وزير التعليم العالي: مسار الجامعات الأهلية حظي بدعم كبير من القيادة السياسية    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    الإحصاء: مصر تسجل نصف مليون نسمة زيادة في عدد السكان خلال 126 يومًا    الرئيس السيسي: مصر حرصت عبر عقود على تحقيق الاستفادة العادلة من الموارد المائية    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    تشكيل تشيلسي أمام نيوكاسل يونايتد في البريميرليج    4000 فرصة عمل.. وزير الرياضة يفتتح ملتقى التوظيف الخامس بنادي الواي بأبوقرقاص    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2006.. انطلاق العصر الذهبي للفراعنة    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الركراكي: حكيمي ضحى بنفسه من أجل المغرب    السيسي يستقبل المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – أفريقيا"    خلص على أولاده ال4.. تأييد حكم الإعدام على «سفاح قليوب»    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    رسالة مؤثرة من شريهان بعد وفاة الفنانة سمية الألفي    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    يبدأ التسجيل إلكترونيا اليوم.. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    أستاذ علوم سياسية: تحركات مصرية مكثفة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    إيهاب عبد العال: طفرة سياحية مقبلة تتطلب تيسيرات في النقل والضرائب    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روبيو: تنفيذ اتفاق غزة سيستغرق "مدة طويلة"… وانتقادات حادة لحماس والأونروا    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب أشبه بتسلق جبل إيفرست    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحيون: آن الآوان لتطوير الجوائز المسرحية العربية
نشر في صوت البلد يوم 17 - 03 - 2018

تساؤلات وهموم عديدة طرحها نقاد ومشتغلون بالعمل المسرحي إخراجا وتمثيلا وكتابا في ندوة "الجوائز المسرحية العربية بين النمطية والتحديث" التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة ال 28 لأيام الشارقة المسرحية، تطرقت إلى تأثير ودور هذه الجوائز في تشجيع ودعم المسرحيين العرب وتطوير وتجديد أفكار ورؤى وآليات المسرح العربي، لتتعرض إلى انتقادات ومطالبات بتحديثها ووضع معايير جديدة لاختيارات لجان تحكيمها، واستحداث أخرى تتوجه إلى الفرق والمؤسسات والمبادرات الداعمة والناشرة والمروجة للمسرح.
بداية تساءل المخرج المسرحي المغربي أمين ناسور: هل الجوائز التي تمنح في مهرجاناتنا لها قيمة اعتبارية ومادية حقيقية تنعكس إيجابا على العروض المتوجة؟ وقال إن أثر التتويج بالنسبة للعروض على المسرح والمسرحيين زائل مثل أثر العروض في عالمنا العربي الذي لا يتعدى أياما وفي أحسن الأحوال شهور قليلة. مثلا جائزة الشيخ د. سلطان القاسمي التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح كونها أكبر جائزة عربية من حيث قيمتها الاعتبارية والمادية، من منا لا يزال يتذكر العروض المتوجة في الدورات الأولى للجائزة من مصر وتونس؟! وكم من الكتابات النقدية التي تناولت هاته العروض نشرت؟ كم من الجولات المسرحية التي قامت بها العروض في أوطانها أو خارج أوطانها؟!
إنها شرفت بلادها بهذا التتويج لكن للأسف الشديد لم تجد النزر القليل من هذا الأمر أو ذاك. وهذا الغياب وراءه عدم اهتمام حقيقي من طرف حكومات بعض بلداننا العربية وعدم إيمانها بأن الابداع والمبدعين رافعة أساسية للتنمية ونشر الوعي في مجتمعاتنا، وبمقارنة بسيطة بين التتويج المسرحي والتتويج الكروي في بلادنا سنكتشف البون الشاسع بين الاهتمام المادي والاعتباري بين المجالين.
ورأى ناسور أن لجان التحكيم قضية تستحق المناقشة والجرأة في الطرح، إذ لا يمكن لمسرحي لا يزال يشتغل في المجال وهو مجال التنافسية مع تجارب أخرى وله اختياراته الفنية والجمالية وأختاره عضوا، مع غياب لفئة النقاد الممارسين. إن نقدنا المسرحي لا يشكل سلطة حقيقية في رفع قيمة تجارب وعروض أو تقزيمها دون معايير حقيقية.
