ستار البحث الاكاديمي، سارعت ادارة فايسبوك إلى توجيه اللوم إلى ما سمتهم الأطراف الخارجية (المارقة) في اساءة استخدام المنصة، وقالت في بيانها إن «الشركة غاضبة لشعورنا بأننا خدعنا».
يتفق الخبراء على «أن انتقال البيانات بين الباحثين وشركة كامبريج أناليتيكا مثّل انتهاكاً واضحاً لاتفاق كوغان مع فايسبوك». وقالت سولون «كل شيء كان بعلم فايسبوك». وأضافت «إن كم البيانات التي حصلت عليها كامبريدج أناليتكا والتي استخدمت لتقديم اعلانات موجهة استناداً الى طبيعة الشخصية - بما في ذلك الأنشطة والاهتمامات والمواقع والصور والدين والسياسة وتفاصيل العلاقات الشخصية- لم تكن غير عادية على اقل تقدير، فقد كانت التفاصيل ميزة في فايسبوك وليس ثغرة». كشف تقرير للقناة الرابعة البريطانية عن ممارسات غير اخلاقية لكامبريدج إناليتكا دفعت البروفيسور آندرو برزيبلسكي الاستاذ في كمبريدج إلى القول «إنها أهم محنة واجهها فايسبوك منذ أن أصبح عامّاً في 2012». وأظهر فيديو تم تصويره بكاميرا خفية بعض المديرين التنفيذيين في الشركة من بينهم الرئيس التنفيذي اليكس نيكس وهم يتباهون بالتأثير على ناخبين عبر العالم». ويعود الفضل في كشف الفضيحة الى الخبير بشركة كامبرديدج أناليتكا كريستوفر وايلي الذي كشف عن وجود ثغرات رئيسية في منصة التواصل الاجتماعي سمحت للشركة بجمع بيانات نحو خمسين مليون مستخدم للمنصة من دون إذنهم. يواجه «فايسبوك» تحقيقات على جبهات عدة، وقد تكون هذه الإجراءات واحدة من أخطر التحقيقات من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الاميركية التي كانت قامت بتسوية شكوى مماثلة للخصوصية مع فايسبوك العام 2011، وهي تدرس الآن ما إذا كان الموقع قد خرق هذه التسوية من خلال السماح بإساءة استخدام بيانات المستخدمين التي جمعت ظاهرياً من أجل البحث الأكاديمي. وطرحت صحيفة «فايننشال تايمز» بعض الأسئلة القانونية ومنها: عن ماذا كانت تسوية فايسبوك عام 2011 مع لجنة التجارة الفيدرالية؟ ونبهت إلى أنها «نشأت من شكاوي خصوصية البيانات ضد الموقع عام 2009» وقالت «إن فايسبوك كان يضلل المستخدمين حول كيفية استخدام بياناتهم».
بدائل
تتسابق شبكات ومنصات اجتماعية لتقديم نفسها كبديل عن فايسبوك ،وذلك عبر الترويج لنفسها بالابتعاد من التدخل في خصوصيات مستخدميها وصرامتها في جمع معلوماتهم؟ وهل السؤال المطروح الآن هو «هل يوجد بديل جدير بالثقة عن هذه الشبكة الاجتماعية التي وصل عدد مستخدميها إلى ملياري شخص؟ تجيب صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية موضحة أن «المشكلة تكمن في أن جل الشبكات الاجتماعية المنافسة حالياً (تويتر - سناب شات إلخ) لا تختلف عنه في تحليلها لبيانات المستخدم لاستهدافه بإعلانات تناسب رغباته. وتقدم الصحيفة ثلاث شبكات تسعى لان تكون البديلة:
*دياسبورا (Diaspora) وهي شبكة مفتوحة وغير ربحية انشأها طلاب اميركيون العام 2010 ،وتعتمد على ثلاثة مبادئ-: 1- اللامركزية، فبدلاً من تخزين المعلومات على موقع واحد تقوم بتوزيع البيانات على خوادم مستقلة عن بعضها،2- الحرية، فرمز البرنامج متاح للجميع والإعلانات ممنوعة في الشبكة،كما ان المستخدمين ليسوا مطالبين بالكشف عن هوياتهم الحقيقية. 3- احترام الخصوصية، فكل يتحكم ببياناته ومنشوراته ويحدد من يسمح له بالاطلاع عليها.
هذه الشبكة توفر لمستخدميها كل ما يقدمه «فايسبوك»، ولكن عدد مستخدميها لم يتجاوز حتى الآن المليون وإن كانوا في تزايد مستمر.
