منها العائد المادي والاعتداء على الأطقم الطبية.. وزير الصحة الأسبق يكشف أسباب هجرة الأطباء    رغم تعثر صفقة تبادل الأسرى، يديعوت أحرونوت: محادثات واشنطن مع ممثلي حماس مستمرة    فلسطين.. الاحتلال يقتحم عدة بلدات ويعتدي على شاب بالضرب المبرح في طولكرم    أول تعليق من حسام حسن بعد تتويج محمد صلاح ب الحذاء الذهبي    حُسمت.. الفرق الإيطالية المتأهلة إلى دوري أبطال أوروبا 2025-2026    حلمي طولان.. رشحت حسام البدري ومحمد عمر لمنتخب مصر الثاني ولم أحسم موقفي من ضم أي لاعب    موعد مباراة النصر ضد الفتح اليوم الإثنين في الدوري السعودي للمحترفين    ليفاندوفسكي حاول ولكن.. برشلونة يختتم الدوري الإسباني بثلاثية في بلباو    "ختام دوريات أوروبا".. نتائج مباريات يوم الأحد 25 مايو    محامي عصام صاصا المتهم بالتزوير يسلم نفسه للشرطة    قبل أن تُغلق أبواب الخصام.. جنازة حفيد نوال الدجوي تُشيّع اليوم عقب صلاة الظهر (موعد ومكان دفنه)    موجة شديد الحرارة و ذروتها اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس    بعد إنكاره للتهم المنسوبة إليه.. تأجيل محاكمة سفاح المعمورة    تنفيذًا لحكم قضائي.. المحامي المتهم بتزوير توكيل عصام صاصا يسلم نفسه لقسم شرطة الجيزة    البترول تكشف تفاصيل حادث تسرب غاز في محطة كارجاس رمسيس    بعد تعرضه للتنمر حمو بيكا يدافع عن حسن شاكوش.. ماذا قال؟    دار الإفتاء توضح حكم تحمل الزوج تكاليف حج زوجته    «تستحمى الصبح ولا بليل»؟ سبب علمي قوي يجنبك فعلها في هذا التوقيت    مجلس إدارة التعليم المدمج بالأقصر يناقش استعدادات امتحانات الترم الثاني خلال اجتماعه الدوري    اتهام مواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والألمانية بمحاولة شن هجوم على السفارة الأمريكية في تل أبيب    نجم الأهلي السابق: محمد صلاح ظُلِم في الكرة الذهبية.. وإبراهيم عادل يستحق الاحتراف    الخارجية الروسية: سنُقدم مذكرة احتجاج إلى السويد بعد هجوم على سفارتنا    منظمة دولية تطالب سويسرا بالتأكد من إجراءات مؤسسة "غزة الإنسانية"    زوجة واحدة وربع دستة عشيقات في حياة أقوى عازب في العالم.. حريم بوتين    "هآرتس": قدرة "حماس" لم تتراجع ولديهم 40 ألف مقاتل وآلاف الصواريخ والقذائف    "إعلان عسكري لافت".. جيش السيسى يكشف "مخططاً كبيراً".. فهل يمهد لحدث غير اعتيادي؟    تراجع سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الاثنين 26 مايو 2025    كلب شرس يطارد ابن زينة في الشيخ زايد    ممثلة شابة تتهم طليقها بمطاردتها أعلى المحور.. والشرطة تتدخل    عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 26 مايو في الصاغة (تفاصبل)    لا تتمسك بما لا يخدمك.. برج الجدي اليوم 26 مايو    عمرو أديب عن إرث نوال الدجوي: «قصر واحد على النيل يعيش العيلة في نعيم مدى الحياة»    ابنة وليد مصطفى خلال حفل «كأس إنرجي للدراما»:«سنكمل وصية والدي بكل إخلاص»    حدث بالفن | أزمة هيفاء وهبي والموسيقيين والعرض الخاص لفيلم "ريستارت"    داليا البحيري ترد على منتقدي عدم ارتدائها الحجاب: "بص في ورقتك ودع الخلق للخالق"    عايدة الأيوبي: لم أسعَ إلى الشهرة وهذا سبب اعتزالي    محمد صلاح: «مكة بتحب التمثيل.. ومش عاوزها تمثل عشان بنتي»    النائب أحمد السجيني: تحفظات كثيرة على مشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة    التعليم تحسم الجدل: مدراء "المبادرة الرئاسية" مستمرون في مناصبهم -(مستند)    معجزة طبية في الفيوم: استخراج فرع شجرة من جسد طفل دون إصابات خطيرة    فريق من الجامعة الأمريكية يبدأ تقييم نظم الرعاية الصحية في مصر    فى ختام التعاملات.. أسعار الذهب فى مصر اليوم    إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    عاجل- وزارة الكهرباء تُطمئن المواطنين: لا تخفيف للأحمال في صيف 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الإثنين 26 مايو 2025    صلاح: كنت سأنتقل إلى الدوري السعودي إذا لم أجدد عقدي مع ليفربول    كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟    تنفيذ أضخم مشروع جينوم بالشرق الأوسط وتسليم عينات جينوم الرياضيين    أحكام الحج (1).. علي جمعة يوضح ما هو الحج وحكمه وفضل أدائه    ما حكم سيلفي الكعبة المشرفة؟ عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى تجيب    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية تستعيد تراجيديات الماضي لتحكي الحاضر
نشر في صوت البلد يوم 20 - 05 - 2018

“بنيلوبي يا بينيلوبي !” تراجيديا رائعة أبدع سيمون أبكاريان في تأليفها وتمثيلها وإخراجها على خشبة مسرح “شايو” بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث نجح في جعل أسطورة معروفة، هي عودة أوليس إلى عقر داره في إيتاكا، قضية راهنة في عالم لا تنفك حروبه ولا ينقطع فيه بسببها غياب الرجال عن ديارهم.
