رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    الخارجية الكندية: الهجوم البري الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة مروع    مباحثات سعودية إيرانية في الرياض حول المستجدات الإقليمية    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 منذ فجر الثلاثاء    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة    إصابة 12 شخصًا إثر إنقلاب "تروسيكل" بالبحيرة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    الخارجية السورية تكشف تفاصيل الاجتماع الثلاثي واعتماد خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    موعد إعلان نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025 رسميا بعد انتهاء التسجيل (رابط الاستعلام)    ارتفاع جديد ب 340 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بالصاغة    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    صندوق النقد: مطلوب زيادة اسعار الطاقة باسرع وقت .. مصطفى مدبولي: بنزين وسولار وبوتجاز من أول أكتوبر يا افندم!    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام والتواصل الاجتماعي وتنامي خطاب الكراهية
نشر في صوت البلد يوم 31 - 12 - 2017

غالباً ما ينعكس الاستقطاب السياسي على أداء وسائل الإعلام المختلفة، ومنصات التواصل الإجتماعي، وارتفعت خلال السنوات الأخيرة نبرة الخطاب الذي بلغ حد التحريض أحياناً ضد المهاجرين واللاجئين في العالم.
وتعتبر وسائل الإعلام ساحة خصبة لبث هذا الخطاب وانتشاره، ما انعكس سلباً على أوضاع المهاجرين واللاجئين الذين تضاعفت أعدادهم خلال السنوات الأخيرة بفعل النزاعات والحروب لاسيما في الشرق الأوسط، وانتشر خطاب التعصب والتحريض واستخدام بعض «اليمين المتشدد» لأغراض سياسية لاسيما في أوروبا وأميركا. وساهمت المصطلحات المستخدمة في الإعلام عند تناول قضايا اللاجئين والميل إلى تصويرهم في صورة إجرامية، بالتأثير في تعامل المواطنين والحكومات معهم.
وأحياناً، يلعب الإعلام من دون أن يتنبه دوراً في نشر خطاب الكراهية خلال طرحه قضايا المهاجرين وهناك محتوى يحمل في طياته ذلك التحريض، ما ينبغي التصدي له ومواجهته العاملين وتوعيته في الحقل الصحافي والإعلامي بآثاره، وبناء المبادرات للتوعية باستخدام المصطلحات التي تجنب الحض على الكراهية، وهذا الأمر كان مبعث اهتمام تحالف الأمم المتحدة للحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والذي نظم في القاهرة مؤتمراً حول «انتشار خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الإعلام»، بالتعاون مع «البرنامج المصري لتطوير وسائل الإعلام»، في إطار مبادرة «لا لنشر الكراهية»، ضمن سلسلة من المؤتمرات في هذا الصدد، إذ سبقها مؤتمران في نيويورك وباكو وبروكسل بهدف التركيز على تجارب الهجرة، ومحاولة صياغة توصيات لوقف القصص السلبية ضد المهاجرين واللاجئين والتخفيف من تأثير خطاب الكراهية، ومواجهة تصاعد موجات التعصب في دول عدة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صاحبة النسبة الأكبر في تصدير اللاجئين للعالم، استناداً إلى «إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين» والصادر عام 2016، والتزامه بمكافحة جرائم الكراهية وخطاب الكراهية والعنف العنصري.
ودعت رئيس تحالف الحضارات نهال سعد، الصحافيين إلى توخي الدقة عند تناولهم قضية الهجرة والمهاجرين، إذ ترى أن تأثيرات التحركات الكبيرة للسكان صارت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، لافتة إلى أنه مثلما شهد العالم تضامناً مع اللاجئين، شهد أيضاً كراهية الأجانب في وسائل الإعلام».
أما روجياتا سول وهي صحافية وناشطة فرنسية من أصول أفريقية، أخذت على عاتقها تبني مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضد المهاجرين، وتمكنت في وقائع عدة من تعبئة الرأي العام والمجتمع المدني من أجل تلك القضية، كما توجهت إلى المدارس لشرح واقع الأمور للطلاب ليدركوا بأنفسهم أنهم قد يكونون أمام معلومات مغلوطة يبثها الإعلام. وأكدت سال ل «الحياة» نجاح تلك التجربة فلديهم عدد من الصحافيين الشباب الذين يلتزمون بتلك المعايير وهو ما تلمسه أيضاً عبر تجاوب القراء وردود أفعالهم مع تجربتها ونبذهم لخطاب الكراهية».
