جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحتفل بتخرج الدفعة 22 من كلية العلاج الطبيعي بحضور قيادات الجامعة (صور)    حركة مؤشر الذهب عالميا بعد تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    75 شهيدا في غزة بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم    البرلمان العربي: تعزيز مشاركة المرأة والشباب في العمل البرلماني ضرورة حتمية    حماس ترفض الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار قبل تحسين الوضع الإنساني في غزة    إدارة ترامب تطالب حكومات محلية بإعادة مساعدات مالية لمكافحة كورونا    نجم الأهلي يتلقى عرضين من السعودية وفرنسا    جيسوس يصدم جواو فيليكس بعد مشاركته الأولى مع النصر.. تصريحات مثيرة    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    محافظ قنا يستقبل مدير الأمن الجديد ويؤكد دعم التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار    طاحونة أبو شاهين في رشيد، معلم أثري يروي حكايات طحن الحبوب في زمن الدواب (فيديو وصور)    بعد ساعات من طرحه.. عمرو دياب وابنته جانا يكتسحان التريند بكليب «خطفوني» (تفاصيل)    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    رئيس مجلس الوزراء يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة «صحح مفاهيمك»    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    وزير الثقافة وأحمد بدير ومحمد محمود يحضرون عزاء شقيق خالد جلال.. صور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام والتواصل الاجتماعي وتنامي خطاب الكراهية
نشر في صوت البلد يوم 31 - 12 - 2017

غالباً ما ينعكس الاستقطاب السياسي على أداء وسائل الإعلام المختلفة، ومنصات التواصل الإجتماعي، وارتفعت خلال السنوات الأخيرة نبرة الخطاب الذي بلغ حد التحريض أحياناً ضد المهاجرين واللاجئين في العالم.
وتعتبر وسائل الإعلام ساحة خصبة لبث هذا الخطاب وانتشاره، ما انعكس سلباً على أوضاع المهاجرين واللاجئين الذين تضاعفت أعدادهم خلال السنوات الأخيرة بفعل النزاعات والحروب لاسيما في الشرق الأوسط، وانتشر خطاب التعصب والتحريض واستخدام بعض «اليمين المتشدد» لأغراض سياسية لاسيما في أوروبا وأميركا. وساهمت المصطلحات المستخدمة في الإعلام عند تناول قضايا اللاجئين والميل إلى تصويرهم في صورة إجرامية، بالتأثير في تعامل المواطنين والحكومات معهم.
وأحياناً، يلعب الإعلام من دون أن يتنبه دوراً في نشر خطاب الكراهية خلال طرحه قضايا المهاجرين وهناك محتوى يحمل في طياته ذلك التحريض، ما ينبغي التصدي له ومواجهته العاملين وتوعيته في الحقل الصحافي والإعلامي بآثاره، وبناء المبادرات للتوعية باستخدام المصطلحات التي تجنب الحض على الكراهية، وهذا الأمر كان مبعث اهتمام تحالف الأمم المتحدة للحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والذي نظم في القاهرة مؤتمراً حول «انتشار خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الإعلام»، بالتعاون مع «البرنامج المصري لتطوير وسائل الإعلام»، في إطار مبادرة «لا لنشر الكراهية»، ضمن سلسلة من المؤتمرات في هذا الصدد، إذ سبقها مؤتمران في نيويورك وباكو وبروكسل بهدف التركيز على تجارب الهجرة، ومحاولة صياغة توصيات لوقف القصص السلبية ضد المهاجرين واللاجئين والتخفيف من تأثير خطاب الكراهية، ومواجهة تصاعد موجات التعصب في دول عدة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صاحبة النسبة الأكبر في تصدير اللاجئين للعالم، استناداً إلى «إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين» والصادر عام 2016، والتزامه بمكافحة جرائم الكراهية وخطاب الكراهية والعنف العنصري.
ودعت رئيس تحالف الحضارات نهال سعد، الصحافيين إلى توخي الدقة عند تناولهم قضية الهجرة والمهاجرين، إذ ترى أن تأثيرات التحركات الكبيرة للسكان صارت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، لافتة إلى أنه مثلما شهد العالم تضامناً مع اللاجئين، شهد أيضاً كراهية الأجانب في وسائل الإعلام».