نعرف جميعا أسطورة عودة أوليس إلى موطنه، وتنكره في هيئة متسوّل كي لا يتعرّف عليه أحد، حتى زوجته بينلوبي، رغم أنها أحسنت وفادته وزادت على ذلك أن طلبت من الحاضنة أوريكليا أن تغسل قدميه كناية على كرم الضيافة، وكيف أن الحاضنة، بعدما صارحته بأنه في سن سيدها أوليس، عرفته حين اكتشفت في رجله أثر جرح قديم، فأطلقت صيحة فرح، ولكن أوليس أوصاها بعدم الكشف عن حقيقته حتى يتدبّر أمره.
هذه الثيمة، ثيمة عودة المحارب إلى الوسط العائلي، حيث تنتظره منذ سنين طويلة زوجة وفية، شغلت سيمون أبكاريان، وهو ممثل ومخرج مسرحي فرنسي من أصول أرمينية، فهو لم ينس سنوات طفولته في لبنان حينما اندلعت الحرب ومزّقت انفجاراتها سماءه، وزعزعت أرضه، وأرغمت الرجال على هجر أسرهم، فكتب ومثل وأخرج مسرحية “بنيلوبي يا بينيلوبي!” التي تعرض حاليا على مسرح”شايو” الباريسي، وفي رأيه أن الحرب لا تكتفي بإبعاد رب البيت، بل تغيره وتحرّفه بشكل يجعله نكرة حتى لدى أهله، فكيف ستصبح الحياة اليومية مع رجل لم يعد هو هو؟
حصار طروادة
لقد شكّلت عودة أوليس بعد حصار مرير لطروادة وطول تطواف في مرافئ المتوسط لحظة فارقة بالنسبة إليه، فقد كان يخشى ألاّ تتعرّف عليه زوجته، وأخشى منه أن تتولى عنه لأن الأعوام غيرته، وتطلب منه أن يرحل من جديد.
لقد حاول أبكاريان أن يمزج الحكاية التي تخيّلها هوميروس، بما عاشه هو شخصيا، جاعلا من القضية المركزية عودة زوج من الحرب وانتظار زوجته تلك العودة سنين طويلة، وأضاف إليها ما كان يشغل الابن من عزم على الالتحاق بالجبهة هو أيضا لمحاربة العدو، وفي ذلك إشارة إلى الحروب التي لا تنتهي والتي ترغم الرجال على ترك ديارهم.
وتبدأ الحكاية في بلدة على ساحل البحر، أو ما أبقته الحرب منها، فقد خلفت الأنفة والضغينة ورغبة إعادة بناء حياة هادئة، ولكنها خلفت أيضا دينا (بينيلوبي) المرأة التي تنتظر زوجها إلياس (أوليس) الذي ذهب إلى المعركة منذ عشرين عاما، وصارت عرضة لضغوط أنتي (أنتينوس) أحد أثرياء الحرب الذي صار يخيّرها بين أن تقبل الزواج منه أو يقتل ابنها تيوس (تيليماك).
“بمرور الوقت أعادت الحرب إلى العالم أمواته وأحياءه”، كما تقول البطلة، ولكن إلياس لم يعد، رغم أن الحرب وضعت أوزارها منذ عشر سنين، وتركت زوجته دينا في حيرة، زوجة تجلس إلى ماكنة الخياطة كل يوم كي تعيل نفسها وولدها الذي لم يحظ برعاية أبيه، وتظل تحيك ثيابا لا تلبسها، وهي تتجمّل بالصبر وتنتظر الرجل الوحيد الذي أحبته في حياتها، تقاوم العالم وتهرب منه، ولكنه يلاحقها في هيئة ثري جديد هو مالك البيت وكان يريد محو جريمة قديمة.