ويرى الناطق باسم «شبكة الصحافة الأخلاقية» توم لو، أنه لا يمكن النظر إلى ما تقدمه وسائل الإعلام بشأن الهجرة بمعزل من البيئة الإعلامية في الدولة، مع الإشارة إلى أن «دعم الصحافة المستقلة هو أحد وسائل مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام».
ونظراً إلى ما تلعبه منصات التواصل الاجتماعي من دور في بث الخطاب بشكل أسرع وأكثر انتشاراً من الإعلام التقليدي، والتي لا تمكن السيطرة عليها أحياناً، قال رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة «تويتر» الأميركية لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط جورج سلامة: إن «الموقع لا يمكنه تحديد عدد الحسابات الزائفة أو حذف تلك التي تبث خطاباً عدائياً، لكوننا لا نراقب المحتوى، أما عن مسؤوليتنا عن المحتوى السيئ فالحقيقة أن كل مستخدم مسؤول بالمقدار ذاته، ونعطي مستخدمينا أدوات للإبلاغ والحجب».
مهاجر غير شرعي
وروى رئيس تحرير جريدة «الأهرام ويكلي» الصادرة بالإنجليزية في مصر عزت إبراهيم تجربته مع مكافحة الخطاب العدائي قائلاً: «كنت أحد حضور مؤتمر مكافحة خطاب الكراهية» في بروكسل، وأدرت جلسة حول «المفاهيم التي تروج لمصطلحات الكراهية»، فاستخدام كلمة لاجئ يختلف عن استخدام مهاجر غير شرعي، كما اطلعت على تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، إذ قام بعمل دراسات حول استخدام المصطلحات المختلفة، لكون كلمات مثل «اللاجئين والمهاجرين» دائماً تلتصق بهم صفات سلبية، فيما تحاول شبكة الصحافة الأخلاقية في بريطانيا تنقية المصطلحات وتعزيز التغطية المسؤولة عبر عدم استخدام الألفاظ التي تعمق الفجوة وتحض على الكراهية، بينما تقوم الأمم المتحدة بمحاولة الترويج على أن يكون هناك مقدار من الحرص في التعامل مع تلك الأخبار الخاصة بالمهاجرين».
ويرى عزت أن «ثمة ضرورة لمناقشة من المسؤول عن تغيير الصورة، وهل المؤسسات الصحافية تصنع الخبر أم تصنع الأزمة؟» وشرح بقوله إن «البعض يرى أن الإعلام يمكن أن يكون صانعاً للأزمة من خلال ترويج الخطابات المعادية، ما يزيد من احتقار المهاجرين واللاجئين»، لافتاً إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن موجة اللجوء ستستمر سنوات طويلة، فهناك حوالى عشرين مليون لاجئ في العالم، وملايين أخرى في الطريق، ما يعني أنها أزمة ممتدة ومستمرة سنوات مقبلة، ومن ثم ينبغي أن يحظى خطاب الكراهية بالأولوية، وشدد على ضرورة تحليل المضمون والذي لا يتوافر في بلادنا».
وحول تقويمه لأداء الإعلام المصري في هذا الصدد، اعتبر أن ثمة قصوراً في مسائل عدة، بينها عدم توافر المعلومات المتاحة بشكل كاف، فضلاً عن ازدواجية في التعامل، إذ يهاجم الإعلام المصري نظيره الغربي في التعامل مع المهاجرين، بينما نقع في الفخ ذاته. ويظل خطابنا الداخلي في حاجة إلى التغيير لكونه يتعامل مع المهاجرين بوصفهم خطراً، في حين أن هناك حالات وأوضاعاً إنسانية، مثل حوادث موت المصريين وغرقهم على شواطئ ليبيا والتي يتم عرضها بوصفها «حوادث»، ويتم إلقاء اللوم على المهاجر، فيما تستغرق مسألة علاج جذور الأزمة أياماً قليلة في الطرح الإعلامي وعبر معالجة سطحية وتغطية تقليدية ومتشابهة».
