قطاع التعليم: 37 ألف طالب سجلوا رغباتهم وموقع التنسيق يعمل 24 ساعة    اتحاد الغرف التجارية: الأوكازيون يبدأ 4 أغسطس ويشمل كافة القطاعات    أمين الجبهة الوطنية: الرئيس السيسى يبذل كل ما يملك فى سبيل الدفاع عن قضية فلسطين    سيناتور أمريكي: ترامب يريد فرض رسوم جمركية على دول تشتري النفط والغاز من روسيا    تشكيل النصر - جواو فيليكس يظهر لأول مرة.. ورونالدو أساسي أمام تولوز وديا    فيديو ترويجي ل"محمد إسماعيل" مدفاع الزمالك الجديد    مران الزمالك - مشاركة بنتايك.. وتنفيذ أفكار خططية في ودية المحلة    وزارة الداخلية تضبط المتهمين بالتشاجر بالقليوبية بأعيرة نارية.. فيديو    وزارة التربية والتعليم تعلق على إدعاء طالب يتهم تغيير إجابته بالثانوية    خالد الجندى فى "لعلهم يفقهون": لا تخوفوا الناس من الدين    وزارة الصحة تنفى زيادة مساهمة المريض فى تكلفة الأدوية: مجرد شائعات    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    "أنا الذي".. طرح ثالث أغاني الكينج محمد منير مع "روتانا" على "يوتيوب" (فيديو)    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    رغم انتهاء المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين دون إعلان تقدم.. مؤشرات متفائلة لصندوق النقد    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    قائد الجيش اللبناني: لن نتهاون في إحباط أي محاولة تمس الأمن أو تجر الوطن إلى الفتنة    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلورا قازان شاعرة خارج السّرب
نشر في صوت البلد يوم 16 - 11 - 2016

لعلّ السمة الطاغية على منجز شاعرتنا،تتمثّل في زخم التّلوينات الأحفورية التي تفتيها بواطن المعنى وتقود إليها نصوص العمق الواشية بجملة أسراره والتباساته جوانب معينة للصمت.
بالتالي فنحن إزاء صوت هامس وغامر بكمّ الوجدانيات التي تسرف برشمها انطباعات اليومي وبعض الإلتقاطات المشهدية الباهتة والآيلة للأفول، وكنافلة لذلك،استغراق أسلوبية مغايرة راقصة على إيقاعات تراجيدية عابرة لتفاصيل حياتية و عقد ونقاط إشكالية جوهرية شبه مهجورة.
وهكذا افتعال الطقس الروحي المتناغم ولحظة الولادة المشرقة لأحرف تناطح شموخ الرؤى وتكسبها بعدها الوجودي على نحو مخوّل لسلاسة تمرير مواقف ضبابية تتبوأ منطقة المابين.
كضرب من التّرويح على الأنوية الهائمة في متاهات الزمان والمكان، تشحذ الرمزية والإيحائية من صور الجمال المتناثرة قدر جود المخيال في تماسه وتفاعلاته مع الغيرية من منطلق طوعيّ محض تزركشه بضع محطات النرجسية في رسم لوحة كلامية رخوة ونوعية الخطاب ومخملية ما في مقدوره توليد الرعشة وقشعريرة الصعق،في حواس التّلقّي التزاما بتخوم بلاغية محددة ومنتصفة انتهاء للقضية العاطفية الجامحة والجامعة.
تلكم شعرية تتنفّس المعنى الزئبقي والمراوغ ،برئة الجنسانية ،وتلاحق الدلالة بعدّها انعكاسا مباشرا لاصطدام أوّلي معرّ وفاضح للظرفية باعتماد مفردات وجودية تتحاشى الصياغة المكرورة للحالة والمبدأ والذات.
ذلك حين يطرّز الحرف ويُخطّ بدم القلب والإخلاص للفعل الإبداعي ،يروم استنفار المغيب فينا واستفزاز المعطّل نكاية في تعفّن الجرح واختمار الخيبات، ويقيم في وعينا المشوش طاعنا بنكهة تمرد روح مهتزة ديدنها الاستكشاف.
