سعر الذهب اليوم في منتصف التعاملات.. عيار 21 يسجل 4645 جنيهًا للجرام    98 شهيدا و511 مصابا برصاص إسرائيل في غزة خلال 48 ساعة    النائب أيمن محسب: مصر والسعودية ستظلان حجر الزاوية للأمن والاستقرار بالمنطقة    الأهلي يتفق مع كوزموس الأمريكي على تفاصيل صفقة وسام أبو علي والانتقال بات قريبا    ضبط قائد سيارة تعدى بالضرب على طفل بائع حلوى بالغربية (فيديو)    إيجالو يلوم أوسيمين: كان عليه جمع ثروة ضخمة في السعودية    رسميًا.. تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت المنزلي (تعرف عليها)    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في «كتالوج» مع محمد فراج    حالة الطقس اليوم السبت 19 يوليو 2025.. الأرصاد توجه نصائح مهمة للمواطنين    مطالبا بتعويض 10 مليارات دولار.. ترامب يقاضي «وول ستريت جورنال» بسبب جيفري إبستين    افتتاح نموذج مصغر من المتحف المصري الكبير في العاصمة الألمانية برلين الاثنين المقبل    طب قصر العيني يبحث مع مسؤول سنغالي تعزيز التعاون في التعليم الطبي بالفرنسية    Carry On.. مصر تقترب من إطلاق أكبر سلسلة تجارية لطرح السلع بأسعار مخفضة    وزير الكهرباء يبحث الموقف التنفيذي لتوفير التغذية لمشروعات الدلتا الجديدة    اعرف مرشحك.. أسماء المرشحين في انتخابات الشيوخ 2025 بجميع المحافظات | مستند    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    بالصور.. نانسي عجرم تستعرض إطلالتها بحفل زفاف نجل إيلي صعب    إلهام شاهين وابنة شقيقتها تحضران حفل زفاف في لبنان (صور)    أسباب الشعور الدائم بالحر.. احذرها    حملات مكثفة بالبحيرة.. غلق عيادات غير مرخصة وضبط منتحل صفة طبيب    الحكم على الرئيس البرازيلي السابق بوضع سوار مراقبة إلكتروني بالكاحل    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    أسيل أسامة تحصد ذهبية رمي الرمح بالبطولة الأفريقية في نيجيريا    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20"    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    القاهرة الإخبارية: وقف الحرب لم يضع حدًا للاشتباكات في السويداء    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    «سباكة ولحام ونجارة».. بدء الاختبارات العملية للمرشحين للعمل في الإمارات (تفاصيل)    وزيرة التنمية المحلية تبحث التعاون في نظم المعلومات الجغرافية مع شركة Esri    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    البطاطس ب9 جنيهات.. أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت في سوق العبور للجملة    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب تمحو تراث اليمن: دمار 86 موقعا أثريا
نشر في صوت البلد يوم 08 - 12 - 2016

تشهد الآثار اليمنية وضعاً كارثياً، بسبب الحرب، في ظل عدم تحييدها عن جغرافية الصراع، واستمرار استخدامها واستهدافها من جميع الأطراف، ما ألحق ويُلحق بمواقعها ومعالمها الكثير من الأضرار. أطراف عديد دعت، المنظمات الدولية، إلى سرعة إدراجها ضمن دائرة الخطر والعمل بجِد على حمايتها من أي تدمير ممنهج.
وقد تسببت هذه الحرب، منذ اشتعالها في 26 آذار/مارس 2015 وحتى كانون الأول/ ديسمبر2016، بتدمير جزئي وكلي لنحو 86 موقعاً ومعلماً أثرياً في مناطق مختلفة من البلاد، وفق إحصائية رسمية استقتها الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف من واقع البلاغات، كونها لا تستطيع النزول الميداني للمواقع، التي هي في الغالب، جزء من ساحات المعارك والمواجهات الملتهبة.
استشعرت بعض المنظمات الدولية، بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الوضع الخطير الذي تعيشه آثار اليمن؛ فأصدرت بيانات ونداءات طالبت فيها أطراف النزاع بتجنيب مواقع ومعالم الآثار أي شكل من أشكال الاستخدام والاستهداف العسكري، والإسهام في حمايتها؛ وهو ما لم تتجاوب معه أطراف الصراع.
