يأتي كتاب "أم كلثوم في الشعر العربي" للدكتور إبراهيم أبو زيد ليكون جديدا في بابه من جهة أنه أول كتاب يصدر جامعا معظم الأشعار التي كتبت في عبقرية الغناء عند أم كلثوم، وقد كلف الكاتب نفسه مؤونة البحث الجاد الدؤوب في بطون المجلات والدوريات والدواوين الشعرية الحديثة ، حتى استوى بين يديه منها ديوان شعر كامل ، ينشر لأول مرة . كما عالج المؤلف هذه النصوص الإبداعية معالجة نصية جمالية تقف على المكونات الداخلية للنصوص من الناحية المجازية والتركيبية والصوتية والدلالية، وأشار إلى الكيفية التي التقت هذه النصوص بصوت أم كلثوم، واعتبر أن هذا حدث من قبيل التقاء الفن بالفن، وتجاوز المجاز مع المجاز. وينصب موضوع الكتاب على الشعر العربي المعاصر الذي عالج الإبداع الصوتي الغنائي لسيدة الغناء العربي ، صاحبة الحنجرة المثقفة والصوت الكريستالي المجدد، الذي يجمع بين التعبير والطرب، ووجه الطرافة في هذا الكتاب أن يقف الشعر متأملا وجوه الموسيقى والغناء كما نبعا من حنجرة بل من جوارح سيدة الغناء العربي. ومع الأخذ في الاعتبار أن الشعر العربي كان في معظمة غناء وموسيقى، وإن اختلفت وجهات النظر النقدية حول لون هذه الموسيقي عبر مدارس النقد والفن المختلفة سواء في القصيدة الكلاسيكية والرومانسية والحرة والقصيدة النثرية، لكن عندما يقف الشعر بمجازاته وتراكيبه وموسيقاه متأملا الغناء في ذاته، وكأنه لون من الموسيقى على الموسيقى والجمال على الجمال، فهذا هو الجديد الذي قدمه المؤلف في هذا الكتاب. يؤكد المؤلف من خلال صفحات هذا الكتاب على أن أم كلثوم كانت علامة عصر جديد يؤرخ للعصر من خلالها، فكانت تغني من قلبها ومن جوارحها بل ومن جميع كيانها، وكانت تغني لنفسها قبل أن تغني للناس، وتسكب في غنائها دموعها وأشواقها وخيالها، ويصف المؤلف أم كلثوم بأنها كانت بتول الأغنية المصرية، المتهجدة في محراب الفن، التي تقف على مسرح الغناء أمام الجمهور الحاضر لحفلتها، وعلى مسمع من الملايين الذين يجلسون بجانب المذياع ، لتتلو عليهم صلوات الغناء وتختصر تراتيل القلب الدفين. لقد كسرت أم كلثوم الأعراف السائدة لفن العربي في وقتها، فأدخلت الغناء العربي الفصيح إلى الوجدان الشعبي العامي، كما أدخلت الدين إلى رحاب الفن عندما غنت قصائد شوقي الدينية، كما طوعت الشعر الفصيح للحن، وجعلت الفصحى تمشي بين الناس في الأسواق، حيث أن أم كلثوم تخرجت من مدرسة الابتهال الديني والمقامات العربية الأصلية عند الشيخ أبو العلا محمد، فارتقت بالأغنية من المجال السوقي المتهالك إلى عوالم الجمال والجلال التي تخاطب المستوى الوجداني والوطني والقومي. وجدان الخيال الشعبي ويورد المؤلف من الأدلة والمقاربات ما يخلص من خلاله إلى أن أم كلثوم اكتسبت في وجدان الخيال الشعبي لجمهورها صفات صاحبة السيرة الشعبية ، التي يخلدها الجمهور بأن يضفي عليها كل ما من شأنه إضفاء كل صفات الكمال ونفى كل نقيصة، ويشار هنا إلى أن الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان السابق قد ساعد على تكريس صورة أم كلثوم كصاحبة سيرة شعبية من خلال منحها لقب ( صاحبة العصمة)، وذلك بعد أن أنعم عليها الملك السابق بنشيان الكمال وهو النيشان الذي يمنح صاحبته لقب صاحبة العصمة، وحيث يشير المؤلف إلى أن هذه المكانة الرفيعة التي وصلت لها أم كلثوم كانت بفضل مثابرتها وجهادها في محراب الفن، حيث بدأت مسيرتها الفنية ضمن طوائف المغنين في فترة من الزمان لم يكن لصاحبها حق الشهادة في المحاكم، كما أن هذه المهنة ارتبطت في السياق المعرفي العام بالإماء وليس بالحرائر، لكن أم كلثوم استطاعت بفضل ما وصفه الكاتب ب ( نزالها في معركة الغناء) أن تجعل لها مكانة تفوق ما تحتله غيرها من الحرائر، وأن تحمل ألقاب مثل صاحبة العصمة والمجاهدة في دعم صفوف الجيش، وشبه