وتساءل هل مازلنا بحاجة ملحة لتجديد وتطوير أساليب التتويج في مهرجاناتنا العربية منها والمحلية حتى لا تكون نسخا متشابهة شكلا ومضمونا؟ وقال "على المستوى العربي يجب خلق إطار لتشبيك وجمع آلياتها وخلق تنظيم دقيق وواضح يكون في مقدمته وجود آلية للترويج للعروض المتوجة والانعقاد على صيغ جديدة لكل مهرجان على حدة وأن تعي أن الجوائز تتويج لمسارات عروض ومبدعين طيلة موسم مسرحي وما حققه من نجاح.
الكلمة هي الركيزة الأساسية
ورأت الكاتبة المسرحية الكويتية تغريد الداوود أن قيمة الجائزة المادية والمعنوية بالنسبة للفنان قيمة كبيرة جدا، وبالأخص الفنان المسرحي، لأن معظم من يعمل في المسرح، ومن أجل المسرح لا يمكنه الاعتماد بشكل كلي على ما يناله من أجر جراء عمله في المسرح كمصدر ثابت للرزق، ربما لأن النظرة السائدة في مجتمعاتنا عن الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص لا تزال تصنفه في قائمة الكماليات، نشاط يتم ممارسته أو متابعته في أوقات الفراغ، في حين تؤمن الدول المتقدمة فكريا وحضاريا بالفن كأحد أهم الوسائل لفهم الحياة وأحد أجمل الوسائل للتعبير عن الرأي وأحد أرقى الوسائل للخلاف الفكري. لذلك كان الاهتمام بإقامة المسابقات ورصد جوائز قيمة للمسرحيين كي لا يتسرب إبداعهم لمجالات أخرى قد تستهلك كل ما لديهم من قدرات وطاقات إبداعية في مكانها غير المناسب.
وأوضحت أنه في المسرح الكلمة هي الركيزة الأساسية، هي المكملة للفعل والمحرض له وليست الساردة له أو الواصفة له. ومع محاولة أنصار دور المؤلف لصالح عنصر الإخراج بسبب ابتعاد بعض المخرجين عن النصوص المكتوبة واللجوء لإعدادهم الخاص، أو بسبب التركيز على الشكل في الفضاء المسرحي، الأمر الذي تطورت به عناصر السينوغرافيا من خلال تطور التقنيات التكنولوجية الحديثة ومدى توظيفها في العرض المسرحي، أو بسبب التركيز على لغة الجسد والتعبير الحركي الذي جاء في كثير من العروض المسرحية مع الأسف على حساب الكلمة والمضمون.
ومن هنا جاءت أهمية وجود جوائز للتأليف المسرحي تعيد إحياء الكلمة وتنهض بالنص المسرحي من حيث اللغة والبناء الدرامي بغية الوصول إلى صيغة معاصرة تثري العرض المسرحي وترتقي بمضمونه دون أن تثقل عليه.
وأشار المخرج والكاتب المسرحي الأردني خليل نصيرات إلى أنه على الرغم من الصدى الإعلامي والثقافي للجوائز المسرحية التي تحقق لحائزيها شهرة ودعما ماديا ومعنويا، وتفتح لهم كل أبواب الحضور والانتشار وتخدم أيضا الجمهور بتبيهه لأعمال مميزة، إلا أنها أحيانا تضع الأعمال المقبلة للفائز داخل وصفات الجوائز وتصبح بمعنى آخر نوعا من التسليع أو الانتاج لحساب الجائزة فقط كمضمون وتقنية على حساب الإبداع.
وأكد نصيرات أن الجوائز عملية استهلاكية بالأساس والامتحان يأتي لاحقا ما بعد الجائزة كيف تصمد النجومية وكيف تتطور وكيف تروج للتميز والاستثناء؟
وقال "الجائزة بما تملكه من دوافع التشجيع والتحفيز تسهم في توفير بيئة ملائمة للإبداع الفني بغض النظر عن الكلام الكثير عن معيارية التحكيم ولهاث المبدعين وراء الجوائز. أنا أرى أنها حدث يدفع المبدعين إلى التفكير بأدواتهم ومحاولة تطويرها لإضافة رصيد من الحضور والتميز، فبمجرد المحاولة للارتقاء فيما بعد يحسب للجائزة مهما كانت النتيجة.