كذلك هي الشاعرة اللبنانية المتوهجة فلورا قازان في نظرتها الاستثنائية إلى الذات والآخر والعالم ،تمحورا على تشابكات وتداخلات وتناقضات إستراتيجية مجهدة حدّ التيئيس و الإغواء برفع الراية البيضاء والاقتناع بخيار الاستسلام.
إنها قامة مهووسة باختراق المستحيل لدرجة حملنا على مباهج تأول قضيتها المركّبة وسبر عوالمها المفخخة بمعسول بوح يُلبس الذائقة فرو الفضول المزدان بجنون مغامرة رشق زاوية الأنوثة الماكرة في الطاقة الصوتية النسوية الهائلة والمتدلية مثل شامة آسرة بألغازها تيمّنا بسلطة وسطوة الجمال ، ومطلة من على شرفات وجع كوني لا يُقهر.
فلنتملىّ هذه الإلتماعات ولننصت إلى نبض كنوز ما تصمت عليه ألوانها :
"يا سيدي
أنا امرأة
من لون الشمس جدائلي
أحمل بيميني عنواني .
وبعيني لهفة بركاني
وفي محراب كفيك
قصيدة عشق تحييني"
................
" يتربع الندى على مقعد وثير
والزنبق يوْلم حقول السماء حين
يمنحنى حبك الغيم شهوة المرور
لمرافىء المطر .."
................
"رَشَقَ نافِذَتي بعدَ مُنْتَصَفِ الخيبةِ
وسأَلَني مَنْ أنتِ ؟
أنا الموجوعُ المَنفيُّ
أُريدُ أنْ أتَفَقَدَ دَهْشَتي
قبلَ أنْ تُزهرَ مأساتي
وتموتَ دونَ شهاداتٍ قصائديْ
نَزَفَتْ الدَّمعةُ على خدِّ الوَرَق،
وَرَسَمَتْ لَهُ الجوابَ
لسانيْ كوكبٌ يُضِيءُ
يَحرِقُ ولا يرمَد ،
يُطْعِمُ ولا يُسَمِّم
لستُ بشاعرةٍ
ولا بأديبةٍ ولا بِكاتبةٍ
إنسانةٌ ظلُّها صامتٌ خَجولٌ
مرآتُها مكسورةٌ
وشظاياها تعبَثُ بالرّوحِ
طفلةٌ تَتَنَفَسُ الشعورَ
وتُمْطِرُ الحروفَ
تُشاغِبُ الغيمَ
ولا تُرافِقُ الضيْمَ
تائهةٌ عن وزنِ الشعراءِ
شاردةٌ عن متاهاتِ الألقابِ
السماءُ ورقتي البيضاءُ
ودموعيْ تروي أقلامَ الوفاءِ
لا لستُ كما ينعتوني
بملكةِ الورودِ
والعطورِ .. والحروفْ
بل ناسِكة
تعشَقُ عينَ النورِ
وتستنيرُ من عطشِ الروحِ
لستُ أميرةَ السماءِ
ولا غانيةَ المساءِ
لستُ سليلةَ العظماءِ
ولا غَريبةً عن الأنبياءِ
ولستُ أبداً أبدا
حوريةَ البحرِ
لكنْ من كفِّ الشعر
أُهدِيِهِ الإعصارْ..."
..................
"أوَلَّ مَنْ صَنْعَ من أحْلاَمِي
عَقْدًا لِنَوْرَسِ الْحُبِّ، أَنْتَ
أَوَّلَ مَنْ نَقْشَ عَلَى كَفِي
نُبُوءَاتِ الْحَرْفِ، أَنْتَ
أَوَّلَ مَنْ جَعَلَ مِنْ قَصِيدِتي
زغرودةَ نَبِيذٍ، أَنْتَ
النُّبُوءةُ، أَنْتَ
الْمَطَرُ، أَنْتَ
الْغِوايَةُ، أَنْتَ
النَّبِيذُ، أَنْتَ"
.................
