5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب تمحو تراث اليمن: دمار 86 موقعا أثريا
نشر في صوت البلد يوم 08 - 12 - 2016

تشهد الآثار اليمنية وضعاً كارثياً، بسبب الحرب، في ظل عدم تحييدها عن جغرافية الصراع، واستمرار استخدامها واستهدافها من جميع الأطراف، ما ألحق ويُلحق بمواقعها ومعالمها الكثير من الأضرار. أطراف عديد دعت، المنظمات الدولية، إلى سرعة إدراجها ضمن دائرة الخطر والعمل بجِد على حمايتها من أي تدمير ممنهج.
وقد تسببت هذه الحرب، منذ اشتعالها في 26 آذار/مارس 2015 وحتى كانون الأول/ ديسمبر2016، بتدمير جزئي وكلي لنحو 86 موقعاً ومعلماً أثرياً في مناطق مختلفة من البلاد، وفق إحصائية رسمية استقتها الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف من واقع البلاغات، كونها لا تستطيع النزول الميداني للمواقع، التي هي في الغالب، جزء من ساحات المعارك والمواجهات الملتهبة.
استشعرت بعض المنظمات الدولية، بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الوضع الخطير الذي تعيشه آثار اليمن؛ فأصدرت بيانات ونداءات طالبت فيها أطراف النزاع بتجنيب مواقع ومعالم الآثار أي شكل من أشكال الاستخدام والاستهداف العسكري، والإسهام في حمايتها؛ وهو ما لم تتجاوب معه أطراف الصراع.
ولهذا لم يكن مستغرباً أن يتفاعل البرلمان الفرنسي ويستضيف بدعوة من لجنته الثقافية أواخر حزيران/ يونيو 2016 في باريس، مؤتمراً حول المخاطر التي يتعرض لها التراث الثقافي اليمني بسبب الحرب، متبنياً دعوة عالمية لإنقاذه، بعد مداولات استعرض فيها أكاديميون فرنسيون ويمنيون تداعيات الحرب على التراث، مشددين على أهمية استمرار تسليط الضوء عليه، وإخضاع واقع الآثار في هذا البلد للتدابير الدولية نفسها التي تم اتباعها مع الآثار العراقية والسورية.
اليمن، يمتلك مخزوناً كبيراً من الآثار؛ يعبّر عما شهده لأكثر من أربعة آلاف سنة تتحدث عنها شواهد ومآثر. وتعبيراً عن أهميتها التاريخية أدرجت منظمة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني والطبيعي من اليمن، مواقع ومدنا تاريخية: مدينة شبام حضرموت (1982) مدينة صنعاء القديمة (1986) مدينة زبيد (1993) وأرخبيل سقطرى (2008).
من بين الحروب والصراعات التي شهدها اليمن الحديث؛ تُعد الحرب المستعرة حالياً هي أكثر تلك الحروب إضراراً بالآثار، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن التوقف عندها دون الإشارة إلى ما أحدثته حربان سابقتان هما: الحرب بين الجيش اليمني وتنظيم «أنصار الشريعة» في محافظتي أبين ولحج/ جنوب عام 2011، والحرب بين مليشيا الحوثيين والتنظيم نفسه في محافظة البيضاء/ وسط عام 2014. فقد تسببت الحرب الأولى في تدمير ونهب ثلاثة مخازن ومتاحف آثار وغيرها من المعالم في مناطق المعارك (أبين ولحج)، فيما تسببت الثانية بأضرار وتصدع في أسوار قلعة رداع (البيضاء)، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى تضرر مسجد ومدرسة العامرية في مدينة رداع، التي تُعدّ من أهم المساجد والمدارس الإسلامية في اليمن، ويعود تاريخ بنائها لعام (910ه/1504م). بينما امتدت الحرب المشتعلة منذ 2015 لمعظم مناطق اليمن؛ لتدخل معها الآثار مرحلة جديدة من المخاطر أصبحت فيها معظم مواقع ومعالم ومُدن الآثار في هذا البلد ساحات معارك.