وما بعد الجائزة في تقييمي لا يجب أن يظل حدثا احتفائيا وإخباريا، وهذا ما نراه غالبا حيث يبقى فوز مسرحية ما مثلا خبرا ثقافيا ليس بعده شيء، فلا يساهم أو يكلف الإعلام الفني نفسه بتوسيع الاهتمام بالعمل أو المبدع الفائز، ويظل الاحتفاء مجرد متابعات صحفية بمواضعات الإعلام اليومي أو الأسبوعي لا يفتح نقاشات أو نقدا حقيقا حول الأعمال المقدرة كما يحدث في الغرب مثلا.
التأصيل النظري
وأكد المسرحي التونسي يوسف البحري أن الجوائز المسرحية في حد ذاتها ليست تحديثية وليست نمطية، وقال "نحن من يجعلها كذلك بخطط التنفيذ وبتنفيذ تلك الخطط. هذا موضوع تعيشه الأوساط ذات الصلة بالمسرح العربي. لكن طرحه في التأصيل النظري يكاد ينعدم ما عدا مجرد سعادة بنتائج المسابقات أو مجرد احتجاج عرضي عليها. تخلو الجامعات من الاهتمام بهذا الموضوع وكذا الأمر في الكتب والمقالات ما عدا استطرادات سريعة.
وأوضح أن هناك صنفين أساسيين من الجوائز المسرحية، جوائز ذات صلة بالمسرحيات أو بإسهام فردي فيها فنيا أو تقنيا، وجوائز ذات صلة بمسيرة فنان برمتها. وطابع المنافسة أقوى وأوضح في الصنف الأول. ويوجد صنف ثالث قريب من جوائز المسيرة المسرحية هو التكريم وبعد جائزة لكن تعطيها جهات التنظيم وليس لجان التحكيم. والنمطية أخطر بكثير من حجب المصداقية عن الجوائز لأنها تتصل بالآثار العميقة التي تتركها في الواقع المسرحي من إعلاء لشأن التقليد والخمول الابداعي وكسر شوكة الابتكار والخلق الفني.
ورأى البحري أن الجوائز المسرحية العربية تشمل المسرحيات وصناعها، وآن الأوان للانتقال إلى جيل جديد من الجوائز تشمل البرامج والخطط والاستراتيجيات والسياسات والمؤسسات والشخصيات الاعتبارية. أي "الحاضنة" التي تنشأ الأعمال المسرحية من إرادتها. آن الآوان للانتقال من جوائز المنتوج والمخرجات إلى جوائز القيمة المسرحية، مع بقاء الصنفين معا. جوائز تعطى لقيم منها قيمة نشر المسرح في المجتمع وفئاته وفي المؤسسات مثل المدرسة والجامعة وسواها، وفي الأقاليم مثل المدن والقرى والصحارى وسواها. وقيمة تثبيث المسرح بعد نشره، وقيمة ضمان المسرح للأجيال القادمة، وقيمة إسهام المسرح في مجالات الحياة باعتباره بمثابة ضمير الإنسانية وقيمة تطوير منتجات المسرح، مثل إنشاء مهرجانات ومناسبات تنتمي إلى الجيل الجديد من الاحتفالات والتظاهرات وسواها.
آن الآوان لتظهر جوائز تليق بالمسرح من حيث جهود صانعي الأطر وليس فقط صانعي العروض. إن المسرح أكبر بكثير من المسرحية بل المسرح أوسع بكثير من المسرح ولا يمكن الاستسلام للرؤية المهنية الضيقة للفنون المسرحية.