ولهذا لم يكن مستغرباً أن يتفاعل البرلمان الفرنسي ويستضيف بدعوة من لجنته الثقافية أواخر حزيران/ يونيو 2016 في باريس، مؤتمراً حول المخاطر التي يتعرض لها التراث الثقافي اليمني بسبب الحرب، متبنياً دعوة عالمية لإنقاذه، بعد مداولات استعرض فيها أكاديميون فرنسيون ويمنيون تداعيات الحرب على التراث، مشددين على أهمية استمرار تسليط الضوء عليه، وإخضاع واقع الآثار في هذا البلد للتدابير الدولية نفسها التي تم اتباعها مع الآثار العراقية والسورية.
اليمن، يمتلك مخزوناً كبيراً من الآثار؛ يعبّر عما شهده لأكثر من أربعة آلاف سنة تتحدث عنها شواهد ومآثر. وتعبيراً عن أهميتها التاريخية أدرجت منظمة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني والطبيعي من اليمن، مواقع ومدنا تاريخية: مدينة شبام حضرموت (1982) مدينة صنعاء القديمة (1986) مدينة زبيد (1993) وأرخبيل سقطرى (2008).
من بين الحروب والصراعات التي شهدها اليمن الحديث؛ تُعد الحرب المستعرة حالياً هي أكثر تلك الحروب إضراراً بالآثار، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن التوقف عندها دون الإشارة إلى ما أحدثته حربان سابقتان هما: الحرب بين الجيش اليمني وتنظيم «أنصار الشريعة» في محافظتي أبين ولحج/ جنوب عام 2011، والحرب بين مليشيا الحوثيين والتنظيم نفسه في محافظة البيضاء/ وسط عام 2014. فقد تسببت الحرب الأولى في تدمير ونهب ثلاثة مخازن ومتاحف آثار وغيرها من المعالم في مناطق المعارك (أبين ولحج)، فيما تسببت الثانية بأضرار وتصدع في أسوار قلعة رداع (البيضاء)، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى تضرر مسجد ومدرسة العامرية في مدينة رداع، التي تُعدّ من أهم المساجد والمدارس الإسلامية في اليمن، ويعود تاريخ بنائها لعام (910ه/1504م). بينما امتدت الحرب المشتعلة منذ 2015 لمعظم مناطق اليمن؛ لتدخل معها الآثار مرحلة جديدة من المخاطر أصبحت فيها معظم مواقع ومعالم ومُدن الآثار في هذا البلد ساحات معارك.
بعد أكثر من عام على هذه الحرب اتسعت خريطة الدمار والنهب للمواقع والمعالم، لتشمل مواقع ومعالم في (18) محافظة من أصل (23) محافظة (مجموع محافظات اليمن)، اشترك في استهدافها، للأسف، جميع الأطراف: القوات الموالية للحكومة بما فيها ما تعرف بلجان المقاومة الشعبية من جهة، ومليشيات الحوثيين من جهة، وطائرات التحالف من جهة ثالثة، وتنظيم «القاعدة» وفصائله من جهة رابعة.
مدن تاريخية
طالت الحرب بتدمير جزئي، (8) مدن تاريخية وأثرية وهي: أحياء في مدينة صنعاء القديمة/ وسط (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي)، أحياء في مدينة زبيد/غرب (مسجلة ضمن التراث العالمي)، مدينة كوكبان المحويت/ شمال غرب، وهذه الأخيرة تسبب القصف بتدمير معظم معالمها ما أدى إلى نزوح كثير من سكانها، مدينة صرواح مأرب الأثرية / وسط ويعود تاريخها إلى ألفين وسبعمئة سنة، مدينة براقش الجوف الأثرية/ شمال ويعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، ومن أهم معالمها (معبد نكراح)، كثير من معالم مدينة صعدة التاريخية / شمال، ومعالم في مدينة مأرب القديمة/ وسط، مدينة شبام حضرموت/ شرق (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي).
مخازن ومتاحف
كما تسببت الحرب والصراع، أيضاً، بتدمير كلي لثلاثة مخازن آثار في صرواح وبراقش مأرب/ وسط بالإضافة إلى قصف 3 متاحف وإلحاق أضرار بثلاثة أخرى: متحف ذمار الإقليمي/ وسط، الذي تم قصفه وتدميره كلياً بالطيران، وكان يضم 12500 قطعة أثرية، وقصف وتدمير معظم متحف تعز/ جنوب غرب، ونهب محتويات مخازنه التي مازال مصيرها مجهولاً، وقصف متحف عدن (قصر العبدلي) وتدمير طابقه الثالث، كما تضرر مبنى المتحف الوطني ومبنى متحف الموروث الشعبي في صنعاء، ومتحف عتق في محافظة شبوة/ وسط، وغيرها من المتاحف. وفي السياق ذاته؛ ما تزال جميع متاحف اليمن (22 متحفاً تابعة لهيئة الآثار) مغلقة بفعل الحرب والوضع الأمني والاقتصادي.