"كانَتْ العَصافيرُ تُرَنِمُ بَسَماتِنا
على أغْصانِ الفِتْنَةِ ألْحانا
كانَ البَحْرُ وليفاً
يَهْدُرُ على شَهْدِ حُبِنا زَبَرْجَدا
والمُوجُ يَتَخَبَّطُ وَلَهاً
على وَقْعِ هّمْسِنا مَسْحورا
والحَواري هائِمَةٌ يَسيلُ لُعابُها زبدا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
كانتْ السَّماءُ رَبيعاً
تُمْطِرُ كونَنا بَنَفْسَجا
والرّيحُ عواصفاً
(مايسترو) ماهراً
يُهْدي عيدَ النّسيمِ كَرْنَفالا
يُغْرِقُ الجَّداولَ فصولا
والجِّبالَ والوِدْيانَ
مِنَ الهَوى أشْكالاً وألْوانا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
تَعَرَّتْ طُقوسُ الخَجَلِ
مِنْ ضَجيجِ مَواسِمِنا
وتَحَرَّرَتْ تاءُ الأنوثَةِ
مِنْ سِجْنِها تُطارِدُ استِهْجانا
وأسْقَطَتْ جُرأةُ النونِ
تَقاليدَ نقابٍ عَنْ أعْيُنِنا
فَقَطْ في ذلكَ الزَّمَنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
كانتْ الزَّنابِقُ
تَرْتدي خِلْخالاً غَجَرياً
يُشْعِلُ أوتارَ الكَمانِ والنَّايا
يُقافِزُ سيقانَ النَّرْجِسَ والنَّهْدَ
على ضِفافِ الأنْهُرِ هَوْسا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ"
بعين ثالثة فقط ،نستطيع مواكبة مدّ الانفلات ذاك،ونرشف عصارة لقطات العري الروحي ودفق الشظايا الذاتية الغائرة في مسح شامل،يباشر قلقلة الذاكرة ليعفيها من ركودها غير المبرّر و يعتقها من رواسب التيبّس والنشوز والزّيف وجحيم النفي.
بلغة برزخية مدغدغة ومغازلة بثرثرة المتون، تهدم كي تبني، عبر معالجات ضمنية تتخذ من المستقبل البشري وإرهاصاته،بؤرة ماسّة ووضعية إكلينيكية أحقّ بمشرط التشريح.
خلاصة القول أن شاعرتنا تلوذ بمعطيات التجاوز بغية تحقيق الغرض العام و التّكريس لخطّ تعبيري يرقي وينشد تطوير صنعة الشعر، اعتقادا بنظرية التحول وتفجير الكامن في الذات فنيا واطّرادا مع السيولة الوجدانية ملء صاع الاغتراف من عناصر الطبيعة وعلى وجه الاقتراض لا أكثر.
ومن ثمّ حصاد الميزة المشرّفة واللائقة خارج السرب المبتلى بفوضوية النص.
.....
- شاعر وناقد مغربي
لعلّ السمة الطاغية على منجز شاعرتنا،تتمثّل في زخم التّلوينات الأحفورية التي تفتيها بواطن المعنى وتقود إليها نصوص العمق الواشية بجملة أسراره والتباساته جوانب معينة للصمت.
بالتالي فنحن إزاء صوت هامس وغامر بكمّ الوجدانيات التي تسرف برشمها انطباعات اليومي وبعض الإلتقاطات المشهدية الباهتة والآيلة للأفول، وكنافلة لذلك،استغراق أسلوبية مغايرة راقصة على إيقاعات تراجيدية عابرة لتفاصيل حياتية و عقد ونقاط إشكالية جوهرية شبه مهجورة.
وهكذا افتعال الطقس الروحي المتناغم ولحظة الولادة المشرقة لأحرف تناطح شموخ الرؤى وتكسبها بعدها الوجودي على نحو مخوّل لسلاسة تمرير مواقف ضبابية تتبوأ منطقة المابين.