أما روجياتا سول وهي صحافية وناشطة فرنسية من أصول أفريقية، أخذت على عاتقها تبني مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضد المهاجرين، وتمكنت في وقائع عدة من تعبئة الرأي العام والمجتمع المدني من أجل تلك القضية، كما توجهت إلى المدارس لشرح واقع الأمور للطلاب ليدركوا بأنفسهم أنهم قد يكونون أمام معلومات مغلوطة يبثها الإعلام. وأكدت سال ل «الحياة» نجاح تلك التجربة فلديهم عدد من الصحافيين الشباب الذين يلتزمون بتلك المعايير وهو ما تلمسه أيضاً عبر تجاوب القراء وردود أفعالهم مع تجربتها ونبذهم لخطاب الكراهية».
ويرى الناطق باسم «شبكة الصحافة الأخلاقية» توم لو، أنه لا يمكن النظر إلى ما تقدمه وسائل الإعلام بشأن الهجرة بمعزل من البيئة الإعلامية في الدولة، مع الإشارة إلى أن «دعم الصحافة المستقلة هو أحد وسائل مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام».
ونظراً إلى ما تلعبه منصات التواصل الاجتماعي من دور في بث الخطاب بشكل أسرع وأكثر انتشاراً من الإعلام التقليدي، والتي لا تمكن السيطرة عليها أحياناً، قال رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة «تويتر» الأميركية لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط جورج سلامة: إن «الموقع لا يمكنه تحديد عدد الحسابات الزائفة أو حذف تلك التي تبث خطاباً عدائياً، لكوننا لا نراقب المحتوى، أما عن مسؤوليتنا عن المحتوى السيئ فالحقيقة أن كل مستخدم مسؤول بالمقدار ذاته، ونعطي مستخدمينا أدوات للإبلاغ والحجب».
مهاجر غير شرعي
وروى رئيس تحرير جريدة «الأهرام ويكلي» الصادرة بالإنجليزية في مصر عزت إبراهيم تجربته مع مكافحة الخطاب العدائي قائلاً: «كنت أحد حضور مؤتمر مكافحة خطاب الكراهية» في بروكسل، وأدرت جلسة حول «المفاهيم التي تروج لمصطلحات الكراهية»، فاستخدام كلمة لاجئ يختلف عن استخدام مهاجر غير شرعي، كما اطلعت على تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، إذ قام بعمل دراسات حول استخدام المصطلحات المختلفة، لكون كلمات مثل «اللاجئين والمهاجرين» دائماً تلتصق بهم صفات سلبية، فيما تحاول شبكة الصحافة الأخلاقية في بريطانيا تنقية المصطلحات وتعزيز التغطية المسؤولة عبر عدم استخدام الألفاظ التي تعمق الفجوة وتحض على الكراهية، بينما تقوم الأمم المتحدة بمحاولة الترويج على أن يكون هناك مقدار من الحرص في التعامل مع تلك الأخبار الخاصة بالمهاجرين».
ويرى عزت أن «ثمة ضرورة لمناقشة من المسؤول عن تغيير الصورة، وهل المؤسسات الصحافية تصنع الخبر أم تصنع الأزمة؟» وشرح بقوله إن «البعض يرى أن الإعلام يمكن أن يكون صانعاً للأزمة من خلال ترويج الخطابات المعادية، ما يزيد من احتقار المهاجرين واللاجئين»، لافتاً إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن موجة اللجوء ستستمر سنوات طويلة، فهناك حوالى عشرين مليون لاجئ في العالم، وملايين أخرى في الطريق، ما يعني أنها أزمة ممتدة ومستمرة سنوات مقبلة، ومن ثم ينبغي أن يحظى خطاب الكراهية بالأولوية، وشدد على ضرورة تحليل المضمون والذي لا يتوافر في بلادنا».