ونبه إلى أن المسرح جزء من الحياة وصورة الحياة وامتداد الحياة وبديل الحياه وفاعل في الحياة، يلعب صانعو الأطر الدور التحديثي الأخطر لأنهم يوسعون من دائرة ممارسي المسرح، ضمن نشر القيم المدنية وتربية ملكة التذوق المسرحي. صانعو الأطر أفقهم أوسع من الاقتصار على مجتمع المسرحيين ويحمون المسرح من أن يكون معزولا عن مجموعة قد تنعزل بدورها عن المجتمع. إنها جوائز تصلح شخصيا إلى أنها تنقلنا من تثبيت النخبوية في المسرح إلى تثمين جهود نشره وتوسعة أدواره وتجديد آفاقه.
يذكر أن الندوة أدارها المخرج والكاتب المسرحي العماني عماد الشنفري، الحاصل على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والأداب ووسام الاستحقاق من السلطان قابوس، والذي كشف عن جوانب مهمة في تجربته المسرحية والدور الذي لعبته أعماله في تناول قضايا محورية في الهم العربي الع
تساؤلات وهموم عديدة طرحها نقاد ومشتغلون بالعمل المسرحي إخراجا وتمثيلا وكتابا في ندوة "الجوائز المسرحية العربية بين النمطية والتحديث" التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة ال 28 لأيام الشارقة المسرحية، تطرقت إلى تأثير ودور هذه الجوائز في تشجيع ودعم المسرحيين العرب وتطوير وتجديد أفكار ورؤى وآليات المسرح العربي، لتتعرض إلى انتقادات ومطالبات بتحديثها ووضع معايير جديدة لاختيارات لجان تحكيمها، واستحداث أخرى تتوجه إلى الفرق والمؤسسات والمبادرات الداعمة والناشرة والمروجة للمسرح.
بداية تساءل المخرج المسرحي المغربي أمين ناسور: هل الجوائز التي تمنح في مهرجاناتنا لها قيمة اعتبارية ومادية حقيقية تنعكس إيجابا على العروض المتوجة؟ وقال إن أثر التتويج بالنسبة للعروض على المسرح والمسرحيين زائل مثل أثر العروض في عالمنا العربي الذي لا يتعدى أياما وفي أحسن الأحوال شهور قليلة. مثلا جائزة الشيخ د. سلطان القاسمي التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح كونها أكبر جائزة عربية من حيث قيمتها الاعتبارية والمادية، من منا لا يزال يتذكر العروض المتوجة في الدورات الأولى للجائزة من مصر وتونس؟! وكم من الكتابات النقدية التي تناولت هاته العروض نشرت؟ كم من الجولات المسرحية التي قامت بها العروض في أوطانها أو خارج أوطانها؟!
إنها شرفت بلادها بهذا التتويج لكن للأسف الشديد لم تجد النزر القليل من هذا الأمر أو ذاك. وهذا الغياب وراءه عدم اهتمام حقيقي من طرف حكومات بعض بلداننا العربية وعدم إيمانها بأن الابداع والمبدعين رافعة أساسية للتنمية ونشر الوعي في مجتمعاتنا، وبمقارنة بسيطة بين التتويج المسرحي والتتويج الكروي في بلادنا سنكتشف البون الشاسع بين الاهتمام المادي والاعتباري بين المجالين.
ورأى ناسور أن لجان التحكيم قضية تستحق المناقشة والجرأة في الطرح، إذ لا يمكن لمسرحي لا يزال يشتغل في المجال وهو مجال التنافسية مع تجارب أخرى وله اختياراته الفنية والجمالية وأختاره عضوا، مع غياب لفئة النقاد الممارسين. إن نقدنا المسرحي لا يشكل سلطة حقيقية في رفع قيمة تجارب وعروض أو تقزيمها دون معايير حقيقية.
وتساءل هل مازلنا بحاجة ملحة لتجديد وتطوير أساليب التتويج في مهرجاناتنا العربية منها والمحلية حتى لا تكون نسخا متشابهة شكلا ومضمونا؟ وقال "على المستوى العربي يجب خلق إطار لتشبيك وجمع آلياتها وخلق تنظيم دقيق وواضح يكون في مقدمته وجود آلية للترويج للعروض المتوجة والانعقاد على صيغ جديدة لكل مهرجان على حدة وأن تعي أن الجوائز تتويج لمسارات عروض ومبدعين طيلة موسم مسرحي وما حققه من نجاح.