الكاتب سيرة أم كلثوم في هذا السياق بسيرة الأميرة ذات الهمة التي تتقلب بين حالات السبي والحرية لتصبح في نهاية المطاف ( الأميرة المجاهدة ذات الهمة) لقد اهتم السياق التاريخي للكتاب بالكشف عن النصوص المتعلقة بأم كلثوم، كما اهتم السياق المعرفي للكتاب بوضع هذه النصوص في جوانبها الثقافية والاجتماعية بهدف كشف ما وصلت إليه العلاقة بين الشاعر والغناء، بالإضافة إلى وضع النصوص التي وردت في الكتاب في سياقها الجمالي، وحيث حاول المؤلف من خلال ذلك كله إلى الإجابة عن سؤال محدد وهو: هل رسم الشعراء صورة لأم كلثوم توازي هذا التحول المعرفي المصاحب لها؟ وهل الصورة ناتجة عن فهمهم للغناء عموما ؟ أم ناتجة عن شخصية أم كلثوم؟ وما الأثر الناتج عن ذلك في الإيقاع والصورة الشعرية؟ وينقل المؤلف عن معروف الرصافي قوله عن أم كلثوم : أم كلثوم في فنون الأغاني أمة وحدها بهذا الزمان هى في الشرق وحدها ربة الفن فما أن للفن رب ثان ذاع من صوتها لها اليوم صيت عم كل الأمصار والبلدان ما تغنت إلا وقد سحرتنا بافتنان لها وأى افتنان في الأغاني تمثل الحب تمثي لا صريحا بصوتها الفتان كل هذا في صوتها يتجلى من خلال الأنغام والألحان تنشد الشعر في الغناء فتأتي بلحون مطابقات المعاني فكأن الأنغام في الصوت منها ناطقات لنا بغير لسان قد سمعنا غناءها فعرفنا كيف فعل الغناء في الإنسان حسن صوت يزينه حسن لحن فيه للسامعين حسن بياني ويستمر الشاعر في وصفه لأم كلثوم شعرا حتى يختم القصيد ببيت يؤكد فيه أن أم كلثوم مثلت النموذج المثالي في رقي الفنان ورقى فنه، فيقول: هكذا فلتكن يد الفن على هكذا فليكن علا الفنان جدير بالتنويه أن كتاب " أم كلثوم في الشعر العربي" لدلكتور د. إبراهيم عبد العزيز أبو زيد ، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ، ويقع في نحو 357 صفحة من القطع المتوسط . خدمة ( وكالة الصحافة العربية ) يأتي كتاب "أم كلثوم في الشعر العربي" للدكتور إبراهيم أبو زيد ليكون جديدا في بابه من جهة أنه أول كتاب يصدر جامعا معظم الأشعار التي كتبت في عبقرية الغناء عند أم كلثوم، وقد كلف الكاتب نفسه مؤونة البحث الجاد الدؤوب في بطون المجلات والدوريات والدواوين الشعرية الحديثة ، حتى استوى بين يديه منها ديوان شعر كامل ، ينشر لأول مرة . كما عالج المؤلف هذه النصوص الإبداعية معالجة نصية جمالية تقف على المكونات الداخلية للنصوص من الناحية المجازية والتركيبية والصوتية والدلالية، وأشار إلى الكيفية التي التقت هذه النصوص بصوت أم كلثوم، واعتبر أن هذا حدث من قبيل التقاء الفن بالفن، وتجاوز المجاز مع المجاز. وينصب موضوع الكتاب على الشعر العربي المعاصر الذي عالج الإبداع الصوتي الغنائي لسيدة الغناء العربي ، صاحبة الحنجرة المثقفة والصوت الكريستالي المجدد، الذي يجمع بين التعبير والطرب، ووجه الطرافة في هذا الكتاب أن يقف الشعر متأملا وجوه الموسيقى والغناء كما نبعا من حنجرة بل من جوارح سيدة الغناء العربي. ومع الأخذ في الاعتبار أن الشعر العربي كان في معظمة غناء وموسيقى، وإن اختلفت وجهات النظر النقدية حول لون هذه الموسيقي عبر مدارس النقد والفن المختلفة سواء في القصيدة الكلاسيكية والرومانسية والحرة والقصيدة النثرية، لكن عندما يقف الشعر بمجازاته وتراكيبه وموسيقاه متأملا الغناء في ذاته، وكأنه لون من الموسيقى على الموسيقى والجمال على الجمال، فهذا هو الجديد الذي قدمه المؤلف في هذا الكتاب. يؤكد المؤلف من خلال صفحات هذا الكتاب على أن أم كلثوم كانت علامة عصر جديد يؤرخ للعصر من خلالها، فكانت تغني من قلبها ومن جوارحها بل ومن جميع كيانها، وكانت تغني لنفسها قبل أن تغني للناس، وتسكب في غنائها دموعها وأشواقها وخيالها، ويصف المؤلف أم كلثوم بأنها كانت بتول الأغنية المصرية، المتهجدة في محراب الفن، التي