ويتوجس عزت قلقاً من استحداث معسكرات لتجميع المهاجرين في شمال ليبيا تحت إشراف إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي ويعتبره اتجاهاً جديداً قد يتسبب بأضرار مستقبلية، ومنها في طريقة تناول هؤلاء المهاجرين بوصفهم مجرمين يتم جمعهم في معسكرات اعتقال». وسُئل عزت: «ألا ترى أن الإعلام يعد انعكاساً للمشاعر المجتمعية؟»، وهو ما أكده شارحاً أن «في مصر نحو 5 ملايين مواطن سوداني، ونصف مليون سوري وجنسيات أخرى أفريقية، لا يتعامل المجتمع معهم بصفتهم «قيمة مضافة» محتملة في سوق العمل لاسيما أن مصر تعاني نسبة بطالة مرتفعة، في وقت تستوعب سوق العمل في أوروبا تلك الأعداد ومنها دولة ألمانيا حيث ضمتهم إلى سوق العمل. ولفت إلى أن «المعاناة من البطالة في بلدنا تولد حالة الشحن المضاد ضد المهاجرين بدعوى تهديدهم فرص العمل، وهذا حال كل دول العالم الثالث على عكس دول الشمال التي يوجد فيها برامج لاستيعاب المهاجرين».
وتحدث مدير مدير التدريب في البرنامج المصري لتطوير الإعلام أحمد منتصر حول مبادرة «لا لخطاب الكراهية» قائلاً: «نعمل في «البرنامج المصري» على مكافحة خطاب الكراهية منذ نحو عامين، وقمنا بإعداد أول دليل بالمصطلحات التي قد يستخدمها الإعلام أحياناً وتحتوي نوعاً من خطاب الكراهية وذلك بالتعاون مع الجامعة الأميركية والشبكة الأخلاقية للصحافة في بريطانيا وهي الطرف الأساسي، إذ أطلعنا على تجربتهم في «الدليل الأوروبي» وقمنا بإعداد شيء مشابه، ويتم تحديثه باستمرار وإضافة المصطلحات والكلمات. وأضاف منتصر أن «أهدافنا تلاقت مع منظمة الأمم المتحدة لمكافحة هذا الخطاب، لكوننا بدأنا في العالم العربي نعي خطورة هذا الخطاب الكريه، ومن ثم بدأنا نتخذ خطوات فعلية في هذا الصدد. وكان لافتاً حضور عدد كبير لهذا المؤتمر من الصحافيين والقنوات التلفزيونية ما يعكس اهتماماً حقيقياً ووعياً حقيقياً تجاه المسألة».
وسئل حول إمكان أن تعمل وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام للتخفيف من حدة خطاب الكراهية؟ فأجاب بقوله إن «وسائل الإعلام هي أساس التأثير على الرأي العام، ويمكن القول إنه لا يوجد بعدُ وعي شامل بماهية خطاب الكراهية، ومازال هناك استخدام لمصطلحات أو طريقة عرض مواضيع اللاجئين في شكل ينطوي على بث مفهوم خطاب العنف والكراهية، ومن ثم لا ينبغي أن يكون هناك مصطلحات ترسخ التفرقة العنصرية أو عقائدية أو عرقية، ولا بد في مجتمعاتنا من الانتباه لذلك، وهذا هو دورنا المنوط بنا القيام به كإعلاميين».
وقالت أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة نائلة حمدي، إن «كثيراً من مفردات خطاب الكراهية تم تسييسه في مصر ولا بد من مكافحة هذا الخطاب». كما ترى أن تغطية مسائل اللاجئين في الإعلام المصري تكاد تكون أوروبية، إذ تتعامل مع اللاجئين بطريقة تشبه تعامل الإعلام الغربي عبر تأطير القضية، وبث الأخبار في شكل تسلسلي وليس موضوعياً، مثلما حدث في عام 2015 مع صورة الطفل الكردي إيلان، فيما تجاهل المواضيع والقصص خلف هذه الصور، ولم يخصص الإعلام المصري في السنوات الأخيرة إلا القليل من الوقت لتغطية تلك القصص كما لو كانت تلك الأزمة تخص أوروبا فقط». بينما أشادت حمدي بتخصيص مجلة «نصف الدنيا»، نصف صفحات أحد أعدادها لطرح قضية المهاجرين في مصر، وطالبت الصحافيين بتغطية قصص المهاجرين في شكل أوسع، وبطريقة موضوعية ذات بعد إنساني، والبحث في ما وراء الصورة».