وفي يوم من الأيام تلقي الأمواج بإلياس على ساحل تلك البلدة، فيستقبله طيف أمه نوريتسا التي تجلت له لتعلمه بأن زوجته لا تزال وفية له، محافظة على عفتها، ولكنها في خطر، ولما عاد إلى عالم الأحياء اكتشف ابنه تيوس، وهو فتى مندفع وعازم على الانتقام من أنتي ووضع حدّ لمضايقته أمه، فألهب ظهور والده رغبته في الانتقام.
ويتبدى أبكاريان كمن يسبح في بحر من الاستعارات، وكأنه ينظر نظرة تأمل إلى عالم يلتقي فيه العصر القديم بالشرق ماضيا وحاضرا، ويعالج فظائع الحرب باستحضار الرموز الميثولوجية واتخاذها حليفة في حكاية كونية، فوقْعُ أقدام الجنود يتردّد صداه على مدار المسرحية ليحمل في طياته عذاب أب لم يعد من أفق مجلّل بألسنة اللهب.
ويستقي المؤلف مادته من الأوديسة لا محالة، ولكنه يقرنها بسيرته الخاصة، فأبوه أيضا لم يعد من جراء الحرب، فبقيت أمه وحيدة تترقّب عودة زوجها في أمل يكتنفه يأس، كما أنه يبتعد عن النص الهوميري في تصوير ما تلقاه بينيلوبي، فأنتينوس أرفع همة من أنتي الذي لم يكن يبحث من وراء طلب الزواج غير اللذة، والانتقام من أوليس.
وأخيرا فهو يرفض أن تصفى المسألة بواسطة السلاح كما في الأدويسة، وبذلك يكون قد قدّم عملا يستمد هويته من التراجيديات الكبرى، وهذا ليس غريبا على من اعتاد التعامل مع الأعلام من إيخيليوس إلى شكسبير، وإتباع أسلوب يمزج الشعر الملحمي بالخطاب اليومي، جاعلا الحرب وفظائعها من أوكد اهتماماته.
يقول سيمون أبكاريان “أردت أن أكتب مسرحية عن أمي، أن أروي قصة امرأة تنتظر زوجها، أن أبحث عمّا فيها من بينيلوبي، لأن هذه الشخصية وكذلك شخصية أوليس، هما العمودان السماويان اللذان يسندان سرادق خيالي، أردت أن أصنع للوجود ملكةَ مسرح، ملكةً عادية، ملكةَ عصرنا هذا، فكانت دينا التي انبثق منها الآخرون.. طوال الوقت الذي استغرقه التأليف، كان تاريخي الخاص يمتزج بأولئك الأبطال في بحر الأسطورة الكبرى”.
......
كاتب تونسي
“بنيلوبي يا بينيلوبي !” تراجيديا رائعة أبدع سيمون أبكاريان في تأليفها وتمثيلها وإخراجها على خشبة مسرح “شايو” بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث نجح في جعل أسطورة معروفة، هي عودة أوليس إلى عقر داره في إيتاكا، قضية راهنة في عالم لا تنفك حروبه ولا ينقطع فيه بسببها غياب الرجال عن ديارهم.
نعرف جميعا أسطورة عودة أوليس إلى موطنه، وتنكره في هيئة متسوّل كي لا يتعرّف عليه أحد، حتى زوجته بينلوبي، رغم أنها أحسنت وفادته وزادت على ذلك أن طلبت من الحاضنة أوريكليا أن تغسل قدميه كناية على كرم الضيافة، وكيف أن الحاضنة، بعدما صارحته بأنه في سن سيدها أوليس، عرفته حين اكتشفت في رجله أثر جرح قديم، فأطلقت صيحة فرح، ولكن أوليس أوصاها بعدم الكشف عن حقيقته حتى يتدبّر أمره.
هذه الثيمة، ثيمة عودة المحارب إلى الوسط العائلي، حيث تنتظره منذ سنين طويلة زوجة وفية، شغلت سيمون أبكاريان، وهو ممثل ومخرج مسرحي فرنسي من أصول أرمينية، فهو لم ينس سنوات طفولته في لبنان حينما اندلعت الحرب ومزّقت انفجاراتها سماءه، وزعزعت أرضه، وأرغمت الرجال على هجر أسرهم، فكتب ومثل وأخرج مسرحية “بنيلوبي يا بينيلوبي!” التي تعرض حاليا على مسرح”شايو” الباريسي، وفي رأيه أن الحرب لا تكتفي بإبعاد رب البيت، بل تغيره وتحرّفه بشكل يجعله نكرة حتى لدى أهله، فكيف ستصبح الحياة اليومية مع رجل لم يعد هو هو؟
حصار طروادة
لقد شكّلت عودة أوليس بعد حصار مرير لطروادة وطول تطواف في مرافئ المتوسط لحظة فارقة بالنسبة إليه، فقد كان يخشى ألاّ تتعرّف عليه زوجته، وأخشى منه أن تتولى عنه لأن الأعوام غيرته، وتطلب منه أن يرحل من جديد.