*فرينديكا (Friendica): تشترك هذه الشبكة الاجتماعية التي يديرها متطوعون مع دياسبورا في استخدام السمات التقنية ذاتها، وتبني نفس الفلسفة الخاصة بالخوادم المركزية. وهي تقوم على إنشاء مجتمعات وفق الاهتمامات أو اللغات وما شابه ذلك، ما تتشكل عبره مجموعات معينة يمكن أفرادها نشر المعلومات وتحميل الصور والفيديوات والتواصل المباشر والتعليق على منشورات، ولم يتجاوز عدد مستخدميها بعد عشرات الآلاف.
*ألو (Ello) انطلقت هذه الشبكة عام 2014، وكان ينظر إليها بوصفها البديل الأكثر صدقية عن «فايسبوك»، والمتميز عنها بغياب الاعلانات كليا عن صفحاتها وبتعهدها احترام الحياة الخاصة لمستخدميها والامتناع عن بيع معلوماتهم الشخصية، كما أنها تقدم كل الخدمات التي يوفرها «فايسبوك». وتشير تقارير إلى أن زخم هذه الشبكة الذي صاحب انطلاقها تراجع بسبب تشغيلها المعقد نسبياً، وغياب بعض الوظائف الموجودة في «فايسبوك». ولا يتجاوز عدد أعضائها 500 ألف مستخدم شهرياً، وبدأت تتجه تدريجياً نحو مجتمع من (المبتكرين) في عوالم الموضة والتصميم والصور.
بعد فضيحة استغلال شركة كامبريدج أناليتيكا البريطانية بيانات نحو خمسين مليون مستخدم في موقع شركة «فايسبوك»، أصبحت الاخيرة تحت ضغوط شديدة، وأدت إلى طرح تساؤلات ليس فقط بشأن علاقتها بهذا الأمر، وإنما أيضاً حول كامل ممارستها في جمع البيانات من مستخدمي شبكتها الاجتماعية.
أدت الفضيحة إلى انطلاق الدعوات لنزوح جماعي من «فايسبوك»، وأطلقت حملة على تويتر تحت اسم: «احذف فايسبوك - #deletefacebook». وأحد المبادرين بها هو الشريك المؤسس لواتساب براين أكتون. تعتبر فايسبوك التي تمتلك أكثر من بليوني مستخدم أكبر شبكة تواصل اجتماعي شعبية في العالم،ويستخدمها الملايين للتواصل مع العائلة والأصدقاء في كل مكان، ووفق الكاتبة في موقع «إنغاجيت» المعني بشؤون التقنية، نيكول لي، أنه «عبر فايسبوك تستطيع متابعة تواريخ ميلاد الأصدقاء ومناسباتهم الاجتماعية وولادات الأطفال الجدد في اسرهم وحتى مشكلاتهم». وبرأي الأستاذة المساعدة في الدراسات الإعلامية بجامعة كاليفورنيا صفية نوبل «بالنسبة إلى كثير من الناس يعد فايسبوك بوابة مهمة للانترنت» . وقالت:» قد يكون المنصة الوحيدة من الانترنت التي يعرفها البعض» وبالتأكيد هو «يلعب دورا مركزيا في التواصل وخلق المجتمع والمشاركة في المجتمع على الانترنت».
أظهر مسح أجرته مؤسسة الاستراتيجيات الإبداعية (Creative Strategies) قبل أقل من أسبوعين أن «9 في المئة من مستخدمي فايسبوك الأميركيين ربما ألغوا حساباتهم بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية، وأن 17 في المئة حذفوا التطبيق من هواتفهم و11 في المئة من أجهزتهم و9 في المئة ألغوه كلياً». في السياق، أشار تقرير نشرته صحيفة «الاندبندت» إلى أن بعض الأشياء التي يمكن توقعها عن الشكل المستقبلي لشبكة التواصل، منها أنه لا يزال بعض المستخدمين- معظمهم في الولايات المتحدة واوروبا الغربية- مستفيدين بشكل كبير، إضافة إلى الأشخاص الذين يريد المعلنون الوصول اليهم، إذ إن ثلاثة أرباع أرباح شركة فايسبوك تأتي من أقل من من 10 في المئة من حساباتها. ويرى خبراء «إذا انخفضت الحسابات الأميركية والبريطانية والأوروبية الأخرى، أو حتى أصيبت بالركود، فإن هذا سيكون دلالة على أن ذروة فايسبوك قد تم بلوغها بالفعل»، مرجحين حدوث هذا بالفعل حتى لو استمر العدد الإجمالي للمستخدمين بالارتفاع».
