منذ بداية الجولة الأولى من الحوار بين النظام فى مصر والقوى المعارضة للرئيس حسني مبارك التي اطلقت أمس، الأحد ظهر "الاخوان المسلمين كطرف رئيسي يمسك بمقاليد الحوار ويتقن المناورة من موقع يريده "متكافئا" مع الحكومة المصرية..وقد فاجأ الاخوان كل القوى المعارضة بالدخول في الحوار مع النظام بعد أن أعلن عدم المشاركة . وكان قد أكد عمر سليمان نائب الرئيس فى تصريح سابق له أن الاخوان "مترددون وليسوا رافضين للحوار الذي هو من مصلحتهم"، فجاءه الرد سريعا في اليوم نفسه على لسان القيادي في تنظيم الاخوان محمد مرسي الذي قال انهم "ليسوا مترددين لكنهم يرفضون الحوار مع النظام بشكل قاطع". الا أن الاخوان المسلمين أعلنوا قرارهم بالدخول في الحوار من دون تشاور مع الحلفاء المعارضين على ما يبدو.. وقال أحد أعضاء اللجنة المكلفة بالحوار "فوجئنا بقرار الاخوان ولم نبلغ به مسبقا".. وقد وحرص الاخوان على مواكبة الحوار بحملة إعلامية واسعة. وعقب إنتهاء الجلسة الاولى للحوار عقد اثنان من قياديي الاخوان مؤتمراً صحفياً أعلنوا فيه أن ما تم التوصل اليه "غير كاف"، وان "ما حصل اليوم هو نقطة واحدة في طريق طويل"، من دون أن ينسيا الاشارة إلى أن نجاح "الثورة" مرتبط ب"الضغط الشعبي الذي نقوم به والذي لا بد أن يستمر". وصدر عن المؤتمر بيان عرض فيه الاخوان ما دار خلال جلسة الحوار بلهجة الراعي المشرف على هذا النقاش، الذي يضع نفسه على مستوى "متكافىء" مع اركان النظام المصري، مذكرا بان الشارع "المليوني" هو وسيلة الضغط الاساسية. فالحوار حسب البيان جرى "من مركز متكافىء مع الطرف الاخر ووفق ارادة حرة، واستجابة النظام للمطالب الشعبية هي التي ستحدد الى متى سيستمر الحوار، كل ذلك والتظاهر السلمي المليوني مستمر لتحقيق مطالب الشعب". ومن جهة أخرى، غاب د.محمد البرادعي عن هذا الحوار ورداً على غيابه قال: أنه لم يدع للمشاركة في المفاوضات، لكنه يتابع ما يحصل، معتبرا ان هذه العملية "غير واضحة" ومضيفا "لا احد يعلم من يتحاور مع من حتى الان.. والعملية يديرها نائب الرئيس عمر سليمان والجيش، وتلك هي المشكلة"..مشككاً فى نتائج الحوار.. مع العلم ان الاخوان اعلنوا مرارا تأييدهم لتسلمه السلطة خلال مرحلة انتقالية متوقعة..وقد يتلاحظ من البيان الذى أطلقه الاخوان غياب الشباب اصحاب هذه الثورة حول دور الاخوان المسلمين في هذا الحوار أكد د. محمد عفيفي استاذ التاريخ المعاصر ان الاخوان المسلمين ليسوا الطرف الرئيسي في الثورة لكنهم الطرف الاكثر تنظيما فيها والاكثر تنظيما في التفاوض. وأضاف عفيفى أن فى حالة استمرارالمعارضة الرسمية (حزب الوفد وحزب التجمع والحزب الناصري) في حالة الاختلافات التي تعاني منها اليوم فان هذا الامر سيكون لصالح الاخوان الذين سيكونون في هذه الحالة الطرف الاقوى في التفاوض. وعن غياب البرادعي عن المفاوضات قال "ان البرادعي يمثل روحا جديدة لدى المجموعات الشبابية وله تاريخ طويل في توجيه الانتقادات للنظام، والفكرة العامة عنه انه يحظى بدعم غربي وقد يترشح لرئاسة الجمهورية لذلك من المؤكد انهم سيتعمدون تهميشه". بينما يرى الباحث نبيل عبد الفتاح مدير مركز الاهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية ان الاخوان المسلمين هم القوة الاقوى بين المفاوضين لانها تستند الى قاعدة سياسية واجتماعية والى درجة كبيرة من التنطيم، معتبرا انهم "يتمتعون بحس براغماتي كبير ولا شيء يحول دون ان يعقدوا صفقات مع النظام. ومن جهة أخرى أكد ان النظام يريد تهميش البرادعي لانه يملك خبرة كبيرة في العلاقات الدولية وعلاقات واسعة مع النخب في الغرب".