قلاع وقصور ومعابد
ودمرت الحرب وألحقت أضراراً ب 8 قلاع تاريخية وأثرية منها: قلعة القاهرة المطلة على مدينة تعز/ جنوب، ويعود بناؤها إلى عهد الدولة الصليحية (1045-1138)، قلعة صيرة في مدينة عدن/جنوب، وقلعة قشلة كوكبان في محافظة المحويت/ شمال غرب، وغيرها، بالإضافة إلى 7 حصون تاريخية أثرية و3 معابد منها معبد أوعال صرواح، الذي يُعد من أقدم المعابد لمملكة سبأ (950-115 ق. ي)، وكان يوجد بداخله (نقش النصر) الذي يُعد أحد مصادر التاريخ اليمني، ويعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد، و5 مساجد تاريخية وأثرية و10) مواقع قِباب وأضرحة منها قباب مقبرة إسماعيل في مدينة الشحر حضرموت/ شرق، ومجموعة قباب وأضرحة في غيل باوزير في حضرموت وقُبة يعقوب في مدينة المكلا حضرموت وقُبة جمال الدين الجنيد وقُبة عبد الهادي السودي في محافظة تعز؛ وتم تدمير الأخيرتين بالديناميت بما في ذلك ضريح كل منهما.
إلى ذلك، كانت هذه الحرب وراء تدمير جزئي لعدد من الخرائب الأثرية والمنشآت والقصور والقرى والجروف التاريخية، بالإضافة إلى المصرف الشمالي الجنوبي لسد مأرب القديم، وغيرها من المعالم والمواقع التي لا تقتصر على مرحلة تاريخية معينة، بل تشمل مختلف مراحل تاريخ اليمن؛ وبالتالي فإن الخسائر شملت، أيضاً، منشآت وممتلكات ثقافية تعرضت فيها المكتبتان السمعية والبصرية لإذاعتي المكلا وعدن للسرقة، وكانتا تضمان اسطوانات تاريخية نادرة، بالإضافة إلى ما تعرض له عدد من مراكز الدراسات في مدينة عدن من نهب وعبث، وما طال مكتبة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في مدينة تعز، من قصف وتدمير أتلف كثير من مقتنياتها النادرة.
ووفق رئيس الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف مُهنّد السيّاني، فإن «آثار اليمن تواجه اليوم وقتا عصيباً جراء ما نالها وينالها من خراب ودمار ونهب وعبث وسرقة، وهو ما يجعل نداءات الهيئة للعالم لا تتوقف لإنقاذ الذاكرة اليمنية».
كما أكد السياني، «القدس العربي»، على أهمية أن «تستشعر المنظمات الدولية المعنية المخاطر المحدقة بتراث اليمن الثقافي؛ وبالتالي فحاجتنا الملحة حالياً؛ هي أن تُسارع هذه المنظمات إلى إطلاق حملات دولية تُسلّط الضوء على هذا الواقع الكارثي وتدعو لتضافر الجهود لحمايته من خلال برامج متعددة تتضمن استصدار قرارات دولية تُدرج مواقع الآثار في اليمن ضمن دائرة الخطر وتُجرم تهريب وبيع آثاره وتنفيذ برامج على أكثر من صعيد تعمل على إيقاف هذا التدمير الممنهج لآثارنا وتراثنا الثقافي».
تشهد الآثار اليمنية وضعاً كارثياً، بسبب الحرب، في ظل عدم تحييدها عن جغرافية الصراع، واستمرار استخدامها واستهدافها من جميع الأطراف، ما ألحق ويُلحق بمواقعها ومعالمها الكثير من الأضرار. أطراف عديد دعت، المنظمات الدولية، إلى سرعة إدراجها ضمن دائرة الخطر والعمل بجِد على حمايتها من أي تدمير ممنهج.
وقد تسببت هذه الحرب، منذ اشتعالها في 26 آذار/مارس 2015 وحتى كانون الأول/ ديسمبر2016، بتدمير جزئي وكلي لنحو 86 موقعاً ومعلماً أثرياً في مناطق مختلفة من البلاد، وفق إحصائية رسمية استقتها الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف من واقع البلاغات، كونها لا تستطيع النزول الميداني للمواقع، التي هي في الغالب، جزء من ساحات المعارك والمواجهات الملتهبة.
