رئيس حزب إرادة جيل: موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية تعكسه الأفعال .. وجهودها في رفع المعاناة عن أهالي غزة لم تتوقف    كشف ملابسات مشاجرة فى القاهرة وإصابة أحد الأشخاص    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    تخرج دفعات جديدة من المعينين بالهيئات القضائية والطب الشرعي بالأكاديمية العسكرية    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    المشاط تبحث مع مديرة ITC تعزيز دعم المشروعات الصغيرة والتحول الرقمي    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    استكمال أعمال رصف طريق بني غالب- جحدم في أسيوط بتكلفة 17 مليون جنيه    76 مركزاً تقدمتهم مصر بين 2019 و2014 بمؤشر المشروعات المتوسطة والصغيرة.. و«التخطيط»: تمثل 43% من الناتج المحلي الإجمالي وتستوعب ثلث القوى العاملة    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات من 60% بالنسبة المئوية    مدير الفريق الطبي المتنقل في غزة: طفل من بين كل سبعة يعاني من سوء تغذية حاد    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    تايلاند تعلن مقتل وإصابة 23 شخصًا جراء الاشتباكات مع كمبوديا    بعد انضمامه لمنتخب الشباب.. مدافع أرسنال: أحلم بالفوز بالبطولات مع الفراعنة    مصطفى شلبي يودع الزمالك برسالة مؤثرة ويعلن انضمامه للبنك الأهلي    بعد أزمة العروض.. وسام أبو على يودع جماهير الأهلى بطريقته الخاصة    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    منتخب جامعات مصر للتايكوندو يحصد فضية الألعاب الصيفية للجامعات بألمانيا    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    «الأرصاد» تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى الثلاثاء المقبل    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    إنفوجراف ..فتح باب التظلم من نتيجة الثانوية العامة 2025 الأسبوع المقبل    إصابة رئيس محكمة و3 من أسرته في انقلاب سيارة على طريق الفيوم/ أسيوط الصحراوي    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال وجدته ضائعًا في الشارع؟..أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة كحفل زفاف مربك في فيلم للثنائي الفرنسي نكاش وتوليدانو
نشر في صوت البلد يوم 24 - 10 - 2017

بعد نجاح تجربتهما كثنائي في الإخراج السينمائي، سواء داخل فرنسا أو خارجها، عاد أوليفيي نكاش وإيريك توليدانو ليطرحا على المشاهد فيلماً كوميدياً جديداً تتم فيه المراهنة على تجاوز ما أنجزاه خلال العملين السابقين «إنتوشابل» 2011 و«سامبا» 2014. وفيلم «لو سونس دي لا فيت/سي لا في»، أي معنى الاحتفال/إنها الحياة، تدور أحداثه في قصر تاريخي يعود للقرن الثامن عشر، ويقع في ضواحي باريس، حيث ارتأى الخطيبان بيار(بينجامان لافيرنه) وهيلينا (جوديت شاملة)، الاحتفال بعرسهما هناك، ومن ثم وقع اختيارهما على ماكس، متعهد للحفلات (جان بيير بكري) للقيام بكل التحضيرات والمتطلبات اللازمة حتى تمر ليلة العمر في أحسن الظروف. ما يجعل الطاقم الذي توكل له المهمة كبيرا جدا، حيث يضطر المتعهد إلى الاستعانة بأشخاص عديمي التجربة في المجال لتعويض بعض الغيابات، وستترتب عن ذلك مواقف أثرت على سير الاستعدادات وأربكت أجواء حفل الزفاف.
انتقال سلس
يحكي الفيلم أحداث يوم وليلة. تنقلنا الكاميرا إلى أجواء الاستعدادات التي ابتدأت نهارا وأجواء حفل الزفاف التي استمرت حتى الساعات المتأخرة من الليل. وتم توظيف أشغال العاملين وحضورهم المكثف كدلالة على مرور الزمن مع الاستعانة بالضوء، حيث نجح التصوير في تناول المراحل الزمنية والانتقال السلس بين النهار والليل. ويقترب الفيلم من عالم متعهد للحفلات الذي يعمل كل ما في وسعه لإرضاء زبائنه ضماناً لاستمرار مورد عيشه، والعلاقات التي تربطه مع أعضاء طاقم إدارته التقنية، ومساعدته جوسيان (سوزان كليمان)، التي تجمعها بماكس علاقة عاطفية والمشرفة على العمال أديلي (إي هيدارة) المتوترة بدون سبب مع باقي العاملين.