وحول تقويمه لأداء الإعلام المصري في هذا الصدد، اعتبر أن ثمة قصوراً في مسائل عدة، بينها عدم توافر المعلومات المتاحة بشكل كاف، فضلاً عن ازدواجية في التعامل، إذ يهاجم الإعلام المصري نظيره الغربي في التعامل مع المهاجرين، بينما نقع في الفخ ذاته. ويظل خطابنا الداخلي في حاجة إلى التغيير لكونه يتعامل مع المهاجرين بوصفهم خطراً، في حين أن هناك حالات وأوضاعاً إنسانية، مثل حوادث موت المصريين وغرقهم على شواطئ ليبيا والتي يتم عرضها بوصفها «حوادث»، ويتم إلقاء اللوم على المهاجر، فيما تستغرق مسألة علاج جذور الأزمة أياماً قليلة في الطرح الإعلامي وعبر معالجة سطحية وتغطية تقليدية ومتشابهة».
ويتوجس عزت قلقاً من استحداث معسكرات لتجميع المهاجرين في شمال ليبيا تحت إشراف إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي ويعتبره اتجاهاً جديداً قد يتسبب بأضرار مستقبلية، ومنها في طريقة تناول هؤلاء المهاجرين بوصفهم مجرمين يتم جمعهم في معسكرات اعتقال». وسُئل عزت: «ألا ترى أن الإعلام يعد انعكاساً للمشاعر المجتمعية؟»، وهو ما أكده شارحاً أن «في مصر نحو 5 ملايين مواطن سوداني، ونصف مليون سوري وجنسيات أخرى أفريقية، لا يتعامل المجتمع معهم بصفتهم «قيمة مضافة» محتملة في سوق العمل لاسيما أن مصر تعاني نسبة بطالة مرتفعة، في وقت تستوعب سوق العمل في أوروبا تلك الأعداد ومنها دولة ألمانيا حيث ضمتهم إلى سوق العمل. ولفت إلى أن «المعاناة من البطالة في بلدنا تولد حالة الشحن المضاد ضد المهاجرين بدعوى تهديدهم فرص العمل، وهذا حال كل دول العالم الثالث على عكس دول الشمال التي يوجد فيها برامج لاستيعاب المهاجرين».
وتحدث مدير مدير التدريب في البرنامج المصري لتطوير الإعلام أحمد منتصر حول مبادرة «لا لخطاب الكراهية» قائلاً: «نعمل في «البرنامج المصري» على مكافحة خطاب الكراهية منذ نحو عامين، وقمنا بإعداد أول دليل بالمصطلحات التي قد يستخدمها الإعلام أحياناً وتحتوي نوعاً من خطاب الكراهية وذلك بالتعاون مع الجامعة الأميركية والشبكة الأخلاقية للصحافة في بريطانيا وهي الطرف الأساسي، إذ أطلعنا على تجربتهم في «الدليل الأوروبي» وقمنا بإعداد شيء مشابه، ويتم تحديثه باستمرار وإضافة المصطلحات والكلمات. وأضاف منتصر أن «أهدافنا تلاقت مع منظمة الأمم المتحدة لمكافحة هذا الخطاب، لكوننا بدأنا في العالم العربي نعي خطورة هذا الخطاب الكريه، ومن ثم بدأنا نتخذ خطوات فعلية في هذا الصدد. وكان لافتاً حضور عدد كبير لهذا المؤتمر من الصحافيين والقنوات التلفزيونية ما يعكس اهتماماً حقيقياً ووعياً حقيقياً تجاه المسألة».
وسئل حول إمكان أن تعمل وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام للتخفيف من حدة خطاب الكراهية؟ فأجاب بقوله إن «وسائل الإعلام هي أساس التأثير على الرأي العام، ويمكن القول إنه لا يوجد بعدُ وعي شامل بماهية خطاب الكراهية، ومازال هناك استخدام لمصطلحات أو طريقة عرض مواضيع اللاجئين في شكل ينطوي على بث مفهوم خطاب العنف والكراهية، ومن ثم لا ينبغي أن يكون هناك مصطلحات ترسخ التفرقة العنصرية أو عقائدية أو عرقية، ولا بد في مجتمعاتنا من الانتباه لذلك، وهذا هو دورنا المنوط بنا القيام به كإعلاميين».