استشعرت بعض المنظمات الدولية، بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الوضع الخطير الذي تعيشه آثار اليمن؛ فأصدرت بيانات ونداءات طالبت فيها أطراف النزاع بتجنيب مواقع ومعالم الآثار أي شكل من أشكال الاستخدام والاستهداف العسكري، والإسهام في حمايتها؛ وهو ما لم تتجاوب معه أطراف الصراع.
ولهذا لم يكن مستغرباً أن يتفاعل البرلمان الفرنسي ويستضيف بدعوة من لجنته الثقافية أواخر حزيران/ يونيو 2016 في باريس، مؤتمراً حول المخاطر التي يتعرض لها التراث الثقافي اليمني بسبب الحرب، متبنياً دعوة عالمية لإنقاذه، بعد مداولات استعرض فيها أكاديميون فرنسيون ويمنيون تداعيات الحرب على التراث، مشددين على أهمية استمرار تسليط الضوء عليه، وإخضاع واقع الآثار في هذا البلد للتدابير الدولية نفسها التي تم اتباعها مع الآثار العراقية والسورية.
اليمن، يمتلك مخزوناً كبيراً من الآثار؛ يعبّر عما شهده لأكثر من أربعة آلاف سنة تتحدث عنها شواهد ومآثر. وتعبيراً عن أهميتها التاريخية أدرجت منظمة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني والطبيعي من اليمن، مواقع ومدنا تاريخية: مدينة شبام حضرموت (1982) مدينة صنعاء القديمة (1986) مدينة زبيد (1993) وأرخبيل سقطرى (2008).
من بين الحروب والصراعات التي شهدها اليمن الحديث؛ تُعد الحرب المستعرة حالياً هي أكثر تلك الحروب إضراراً بالآثار، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن التوقف عندها دون الإشارة إلى ما أحدثته حربان سابقتان هما: الحرب بين الجيش اليمني وتنظيم «أنصار الشريعة» في محافظتي أبين ولحج/ جنوب عام 2011، والحرب بين مليشيا الحوثيين والتنظيم نفسه في محافظة البيضاء/ وسط عام 2014. فقد تسببت الحرب الأولى في تدمير ونهب ثلاثة مخازن ومتاحف آثار وغيرها من المعالم في مناطق المعارك (أبين ولحج)، فيما تسببت الثانية بأضرار وتصدع في أسوار قلعة رداع (البيضاء)، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى تضرر مسجد ومدرسة العامرية في مدينة رداع، التي تُعدّ من أهم المساجد والمدارس الإسلامية في اليمن، ويعود تاريخ بنائها لعام (910ه/1504م). بينما امتدت الحرب المشتعلة منذ 2015 لمعظم مناطق اليمن؛ لتدخل معها الآثار مرحلة جديدة من المخاطر أصبحت فيها معظم مواقع ومعالم ومُدن الآثار في هذا البلد ساحات معارك.
بعد أكثر من عام على هذه الحرب اتسعت خريطة الدمار والنهب للمواقع والمعالم، لتشمل مواقع ومعالم في (18) محافظة من أصل (23) محافظة (مجموع محافظات اليمن)، اشترك في استهدافها، للأسف، جميع الأطراف: القوات الموالية للحكومة بما فيها ما تعرف بلجان المقاومة الشعبية من جهة، ومليشيات الحوثيين من جهة، وطائرات التحالف من جهة ثالثة، وتنظيم «القاعدة» وفصائله من جهة رابعة.
مدن تاريخية
طالت الحرب بتدمير جزئي، (8) مدن تاريخية وأثرية وهي: أحياء في مدينة صنعاء القديمة/ وسط (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي)، أحياء في مدينة زبيد/غرب (مسجلة ضمن التراث العالمي)، مدينة كوكبان المحويت/ شمال غرب، وهذه الأخيرة تسبب القصف بتدمير معظم معالمها ما أدى إلى نزوح كثير من سكانها، مدينة صرواح مأرب الأثرية / وسط ويعود تاريخها إلى ألفين وسبعمئة سنة، مدينة براقش الجوف الأثرية/ شمال ويعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، ومن أهم معالمها (معبد نكراح)، كثير من معالم مدينة صعدة التاريخية / شمال، ومعالم في مدينة مأرب القديمة/ وسط، مدينة شبام حضرموت/ شرق (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي).