ثقة متداعية وتحديات
تداعى الثقة بفايسبوك لن يؤدي الى تخلي مستخدميه عنه، ومن الصعب توقع أن يفعل الكثيرون ذلك، لأنه بات يستخدم لتسجيل الدخول في العديد من التطبيقات والويب. وتقول مديرة الدراسات العليا بقسم الاتصالات في جامعة (بوفالو) ميلاني غرين إن التحدي في ترك فايسبوك يتمثل في أنه «مشكلة اجتماعية»، وأوضحت أن «كثيراً من الناس قد يرغبون في مغادرة فايسبوك، لكن وبسبب عدم وجود منصة بديلة واضحة يكون بمقدورهم الانتقال إليها جماعياً، فأنه من الصعب عليهم اتخاذ مثل هذه الخطوة». وكتبت الكاتبة الألمانية جيليان يورك على حسابها على تويتر» أن حذف «فايسبوك» ميزة لا تتوفر لجميع الناس، ذلك ان ذوي الاعاقات أو الأمراض أو الذين لديهم عائلات خارج البلاد سيخسرون شبكة دعمهم إذا اختفى فايسبوك».
مع تعرض الموقع لموجة انتقادات عامة بسبب اسلوبه في التعامل مع خصوصية المستخدمين، يتضح يوما بعد يوم حجم الأهمية الكبيرة التي اكتسبتها وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا. ويرى المحلل في وكالة «بلومبيرغ» نوح سميث أن «ربما ستمر سنوات كثيرة قبل أن ننجح في وضع تقييم حقيقي لحجم ونطاق التغييرات التي طرأت على حياتنا، وحتى حينذاك ربما ستبقى هناك الكثير من الأمور التي سنعجز عن استيعابها في شكل كامل». قبل أن تصبح الخصوصية موضوعاً حساساً في «فايسبوك» بمدة طويلة، وتحديداً في 2004، كان مارك زوكربرغ وصف ثقة المستخدمين الأوائل بالموقع الذي منحوه بياناتهم الشخصية بأنه «غباء قاتل» وذلك في حديث خاص بينه وبين أحد أصدقائه كشف تفاصيله موقع «بيزنس إنسايدر». وفي مقال في موقع «ذي غارديان» تقول الكاتبة اوليفيا سولون إنه «منذ ان كشفت صحيفة «ذي اوبزيرفر» عن « فضيحة» سرقة بيانات مستخدمي فايسبوك، بدأ يتضح أكثر أن الشبكة الاجتماعية كانت اكثر ليونة مع ممارسات مشاركة بياناتها مما أدركه كثر من المستخدمين. وقالت: «مع انتشار الفضيحة اثارت استجابة فايسبوك الباهتة تحديا اساسيا للشركة، وهو كيف يمكنها ادانة الممارسة (مشاركة البيانات) التي يعتمد عليها نموذج أعمالها».
كذبة بناء مجتمع عالمي
منذ تعليق «غباء قاتل» لزوكبيرغ قطعت «فايسبوك» شوطاً طويلاً لإقناع فئة من المجتمع بأن الأمر يتعلق بربط الناس بعضهم ببعض و»بناء مجتمع عالمي». تقول سولون «هذا الخطاب التسويقي الزائف اسهل كثيراً على الموظفين والمستخدمين
هضمه من مهمة استخلاص البيانات الشخصية حتى نتمكن من استهدافك بالإعلانات».
في أعقاب الكشف عن استغلال شركة كامبريدج اناليتكا للبيانات التي جمعها الدكتور اليكساندر كوغان تحت ستار البحث الاكاديمي، سارعت ادارة فايسبوك إلى توجيه اللوم إلى ما سمتهم الأطراف الخارجية (المارقة) في اساءة استخدام المنصة، وقالت في بيانها إن «الشركة غاضبة لشعورنا بأننا خدعنا».