تقف على مسرح الغناء أمام الجمهور الحاضر لحفلتها، وعلى مسمع من الملايين الذين يجلسون بجانب المذياع ، لتتلو عليهم صلوات الغناء وتختصر تراتيل القلب الدفين. لقد كسرت أم كلثوم الأعراف السائدة لفن العربي في وقتها، فأدخلت الغناء العربي الفصيح إلى الوجدان الشعبي العامي، كما أدخلت الدين إلى رحاب الفن عندما غنت قصائد شوقي الدينية، كما طوعت الشعر الفصيح للحن، وجعلت الفصحى تمشي بين الناس في الأسواق، حيث أن أم كلثوم تخرجت من مدرسة الابتهال الديني والمقامات العربية الأصلية عند الشيخ أبو العلا محمد، فارتقت بالأغنية من المجال السوقي المتهالك إلى عوالم الجمال والجلال التي تخاطب المستوى الوجداني والوطني والقومي. وجدان الخيال الشعبي ويورد المؤلف من الأدلة والمقاربات ما يخلص من خلاله إلى أن أم كلثوم اكتسبت في وجدان الخيال الشعبي لجمهورها صفات صاحبة السيرة الشعبية ، التي يخلدها الجمهور بأن يضفي عليها كل ما من شأنه إضفاء كل صفات الكمال ونفى كل نقيصة، ويشار هنا إلى أن الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان السابق قد ساعد على تكريس صورة أم كلثوم كصاحبة سيرة شعبية من خلال منحها لقب ( صاحبة العصمة)، وذلك بعد أن أنعم عليها الملك السابق بنشيان الكمال وهو النيشان الذي يمنح صاحبته لقب صاحبة العصمة، وحيث يشير المؤلف إلى أن هذه المكانة الرفيعة التي وصلت لها أم كلثوم كانت بفضل مثابرتها وجهادها في محراب الفن، حيث بدأت مسيرتها الفنية ضمن طوائف المغنين في فترة من الزمان لم يكن لصاحبها حق الشهادة في المحاكم، كما أن هذه المهنة ارتبطت في السياق المعرفي العام بالإماء وليس بالحرائر، لكن أم كلثوم استطاعت بفضل ما وصفه الكاتب ب ( نزالها في معركة الغناء) أن تجعل لها مكانة تفوق ما تحتله غيرها من الحرائر، وأن تحمل ألقاب مثل صاحبة العصمة والمجاهدة في دعم صفوف الجيش، وشبه الكاتب سيرة أم كلثوم في هذا السياق بسيرة الأميرة ذات الهمة التي تتقلب بين حالات السبي والحرية لتصبح في نهاية المطاف ( الأميرة المجاهدة ذات الهمة) لقد اهتم السياق التاريخي للكتاب بالكشف عن النصوص المتعلقة بأم كلثوم، كما اهتم السياق المعرفي للكتاب بوضع هذه النصوص في جوانبها الثقافية والاجتماعية بهدف كشف ما وصلت إليه العلاقة بين الشاعر والغناء، بالإضافة إلى وضع النصوص التي وردت في الكتاب في سياقها الجمالي، وحيث حاول المؤلف من خلال ذلك كله إلى الإجابة عن سؤال محدد وهو: هل رسم الشعراء صورة لأم كلثوم توازي هذا التحول المعرفي المصاحب لها؟ وهل الصورة ناتجة عن فهمهم للغناء عموما ؟ أم ناتجة عن شخصية أم كلثوم؟ وما الأثر الناتج عن ذلك في الإيقاع والصورة الشعرية؟ وينقل المؤلف عن معروف الرصافي قوله عن أم كلثوم : أم كلثوم في فنون الأغاني أمة وحدها بهذا الزمان هى في الشرق وحدها ربة الفن فما أن للفن رب ثان ذاع من صوتها لها اليوم صيت عم كل الأمصار والبلدان ما تغنت إلا وقد سحرتنا بافتنان لها وأى افتنان في الأغاني تمثل الحب تمثي لا صريحا بصوتها الفتان كل هذا في صوتها يتجلى من خلال الأنغام والألحان تنشد الشعر في الغناء فتأتي بلحون مطابقات المعاني فكأن الأنغام في الصوت منها ناطقات لنا بغير لسان قد سمعنا غناءها فعرفنا كيف فعل الغناء في الإنسان حسن صوت يزينه حسن لحن فيه للسامعين حسن بياني ويستمر الشاعر في وصفه لأم كلثوم شعرا حتى يختم القصيد ببيت يؤكد فيه أن أم كلثوم مثلت النموذج المثالي في رقي الفنان ورقى فنه، فيقول: هكذا فلتكن يد الفن على هكذا فليكن علا الفنان جدير بالتنويه أن كتاب " أم كلثوم في الشعر العربي" لدلكتور د. إبراهيم عبد العزيز أبو زيد ، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ، ويقع في نحو 357 صفحة من القطع المتوسط . خدمة ( وكالة الصحافة العربية )