لقد حاول أبكاريان أن يمزج الحكاية التي تخيّلها هوميروس، بما عاشه هو شخصيا، جاعلا من القضية المركزية عودة زوج من الحرب وانتظار زوجته تلك العودة سنين طويلة، وأضاف إليها ما كان يشغل الابن من عزم على الالتحاق بالجبهة هو أيضا لمحاربة العدو، وفي ذلك إشارة إلى الحروب التي لا تنتهي والتي ترغم الرجال على ترك ديارهم.
وتبدأ الحكاية في بلدة على ساحل البحر، أو ما أبقته الحرب منها، فقد خلفت الأنفة والضغينة ورغبة إعادة بناء حياة هادئة، ولكنها خلفت أيضا دينا (بينيلوبي) المرأة التي تنتظر زوجها إلياس (أوليس) الذي ذهب إلى المعركة منذ عشرين عاما، وصارت عرضة لضغوط أنتي (أنتينوس) أحد أثرياء الحرب الذي صار يخيّرها بين أن تقبل الزواج منه أو يقتل ابنها تيوس (تيليماك).
“بمرور الوقت أعادت الحرب إلى العالم أمواته وأحياءه”، كما تقول البطلة، ولكن إلياس لم يعد، رغم أن الحرب وضعت أوزارها منذ عشر سنين، وتركت زوجته دينا في حيرة، زوجة تجلس إلى ماكنة الخياطة كل يوم كي تعيل نفسها وولدها الذي لم يحظ برعاية أبيه، وتظل تحيك ثيابا لا تلبسها، وهي تتجمّل بالصبر وتنتظر الرجل الوحيد الذي أحبته في حياتها، تقاوم العالم وتهرب منه، ولكنه يلاحقها في هيئة ثري جديد هو مالك البيت وكان يريد محو جريمة قديمة.
وفي يوم من الأيام تلقي الأمواج بإلياس على ساحل تلك البلدة، فيستقبله طيف أمه نوريتسا التي تجلت له لتعلمه بأن زوجته لا تزال وفية له، محافظة على عفتها، ولكنها في خطر، ولما عاد إلى عالم الأحياء اكتشف ابنه تيوس، وهو فتى مندفع وعازم على الانتقام من أنتي ووضع حدّ لمضايقته أمه، فألهب ظهور والده رغبته في الانتقام.
ويتبدى أبكاريان كمن يسبح في بحر من الاستعارات، وكأنه ينظر نظرة تأمل إلى عالم يلتقي فيه العصر القديم بالشرق ماضيا وحاضرا، ويعالج فظائع الحرب باستحضار الرموز الميثولوجية واتخاذها حليفة في حكاية كونية، فوقْعُ أقدام الجنود يتردّد صداه على مدار المسرحية ليحمل في طياته عذاب أب لم يعد من أفق مجلّل بألسنة اللهب.
ويستقي المؤلف مادته من الأوديسة لا محالة، ولكنه يقرنها بسيرته الخاصة، فأبوه أيضا لم يعد من جراء الحرب، فبقيت أمه وحيدة تترقّب عودة زوجها في أمل يكتنفه يأس، كما أنه يبتعد عن النص الهوميري في تصوير ما تلقاه بينيلوبي، فأنتينوس أرفع همة من أنتي الذي لم يكن يبحث من وراء طلب الزواج غير اللذة، والانتقام من أوليس.
وأخيرا فهو يرفض أن تصفى المسألة بواسطة السلاح كما في الأدويسة، وبذلك يكون قد قدّم عملا يستمد هويته من التراجيديات الكبرى، وهذا ليس غريبا على من اعتاد التعامل مع الأعلام من إيخيليوس إلى شكسبير، وإتباع أسلوب يمزج الشعر الملحمي بالخطاب اليومي، جاعلا الحرب وفظائعها من أوكد اهتماماته.
يقول سيمون أبكاريان “أردت أن أكتب مسرحية عن أمي، أن أروي قصة امرأة تنتظر زوجها، أن أبحث عمّا فيها من بينيلوبي، لأن هذه الشخصية وكذلك شخصية أوليس، هما العمودان السماويان اللذان يسندان سرادق خيالي، أردت أن أصنع للوجود ملكةَ مسرح، ملكةً عادية، ملكةَ عصرنا هذا، فكانت دينا التي انبثق منها الآخرون.. طوال الوقت الذي استغرقه التأليف، كان تاريخي الخاص يمتزج بأولئك الأبطال في بحر الأسطورة الكبرى”.
......
كاتب تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.