الكلمة هي الركيزة الأساسية
ورأت الكاتبة المسرحية الكويتية تغريد الداوود أن قيمة الجائزة المادية والمعنوية بالنسبة للفنان قيمة كبيرة جدا، وبالأخص الفنان المسرحي، لأن معظم من يعمل في المسرح، ومن أجل المسرح لا يمكنه الاعتماد بشكل كلي على ما يناله من أجر جراء عمله في المسرح كمصدر ثابت للرزق، ربما لأن النظرة السائدة في مجتمعاتنا عن الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص لا تزال تصنفه في قائمة الكماليات، نشاط يتم ممارسته أو متابعته في أوقات الفراغ، في حين تؤمن الدول المتقدمة فكريا وحضاريا بالفن كأحد أهم الوسائل لفهم الحياة وأحد أجمل الوسائل للتعبير عن الرأي وأحد أرقى الوسائل للخلاف الفكري. لذلك كان الاهتمام بإقامة المسابقات ورصد جوائز قيمة للمسرحيين كي لا يتسرب إبداعهم لمجالات أخرى قد تستهلك كل ما لديهم من قدرات وطاقات إبداعية في مكانها غير المناسب.
وأوضحت أنه في المسرح الكلمة هي الركيزة الأساسية، هي المكملة للفعل والمحرض له وليست الساردة له أو الواصفة له. ومع محاولة أنصار دور المؤلف لصالح عنصر الإخراج بسبب ابتعاد بعض المخرجين عن النصوص المكتوبة واللجوء لإعدادهم الخاص، أو بسبب التركيز على الشكل في الفضاء المسرحي، الأمر الذي تطورت به عناصر السينوغرافيا من خلال تطور التقنيات التكنولوجية الحديثة ومدى توظيفها في العرض المسرحي، أو بسبب التركيز على لغة الجسد والتعبير الحركي الذي جاء في كثير من العروض المسرحية مع الأسف على حساب الكلمة والمضمون.
ومن هنا جاءت أهمية وجود جوائز للتأليف المسرحي تعيد إحياء الكلمة وتنهض بالنص المسرحي من حيث اللغة والبناء الدرامي بغية الوصول إلى صيغة معاصرة تثري العرض المسرحي وترتقي بمضمونه دون أن تثقل عليه.
وأشار المخرج والكاتب المسرحي الأردني خليل نصيرات إلى أنه على الرغم من الصدى الإعلامي والثقافي للجوائز المسرحية التي تحقق لحائزيها شهرة ودعما ماديا ومعنويا، وتفتح لهم كل أبواب الحضور والانتشار وتخدم أيضا الجمهور بتبيهه لأعمال مميزة، إلا أنها أحيانا تضع الأعمال المقبلة للفائز داخل وصفات الجوائز وتصبح بمعنى آخر نوعا من التسليع أو الانتاج لحساب الجائزة فقط كمضمون وتقنية على حساب الإبداع.
وأكد نصيرات أن الجوائز عملية استهلاكية بالأساس والامتحان يأتي لاحقا ما بعد الجائزة كيف تصمد النجومية وكيف تتطور وكيف تروج للتميز والاستثناء؟
وقال "الجائزة بما تملكه من دوافع التشجيع والتحفيز تسهم في توفير بيئة ملائمة للإبداع الفني بغض النظر عن الكلام الكثير عن معيارية التحكيم ولهاث المبدعين وراء الجوائز. أنا أرى أنها حدث يدفع المبدعين إلى التفكير بأدواتهم ومحاولة تطويرها لإضافة رصيد من الحضور والتميز، فبمجرد المحاولة للارتقاء فيما بعد يحسب للجائزة مهما كانت النتيجة.
وما بعد الجائزة في تقييمي لا يجب أن يظل حدثا احتفائيا وإخباريا، وهذا ما نراه غالبا حيث يبقى فوز مسرحية ما مثلا خبرا ثقافيا ليس بعده شيء، فلا يساهم أو يكلف الإعلام الفني نفسه بتوسيع الاهتمام بالعمل أو المبدع الفائز، ويظل الاحتفاء مجرد متابعات صحفية بمواضعات الإعلام اليومي أو الأسبوعي لا يفتح نقاشات أو نقدا حقيقا حول الأعمال المقدرة كما يحدث في الغرب مثلا.
