«دستورية النواب» توافق على مشروع موازنات هيئة قضايا الدولة    «القاهرة الإخبارية»: قصف إسرائيلي متواصل وغارات لا تتوقف على قطاع غزة    البحرية الأوكرانية تعلن عن إغراق كاسحة الألغام الروسية كوفروفيتس    حافلة الزمالك تصل ملعب النهائي الأفريقي    القبض على تاجري مخدرات غسلا 60 مليون جنيه في الجيزة    الترقب والاستعداد لعيد الأضحى المبارك 2024 في مصر    هشام عبدالخالق يكشف كواليس فيلم «اللعب مع العيال».. تفاصيل بالصور    غرفة السياحة تكشف الأسعار الجديدة لبرنامج حج فئة ال 5 نجوم    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تتصدر تصنيف التايمز العالمى للجامعات الناشئة لعام 2024    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب يوفنتوس بعد نهاية عقده    «مراسم دندرة للرسم والتصوير» في معرض فني لقصور الثقافة بالهناجر الأربعاء    الإعلان عن مبادرة للحصول على حقوق الأداء العلني للآثار المصرية المعروضة في الخارج    تحذير ل5 فئات من متحور «flirt» الجديد.. مضاعفات خطيرة    «الرعاية الصحية» : 5 ملايين مستفيد و44 مليون خدمة طبية بمحافظات «التأمين الشامل»    وزير الإسكان: مبادرة "سكن لكل المصريين" تسعى لتوفير المسكن الملائم لمختلف الشرائح    بالصور.. رئيس جامعة المنصورة يتفقد أعمال تجديد مدرجات كلية الحقوق    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    ميسرة صلاح الدين: الشعر كائن عنيد ومتمرد    "المنظمات الأهلية الفلسطينية" تؤكد أهمية دور مصر الرائد والمستمر في دعم الشعب الفلسطيني    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    الأربعاء.. عرض فيلمي «فن القلة» و«فن العرايس» بمركز الثقافة السينمائية    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    محافظ قنا: تمويل 2144 مشروعا صغيرا ومتناهي الصغر ب102 مليون جنيه    باحثة سياسية: نزوح 80 ألف شخص من رفح الفلسطينية إلى خان يونس ودير البلح    ما هو الحكم في إدخار لحوم الأضاحي وتوزيعها على مدار العام؟    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    نصائح وزارة الصحة لمواجهة موجة الطقس الحار    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانا في قرية أبو سيدهم بمركز سمالوط    محافظ الدقهلية يتابع الموقف التنفيذي لأعمال ممشى السنبلاوين الجديد    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    أسرة طالبة دهس سباق الجرارات بالمنوفية: أبوها "شقيان ومتغرب علشانها"    هالة السعيد: 4 مليارات جنيه استثمارات لمحافظة قنا بخطة عام 23/2024    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    رئيس هيئة الدواء يشارك في احتفالية إنجازات المرحلة الأولى من التأمين الصحي الشامل    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    تقدم 28 جامعة مصرية في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة لعام 2024    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    عماد النحاس: كولر أدار المباراة بشكل متميز.. وغربال كان متوترًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد نوح يواصل ولع التجريب في «كشك الأورام»
نشر في صوت البلد يوم 11 - 01 - 2018

حافظ الكاتب المصري سعيد نوح في مجموعته القصصية «كشك الأورام» (دار بتانة، القاهرة) والتي فازت أخيراً بجائزة ساويرس، على طريقته التي اعتدناها في السرد، حيث يكسر عبر عشرين قصة تحويها المجموعة كثيراً مما هو مألوف في تقنيات الكتابة القصصية، ويسعى وراء المغاير والغامض بل والملغز، ويزيل المسافات بين الطبيعية وما وراءها، حيث يشهد البشر تحولات كينونية ويتصرف الجميع على أنهم كائن واحد، يحب ويكره، ويزهد ويشتهي، ويفيد ويضر، وفي الوقت ذاته تتماهى الحدود بين ما هو مادي وما هو معنوي أو رمزي، وتحضر النزعة الصوفية بين إشهار وإضمار، ويتم التلاعب بالضمائر من دون قيود.
بين الكاتب والقارئ
تُزول في هذه القصص المسافات بين كاتب النص وشخصياته، بل وقارئه، الذي قد يجد نفسه في بعض المواضع مستدعى ليقول رأيه في الأحداث، أو تجد الشخصيات نفسها معنية بأن تقول رأيها فيما يجري، وعما إذا كان الكاتب يعبّر بالضرورة عما تريد هي أن تقوله أو تمضي فيه أم أنه يخفق في هذا، وعليه تعديل المسار، أو على الأقل الاعتراف بأنه أخفق في التعبير عما تعنيه الشخصيات.