مخازن ومتاحف
كما تسببت الحرب والصراع، أيضاً، بتدمير كلي لثلاثة مخازن آثار في صرواح وبراقش مأرب/ وسط بالإضافة إلى قصف 3 متاحف وإلحاق أضرار بثلاثة أخرى: متحف ذمار الإقليمي/ وسط، الذي تم قصفه وتدميره كلياً بالطيران، وكان يضم 12500 قطعة أثرية، وقصف وتدمير معظم متحف تعز/ جنوب غرب، ونهب محتويات مخازنه التي مازال مصيرها مجهولاً، وقصف متحف عدن (قصر العبدلي) وتدمير طابقه الثالث، كما تضرر مبنى المتحف الوطني ومبنى متحف الموروث الشعبي في صنعاء، ومتحف عتق في محافظة شبوة/ وسط، وغيرها من المتاحف. وفي السياق ذاته؛ ما تزال جميع متاحف اليمن (22 متحفاً تابعة لهيئة الآثار) مغلقة بفعل الحرب والوضع الأمني والاقتصادي.
قلاع وقصور ومعابد
ودمرت الحرب وألحقت أضراراً ب 8 قلاع تاريخية وأثرية منها: قلعة القاهرة المطلة على مدينة تعز/ جنوب، ويعود بناؤها إلى عهد الدولة الصليحية (1045-1138)، قلعة صيرة في مدينة عدن/جنوب، وقلعة قشلة كوكبان في محافظة المحويت/ شمال غرب، وغيرها، بالإضافة إلى 7 حصون تاريخية أثرية و3 معابد منها معبد أوعال صرواح، الذي يُعد من أقدم المعابد لمملكة سبأ (950-115 ق. ي)، وكان يوجد بداخله (نقش النصر) الذي يُعد أحد مصادر التاريخ اليمني، ويعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد، و5 مساجد تاريخية وأثرية و10) مواقع قِباب وأضرحة منها قباب مقبرة إسماعيل في مدينة الشحر حضرموت/ شرق، ومجموعة قباب وأضرحة في غيل باوزير في حضرموت وقُبة يعقوب في مدينة المكلا حضرموت وقُبة جمال الدين الجنيد وقُبة عبد الهادي السودي في محافظة تعز؛ وتم تدمير الأخيرتين بالديناميت بما في ذلك ضريح كل منهما.
إلى ذلك، كانت هذه الحرب وراء تدمير جزئي لعدد من الخرائب الأثرية والمنشآت والقصور والقرى والجروف التاريخية، بالإضافة إلى المصرف الشمالي الجنوبي لسد مأرب القديم، وغيرها من المعالم والمواقع التي لا تقتصر على مرحلة تاريخية معينة، بل تشمل مختلف مراحل تاريخ اليمن؛ وبالتالي فإن الخسائر شملت، أيضاً، منشآت وممتلكات ثقافية تعرضت فيها المكتبتان السمعية والبصرية لإذاعتي المكلا وعدن للسرقة، وكانتا تضمان اسطوانات تاريخية نادرة، بالإضافة إلى ما تعرض له عدد من مراكز الدراسات في مدينة عدن من نهب وعبث، وما طال مكتبة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في مدينة تعز، من قصف وتدمير أتلف كثير من مقتنياتها النادرة.
ووفق رئيس الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف مُهنّد السيّاني، فإن «آثار اليمن تواجه اليوم وقتا عصيباً جراء ما نالها وينالها من خراب ودمار ونهب وعبث وسرقة، وهو ما يجعل نداءات الهيئة للعالم لا تتوقف لإنقاذ الذاكرة اليمنية».
كما أكد السياني، «القدس العربي»، على أهمية أن «تستشعر المنظمات الدولية المعنية المخاطر المحدقة بتراث اليمن الثقافي؛ وبالتالي فحاجتنا الملحة حالياً؛ هي أن تُسارع هذه المنظمات إلى إطلاق حملات دولية تُسلّط الضوء على هذا الواقع الكارثي وتدعو لتضافر الجهود لحمايته من خلال برامج متعددة تتضمن استصدار قرارات دولية تُدرج مواقع الآثار في اليمن ضمن دائرة الخطر وتُجرم تهريب وبيع آثاره وتنفيذ برامج على أكثر من صعيد تعمل على إيقاف هذا التدمير الممنهج لآثارنا وتراثنا الثقافي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.