كما ينقل لنا المشاكل والمصاعب التي يحفل بها هذا الميدان المليء بالتوترات التي تزداد كلما تشابكت وتداخلت بعض الروابط العاطفية التي تنشأ مصادفة، والتي تساهم في انخفاض منسوب التوتر غير المبرر بين أديلي وجيمس مطرب الحفل (جيل لولوش) وبين غاي المصور الفوتوغرافي (جان بول روف) وأم العريس (هيلين فانسون).
وكذلك إحياء لقصص عشق قديمة ظلت حبيسة الذكريات كالتي جمعت بين عروس الحفل وجيليان النادل ( فانسون ماكاين) الذي يتنكر لعمله ويحاول جاهدا أن يتصرف وكأنه من المدعوين للحفل، بالإضافة إلى تظاهر بعض العاملين الأجانب بمعرفتهم للأعمال المنوطة بهم وطريقة تدخلاتهم ونطقهم للغة الفرنسية، بل واستعمالهم للغة الأم في التواصل في ما بينهم. كل تلك المواقف ستساهم في تغيير الإيقاع الداخلي للفيلم وتجعل بناءه الدرامي يتصاعد ويتعقد في الوقت نفسه بفعل عدم الانضباط، الناتج عن تلبية نزوات شخصية، ستطفو على السطح وفي لحظات تتطلب الكثير من التركيز، خاصة عند أرجحة العريس بالمنطاد الهوائي وجعله يلقى مصيره بعد إطلاق حبال التحكم. ومن بعدها عدم ضبط الوقت المناسب لإطلاق الشهب الاصطناعية، الذي سيؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي ليعم الظلام في مختلف أرجاء مناطق القلعة، وسط تذمر متعهد الحفلات معلنا نهاية مستقبله المهني.
ووسط انهياره تأتي المفاجأة عندما تمكن العمال من تأثيث فضاء القصر الداخلي بالشموع وخلق جو موسيقي شعبي، بآلات موسيقية شرقية، ما جعل العريسين ينخرطان في الرقص رفقة الضيوف، بعيداً عن التكلف والتصنع اللذين كانا طابع الحفل في البداية.
استطاع الفيلم بطريقة ذكية التماهي مع طبيعة الحفل المزمع إقامته عبر الاشتغال بطاقم فني من الممثلين، يعتبر الأكثرعددا في مسيرة المخرجين. وهذا ما يجعل الفيلم تحديا جديدا في إدارة الممثل وتوزيع الأدوار والحوار. واستعان الفيلم بممثلين فرنسيين لهم باع طويل في مجال الكوميديا، سواء في السينما أو المسرح كما أنه فتح الطريق لممثلين شباب من جنسيات مختلفة مغاربية وآسيوية، من سري لانكا تحديدا، للتعبيرعن التنوع الثقافي والإثني التي تعرفه فرنسا، والذي ما فتئ المخرجان يؤكدان عليه في كل تجاربهما تقريباً.