يتفق الخبراء على «أن انتقال البيانات بين الباحثين وشركة كامبريج أناليتيكا مثّل انتهاكاً واضحاً لاتفاق كوغان مع فايسبوك». وقالت سولون «كل شيء كان بعلم فايسبوك». وأضافت «إن كم البيانات التي حصلت عليها كامبريدج أناليتكا والتي استخدمت لتقديم اعلانات موجهة استناداً الى طبيعة الشخصية - بما في ذلك الأنشطة والاهتمامات والمواقع والصور والدين والسياسة وتفاصيل العلاقات الشخصية- لم تكن غير عادية على اقل تقدير، فقد كانت التفاصيل ميزة في فايسبوك وليس ثغرة». كشف تقرير للقناة الرابعة البريطانية عن ممارسات غير اخلاقية لكامبريدج إناليتكا دفعت البروفيسور آندرو برزيبلسكي الاستاذ في كمبريدج إلى القول «إنها أهم محنة واجهها فايسبوك منذ أن أصبح عامّاً في 2012». وأظهر فيديو تم تصويره بكاميرا خفية بعض المديرين التنفيذيين في الشركة من بينهم الرئيس التنفيذي اليكس نيكس وهم يتباهون بالتأثير على ناخبين عبر العالم». ويعود الفضل في كشف الفضيحة الى الخبير بشركة كامبرديدج أناليتكا كريستوفر وايلي الذي كشف عن وجود ثغرات رئيسية في منصة التواصل الاجتماعي سمحت للشركة بجمع بيانات نحو خمسين مليون مستخدم للمنصة من دون إذنهم. يواجه «فايسبوك» تحقيقات على جبهات عدة، وقد تكون هذه الإجراءات واحدة من أخطر التحقيقات من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الاميركية التي كانت قامت بتسوية شكوى مماثلة للخصوصية مع فايسبوك العام 2011، وهي تدرس الآن ما إذا كان الموقع قد خرق هذه التسوية من خلال السماح بإساءة استخدام بيانات المستخدمين التي جمعت ظاهرياً من أجل البحث الأكاديمي. وطرحت صحيفة «فايننشال تايمز» بعض الأسئلة القانونية ومنها: عن ماذا كانت تسوية فايسبوك عام 2011 مع لجنة التجارة الفيدرالية؟ ونبهت إلى أنها «نشأت من شكاوي خصوصية البيانات ضد الموقع عام 2009» وقالت «إن فايسبوك كان يضلل المستخدمين حول كيفية استخدام بياناتهم».
بدائل
تتسابق شبكات ومنصات اجتماعية لتقديم نفسها كبديل عن فايسبوك ،وذلك عبر الترويج لنفسها بالابتعاد من التدخل في خصوصيات مستخدميها وصرامتها في جمع معلوماتهم؟ وهل السؤال المطروح الآن هو «هل يوجد بديل جدير بالثقة عن هذه الشبكة الاجتماعية التي وصل عدد مستخدميها إلى ملياري شخص؟ تجيب صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية موضحة أن «المشكلة تكمن في أن جل الشبكات الاجتماعية المنافسة حالياً (تويتر - سناب شات إلخ) لا تختلف عنه في تحليلها لبيانات المستخدم لاستهدافه بإعلانات تناسب رغباته. وتقدم الصحيفة ثلاث شبكات تسعى لان تكون البديلة:
*دياسبورا (Diaspora) وهي شبكة مفتوحة وغير ربحية انشأها طلاب اميركيون العام 2010 ،وتعتمد على ثلاثة مبادئ-: 1- اللامركزية، فبدلاً من تخزين المعلومات على موقع واحد تقوم بتوزيع البيانات على خوادم مستقلة عن بعضها،2- الحرية، فرمز البرنامج متاح للجميع والإعلانات ممنوعة في الشبكة،كما ان المستخدمين ليسوا مطالبين بالكشف عن هوياتهم الحقيقية. 3- احترام الخصوصية، فكل يتحكم ببياناته ومنشوراته ويحدد من يسمح له بالاطلاع عليها.
هذه الشبكة توفر لمستخدميها كل ما يقدمه «فايسبوك»، ولكن عدد مستخدميها لم يتجاوز حتى الآن المليون وإن كانوا في تزايد مستمر.
*فرينديكا (Friendica): تشترك هذه الشبكة الاجتماعية التي يديرها متطوعون مع دياسبورا في استخدام السمات التقنية ذاتها، وتبني نفس الفلسفة الخاصة بالخوادم المركزية. وهي تقوم على إنشاء مجتمعات وفق الاهتمامات أو اللغات وما شابه ذلك، ما تتشكل عبره مجموعات معينة يمكن أفرادها نشر المعلومات وتحميل الصور والفيديوات والتواصل المباشر والتعليق على منشورات، ولم يتجاوز عدد مستخدميها بعد عشرات الآلاف.
*ألو (Ello) انطلقت هذه الشبكة عام 2014، وكان ينظر إليها بوصفها البديل الأكثر صدقية عن «فايسبوك»، والمتميز عنها بغياب الاعلانات كليا عن صفحاتها وبتعهدها احترام الحياة الخاصة لمستخدميها والامتناع عن بيع معلوماتهم الشخصية، كما أنها تقدم كل الخدمات التي يوفرها «فايسبوك». وتشير تقارير إلى أن زخم هذه الشبكة الذي صاحب انطلاقها تراجع بسبب تشغيلها المعقد نسبياً، وغياب بعض الوظائف الموجودة في «فايسبوك». ولا يتجاوز عدد أعضائها 500 ألف مستخدم شهرياً، وبدأت تتجه تدريجياً نحو مجتمع من (المبتكرين) في عوالم الموضة والتصميم والصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.