التأصيل النظري
وأكد المسرحي التونسي يوسف البحري أن الجوائز المسرحية في حد ذاتها ليست تحديثية وليست نمطية، وقال "نحن من يجعلها كذلك بخطط التنفيذ وبتنفيذ تلك الخطط. هذا موضوع تعيشه الأوساط ذات الصلة بالمسرح العربي. لكن طرحه في التأصيل النظري يكاد ينعدم ما عدا مجرد سعادة بنتائج المسابقات أو مجرد احتجاج عرضي عليها. تخلو الجامعات من الاهتمام بهذا الموضوع وكذا الأمر في الكتب والمقالات ما عدا استطرادات سريعة.
وأوضح أن هناك صنفين أساسيين من الجوائز المسرحية، جوائز ذات صلة بالمسرحيات أو بإسهام فردي فيها فنيا أو تقنيا، وجوائز ذات صلة بمسيرة فنان برمتها. وطابع المنافسة أقوى وأوضح في الصنف الأول. ويوجد صنف ثالث قريب من جوائز المسيرة المسرحية هو التكريم وبعد جائزة لكن تعطيها جهات التنظيم وليس لجان التحكيم. والنمطية أخطر بكثير من حجب المصداقية عن الجوائز لأنها تتصل بالآثار العميقة التي تتركها في الواقع المسرحي من إعلاء لشأن التقليد والخمول الابداعي وكسر شوكة الابتكار والخلق الفني.
ورأى البحري أن الجوائز المسرحية العربية تشمل المسرحيات وصناعها، وآن الأوان للانتقال إلى جيل جديد من الجوائز تشمل البرامج والخطط والاستراتيجيات والسياسات والمؤسسات والشخصيات الاعتبارية. أي "الحاضنة" التي تنشأ الأعمال المسرحية من إرادتها. آن الآوان للانتقال من جوائز المنتوج والمخرجات إلى جوائز القيمة المسرحية، مع بقاء الصنفين معا. جوائز تعطى لقيم منها قيمة نشر المسرح في المجتمع وفئاته وفي المؤسسات مثل المدرسة والجامعة وسواها، وفي الأقاليم مثل المدن والقرى والصحارى وسواها. وقيمة تثبيث المسرح بعد نشره، وقيمة ضمان المسرح للأجيال القادمة، وقيمة إسهام المسرح في مجالات الحياة باعتباره بمثابة ضمير الإنسانية وقيمة تطوير منتجات المسرح، مثل إنشاء مهرجانات ومناسبات تنتمي إلى الجيل الجديد من الاحتفالات والتظاهرات وسواها.
آن الآوان لتظهر جوائز تليق بالمسرح من حيث جهود صانعي الأطر وليس فقط صانعي العروض. إن المسرح أكبر بكثير من المسرحية بل المسرح أوسع بكثير من المسرح ولا يمكن الاستسلام للرؤية المهنية الضيقة للفنون المسرحية.
ونبه إلى أن المسرح جزء من الحياة وصورة الحياة وامتداد الحياة وبديل الحياه وفاعل في الحياة، يلعب صانعو الأطر الدور التحديثي الأخطر لأنهم يوسعون من دائرة ممارسي المسرح، ضمن نشر القيم المدنية وتربية ملكة التذوق المسرحي. صانعو الأطر أفقهم أوسع من الاقتصار على مجتمع المسرحيين ويحمون المسرح من أن يكون معزولا عن مجموعة قد تنعزل بدورها عن المجتمع. إنها جوائز تصلح شخصيا إلى أنها تنقلنا من تثبيت النخبوية في المسرح إلى تثمين جهود نشره وتوسعة أدواره وتجديد آفاقه.
يذكر أن الندوة أدارها المخرج والكاتب المسرحي العماني عماد الشنفري، الحاصل على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والأداب ووسام الاستحقاق من السلطان قابوس، والذي كشف عن جوانب مهمة في تجربته المسرحية والدور الذي لعبته أعماله في تناول قضايا محورية في الهم العربي الع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.