وتمت كتابة السيناريو على مقاس الشخصية الرئيسية في الفيلم، حيث يعترف مخرجا الفيلم أوليفيي نكاش وإيريك توليدانو بأن اتصالاً كان لهما مع النجم الفرنسي قبل سنة، وقتها كان الفيلم مجرد فكرة فقط، الذي أبدى موافقته في الاشتغال، بل كان يتدخل أحياناً في بناء الشخصية بعد استشارته وأخذ اقتراحاته حول تطور شخصيات الفيلم. كما صاغ كاتبا السيناريو حوارات فيلمهما التي كانت في معظمها قصيرة مع تركيز الكاميرا، التي كانت قريبة من شخصيات الفيلم على قسمات الوجوه والأشياء، حتى لا تترك للمتفرج أي فرصة للتفكير بفعل توالي اللقطات وتنوع الشخصيات التي جعلت من مشهد يبدو رتيباً ومملاً، مثل الكلمة الطويلة التي ألقاها العريس، يمر بشكل سريع لكثرة المواقف الكوميدية التي تحدث تباعاً. يجسد فيلم «لو سونس دي لا فيت/سي لا في» تلاحما فنيا يستمر منذ عشرين سنة بين مخرجين فرنسيين ويشكل استمرارا لمشروعهما الإبداعي، الذي يجعل من الكوميديا أداة لطرح ما تمور به الساحة الفرنسية الراهنة، وحتى إن كان تشابه بعض الأحداث يتم فيه صدفة وبلا قصد مسبق، لكنه ينم عن دراية واسعة للمخرجين الفرنسيين، بصفتهما أيضا كاتبي سيناريو الفيلم، بما يمكن أن يطرأ على أرض واقع يفاجئنا كل مرة ليصبح خيالاً إبداعياً يسرق الضحك من المشاهد بل يجعله لا يتمالك نفسه من شدة المواقف الساخرة.
يكتسي الفيلم طابعا كوميديا تتخلله بعض المشاهد الرومانسية وفق إيقاع فيلمي يتميز بالسرعة وفي أحيان أخرى بالبطء حتى يترك المجال للعواطف لتصل إلى المتلقي لكنه سرعان ما يستيقظ على وقع صدمة إهمال حبال المنطاد وترك العريس يواجه مصيره. كما أن موسيقى الجاز التي صاحبت مشاهد الفيلم ممزوجة أحيانا بإيقاعات شرقية ساهمت في إعطاء الفيلم مسحة فنية تجعل الحوار الفني سهل التلقي، وتشد الانتباه إلى اللقطات الآتية. ويحفل الفيلم بمجموعة من المشادات الكلامية وردود الأفعال، خاصة بين المطرب والعريس، وبين المصور والمدعوين عند رفضه استعمال الهواتف النقالة في التصوير. والفيلم محمل بإشارات نقدية للمجتمع الفرنسي، خاصة إثارته لموضوع الكبت العاطفي الذي يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية وحديث عن بعض الأعطاب التي تجعل من المسؤول الفرنسي يحتمي باللغة الإنشائية كملاذ لتعويم المواقف واستعراض العضلات، عندما يحين وقت الجد (تماما كما فعل العريس في كلمته الموجهة للمدعوين).
ويطرح الفيلم أيضا قضايا راهنة تقض مضجع الفرنسيين مثل التهرب الضريبي واستغلال العمال من خلال عدم التصريح بهم، حسبما تنص عليه قوانين الشغل والاندماج الثقافي والاجتماعي للأجانب. كما يتيح لنا الفيلم إمكانية التساؤل حول حاجة المجتمع الفرنسي لمتعهد حفلات، رغم الأحزان التي يعرفها العالم، لتنظيم عرس تحتاجه فرنسا أكثر من أي وقت مضى لتذكير البعض بأنها بلد للتعدد، الثقافي والعرقي، الذي يضمن بقاءها رغم ما يصاحبه من هفوات يتصورها دعاة معاداة الأجانب علامات كافية لتفكك للمجتمع الفرنسي.
بعد نجاح تجربتهما كثنائي في الإخراج السينمائي، سواء داخل فرنسا أو خارجها، عاد أوليفيي نكاش وإيريك توليدانو ليطرحا على المشاهد فيلماً كوميدياً جديداً تتم فيه المراهنة على تجاوز ما أنجزاه خلال العملين السابقين «إنتوشابل» 2011 و«سامبا» 2014. وفيلم «لو سونس دي لا فيت/سي لا في»، أي معنى الاحتفال/إنها الحياة، تدور أحداثه في قصر تاريخي يعود للقرن الثامن عشر، ويقع في ضواحي باريس، حيث ارتأى الخطيبان بيار(بينجامان لافيرنه) وهيلينا (جوديت شاملة)، الاحتفال بعرسهما هناك، ومن ثم وقع اختيارهما على ماكس، متعهد للحفلات (جان بيير بكري) للقيام بكل التحضيرات والمتطلبات اللازمة حتى تمر ليلة العمر في أحسن الظروف. ما يجعل الطاقم الذي توكل له المهمة كبيرا جدا، حيث يضطر المتعهد إلى الاستعانة بأشخاص عديمي التجربة في المجال لتعويض بعض الغيابات، وستترتب عن ذلك مواقف أثرت على سير الاستعدادات وأربكت أجواء حفل الزفاف.