ففي قصة «يلزمهم زيارة لطبيب نفسي»، نجد أحد شخصيات القصة يقول لكاتبها: «انتظر قليلاّ يا سيدي لو سمحت، هل يجوز هذا التشبيه الأرعن عن حالتي في تلك اللحظة؟ ما ذلك المزج بين النار والثلج؟ هل تعتقد أنك أتيت بجديد؟ يا الله على عقول الكتاب في بعض الأحايين يلزمهم زيارة لطبيب نفسي»، ويرد عليه الكاتب في موضع آخر من القصة متسائلاً: «من أدخلك في قصتي؟». ثم يتدخل الكاتب في قصة «بانت سعاد» ليقول لقرائه: «دعونا لا نتدخل كثيراً، ولنترك صاحبنا، وقد اختلى بعروسه. تراه بماذا يفكر وهو يتلقى القبلة الأولى؟» ثم يفاجئنا في القصة نفسها بأحد شخصياتها يقول له: «تعال يا ابن نوح».
وفي قصة أخرى يتوجه إلى القراء أيضاً ليقول لهم: «سوف تشاركونني تأنيب الضمير حين أنتهي من سرد قصة الأسطى ريعو»، ثم يعود في قصة شهيرة، ليخاطبهم من جديد: «اسمحوا لي أن أتكلم بالنيابة عن الأصدقاء في موضوع الحسد»، وبعد أن يمضي في سرد قصته يتوقف مرة جديدة أمام القارئ قائلاً: «عند هذه النقطة سوف أقف لأعود إلى حكاية صديقنا الذي خسرناه جميعاً، وأصبح من يومها عدواً لنا»، وبعد أن يقطع السرد ليقول رأيه في الأحداث يقول: «لم يكن هذا القطع مطلوباً على الإطلاق. إنه حطم تسلسل أفكاري تجاه النص الذي أكتبه، بل إني أقول إنه شيء غير ذي بال»، بل يتوجه الكاتب إلى نفسه ناقداً إيّاها: «هذه سفسطة فارغة لا تليق بك، وتشتت القارئ فأرجوك عد إلى مكانك، وأكمل ما بدأته حتى تنتهي من تلك الحكاية في ذلك اليوم الأغبر».
تداخل وتلصص
ويستمر هذا النهج حتى القصة الأخيرة التي نجد فيها عبارات من قبيل: «لست بصدد دراسة تلك الظاهرة» و «من هنا وقعت بيننا مواقف عدة لا أجد سبباً لسردها». وكل هذا يشي بأن الكاتب لا يقحم نفسه في النص من خلال إبداع الحكاية فحسب، إنما يلعب دور المتداخل والمراقب، بل المتلصص أحياناً، على نصه، وربما هو يستعمل كل هذا كآلية لإقرار ما كتب، وتثبيته، بدلا من اتباع آلية المراجعة والحذف والتعديل والتطوير، أو بمعنى أدق إعادة الكتابة، التي يلجأ إليها كثيرون، حتى يطمئنوا إلى النص النهائي. ولا يعني هذا أن الكاتب يتجنب هذه الآلية تماماً، لكن يحرص أكثر على أن يتدخل في نصه كلما وجد إلى ذلك سبيلاً، وصار هذا من سمات كتاباته.
وقد اتبع الكاتب طريقتين في كتابة عناوين قصصه، فهي قد تكون عادية مألوفة قصيرة من قبيل: «كشك الأورام» و«شهيرة» و«إرث» و«أهلا وسهلا»، وإما غريبة وطويلة وشارحة مثل: «ألعاب خرافية وهندسية لشجرة تقف في عين الشمس» و«كان يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير» و«إن طالب المعرفة لا يشعر أبداً بلذة الأستاذ»، لكن في الحالين تبدو العناوين معبرة عن مضامين القصص.
مآلات أشخاص وأحداث
وجاءت اثنتان من قصص المجموعة بسيطتين سلستين واضحتين، وهما «الأسطى ريعو» و«حمو» بينما البقية تحتاج إلى يقظة تامة، وربما أكثر من قراءة، حتى يكون بوسعنا أن نقف على المعاني والمرامي ودلالات الألفاظ ومآلات الأشخاص والأحداث، في نص لا يتهادى لنا بسهولة، يبدو فيه الكاتب، كعادته، مولعاً بصناعة صور بصرية، لا تعتمد على الوصف المباشر لما يراه، وما يحيط بالحدث، إنما يدخل فيه من خياله الكثير، موظفاً عناصر الطبيعة وبعض ما يصنعه البشر من صور ولوحات في رسم خلفية متحركة، لا تقف من الحوار والحدث موقف المتفرج، إنما تتدخل أحياناً، وتشارك بقوة، وتصير جزءاً من بطولة النص.
