علي خلفية ما طالب به عدد من المثقفين خلال ملتقي "المثقفين والمفكرين" السنوي - والذي احتضنت فعالياته مكتبة الإسكندرية مؤخرًا - من ضرورة تأسيس برلمان للمثقفين والمفكرين، يساعدهم علي المشاركة في صياغة رؤي جديدة للمستقبل في مختلف المجالات.. ومناقشة قضايا المجتمع، خاصة بعد ما شهدته الآونة الأخيرة من أحداث مؤسفة شغلت الرأي العام؛ كان أبرزها حادث الإسكندرية المؤسف الذي وقع عشية الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد، وتأكيدهم علي أن حيز التعبير في الأوطان العربية بدأ يضيق، مما استتبعه ضيق في مساحة التفكير بصورة أكبر.. لذا ارتأي ل صوت البلد" الوقوف علي أبعاد المشروع، وما قد يواجهه من تحديات، وهل ينجح المثقفون في التأثير علي الرأي العام عمومًا والأنظمة الحاكمة علي وجه الخصوص؟ وهل يبدأ الإصلاح الحقيقي من المثقفين كما نادي بذلك عدد من الأدباء؟ ويقول الناقد د. علاء عبد الهادي: لا أري معني لوجود برلمان للمثقفين؛ إذ إن معظم البرلمانيين في مجلسي الشعب والشوري مثقفون، ولكن النقطة الفاصلة هي فاعلية المثقف في الواقع الذي نعايشه، فمعظم المثقفين دخلوا حظيرة حزمة من السياسات والمؤسسات الثقافية والإعلامية الفاشلة، أما ما حدث مؤخرًا في الاسكندرية فقضية الفتنة ليست قضية أمنية، إذ قد ينجح الأمن في تحديد الفاعلين أو القبض عليهم، ولكن كيف تقبض علي أفكار متطرفة كريهة مثل هذه في انتشارها في أوضاعنا الاقتصادية والثقافية والسياسية المتردية؟ وفيما يتعلق بالاتهامات التي كالها الكثير لتنظيم القاعدة بالضلوع في الحادث، أضاف عبد الهادي: إن فكر القاعدة أخطر من حضورها التنظيمي هذا إن كان لها حضور في مصر، نظرًا إلي أن المشكلة ليست فيما خططت له تنظيمات إرهابية خارجية، ولكن في استثمار ما قد تسفر عنه أية اعتداءات علي مسيحيين أو مسلمين لإذكاء الفتن الداخلية التي تضرب الأمن القومي لأي بلد في مقتل. أما د. صلاح فضل رئيس الجمعية المصرية للنقد الادبي، فعارض فكرة برلمان المثقفين إذا اقتصرت علي أمور بعينها، وأرجع السبب وراء ذلك إلي أن المثقف معني بالامر العام في مختلف جوانب الحياة، كما أن تحقيق هذه الفكرة يتطلب انتخاب الاعضاء بنزاهة علي غرار ما يتم في البلاد المتقدمة، وهذا أمر صعب حدوثه في الدول العربية.. وطالب أجهزة الدولة برد الاعتبار للمثقفين والأدباء والاخذ بآرائهم، حتي تستفيد من طاقتهم، نظرًا إلي أن المشكلات التي تعالج امنيا فقط لا تحل، واستشهد في هذا السياق بما حدث مؤخرًا في الاسكندرية، وأكد أنها مشكلة في جوهرها ثقافية؛ فكلا الجانبين به تعصب ولغة عنف مع عدم قيام الدولة بواجبتها، وأصحاب الرأي لا يدخرون جهدهم في المجتمع لإبداء آرائهم، ولا سبيل لحل أي مشكلة مادامت قنوات الاتصال بين قادة الرأي والمفكرين والدولة مغلقة. بينما يري الشاعر محمود قرني أنه من حيث مبدأ الفكرة فلها وجاهتها وبريقها الخاص، إذ إنها وضعت النخب الاجتماعية المفكرة في صدارة المشهد وستضيء مناطق لا يستطيع الفكر الحكومي المحافظ التطرق إليها، ولكن هذه اللحظة من عمر بلدنا احوج الي الكيانات السياسية الفاعلة والاكثر التصاقا بحاجات الناس وازماتهم، بعيدا عن الكيانات النخبوية التي سرعان ما سينصرف الناس عنها لانها ستصبح لجنة تجلس في الابراج العالية، ولن يكون في امكانيتها بذلك تقديم المقترحات التي لها صدي في الواقع. وأضاف قرني: إن فضاحة ما حدث في الاسكندرية يتمثل في الاثر العميق في العلاقة بين قطبي الأمة؛ فنتيجة الاحتقان المتراكم وقمع مختلف الفئات الاجتماعية يأتي تأثير هذا الاعتداء، لذا فلابد من إصدار تشريع موحد لبناء دور العبادة والتحرك تجاه التعددية السياسية لاستعياب كل الفئات الاجتماعية والتنفيس عن الطاقات المكبوتة.