واشنطن ترفض مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين وتصفه ب"الدعاية السياسية"    منتخب مصر يفوز على السعودية وديًا استعدادًا لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    انطلاق القطار الثاني لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى وطنهم    رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: 424 مرشحًا فرديًا و200 بنظام القوائم ل انتخابات مجلس الشيوخ    محمد عبد السميع يتعرض لإصابة قوية فى ودية الإسماعيلى وزد    مصطفى: مؤتمر حل الدولتين يحمل وعدا لشعب فلسطين بانتهاء الظلم    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    توقعات: دوري ملتهب وحار جدًا!    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    أبرزها تأهيل الأئمة.. توجيهات مهمة من الرئيس السيسي ل وزير الأوقاف|فيديو    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    اسم مصري ولهجة عراقي.. شمس تكشف تفاصيل "طز" بعد تصدرها التريند    وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. والجنازة بمسجد الشرطة بالشيخ زايد ظهر غد الثلاثاء    هيئة فلسطينية: كلمة الرئيس السيسي واضحة ومصر دورها محورى منذ بدء الحرب    رئيس الوزراء يتابع استعدادات إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    بيراميدز يعلن رسمياً التعاقد مع البرازيلي إيفرتون داسيلفا    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    ختام فعاليات قافلة جامعة المنصورة الشاملة "جسور الخير (22)" اليوم بشمال سيناء    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    إزالة 70 طن قمامة ومخلفات ب7 قرى بمركز سوهاج    موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    التحقيق في وفاة فتاة خلال عملية جراحية داخل مستشفى خاص    متحدث نقابة الموسيقيين يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    "اوراسكوم كونستراكشون" تسعى إلى نقل أسهمها إلى سوق أبو ظبي والشطب من "ناسداك دبي"    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    "13 سنة وانضم لهم فريق تاني".. الغندور يثير الجدل حول مباريات الأهلي في الإسماعيلية    تصعيد خطير ضد الوجود المسيحي بفلسطين.. مستوطنون يعتدون على دير للروم الأرثوذكس    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    محاكمة 8 متهمين بقضية "خلية الإقراض الأجنبي" اليوم    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوة لونان ولوحة القرن السابع عشر
نشر في صوت البلد يوم 13 - 05 - 2017

قطع متحف لوفر- لانس منذ سنوات عهداً بإقامة أول معرض استعادي بانورامي للإخوة المعلمين الثلاثة «لونان»، هم الذين طبعوا تصوير القرن السابع عشر في باريس بأصالة تكويناتهم. وهم: أنطوان (البكر أو أكبرهم وأشدهم موهبة في فرشاة تفاصيله المنمنمة الدقيقة، مثل الألبسة والدانتيل والقبات الحريرية المزركشة أو العقود وسواها). أما الثاني فهو لويس والثالث ماتيو. يؤكد مفوض أو كوميسير المعرض المعروف بأصله السلافي وهو نيكولا ميلو فانوفيك أنه وعلى رغم أنهم يوقعون لوحاتهم باسم العائلة المفردة لونان (أي القزم) فكلما تقدم بهم العمر كان أسلوب كل منهم يتمايز عن أخويه.
أحد أسباب غموض سيرتهم أن مؤرخي الفن كانوا يظنونهم فناناً واحداً.
ها هو المتحف المذكور يحقق وعده بمعرض بليغ الاختيار. يعانق 55 لوحة (من أصل سبعين) مختارة من أشهر اللوحات. فهو معرض نوعي يؤكد الخصائص الفنية وليس الكمية.
يكشف المعرض السر الثاني مجيباً على سؤال محير: كيف ظهر هؤلاء فجأة من دون سابق معرفة، ليحتكروا أغلب الطلبات والتعهدات الملكية والكنسية. كانوا يقارعون أشهر الأسماء مثل بلانشار وشامبينغ، وحتى سيمون فوي بعد عودته الدراسية المنتصرة من روما (عصر النهضة) حاملاً معه تقاليد الظل والنور وفق أسلوب كارافاجيو؟
يكتنف الغموض أيضاً موقع التحصيل الدراسي للفنانين «لونان»، فمنهج تقسيم الظل والنور ينتمي نسبياً إلى أسلوب كارافاجيو، وهذا ليس أكيداً، يكفي أن يطلعوا على بعض لوحاته من دون عناء السفر إلى روما، فتأثير منهجه كان عاماً في تلك الفترة يصل حتى جورج دولاتور وبعض فناني الروكوكو.
يجيب المعرض تاريخياً على هذا السؤال بعد سيطرة الملك لويس الثالث عشر على أوروبا وإيقاف قسراً الحروب الدينية في فرنسا. وإصدار عفو عام ابتداءً من عام 1629 وبداية الاستقرار مما يبرر قدوم الإخوة لونان إلى باريس (من أين لا أحد يعرف؟).