وقالت أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة نائلة حمدي، إن «كثيراً من مفردات خطاب الكراهية تم تسييسه في مصر ولا بد من مكافحة هذا الخطاب». كما ترى أن تغطية مسائل اللاجئين في الإعلام المصري تكاد تكون أوروبية، إذ تتعامل مع اللاجئين بطريقة تشبه تعامل الإعلام الغربي عبر تأطير القضية، وبث الأخبار في شكل تسلسلي وليس موضوعياً، مثلما حدث في عام 2015 مع صورة الطفل الكردي إيلان، فيما تجاهل المواضيع والقصص خلف هذه الصور، ولم يخصص الإعلام المصري في السنوات الأخيرة إلا القليل من الوقت لتغطية تلك القصص كما لو كانت تلك الأزمة تخص أوروبا فقط». بينما أشادت حمدي بتخصيص مجلة «نصف الدنيا»، نصف صفحات أحد أعدادها لطرح قضية المهاجرين في مصر، وطالبت الصحافيين بتغطية قصص المهاجرين في شكل أوسع، وبطريقة موضوعية ذات بعد إنساني، والبحث في ما وراء الصورة».
غالباً ما ينعكس الاستقطاب السياسي على أداء وسائل الإعلام المختلفة، ومنصات التواصل الإجتماعي، وارتفعت خلال السنوات الأخيرة نبرة الخطاب الذي بلغ حد التحريض أحياناً ضد المهاجرين واللاجئين في العالم.
وتعتبر وسائل الإعلام ساحة خصبة لبث هذا الخطاب وانتشاره، ما انعكس سلباً على أوضاع المهاجرين واللاجئين الذين تضاعفت أعدادهم خلال السنوات الأخيرة بفعل النزاعات والحروب لاسيما في الشرق الأوسط، وانتشر خطاب التعصب والتحريض واستخدام بعض «اليمين المتشدد» لأغراض سياسية لاسيما في أوروبا وأميركا. وساهمت المصطلحات المستخدمة في الإعلام عند تناول قضايا اللاجئين والميل إلى تصويرهم في صورة إجرامية، بالتأثير في تعامل المواطنين والحكومات معهم.
وأحياناً، يلعب الإعلام من دون أن يتنبه دوراً في نشر خطاب الكراهية خلال طرحه قضايا المهاجرين وهناك محتوى يحمل في طياته ذلك التحريض، ما ينبغي التصدي له ومواجهته العاملين وتوعيته في الحقل الصحافي والإعلامي بآثاره، وبناء المبادرات للتوعية باستخدام المصطلحات التي تجنب الحض على الكراهية، وهذا الأمر كان مبعث اهتمام تحالف الأمم المتحدة للحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والذي نظم في القاهرة مؤتمراً حول «انتشار خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الإعلام»، بالتعاون مع «البرنامج المصري لتطوير وسائل الإعلام»، في إطار مبادرة «لا لنشر الكراهية»، ضمن سلسلة من المؤتمرات في هذا الصدد، إذ سبقها مؤتمران في نيويورك وباكو وبروكسل بهدف التركيز على تجارب الهجرة، ومحاولة صياغة توصيات لوقف القصص السلبية ضد المهاجرين واللاجئين والتخفيف من تأثير خطاب الكراهية، ومواجهة تصاعد موجات التعصب في دول عدة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صاحبة النسبة الأكبر في تصدير اللاجئين للعالم، استناداً إلى «إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين» والصادر عام 2016، والتزامه بمكافحة جرائم الكراهية وخطاب الكراهية والعنف العنصري.
ودعت رئيس تحالف الحضارات نهال سعد، الصحافيين إلى توخي الدقة عند تناولهم قضية الهجرة والمهاجرين، إذ ترى أن تأثيرات التحركات الكبيرة للسكان صارت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، لافتة إلى أنه مثلما شهد العالم تضامناً مع اللاجئين، شهد أيضاً كراهية الأجانب في وسائل الإعلام».
أما روجياتا سول وهي صحافية وناشطة فرنسية من أصول أفريقية، أخذت على عاتقها تبني مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضد المهاجرين، وتمكنت في وقائع عدة من تعبئة الرأي العام والمجتمع المدني من أجل تلك القضية، كما توجهت إلى المدارس لشرح واقع الأمور للطلاب ليدركوا بأنفسهم أنهم قد يكونون أمام معلومات مغلوطة يبثها الإعلام. وأكدت سال ل «الحياة» نجاح تلك التجربة فلديهم عدد من الصحافيين الشباب الذين يلتزمون بتلك المعايير وهو ما تلمسه أيضاً عبر تجاوب القراء وردود أفعالهم مع تجربتها ونبذهم لخطاب الكراهية».