بعد أكثر من عام على هذه الحرب اتسعت خريطة الدمار والنهب للمواقع والمعالم، لتشمل مواقع ومعالم في (18) محافظة من أصل (23) محافظة (مجموع محافظات اليمن)، اشترك في استهدافها، للأسف، جميع الأطراف: القوات الموالية للحكومة بما فيها ما تعرف بلجان المقاومة الشعبية من جهة، ومليشيات الحوثيين من جهة، وطائرات التحالف من جهة ثالثة، وتنظيم «القاعدة» وفصائله من جهة رابعة.
مدن تاريخية
طالت الحرب بتدمير جزئي، (8) مدن تاريخية وأثرية وهي: أحياء في مدينة صنعاء القديمة/ وسط (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي)، أحياء في مدينة زبيد/غرب (مسجلة ضمن التراث العالمي)، مدينة كوكبان المحويت/ شمال غرب، وهذه الأخيرة تسبب القصف بتدمير معظم معالمها ما أدى إلى نزوح كثير من سكانها، مدينة صرواح مأرب الأثرية / وسط ويعود تاريخها إلى ألفين وسبعمئة سنة، مدينة براقش الجوف الأثرية/ شمال ويعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، ومن أهم معالمها (معبد نكراح)، كثير من معالم مدينة صعدة التاريخية / شمال، ومعالم في مدينة مأرب القديمة/ وسط، مدينة شبام حضرموت/ شرق (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي).
مخازن ومتاحف
كما تسببت الحرب والصراع، أيضاً، بتدمير كلي لثلاثة مخازن آثار في صرواح وبراقش مأرب/ وسط بالإضافة إلى قصف 3 متاحف وإلحاق أضرار بثلاثة أخرى: متحف ذمار الإقليمي/ وسط، الذي تم قصفه وتدميره كلياً بالطيران، وكان يضم 12500 قطعة أثرية، وقصف وتدمير معظم متحف تعز/ جنوب غرب، ونهب محتويات مخازنه التي مازال مصيرها مجهولاً، وقصف متحف عدن (قصر العبدلي) وتدمير طابقه الثالث، كما تضرر مبنى المتحف الوطني ومبنى متحف الموروث الشعبي في صنعاء، ومتحف عتق في محافظة شبوة/ وسط، وغيرها من المتاحف. وفي السياق ذاته؛ ما تزال جميع متاحف اليمن (22 متحفاً تابعة لهيئة الآثار) مغلقة بفعل الحرب والوضع الأمني والاقتصادي.
قلاع وقصور ومعابد
ودمرت الحرب وألحقت أضراراً ب 8 قلاع تاريخية وأثرية منها: قلعة القاهرة المطلة على مدينة تعز/ جنوب، ويعود بناؤها إلى عهد الدولة الصليحية (1045-1138)، قلعة صيرة في مدينة عدن/جنوب، وقلعة قشلة كوكبان في محافظة المحويت/ شمال غرب، وغيرها، بالإضافة إلى 7 حصون تاريخية أثرية و3 معابد منها معبد أوعال صرواح، الذي يُعد من أقدم المعابد لمملكة سبأ (950-115 ق. ي)، وكان يوجد بداخله (نقش النصر) الذي يُعد أحد مصادر التاريخ اليمني، ويعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد، و5 مساجد تاريخية وأثرية و10) مواقع قِباب وأضرحة منها قباب مقبرة إسماعيل في مدينة الشحر حضرموت/ شرق، ومجموعة قباب وأضرحة في غيل باوزير في حضرموت وقُبة يعقوب في مدينة المكلا حضرموت وقُبة جمال الدين الجنيد وقُبة عبد الهادي السودي في محافظة تعز؛ وتم تدمير الأخيرتين بالديناميت بما في ذلك ضريح كل منهما.