وتشجيع الملك لهم وحمايتهم، وتوصية بابوات الإكليروس الكنسي بشراء أعمالهم أو بالأحرى تكليفهم بتعهدات طويلة الأمد.
يؤكد المعرض انعكاس التحول الاجتماعي الأخلاقي داخل تكوينات اللوحات المعروضة. هي التي تمثل غالباً شرائح عائلية من المجتمع المسالم، المتواضع الرهيف في محبته للموسيقى والعزف على الوتريات القديمة. واحدة من اللوحات الشهيرة (لأنطوان غالباً) تمثل طفلة من صغار الفلاحين تعزف بحميمية رومانسية على مزمار قديم تؤكد اللوحة بعكس بقية التجمعات على بورتريه هذه العازفة الفتية.
يحضرنا في هذا التداعي احتكار ثلاثي «لونان» لتصاوير وجوه (البورتريه النصفي) بخاصة لرؤوس أعضاء العائلة المالكة أو رجال الكنيسة الكبار.
تؤكد أغلب اللوحات وشروحات العرض أنه وابتداء من 1630 أصبح التسامح والحنو والشفقة ودعم الضعفاء والفقراء، موضوع اللوحات، بديلاً عن همجية الحروب.
نلاحظ هذه المواصفات داخل تكوينات اللوحات المعروضة التي تمثل لقطات من تجمعات الحياة العائلية اليومية. هي التي تجمع المعدمين والمشردين الذين هدهم شظف العيش القاهر، والجوع والمرض، ووعورة تحصيل لقمة العيش. في كل مرة نعثر فيها على صورة السيد المسيح نجده مطوقاً بهؤلاء المستضعفين. مما يرسّخ روح التعاطف والتعاضد والمشاركة الإنسانية في الملمات. تكشف هذه اللوحات تواضع الوجبات الغذائية اليومية وضنك العيش والعوز الظاهر، وبالعكس فإن التعلق بالآلات الموسيقية وطمأنينة الحيوانات الأليفة تشيع سعادة غامضة، وعلى الأخص في اللوحات التي تقتصر (استثنائياً) على مجتمع الطفولة ومنها عازفة المزمار التي مر ذكرها.
لعل أبرز ما يكشفه كوميسير المعرض بأن تصاوير الثلاثي لونان التي أهملت عقوداً من الزمان تعتبر من أشد الكنوز أصالة تصويرية، تتصل بحميمية الثقافة الفرنسية العريقة. وأن عدم إعطاء هذه اللوحات حقها يرجع إلى هوس الفرنسيين بالثقافة التشكيلية الإيطالية الموروثة عن استقرار ليوناردو فينشي في بلاط الملك فرانسوا الأول حتى توفي مخلفاً أعظم موروثاته للثقافة الفرنسية وهي لوحة «الجوكندة». من هنا نعثر على تعلق بونابرت الأول بالفن الإيطالي واستقدام النحات كانوفا، ثم أصبحت «الطلينة» تقليداً ملكياً مع نابليون الثالث الذي جعل من باريس روما جديدة بإعادة تخطيطها التنظيمي ما بين قوس النصر في حي الشانزيلزيه، وحي الباستيل مرورا بهرم اللوفر، وفق خط واحد يشق العاصمة بهدف التوأمة مع روما.
افتتح المعرض في آذار (مارس) مستمراً حتى أواخر حزيران (يونيو) تحت عنوان «أسرار لونان».
قطع متحف لوفر- لانس منذ سنوات عهداً بإقامة أول معرض استعادي بانورامي للإخوة المعلمين الثلاثة «لونان»، هم الذين طبعوا تصوير القرن السابع عشر في باريس بأصالة تكويناتهم. وهم: أنطوان (البكر أو أكبرهم وأشدهم موهبة في فرشاة تفاصيله المنمنمة الدقيقة، مثل الألبسة والدانتيل والقبات الحريرية المزركشة أو العقود وسواها). أما الثاني فهو لويس والثالث ماتيو. يؤكد مفوض أو كوميسير المعرض المعروف بأصله السلافي وهو نيكولا ميلو فانوفيك أنه وعلى رغم أنهم يوقعون لوحاتهم باسم العائلة المفردة لونان (أي القزم) فكلما تقدم بهم العمر كان أسلوب كل منهم يتمايز عن أخويه.
أحد أسباب غموض سيرتهم أن مؤرخي الفن كانوا يظنونهم فناناً واحداً.
ها هو المتحف المذكور يحقق وعده بمعرض بليغ الاختيار. يعانق 55 لوحة (من أصل سبعين) مختارة من أشهر اللوحات. فهو معرض نوعي يؤكد الخصائص الفنية وليس الكمية.