وينحاز الكاتب إلى العالم الذي طالما ألهمه بأفكار لقصص وروايات، إلى جانب ما أهدته له مخيلته بالقطع، وهو ذلك الحي القاهري القديم (حلوان) بقاطنيه من الطبقة الفقيرة والمهمشة، وكل ما ينتج عنهم وهم يسعون وراء أرزاقهم، ويصنعون بهجتهم، ويعبرون عن أحزانهم، فنرى الأفراح أو الأعراس والمآتم وجماعات الرفاق والعلاقات الاجتماعية بين الأسر الصغيرة والعائلة الممتدة، والتلاميذ والطلاب وحياتهم المدرسية، وصغار التجار والحرفيين والموظفين، وأنماطاً من العاطلين والحالمين، ونكاد نشم رائحة الكيوف، ونسمع المناوشات المستمرة بين الفتية والفتيات الممتدة من غزل إلى تحرش، وما بينهما من سلوك يسميه الكاتب «القنص»، الذي يمارسه البعض ملتذذين به.
وبينما يشعر بعضهم بأنهم يرتكبون خطيئة، يسعون إلى التطهر منها، وهناك من لا يجد دواء من قصة حب فاشلة إلا بالتفكير في امرأة أخرى، وهناك من يناجي ربه بلا واسطة، ويوجد من لا يجد سلواه إلى باستدعاء لحظات البهجة العابرة المستقرة في الذاكرة.
حافظ الكاتب المصري سعيد نوح في مجموعته القصصية «كشك الأورام» (دار بتانة، القاهرة) والتي فازت أخيراً بجائزة ساويرس، على طريقته التي اعتدناها في السرد، حيث يكسر عبر عشرين قصة تحويها المجموعة كثيراً مما هو مألوف في تقنيات الكتابة القصصية، ويسعى وراء المغاير والغامض بل والملغز، ويزيل المسافات بين الطبيعية وما وراءها، حيث يشهد البشر تحولات كينونية ويتصرف الجميع على أنهم كائن واحد، يحب ويكره، ويزهد ويشتهي، ويفيد ويضر، وفي الوقت ذاته تتماهى الحدود بين ما هو مادي وما هو معنوي أو رمزي، وتحضر النزعة الصوفية بين إشهار وإضمار، ويتم التلاعب بالضمائر من دون قيود.
بين الكاتب والقارئ
تُزول في هذه القصص المسافات بين كاتب النص وشخصياته، بل وقارئه، الذي قد يجد نفسه في بعض المواضع مستدعى ليقول رأيه في الأحداث، أو تجد الشخصيات نفسها معنية بأن تقول رأيها فيما يجري، وعما إذا كان الكاتب يعبّر بالضرورة عما تريد هي أن تقوله أو تمضي فيه أم أنه يخفق في هذا، وعليه تعديل المسار، أو على الأقل الاعتراف بأنه أخفق في التعبير عما تعنيه الشخصيات.
ففي قصة «يلزمهم زيارة لطبيب نفسي»، نجد أحد شخصيات القصة يقول لكاتبها: «انتظر قليلاّ يا سيدي لو سمحت، هل يجوز هذا التشبيه الأرعن عن حالتي في تلك اللحظة؟ ما ذلك المزج بين النار والثلج؟ هل تعتقد أنك أتيت بجديد؟ يا الله على عقول الكتاب في بعض الأحايين يلزمهم زيارة لطبيب نفسي»، ويرد عليه الكاتب في موضع آخر من القصة متسائلاً: «من أدخلك في قصتي؟». ثم يتدخل الكاتب في قصة «بانت سعاد» ليقول لقرائه: «دعونا لا نتدخل كثيراً، ولنترك صاحبنا، وقد اختلى بعروسه. تراه بماذا يفكر وهو يتلقى القبلة الأولى؟» ثم يفاجئنا في القصة نفسها بأحد شخصياتها يقول له: «تعال يا ابن نوح».