انتقال سلس
يحكي الفيلم أحداث يوم وليلة. تنقلنا الكاميرا إلى أجواء الاستعدادات التي ابتدأت نهارا وأجواء حفل الزفاف التي استمرت حتى الساعات المتأخرة من الليل. وتم توظيف أشغال العاملين وحضورهم المكثف كدلالة على مرور الزمن مع الاستعانة بالضوء، حيث نجح التصوير في تناول المراحل الزمنية والانتقال السلس بين النهار والليل. ويقترب الفيلم من عالم متعهد للحفلات الذي يعمل كل ما في وسعه لإرضاء زبائنه ضماناً لاستمرار مورد عيشه، والعلاقات التي تربطه مع أعضاء طاقم إدارته التقنية، ومساعدته جوسيان (سوزان كليمان)، التي تجمعها بماكس علاقة عاطفية والمشرفة على العمال أديلي (إي هيدارة) المتوترة بدون سبب مع باقي العاملين.
كما ينقل لنا المشاكل والمصاعب التي يحفل بها هذا الميدان المليء بالتوترات التي تزداد كلما تشابكت وتداخلت بعض الروابط العاطفية التي تنشأ مصادفة، والتي تساهم في انخفاض منسوب التوتر غير المبرر بين أديلي وجيمس مطرب الحفل (جيل لولوش) وبين غاي المصور الفوتوغرافي (جان بول روف) وأم العريس (هيلين فانسون).
وكذلك إحياء لقصص عشق قديمة ظلت حبيسة الذكريات كالتي جمعت بين عروس الحفل وجيليان النادل ( فانسون ماكاين) الذي يتنكر لعمله ويحاول جاهدا أن يتصرف وكأنه من المدعوين للحفل، بالإضافة إلى تظاهر بعض العاملين الأجانب بمعرفتهم للأعمال المنوطة بهم وطريقة تدخلاتهم ونطقهم للغة الفرنسية، بل واستعمالهم للغة الأم في التواصل في ما بينهم. كل تلك المواقف ستساهم في تغيير الإيقاع الداخلي للفيلم وتجعل بناءه الدرامي يتصاعد ويتعقد في الوقت نفسه بفعل عدم الانضباط، الناتج عن تلبية نزوات شخصية، ستطفو على السطح وفي لحظات تتطلب الكثير من التركيز، خاصة عند أرجحة العريس بالمنطاد الهوائي وجعله يلقى مصيره بعد إطلاق حبال التحكم. ومن بعدها عدم ضبط الوقت المناسب لإطلاق الشهب الاصطناعية، الذي سيؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي ليعم الظلام في مختلف أرجاء مناطق القلعة، وسط تذمر متعهد الحفلات معلنا نهاية مستقبله المهني.
ووسط انهياره تأتي المفاجأة عندما تمكن العمال من تأثيث فضاء القصر الداخلي بالشموع وخلق جو موسيقي شعبي، بآلات موسيقية شرقية، ما جعل العريسين ينخرطان في الرقص رفقة الضيوف، بعيداً عن التكلف والتصنع اللذين كانا طابع الحفل في البداية.
استطاع الفيلم بطريقة ذكية التماهي مع طبيعة الحفل المزمع إقامته عبر الاشتغال بطاقم فني من الممثلين، يعتبر الأكثرعددا في مسيرة المخرجين. وهذا ما يجعل الفيلم تحديا جديدا في إدارة الممثل وتوزيع الأدوار والحوار. واستعان الفيلم بممثلين فرنسيين لهم باع طويل في مجال الكوميديا، سواء في السينما أو المسرح كما أنه فتح الطريق لممثلين شباب من جنسيات مختلفة مغاربية وآسيوية، من سري لانكا تحديدا، للتعبيرعن التنوع الثقافي والإثني التي تعرفه فرنسا، والذي ما فتئ المخرجان يؤكدان عليه في كل تجاربهما تقريباً.