ويرى الناطق باسم «شبكة الصحافة الأخلاقية» توم لو، أنه لا يمكن النظر إلى ما تقدمه وسائل الإعلام بشأن الهجرة بمعزل من البيئة الإعلامية في الدولة، مع الإشارة إلى أن «دعم الصحافة المستقلة هو أحد وسائل مكافحة خطاب الكراهية في الإعلام».
ونظراً إلى ما تلعبه منصات التواصل الاجتماعي من دور في بث الخطاب بشكل أسرع وأكثر انتشاراً من الإعلام التقليدي، والتي لا تمكن السيطرة عليها أحياناً، قال رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة «تويتر» الأميركية لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط جورج سلامة: إن «الموقع لا يمكنه تحديد عدد الحسابات الزائفة أو حذف تلك التي تبث خطاباً عدائياً، لكوننا لا نراقب المحتوى، أما عن مسؤوليتنا عن المحتوى السيئ فالحقيقة أن كل مستخدم مسؤول بالمقدار ذاته، ونعطي مستخدمينا أدوات للإبلاغ والحجب».
مهاجر غير شرعي
وروى رئيس تحرير جريدة «الأهرام ويكلي» الصادرة بالإنجليزية في مصر عزت إبراهيم تجربته مع مكافحة الخطاب العدائي قائلاً: «كنت أحد حضور مؤتمر مكافحة خطاب الكراهية» في بروكسل، وأدرت جلسة حول «المفاهيم التي تروج لمصطلحات الكراهية»، فاستخدام كلمة لاجئ يختلف عن استخدام مهاجر غير شرعي، كما اطلعت على تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، إذ قام بعمل دراسات حول استخدام المصطلحات المختلفة، لكون كلمات مثل «اللاجئين والمهاجرين» دائماً تلتصق بهم صفات سلبية، فيما تحاول شبكة الصحافة الأخلاقية في بريطانيا تنقية المصطلحات وتعزيز التغطية المسؤولة عبر عدم استخدام الألفاظ التي تعمق الفجوة وتحض على الكراهية، بينما تقوم الأمم المتحدة بمحاولة الترويج على أن يكون هناك مقدار من الحرص في التعامل مع تلك الأخبار الخاصة بالمهاجرين».
ويرى عزت أن «ثمة ضرورة لمناقشة من المسؤول عن تغيير الصورة، وهل المؤسسات الصحافية تصنع الخبر أم تصنع الأزمة؟» وشرح بقوله إن «البعض يرى أن الإعلام يمكن أن يكون صانعاً للأزمة من خلال ترويج الخطابات المعادية، ما يزيد من احتقار المهاجرين واللاجئين»، لافتاً إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن موجة اللجوء ستستمر سنوات طويلة، فهناك حوالى عشرين مليون لاجئ في العالم، وملايين أخرى في الطريق، ما يعني أنها أزمة ممتدة ومستمرة سنوات مقبلة، ومن ثم ينبغي أن يحظى خطاب الكراهية بالأولوية، وشدد على ضرورة تحليل المضمون والذي لا يتوافر في بلادنا».
وحول تقويمه لأداء الإعلام المصري في هذا الصدد، اعتبر أن ثمة قصوراً في مسائل عدة، بينها عدم توافر المعلومات المتاحة بشكل كاف، فضلاً عن ازدواجية في التعامل، إذ يهاجم الإعلام المصري نظيره الغربي في التعامل مع المهاجرين، بينما نقع في الفخ ذاته. ويظل خطابنا الداخلي في حاجة إلى التغيير لكونه يتعامل مع المهاجرين بوصفهم خطراً، في حين أن هناك حالات وأوضاعاً إنسانية، مثل حوادث موت المصريين وغرقهم على شواطئ ليبيا والتي يتم عرضها بوصفها «حوادث»، ويتم إلقاء اللوم على المهاجر، فيما تستغرق مسألة علاج جذور الأزمة أياماً قليلة في الطرح الإعلامي وعبر معالجة سطحية وتغطية تقليدية ومتشابهة».