غالباً ما ينعكس الاستقطاب السياسي على أداء وسائل الإعلام المختلفة، ومنصات التواصل الإجتماعي، وارتفعت خلال السنوات الأخيرة نبرة الخطاب الذي بلغ حد التحريض أحياناً ضد المهاجرين واللاجئين في العالم.
وتعتبر وسائل الإعلام ساحة خصبة لبث هذا الخطاب وانتشاره، ما انعكس سلباً على أوضاع المهاجرين واللاجئين الذين تضاعفت أعدادهم خلال السنوات الأخيرة بفعل النزاعات والحروب لاسيما في الشرق الأوسط، وانتشر خطاب التعصب والتحريض واستخدام بعض «اليمين المتشدد» لأغراض سياسية لاسيما في أوروبا وأميركا. وساهمت المصطلحات المستخدمة في الإعلام عند تناول قضايا اللاجئين والميل إلى تصويرهم في صورة إجرامية، بالتأثير في تعامل المواطنين والحكومات معهم.
وأحياناً، يلعب الإعلام من دون أن يتنبه دوراً في نشر خطاب الكراهية خلال طرحه قضايا المهاجرين وهناك محتوى يحمل في طياته ذلك التحريض، ما ينبغي التصدي له ومواجهته العاملين وتوعيته في الحقل الصحافي والإعلامي بآثاره، وبناء المبادرات للتوعية باستخدام المصطلحات التي تجنب الحض على الكراهية، وهذا الأمر كان مبعث اهتمام تحالف الأمم المتحدة للحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والذي نظم في القاهرة مؤتمراً حول «انتشار خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الإعلام»، بالتعاون مع «البرنامج المصري لتطوير وسائل الإعلام»، في إطار مبادرة «لا لنشر الكراهية»، ضمن سلسلة من المؤتمرات في هذا الصدد، إذ سبقها مؤتمران في نيويورك وباكو وبروكسل بهدف التركيز على تجارب الهجرة، ومحاولة صياغة توصيات لوقف القصص السلبية ضد المهاجرين واللاجئين والتخفيف من تأثير خطاب الكراهية، ومواجهة تصاعد موجات التعصب في دول عدة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صاحبة النسبة الأكبر في تصدير اللاجئين للعالم، استناداً إلى «إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين» والصادر عام 2016، والتزامه بمكافحة جرائم الكراهية وخطاب الكراهية والعنف العنصري.
ودعت رئيس تحالف الحضارات نهال سعد، الصحافيين إلى توخي الدقة عند تناولهم قضية الهجرة والمهاجرين، إذ ترى أن تأثيرات التحركات الكبيرة للسكان صارت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، لافتة إلى أنه مثلما شهد العالم تضامناً مع اللاجئين، شهد أيضاً كراهية الأجانب في وسائل الإعلام».
أما روجياتا سول وهي صحافية وناشطة فرنسية من أصول أفريقية، أخذت على عاتقها تبني مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضد المهاجرين، وتمكنت في وقائع عدة من تعبئة الرأي العام والمجتمع المدني من أجل تلك القضية، كما توجهت إلى المدارس لشرح واقع الأمور للطلاب ليدركوا بأنفسهم أنهم قد يكونون أمام معلومات مغلوطة يبثها الإعلام. وأكدت سال ل «الحياة» نجاح تلك التجربة فلديهم عدد من الصحافيين الشباب الذين يلتزمون بتلك المعايير وهو ما تلمسه أيضاً عبر تجاوب القراء وردود أفعالهم مع تجربتها ونبذهم لخطاب الكراهية».