إلى ذلك، كانت هذه الحرب وراء تدمير جزئي لعدد من الخرائب الأثرية والمنشآت والقصور والقرى والجروف التاريخية، بالإضافة إلى المصرف الشمالي الجنوبي لسد مأرب القديم، وغيرها من المعالم والمواقع التي لا تقتصر على مرحلة تاريخية معينة، بل تشمل مختلف مراحل تاريخ اليمن؛ وبالتالي فإن الخسائر شملت، أيضاً، منشآت وممتلكات ثقافية تعرضت فيها المكتبتان السمعية والبصرية لإذاعتي المكلا وعدن للسرقة، وكانتا تضمان اسطوانات تاريخية نادرة، بالإضافة إلى ما تعرض له عدد من مراكز الدراسات في مدينة عدن من نهب وعبث، وما طال مكتبة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في مدينة تعز، من قصف وتدمير أتلف كثير من مقتنياتها النادرة.
ووفق رئيس الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف مُهنّد السيّاني، فإن «آثار اليمن تواجه اليوم وقتا عصيباً جراء ما نالها وينالها من خراب ودمار ونهب وعبث وسرقة، وهو ما يجعل نداءات الهيئة للعالم لا تتوقف لإنقاذ الذاكرة اليمنية».
كما أكد السياني، «القدس العربي»، على أهمية أن «تستشعر المنظمات الدولية المعنية المخاطر المحدقة بتراث اليمن الثقافي؛ وبالتالي فحاجتنا الملحة حالياً؛ هي أن تُسارع هذه المنظمات إلى إطلاق حملات دولية تُسلّط الضوء على هذا الواقع الكارثي وتدعو لتضافر الجهود لحمايته من خلال برامج متعددة تتضمن استصدار قرارات دولية تُدرج مواقع الآثار في اليمن ضمن دائرة الخطر وتُجرم تهريب وبيع آثاره وتنفيذ برامج على أكثر من صعيد تعمل على إيقاف هذا التدمير الممنهج لآثارنا وتراثنا الثقافي».
تشهد الآثار اليمنية وضعاً كارثياً، بسبب الحرب، في ظل عدم تحييدها عن جغرافية الصراع، واستمرار استخدامها واستهدافها من جميع الأطراف، ما ألحق ويُلحق بمواقعها ومعالمها الكثير من الأضرار. أطراف عديد دعت، المنظمات الدولية، إلى سرعة إدراجها ضمن دائرة الخطر والعمل بجِد على حمايتها من أي تدمير ممنهج.
وقد تسببت هذه الحرب، منذ اشتعالها في 26 آذار/مارس 2015 وحتى كانون الأول/ ديسمبر2016، بتدمير جزئي وكلي لنحو 86 موقعاً ومعلماً أثرياً في مناطق مختلفة من البلاد، وفق إحصائية رسمية استقتها الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف من واقع البلاغات، كونها لا تستطيع النزول الميداني للمواقع، التي هي في الغالب، جزء من ساحات المعارك والمواجهات الملتهبة.
استشعرت بعض المنظمات الدولية، بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الوضع الخطير الذي تعيشه آثار اليمن؛ فأصدرت بيانات ونداءات طالبت فيها أطراف النزاع بتجنيب مواقع ومعالم الآثار أي شكل من أشكال الاستخدام والاستهداف العسكري، والإسهام في حمايتها؛ وهو ما لم تتجاوب معه أطراف الصراع.
ولهذا لم يكن مستغرباً أن يتفاعل البرلمان الفرنسي ويستضيف بدعوة من لجنته الثقافية أواخر حزيران/ يونيو 2016 في باريس، مؤتمراً حول المخاطر التي يتعرض لها التراث الثقافي اليمني بسبب الحرب، متبنياً دعوة عالمية لإنقاذه، بعد مداولات استعرض فيها أكاديميون فرنسيون ويمنيون تداعيات الحرب على التراث، مشددين على أهمية استمرار تسليط الضوء عليه، وإخضاع واقع الآثار في هذا البلد للتدابير الدولية نفسها التي تم اتباعها مع الآثار العراقية والسورية.