وتمت كتابة السيناريو على مقاس الشخصية الرئيسية في الفيلم، حيث يعترف مخرجا الفيلم أوليفيي نكاش وإيريك توليدانو بأن اتصالاً كان لهما مع النجم الفرنسي قبل سنة، وقتها كان الفيلم مجرد فكرة فقط، الذي أبدى موافقته في الاشتغال، بل كان يتدخل أحياناً في بناء الشخصية بعد استشارته وأخذ اقتراحاته حول تطور شخصيات الفيلم. كما صاغ كاتبا السيناريو حوارات فيلمهما التي كانت في معظمها قصيرة مع تركيز الكاميرا، التي كانت قريبة من شخصيات الفيلم على قسمات الوجوه والأشياء، حتى لا تترك للمتفرج أي فرصة للتفكير بفعل توالي اللقطات وتنوع الشخصيات التي جعلت من مشهد يبدو رتيباً ومملاً، مثل الكلمة الطويلة التي ألقاها العريس، يمر بشكل سريع لكثرة المواقف الكوميدية التي تحدث تباعاً. يجسد فيلم «لو سونس دي لا فيت/سي لا في» تلاحما فنيا يستمر منذ عشرين سنة بين مخرجين فرنسيين ويشكل استمرارا لمشروعهما الإبداعي، الذي يجعل من الكوميديا أداة لطرح ما تمور به الساحة الفرنسية الراهنة، وحتى إن كان تشابه بعض الأحداث يتم فيه صدفة وبلا قصد مسبق، لكنه ينم عن دراية واسعة للمخرجين الفرنسيين، بصفتهما أيضا كاتبي سيناريو الفيلم، بما يمكن أن يطرأ على أرض واقع يفاجئنا كل مرة ليصبح خيالاً إبداعياً يسرق الضحك من المشاهد بل يجعله لا يتمالك نفسه من شدة المواقف الساخرة.
يكتسي الفيلم طابعا كوميديا تتخلله بعض المشاهد الرومانسية وفق إيقاع فيلمي يتميز بالسرعة وفي أحيان أخرى بالبطء حتى يترك المجال للعواطف لتصل إلى المتلقي لكنه سرعان ما يستيقظ على وقع صدمة إهمال حبال المنطاد وترك العريس يواجه مصيره. كما أن موسيقى الجاز التي صاحبت مشاهد الفيلم ممزوجة أحيانا بإيقاعات شرقية ساهمت في إعطاء الفيلم مسحة فنية تجعل الحوار الفني سهل التلقي، وتشد الانتباه إلى اللقطات الآتية. ويحفل الفيلم بمجموعة من المشادات الكلامية وردود الأفعال، خاصة بين المطرب والعريس، وبين المصور والمدعوين عند رفضه استعمال الهواتف النقالة في التصوير. والفيلم محمل بإشارات نقدية للمجتمع الفرنسي، خاصة إثارته لموضوع الكبت العاطفي الذي يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية وحديث عن بعض الأعطاب التي تجعل من المسؤول الفرنسي يحتمي باللغة الإنشائية كملاذ لتعويم المواقف واستعراض العضلات، عندما يحين وقت الجد (تماما كما فعل العريس في كلمته الموجهة للمدعوين).
ويطرح الفيلم أيضا قضايا راهنة تقض مضجع الفرنسيين مثل التهرب الضريبي واستغلال العمال من خلال عدم التصريح بهم، حسبما تنص عليه قوانين الشغل والاندماج الثقافي والاجتماعي للأجانب. كما يتيح لنا الفيلم إمكانية التساؤل حول حاجة المجتمع الفرنسي لمتعهد حفلات، رغم الأحزان التي يعرفها العالم، لتنظيم عرس تحتاجه فرنسا أكثر من أي وقت مضى لتذكير البعض بأنها بلد للتعدد، الثقافي والعرقي، الذي يضمن بقاءها رغم ما يصاحبه من هفوات يتصورها دعاة معاداة الأجانب علامات كافية لتفكك للمجتمع الفرنسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.