استدعت مصر سفيرتها في الفاتيكان - أمس، الثلاثاء - احتجاجًا على المواقف الأخيرة من البابا بنديكتس السادس عشر، الذي كرر مؤخرًا دعوته لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط، بعد هجوم ليلة رأس السنة على كنيسة القديسين القبطية في الإسكندرية، الأمر الذي اعتبرته القاهرة تدخلاً غير مقبول في شؤونها الداخلية، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي، أن القاهرة كلفت السفيرة المصرية لدى الفاتيكان بالحضور إلى مصر للتشاور بعد تصريحات جديدة صادرة من الفاتيكان تمس الشأن المصري، على الرغم من حرص القاهرة على التواصل مع الفاتيكان بعد التصريحات التي صدرت عنه بعد هجوم الإسكندرية، وأضاف أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط كان قد فند في رسالة لنظيره في الفاتيكان عدة أمور تضمنتها التصريحات الصادرة عن الباب ومست وضع الأقباط فى مصر والعلاقة بين المسلمين والأقباط، ورفض فيها أية مساعي تتم استنادًا إلى جريمة الإسكندرية بهدف الترويج لما يسمى حماية المسيحيين في الشرق الأوسط. فيما ذكر زكي، أن رسالة أبوالغيط تناولت حرص مصر على تفادى تصعيد المواجهة والتوتر على أسس دينية ورغبة مصر في الاستفادة من سبل الحوار المتاحة وحث مسؤولي الفاتيكان على الالتزام بذات الروح وتفادى إقحام الشأن المصري في تصريحاتهم والاتصالات التي يقومون بها مع بعض الدول الأوروبية، مشددًا على أن القاهرة لن تسمح لأي طرف غير مصري بالتدخل في شؤونها الداخلية تحت أي ذريعة، وأن الشأن القبطي تحديدًا يظل من صميم الشؤون الداخلية المصرية في ضوء طبيعة التركيبة المجتمعية والنسيج الوطني في مصر. وفى السياق ذاته، أكد د.أحمد الطيب شيخ الأزهر، رفضه أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية بأية ذريعة من الذرائع، مؤكدًا على أهمية احترام عقائد الشعوب ومقدساتها وأن من حق كل الدول أن تسن ما تراه مناسبا من قوانين لحماية أمنها الوطني وسلامها الاجتماعي، مشيرًا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يمنع ازدراء الأديان، ويؤكد أن احترام عقائد الشعوب ومقدساتها أمر واجب وأن من حق كل الدول أن تسن ما تراه مناسبا من قوانين لحماية أمنها الوطني وسلامها الاجتماعي وأن مثل هذه القوانين تعكس الخصوصية الثقافية لكل بلد وتراعي مشاعر الكثرة الغالبة من أبنائه. وكان البابا قد استقبل في الفاتيكان أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لديه، لتبادل التهاني بحلول العام الجديد، وتطرق البابا في كلمته إلى مسألة ما وصفه بانعدام التسامح في العديد من المجتمعات وتوقف عند التمييز الذي يعاني منه المسيحيون في دول عدة، ولم تخل كلمة البابا من الإشارة إلى وضع المسيحيين في العراق منددا بالاعتداءات التي تستهدفهم لإرغامهم على النزوح عن وطنهم. ودعا مرة جديدة القادة السياسيين والدينيين المسلمين إلى بذل ما في وسعهم لضمان أمن المسيحيين كي يقدموا إسهامهم في المجتمع العراقي. بعدها لفت الحبر البابا إلى الهجوم على كنيسة القديسين في الإسكندرية معتبرًا أن سلسلة الهجمات هذه تحث حكومات المنطقة كلها على تبني الإجراءات الكفيلة بحماية الأقليات الدينية على الرغم من التهديدات والصعاب، وأعرب عن تقديره الخطوات والمبادرات التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية الساعية إلى توفير الحماية والدعم للمسيحيين في الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بشبه الجزيرة العربية، وهي المنطقة التي تضم مجموعة الدول الخليجية، حيث يقيم العديد من العمال الأجانب المسيحيين تمنى البابا بأن تتمتع الكنيسة الكاثوليكية بالبنيات اللازمة للقيام بنشاطها الرعوي.