ويرى الناطق باسم «شبكة الصحافة الأخلاقية» توم لو، أنه لا يمكن النظر إلى ما تقدمه وسائل الإعلام بشأن الهجرة بمعزل من البيئة الإعلامية في الدولة، مع الإشارة إلى أن «دعم الصحافة المستقلة هو أحد وسائل مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام».
ونظراً إلى ما تلعبه منصات التواصل الاجتماعي من دور في بث الخطاب بشكل أسرع وأكثر انتشاراً من الإعلام التقليدي، والتي لا تمكن السيطرة عليها أحياناً، قال رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة «تويتر» الأميركية لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط جورج سلامة: إن «الموقع لا يمكنه تحديد عدد الحسابات الزائفة أو حذف تلك التي تبث خطاباً عدائياً، لكوننا لا نراقب المحتوى، أما عن مسؤوليتنا عن المحتوى السيئ فالحقيقة أن كل مستخدم مسؤول بالمقدار ذاته، ونعطي مستخدمينا أدوات للإبلاغ والحجب».
مهاجر غير شرعي
وروى رئيس تحرير جريدة «الأهرام ويكلي» الصادرة بالإنجليزية في مصر عزت إبراهيم تجربته مع مكافحة الخطاب العدائي قائلاً: «كنت أحد حضور مؤتمر مكافحة خطاب الكراهية» في بروكسل، وأدرت جلسة حول «المفاهيم التي تروج لمصطلحات الكراهية»، فاستخدام كلمة لاجئ يختلف عن استخدام مهاجر غير شرعي، كما اطلعت على تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، إذ قام بعمل دراسات حول استخدام المصطلحات المختلفة، لكون كلمات مثل «اللاجئين والمهاجرين» دائماً تلتصق بهم صفات سلبية، فيما تحاول شبكة الصحافة الأخلاقية في بريطانيا تنقية المصطلحات وتعزيز التغطية المسؤولة عبر عدم استخدام الألفاظ التي تعمق الفجوة وتحض على الكراهية، بينما تقوم الأمم المتحدة بمحاولة الترويج على أن يكون هناك مقدار من الحرص في التعامل مع تلك الأخبار الخاصة بالمهاجرين».
ويرى عزت أن «ثمة ضرورة لمناقشة من المسؤول عن تغيير الصورة، وهل المؤسسات الصحافية تصنع الخبر أم تصنع الأزمة؟» وشرح بقوله إن «البعض يرى أن الإعلام يمكن أن يكون صانعاً للأزمة من خلال ترويج الخطابات المعادية، ما يزيد من احتقار المهاجرين واللاجئين»، لافتاً إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن موجة اللجوء ستستمر سنوات طويلة، فهناك حوالى عشرين مليون لاجئ في العالم، وملايين أخرى في الطريق، ما يعني أنها أزمة ممتدة ومستمرة سنوات مقبلة، ومن ثم ينبغي أن يحظى خطاب الكراهية بالأولوية، وشدد على ضرورة تحليل المضمون والذي لا يتوافر في بلادنا».
وحول تقويمه لأداء الإعلام المصري في هذا الصدد، اعتبر أن ثمة قصوراً في مسائل عدة، بينها عدم توافر المعلومات المتاحة بشكل كاف، فضلاً عن ازدواجية في التعامل، إذ يهاجم الإعلام المصري نظيره الغربي في التعامل مع المهاجرين، بينما نقع في الفخ ذاته. ويظل خطابنا الداخلي في حاجة إلى التغيير لكونه يتعامل مع المهاجرين بوصفهم خطراً، في حين أن هناك حالات وأوضاعاً إنسانية، مثل حوادث موت المصريين وغرقهم على شواطئ ليبيا والتي يتم عرضها بوصفها «حوادث»، ويتم إلقاء اللوم على المهاجر، فيما تستغرق مسألة علاج جذور الأزمة أياماً قليلة في الطرح الإعلامي وعبر معالجة سطحية وتغطية تقليدية ومتشابهة».