يكشف المعرض السر الثاني مجيباً على سؤال محير: كيف ظهر هؤلاء فجأة من دون سابق معرفة، ليحتكروا أغلب الطلبات والتعهدات الملكية والكنسية. كانوا يقارعون أشهر الأسماء مثل بلانشار وشامبينغ، وحتى سيمون فوي بعد عودته الدراسية المنتصرة من روما (عصر النهضة) حاملاً معه تقاليد الظل والنور وفق أسلوب كارافاجيو؟
يكتنف الغموض أيضاً موقع التحصيل الدراسي للفنانين «لونان»، فمنهج تقسيم الظل والنور ينتمي نسبياً إلى أسلوب كارافاجيو، وهذا ليس أكيداً، يكفي أن يطلعوا على بعض لوحاته من دون عناء السفر إلى روما، فتأثير منهجه كان عاماً في تلك الفترة يصل حتى جورج دولاتور وبعض فناني الروكوكو.
يجيب المعرض تاريخياً على هذا السؤال بعد سيطرة الملك لويس الثالث عشر على أوروبا وإيقاف قسراً الحروب الدينية في فرنسا. وإصدار عفو عام ابتداءً من عام 1629 وبداية الاستقرار مما يبرر قدوم الإخوة لونان إلى باريس (من أين لا أحد يعرف؟).
وتشجيع الملك لهم وحمايتهم، وتوصية بابوات الإكليروس الكنسي بشراء أعمالهم أو بالأحرى تكليفهم بتعهدات طويلة الأمد.
يؤكد المعرض انعكاس التحول الاجتماعي الأخلاقي داخل تكوينات اللوحات المعروضة. هي التي تمثل غالباً شرائح عائلية من المجتمع المسالم، المتواضع الرهيف في محبته للموسيقى والعزف على الوتريات القديمة. واحدة من اللوحات الشهيرة (لأنطوان غالباً) تمثل طفلة من صغار الفلاحين تعزف بحميمية رومانسية على مزمار قديم تؤكد اللوحة بعكس بقية التجمعات على بورتريه هذه العازفة الفتية.
يحضرنا في هذا التداعي احتكار ثلاثي «لونان» لتصاوير وجوه (البورتريه النصفي) بخاصة لرؤوس أعضاء العائلة المالكة أو رجال الكنيسة الكبار.
تؤكد أغلب اللوحات وشروحات العرض أنه وابتداء من 1630 أصبح التسامح والحنو والشفقة ودعم الضعفاء والفقراء، موضوع اللوحات، بديلاً عن همجية الحروب.
نلاحظ هذه المواصفات داخل تكوينات اللوحات المعروضة التي تمثل لقطات من تجمعات الحياة العائلية اليومية. هي التي تجمع المعدمين والمشردين الذين هدهم شظف العيش القاهر، والجوع والمرض، ووعورة تحصيل لقمة العيش. في كل مرة نعثر فيها على صورة السيد المسيح نجده مطوقاً بهؤلاء المستضعفين. مما يرسّخ روح التعاطف والتعاضد والمشاركة الإنسانية في الملمات. تكشف هذه اللوحات تواضع الوجبات الغذائية اليومية وضنك العيش والعوز الظاهر، وبالعكس فإن التعلق بالآلات الموسيقية وطمأنينة الحيوانات الأليفة تشيع سعادة غامضة، وعلى الأخص في اللوحات التي تقتصر (استثنائياً) على مجتمع الطفولة ومنها عازفة المزمار التي مر ذكرها.
لعل أبرز ما يكشفه كوميسير المعرض بأن تصاوير الثلاثي لونان التي أهملت عقوداً من الزمان تعتبر من أشد الكنوز أصالة تصويرية، تتصل بحميمية الثقافة الفرنسية العريقة. وأن عدم إعطاء هذه اللوحات حقها يرجع إلى هوس الفرنسيين بالثقافة التشكيلية الإيطالية الموروثة عن استقرار ليوناردو فينشي في بلاط الملك فرانسوا الأول حتى توفي مخلفاً أعظم موروثاته للثقافة الفرنسية وهي لوحة «الجوكندة». من هنا نعثر على تعلق بونابرت الأول بالفن الإيطالي واستقدام النحات كانوفا، ثم أصبحت «الطلينة» تقليداً ملكياً مع نابليون الثالث الذي جعل من باريس روما جديدة بإعادة تخطيطها التنظيمي ما بين قوس النصر في حي الشانزيلزيه، وحي الباستيل مرورا بهرم اللوفر، وفق خط واحد يشق العاصمة بهدف التوأمة مع روما.
افتتح المعرض في آذار (مارس) مستمراً حتى أواخر حزيران (يونيو) تحت عنوان «أسرار لونان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.