وفي قصة أخرى يتوجه إلى القراء أيضاً ليقول لهم: «سوف تشاركونني تأنيب الضمير حين أنتهي من سرد قصة الأسطى ريعو»، ثم يعود في قصة شهيرة، ليخاطبهم من جديد: «اسمحوا لي أن أتكلم بالنيابة عن الأصدقاء في موضوع الحسد»، وبعد أن يمضي في سرد قصته يتوقف مرة جديدة أمام القارئ قائلاً: «عند هذه النقطة سوف أقف لأعود إلى حكاية صديقنا الذي خسرناه جميعاً، وأصبح من يومها عدواً لنا»، وبعد أن يقطع السرد ليقول رأيه في الأحداث يقول: «لم يكن هذا القطع مطلوباً على الإطلاق. إنه حطم تسلسل أفكاري تجاه النص الذي أكتبه، بل إني أقول إنه شيء غير ذي بال»، بل يتوجه الكاتب إلى نفسه ناقداً إيّاها: «هذه سفسطة فارغة لا تليق بك، وتشتت القارئ فأرجوك عد إلى مكانك، وأكمل ما بدأته حتى تنتهي من تلك الحكاية في ذلك اليوم الأغبر».
تداخل وتلصص
ويستمر هذا النهج حتى القصة الأخيرة التي نجد فيها عبارات من قبيل: «لست بصدد دراسة تلك الظاهرة» و «من هنا وقعت بيننا مواقف عدة لا أجد سبباً لسردها». وكل هذا يشي بأن الكاتب لا يقحم نفسه في النص من خلال إبداع الحكاية فحسب، إنما يلعب دور المتداخل والمراقب، بل المتلصص أحياناً، على نصه، وربما هو يستعمل كل هذا كآلية لإقرار ما كتب، وتثبيته، بدلا من اتباع آلية المراجعة والحذف والتعديل والتطوير، أو بمعنى أدق إعادة الكتابة، التي يلجأ إليها كثيرون، حتى يطمئنوا إلى النص النهائي. ولا يعني هذا أن الكاتب يتجنب هذه الآلية تماماً، لكن يحرص أكثر على أن يتدخل في نصه كلما وجد إلى ذلك سبيلاً، وصار هذا من سمات كتاباته.
وقد اتبع الكاتب طريقتين في كتابة عناوين قصصه، فهي قد تكون عادية مألوفة قصيرة من قبيل: «كشك الأورام» و«شهيرة» و«إرث» و«أهلا وسهلا»، وإما غريبة وطويلة وشارحة مثل: «ألعاب خرافية وهندسية لشجرة تقف في عين الشمس» و«كان يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير» و«إن طالب المعرفة لا يشعر أبداً بلذة الأستاذ»، لكن في الحالين تبدو العناوين معبرة عن مضامين القصص.
مآلات أشخاص وأحداث
وجاءت اثنتان من قصص المجموعة بسيطتين سلستين واضحتين، وهما «الأسطى ريعو» و«حمو» بينما البقية تحتاج إلى يقظة تامة، وربما أكثر من قراءة، حتى يكون بوسعنا أن نقف على المعاني والمرامي ودلالات الألفاظ ومآلات الأشخاص والأحداث، في نص لا يتهادى لنا بسهولة، يبدو فيه الكاتب، كعادته، مولعاً بصناعة صور بصرية، لا تعتمد على الوصف المباشر لما يراه، وما يحيط بالحدث، إنما يدخل فيه من خياله الكثير، موظفاً عناصر الطبيعة وبعض ما يصنعه البشر من صور ولوحات في رسم خلفية متحركة، لا تقف من الحوار والحدث موقف المتفرج، إنما تتدخل أحياناً، وتشارك بقوة، وتصير جزءاً من بطولة النص.
وينحاز الكاتب إلى العالم الذي طالما ألهمه بأفكار لقصص وروايات، إلى جانب ما أهدته له مخيلته بالقطع، وهو ذلك الحي القاهري القديم (حلوان) بقاطنيه من الطبقة الفقيرة والمهمشة، وكل ما ينتج عنهم وهم يسعون وراء أرزاقهم، ويصنعون بهجتهم، ويعبرون عن أحزانهم، فنرى الأفراح أو الأعراس والمآتم وجماعات الرفاق والعلاقات الاجتماعية بين الأسر الصغيرة والعائلة الممتدة، والتلاميذ والطلاب وحياتهم المدرسية، وصغار التجار والحرفيين والموظفين، وأنماطاً من العاطلين والحالمين، ونكاد نشم رائحة الكيوف، ونسمع المناوشات المستمرة بين الفتية والفتيات الممتدة من غزل إلى تحرش، وما بينهما من سلوك يسميه الكاتب «القنص»، الذي يمارسه البعض ملتذذين به.
وبينما يشعر بعضهم بأنهم يرتكبون خطيئة، يسعون إلى التطهر منها، وهناك من لا يجد دواء من قصة حب فاشلة إلا بالتفكير في امرأة أخرى، وهناك من يناجي ربه بلا واسطة، ويوجد من لا يجد سلواه إلى باستدعاء لحظات البهجة العابرة المستقرة في الذاكرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.