ويتوجس عزت قلقاً من استحداث معسكرات لتجميع المهاجرين في شمال ليبيا تحت إشراف إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي ويعتبره اتجاهاً جديداً قد يتسبب بأضرار مستقبلية، ومنها في طريقة تناول هؤلاء المهاجرين بوصفهم مجرمين يتم جمعهم في معسكرات اعتقال». وسُئل عزت: «ألا ترى أن الإعلام يعد انعكاساً للمشاعر المجتمعية؟»، وهو ما أكده شارحاً أن «في مصر نحو 5 ملايين مواطن سوداني، ونصف مليون سوري وجنسيات أخرى أفريقية، لا يتعامل المجتمع معهم بصفتهم «قيمة مضافة» محتملة في سوق العمل لاسيما أن مصر تعاني نسبة بطالة مرتفعة، في وقت تستوعب سوق العمل في أوروبا تلك الأعداد ومنها دولة ألمانيا حيث ضمتهم إلى سوق العمل. ولفت إلى أن «المعاناة من البطالة في بلدنا تولد حالة الشحن المضاد ضد المهاجرين بدعوى تهديدهم فرص العمل، وهذا حال كل دول العالم الثالث على عكس دول الشمال التي يوجد فيها برامج لاستيعاب المهاجرين».
وتحدث مدير مدير التدريب في البرنامج المصري لتطوير الإعلام أحمد منتصر حول مبادرة «لا لخطاب الكراهية» قائلاً: «نعمل في «البرنامج المصري» على مكافحة خطاب الكراهية منذ نحو عامين، وقمنا بإعداد أول دليل بالمصطلحات التي قد يستخدمها الإعلام أحياناً وتحتوي نوعاً من خطاب الكراهية وذلك بالتعاون مع الجامعة الأميركية والشبكة الأخلاقية للصحافة في بريطانيا وهي الطرف الأساسي، إذ أطلعنا على تجربتهم في «الدليل الأوروبي» وقمنا بإعداد شيء مشابه، ويتم تحديثه باستمرار وإضافة المصطلحات والكلمات. وأضاف منتصر أن «أهدافنا تلاقت مع منظمة الأمم المتحدة لمكافحة هذا الخطاب، لكوننا بدأنا في العالم العربي نعي خطورة هذا الخطاب الكريه، ومن ثم بدأنا نتخذ خطوات فعلية في هذا الصدد. وكان لافتاً حضور عدد كبير لهذا المؤتمر من الصحافيين والقنوات التلفزيونية ما يعكس اهتماماً حقيقياً ووعياً حقيقياً تجاه المسألة».
وسئل حول إمكان أن تعمل وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام للتخفيف من حدة خطاب الكراهية؟ فأجاب بقوله إن «وسائل الإعلام هي أساس التأثير على الرأي العام، ويمكن القول إنه لا يوجد بعدُ وعي شامل بماهية خطاب الكراهية، ومازال هناك استخدام لمصطلحات أو طريقة عرض مواضيع اللاجئين في شكل ينطوي على بث مفهوم خطاب العنف والكراهية، ومن ثم لا ينبغي أن يكون هناك مصطلحات ترسخ التفرقة العنصرية أو عقائدية أو عرقية، ولا بد في مجتمعاتنا من الانتباه لذلك، وهذا هو دورنا المنوط بنا القيام به كإعلاميين».
وقالت أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة نائلة حمدي، إن «كثيراً من مفردات خطاب الكراهية تم تسييسه في مصر ولا بد من مكافحة هذا الخطاب». كما ترى أن تغطية مسائل اللاجئين في الإعلام المصري تكاد تكون أوروبية، إذ تتعامل مع اللاجئين بطريقة تشبه تعامل الإعلام الغربي عبر تأطير القضية، وبث الأخبار في شكل تسلسلي وليس موضوعياً، مثلما حدث في عام 2015 مع صورة الطفل الكردي إيلان، فيما تجاهل المواضيع والقصص خلف هذه الصور، ولم يخصص الإعلام المصري في السنوات الأخيرة إلا القليل من الوقت لتغطية تلك القصص كما لو كانت تلك الأزمة تخص أوروبا فقط». بينما أشادت حمدي بتخصيص مجلة «نصف الدنيا»، نصف صفحات أحد أعدادها لطرح قضية المهاجرين في مصر، وطالبت الصحافيين بتغطية قصص المهاجرين في شكل أوسع، وبطريقة موضوعية ذات بعد إنساني، والبحث في ما وراء الصورة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.