اليمن، يمتلك مخزوناً كبيراً من الآثار؛ يعبّر عما شهده لأكثر من أربعة آلاف سنة تتحدث عنها شواهد ومآثر. وتعبيراً عن أهميتها التاريخية أدرجت منظمة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني والطبيعي من اليمن، مواقع ومدنا تاريخية: مدينة شبام حضرموت (1982) مدينة صنعاء القديمة (1986) مدينة زبيد (1993) وأرخبيل سقطرى (2008).
من بين الحروب والصراعات التي شهدها اليمن الحديث؛ تُعد الحرب المستعرة حالياً هي أكثر تلك الحروب إضراراً بالآثار، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن التوقف عندها دون الإشارة إلى ما أحدثته حربان سابقتان هما: الحرب بين الجيش اليمني وتنظيم «أنصار الشريعة» في محافظتي أبين ولحج/ جنوب عام 2011، والحرب بين مليشيا الحوثيين والتنظيم نفسه في محافظة البيضاء/ وسط عام 2014. فقد تسببت الحرب الأولى في تدمير ونهب ثلاثة مخازن ومتاحف آثار وغيرها من المعالم في مناطق المعارك (أبين ولحج)، فيما تسببت الثانية بأضرار وتصدع في أسوار قلعة رداع (البيضاء)، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى تضرر مسجد ومدرسة العامرية في مدينة رداع، التي تُعدّ من أهم المساجد والمدارس الإسلامية في اليمن، ويعود تاريخ بنائها لعام (910ه/1504م). بينما امتدت الحرب المشتعلة منذ 2015 لمعظم مناطق اليمن؛ لتدخل معها الآثار مرحلة جديدة من المخاطر أصبحت فيها معظم مواقع ومعالم ومُدن الآثار في هذا البلد ساحات معارك.
بعد أكثر من عام على هذه الحرب اتسعت خريطة الدمار والنهب للمواقع والمعالم، لتشمل مواقع ومعالم في (18) محافظة من أصل (23) محافظة (مجموع محافظات اليمن)، اشترك في استهدافها، للأسف، جميع الأطراف: القوات الموالية للحكومة بما فيها ما تعرف بلجان المقاومة الشعبية من جهة، ومليشيات الحوثيين من جهة، وطائرات التحالف من جهة ثالثة، وتنظيم «القاعدة» وفصائله من جهة رابعة.
مدن تاريخية
طالت الحرب بتدمير جزئي، (8) مدن تاريخية وأثرية وهي: أحياء في مدينة صنعاء القديمة/ وسط (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي)، أحياء في مدينة زبيد/غرب (مسجلة ضمن التراث العالمي)، مدينة كوكبان المحويت/ شمال غرب، وهذه الأخيرة تسبب القصف بتدمير معظم معالمها ما أدى إلى نزوح كثير من سكانها، مدينة صرواح مأرب الأثرية / وسط ويعود تاريخها إلى ألفين وسبعمئة سنة، مدينة براقش الجوف الأثرية/ شمال ويعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، ومن أهم معالمها (معبد نكراح)، كثير من معالم مدينة صعدة التاريخية / شمال، ومعالم في مدينة مأرب القديمة/ وسط، مدينة شبام حضرموت/ شرق (مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي).