ويتوجس عزت قلقاً من استحداث معسكرات لتجميع المهاجرين في شمال ليبيا تحت إشراف إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي ويعتبره اتجاهاً جديداً قد يتسبب بأضرار مستقبلية، ومنها في طريقة تناول هؤلاء المهاجرين بوصفهم مجرمين يتم جمعهم في معسكرات اعتقال». وسُئل عزت: «ألا ترى أن الإعلام يعد انعكاساً للمشاعر المجتمعية؟»، وهو ما أكده شارحاً أن «في مصر نحو 5 ملايين مواطن سوداني، ونصف مليون سوري وجنسيات أخرى أفريقية، لا يتعامل المجتمع معهم بصفتهم «قيمة مضافة» محتملة في سوق العمل لاسيما أن مصر تعاني نسبة بطالة مرتفعة، في وقت تستوعب سوق العمل في أوروبا تلك الأعداد ومنها دولة ألمانيا حيث ضمتهم إلى سوق العمل. ولفت إلى أن «المعاناة من البطالة في بلدنا تولد حالة الشحن المضاد ضد المهاجرين بدعوى تهديدهم فرص العمل، وهذا حال كل دول العالم الثالث على عكس دول الشمال التي يوجد فيها برامج لاستيعاب المهاجرين».
وتحدث مدير مدير التدريب في البرنامج المصري لتطوير الإعلام أحمد منتصر حول مبادرة «لا لخطاب الكراهية» قائلاً: «نعمل في «البرنامج المصري» على مكافحة خطاب الكراهية منذ نحو عامين، وقمنا بإعداد أول دليل بالمصطلحات التي قد يستخدمها الإعلام أحياناً وتحتوي نوعاً من خطاب الكراهية وذلك بالتعاون مع الجامعة الأميركية والشبكة الأخلاقية للصحافة في بريطانيا وهي الطرف الأساسي، إذ أطلعنا على تجربتهم في «الدليل الأوروبي» وقمنا بإعداد شيء مشابه، ويتم تحديثه باستمرار وإضافة المصطلحات والكلمات. وأضاف منتصر أن «أهدافنا تلاقت مع منظمة الأمم المتحدة لمكافحة هذا الخطاب، لكوننا بدأنا في العالم العربي نعي خطورة هذا الخطاب الكريه، ومن ثم بدأنا نتخذ خطوات فعلية في هذا الصدد. وكان لافتاً حضور عدد كبير لهذا المؤتمر من الصحافيين والقنوات التلفزيونية ما يعكس اهتماماً حقيقياً ووعياً حقيقياً تجاه المسألة».
وسئل حول إمكان أن تعمل وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام للتخفيف من حدة خطاب الكراهية؟ فأجاب بقوله إن «وسائل الإعلام هي أساس التأثير على الرأي العام، ويمكن القول إنه لا يوجد بعدُ وعي شامل بماهية خطاب الكراهية، ومازال هناك استخدام لمصطلحات أو طريقة عرض مواضيع اللاجئين في شكل ينطوي على بث مفهوم خطاب العنف والكراهية، ومن ثم لا ينبغي أن يكون هناك مصطلحات ترسخ التفرقة العنصرية أو عقائدية أو عرقية، ولا بد في مجتمعاتنا من الانتباه لذلك، وهذا هو دورنا المنوط بنا القيام به كإعلاميين».
وقالت أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة نائلة حمدي، إن «كثيراً من مفردات خطاب الكراهية تم تسييسه في مصر ولا بد من مكافحة هذا الخطاب». كما ترى أن تغطية مسائل اللاجئين في الإعلام المصري تكاد تكون أوروبية، إذ تتعامل مع اللاجئين بطريقة تشبه تعامل الإعلام الغربي عبر تأطير القضية، وبث الأخبار في شكل تسلسلي وليس موضوعياً، مثلما حدث في عام 2015 مع صورة الطفل الكردي إيلان، فيما تجاهل المواضيع والقصص خلف هذه الصور، ولم يخصص الإعلام المصري في السنوات الأخيرة إلا القليل من الوقت لتغطية تلك القصص كما لو كانت تلك الأزمة تخص أوروبا فقط». بينما أشادت حمدي بتخصيص مجلة «نصف الدنيا»، نصف صفحات أحد أعدادها لطرح قضية المهاجرين في مصر، وطالبت الصحافيين بتغطية قصص المهاجرين في شكل أوسع، وبطريقة موضوعية ذات بعد إنساني، والبحث في ما وراء الصورة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.