كضرب من التّرويح على الأنوية الهائمة في متاهات الزمان والمكان، تشحذ الرمزية والإيحائية من صور الجمال المتناثرة قدر جود المخيال في تماسه وتفاعلاته مع الغيرية من منطلق طوعيّ محض تزركشه بضع محطات النرجسية في رسم لوحة كلامية رخوة ونوعية الخطاب ومخملية ما في مقدوره توليد الرعشة وقشعريرة الصعق،في حواس التّلقّي التزاما بتخوم بلاغية محددة ومنتصفة انتهاء للقضية العاطفية الجامحة والجامعة.
تلكم شعرية تتنفّس المعنى الزئبقي والمراوغ ،برئة الجنسانية ،وتلاحق الدلالة بعدّها انعكاسا مباشرا لاصطدام أوّلي معرّ وفاضح للظرفية باعتماد مفردات وجودية تتحاشى الصياغة المكرورة للحالة والمبدأ والذات.
ذلك حين يطرّز الحرف ويُخطّ بدم القلب والإخلاص للفعل الإبداعي ،يروم استنفار المغيب فينا واستفزاز المعطّل نكاية في تعفّن الجرح واختمار الخيبات، ويقيم في وعينا المشوش طاعنا بنكهة تمرد روح مهتزة ديدنها الاستكشاف.
كذلك هي الشاعرة اللبنانية المتوهجة فلورا قازان في نظرتها الاستثنائية إلى الذات والآخر والعالم ،تمحورا على تشابكات وتداخلات وتناقضات إستراتيجية مجهدة حدّ التيئيس و الإغواء برفع الراية البيضاء والاقتناع بخيار الاستسلام.
إنها قامة مهووسة باختراق المستحيل لدرجة حملنا على مباهج تأول قضيتها المركّبة وسبر عوالمها المفخخة بمعسول بوح يُلبس الذائقة فرو الفضول المزدان بجنون مغامرة رشق زاوية الأنوثة الماكرة في الطاقة الصوتية النسوية الهائلة والمتدلية مثل شامة آسرة بألغازها تيمّنا بسلطة وسطوة الجمال ، ومطلة من على شرفات وجع كوني لا يُقهر.
فلنتملىّ هذه الإلتماعات ولننصت إلى نبض كنوز ما تصمت عليه ألوانها :
"يا سيدي
أنا امرأة
من لون الشمس جدائلي
أحمل بيميني عنواني .
وبعيني لهفة بركاني
وفي محراب كفيك
قصيدة عشق تحييني"
................
" يتربع الندى على مقعد وثير
والزنبق يوْلم حقول السماء حين
يمنحنى حبك الغيم شهوة المرور
لمرافىء المطر .."
................
"رَشَقَ نافِذَتي بعدَ مُنْتَصَفِ الخيبةِ
وسأَلَني مَنْ أنتِ ؟
أنا الموجوعُ المَنفيُّ
أُريدُ أنْ أتَفَقَدَ دَهْشَتي
قبلَ أنْ تُزهرَ مأساتي
وتموتَ دونَ شهاداتٍ قصائديْ
نَزَفَتْ الدَّمعةُ على خدِّ الوَرَق،
وَرَسَمَتْ لَهُ الجوابَ
لسانيْ كوكبٌ يُضِيءُ
يَحرِقُ ولا يرمَد ،
يُطْعِمُ ولا يُسَمِّم
لستُ بشاعرةٍ
ولا بأديبةٍ ولا بِكاتبةٍ
إنسانةٌ ظلُّها صامتٌ خَجولٌ
مرآتُها مكسورةٌ
وشظاياها تعبَثُ بالرّوحِ
طفلةٌ تَتَنَفَسُ الشعورَ
وتُمْطِرُ الحروفَ
تُشاغِبُ الغيمَ
ولا تُرافِقُ الضيْمَ
تائهةٌ عن وزنِ الشعراءِ
شاردةٌ عن متاهاتِ الألقابِ
السماءُ ورقتي البيضاءُ
ودموعيْ تروي أقلامَ الوفاءِ
لا لستُ كما ينعتوني
بملكةِ الورودِ
والعطورِ .. والحروفْ
بل ناسِكة
تعشَقُ عينَ النورِ
وتستنيرُ من عطشِ الروحِ
لستُ أميرةَ السماءِ
ولا غانيةَ المساءِ
لستُ سليلةَ العظماءِ
ولا غَريبةً عن الأنبياءِ
ولستُ أبداً أبدا
حوريةَ البحرِ
لكنْ من كفِّ الشعر
أُهدِيِهِ الإعصارْ..."