مخازن ومتاحف
كما تسببت الحرب والصراع، أيضاً، بتدمير كلي لثلاثة مخازن آثار في صرواح وبراقش مأرب/ وسط بالإضافة إلى قصف 3 متاحف وإلحاق أضرار بثلاثة أخرى: متحف ذمار الإقليمي/ وسط، الذي تم قصفه وتدميره كلياً بالطيران، وكان يضم 12500 قطعة أثرية، وقصف وتدمير معظم متحف تعز/ جنوب غرب، ونهب محتويات مخازنه التي مازال مصيرها مجهولاً، وقصف متحف عدن (قصر العبدلي) وتدمير طابقه الثالث، كما تضرر مبنى المتحف الوطني ومبنى متحف الموروث الشعبي في صنعاء، ومتحف عتق في محافظة شبوة/ وسط، وغيرها من المتاحف. وفي السياق ذاته؛ ما تزال جميع متاحف اليمن (22 متحفاً تابعة لهيئة الآثار) مغلقة بفعل الحرب والوضع الأمني والاقتصادي.
قلاع وقصور ومعابد
ودمرت الحرب وألحقت أضراراً ب 8 قلاع تاريخية وأثرية منها: قلعة القاهرة المطلة على مدينة تعز/ جنوب، ويعود بناؤها إلى عهد الدولة الصليحية (1045-1138)، قلعة صيرة في مدينة عدن/جنوب، وقلعة قشلة كوكبان في محافظة المحويت/ شمال غرب، وغيرها، بالإضافة إلى 7 حصون تاريخية أثرية و3 معابد منها معبد أوعال صرواح، الذي يُعد من أقدم المعابد لمملكة سبأ (950-115 ق. ي)، وكان يوجد بداخله (نقش النصر) الذي يُعد أحد مصادر التاريخ اليمني، ويعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد، و5 مساجد تاريخية وأثرية و10) مواقع قِباب وأضرحة منها قباب مقبرة إسماعيل في مدينة الشحر حضرموت/ شرق، ومجموعة قباب وأضرحة في غيل باوزير في حضرموت وقُبة يعقوب في مدينة المكلا حضرموت وقُبة جمال الدين الجنيد وقُبة عبد الهادي السودي في محافظة تعز؛ وتم تدمير الأخيرتين بالديناميت بما في ذلك ضريح كل منهما.
إلى ذلك، كانت هذه الحرب وراء تدمير جزئي لعدد من الخرائب الأثرية والمنشآت والقصور والقرى والجروف التاريخية، بالإضافة إلى المصرف الشمالي الجنوبي لسد مأرب القديم، وغيرها من المعالم والمواقع التي لا تقتصر على مرحلة تاريخية معينة، بل تشمل مختلف مراحل تاريخ اليمن؛ وبالتالي فإن الخسائر شملت، أيضاً، منشآت وممتلكات ثقافية تعرضت فيها المكتبتان السمعية والبصرية لإذاعتي المكلا وعدن للسرقة، وكانتا تضمان اسطوانات تاريخية نادرة، بالإضافة إلى ما تعرض له عدد من مراكز الدراسات في مدينة عدن من نهب وعبث، وما طال مكتبة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في مدينة تعز، من قصف وتدمير أتلف كثير من مقتنياتها النادرة.
ووفق رئيس الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف مُهنّد السيّاني، فإن «آثار اليمن تواجه اليوم وقتا عصيباً جراء ما نالها وينالها من خراب ودمار ونهب وعبث وسرقة، وهو ما يجعل نداءات الهيئة للعالم لا تتوقف لإنقاذ الذاكرة اليمنية».
كما أكد السياني، «القدس العربي»، على أهمية أن «تستشعر المنظمات الدولية المعنية المخاطر المحدقة بتراث اليمن الثقافي؛ وبالتالي فحاجتنا الملحة حالياً؛ هي أن تُسارع هذه المنظمات إلى إطلاق حملات دولية تُسلّط الضوء على هذا الواقع الكارثي وتدعو لتضافر الجهود لحمايته من خلال برامج متعددة تتضمن استصدار قرارات دولية تُدرج مواقع الآثار في اليمن ضمن دائرة الخطر وتُجرم تهريب وبيع آثاره وتنفيذ برامج على أكثر من صعيد تعمل على إيقاف هذا التدمير الممنهج لآثارنا وتراثنا الثقافي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.