أصبح ميدان التحرير من أشهر الميادين المصرية بعد أن قام شباب مصر بالاعتصام به من يوم 25 يناير الماضي.. لا ورق ولا دور للنشر ولا جرائد تستعد للطباعة، هناك البث حي والنشر على مسمع الذين انضموا للاعتصام، وإبداع الثوار وليد هذه اللحظة من تاريخ الوطن، وابداع ميدان التحرير متنوع فهناك قصيدة العامية وقصيدة الفصحي والقصة القصيرة، وهناك ايضا الفن الشعبي لرقصات المعتصمين وزئيرهم الذي يعلو الميدان ليؤكدوا لانفسهم انهم احرار جاءوا لتخليص الوطن. مجموعة من الثوار تستقبل الاحرار في صفين متوازيين بأغنية فلكلورية ألفها أحدهم وظلوا يرددونها: "اهلا اهلا بالأحرار.. اللى انضموا للثوار".. وواحد من الجمهور يعلق لافتة: "نورتنا.. محتاجينك معانا".. وشباب آخر يحملون لافتات: "حرام عليك، ارحل انا متجوز من عشرين يوم ومراتي وحشتني"، "إنت ما بتفهمش عربي.. بنقولك ارحل"، "امش بقى عايز استحمي". ويتناوبون اللعب كأنه ميدان للحرية. تقول طفلة في يمين المشهد: "تحيا مصر"، فترد معها امها وابوها: "تحيا مصر"، ويوجد شاب يحمل لافتة تجمع بين المر والبهجة بلغة الافيه المسرحي مثل: "عايز اتجوز حرام عليك عندي 30 سنة".. وأخرى تقول: "حرام عليك امشي بقي ايدي وجعتني".. جميعها كتابات ساخرة تعبر عن حال الثوار هنا وتؤكد مطلبهم برحيل مبارك. وتأتي الرقصة الشعبية لها دور مهم في ميدان التحرير، وهنا ليست رقصة تنتمي الى الفلكلور الصعيدي او البحري او السويسي او السكندري.. فالرقصة الشعبية هنا مزيج من رقصات الوطن بمختلف اطيافها هي رقصة المعتصمين الذين يجمعهم الم وهم وقضية واحدة. يدخل صعيدي بالعصا على اصوات شاب يغني للفنان النوبي محمد منير ثم يلف مجموعة من الشباب على هيئة دائرة مثلما يفعل ابناء الدلتا ويبزغ في المشهد فنان سويسي يغني "مصر يا بهية يلا شدي حيلك.. اللهم اعينك.. مصر يا محروسة هاتي الف بوسة.. انا مش جبان انا مش جبان.. انا واقف احرص الميدان.. الليلة عيد الليلة عيد.. مصر بتبدأ من جديد.. حيوا اللى حما الميدان.. من العميل الجبان.. انا مش جبان مش جبان.. انا واقف احرص الميدان.. ثورة ثورة ثورة.. يلا يا حسني بره". وعلي جانب آخر يأتي الكاريكاتير له دور مهم في قلب الميدان، وتبدو مفرغة وخيوطها متعرجة احيانا ومدببة احيانا.. اشهر اللوحات لام تحتضن شهيدها وتبكي.. هنا ايضا يستحضر الثوار لوحات مطبوعة للفان عمرو عكاشة وصورة كبيرة لحنظلة وهو يقذف بالحجر للفنان الفلسطيني ناجي العلي. كما يبرز الخط العربي تعبيرا عن حالة الكفاح الثورى داخل ميدان الشهداء؛ حيث يتزاحم الثوار على رجل في العقد الرابع من عمره ويرتدي نظارة طبية يخط لهم اللوحات التي تعبر عن الغضب المصري.