..................
"أوَلَّ مَنْ صَنْعَ من أحْلاَمِي
عَقْدًا لِنَوْرَسِ الْحُبِّ، أَنْتَ
أَوَّلَ مَنْ نَقْشَ عَلَى كَفِي
نُبُوءَاتِ الْحَرْفِ، أَنْتَ
أَوَّلَ مَنْ جَعَلَ مِنْ قَصِيدِتي
زغرودةَ نَبِيذٍ، أَنْتَ
النُّبُوءةُ، أَنْتَ
الْمَطَرُ، أَنْتَ
الْغِوايَةُ، أَنْتَ
النَّبِيذُ، أَنْتَ"
.................
"كانَتْ العَصافيرُ تُرَنِمُ بَسَماتِنا
على أغْصانِ الفِتْنَةِ ألْحانا
كانَ البَحْرُ وليفاً
يَهْدُرُ على شَهْدِ حُبِنا زَبَرْجَدا
والمُوجُ يَتَخَبَّطُ وَلَهاً
على وَقْعِ هّمْسِنا مَسْحورا
والحَواري هائِمَةٌ يَسيلُ لُعابُها زبدا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
كانتْ السَّماءُ رَبيعاً
تُمْطِرُ كونَنا بَنَفْسَجا
والرّيحُ عواصفاً
(مايسترو) ماهراً
يُهْدي عيدَ النّسيمِ كَرْنَفالا
يُغْرِقُ الجَّداولَ فصولا
والجِّبالَ والوِدْيانَ
مِنَ الهَوى أشْكالاً وألْوانا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
تَعَرَّتْ طُقوسُ الخَجَلِ
مِنْ ضَجيجِ مَواسِمِنا
وتَحَرَّرَتْ تاءُ الأنوثَةِ
مِنْ سِجْنِها تُطارِدُ استِهْجانا
وأسْقَطَتْ جُرأةُ النونِ
تَقاليدَ نقابٍ عَنْ أعْيُنِنا
فَقَطْ في ذلكَ الزَّمَنِ الجَّميلِ
حينما أحْبَبْتُكَ
كانتْ الزَّنابِقُ
تَرْتدي خِلْخالاً غَجَرياً
يُشْعِلُ أوتارَ الكَمانِ والنَّايا
يُقافِزُ سيقانَ النَّرْجِسَ والنَّهْدَ
على ضِفافِ الأنْهُرِ هَوْسا
في ذلكَ الزَّمِنِ الجَّميلِ"
بعين ثالثة فقط ،نستطيع مواكبة مدّ الانفلات ذاك،ونرشف عصارة لقطات العري الروحي ودفق الشظايا الذاتية الغائرة في مسح شامل،يباشر قلقلة الذاكرة ليعفيها من ركودها غير المبرّر و يعتقها من رواسب التيبّس والنشوز والزّيف وجحيم النفي.
بلغة برزخية مدغدغة ومغازلة بثرثرة المتون، تهدم كي تبني، عبر معالجات ضمنية تتخذ من المستقبل البشري وإرهاصاته،بؤرة ماسّة ووضعية إكلينيكية أحقّ بمشرط التشريح.
خلاصة القول أن شاعرتنا تلوذ بمعطيات التجاوز بغية تحقيق الغرض العام و التّكريس لخطّ تعبيري يرقي وينشد تطوير صنعة الشعر، اعتقادا بنظرية التحول وتفجير الكامن في الذات فنيا واطّرادا مع السيولة الوجدانية ملء صاع الاغتراف من عناصر الطبيعة وعلى وجه الاقتراض لا أكثر.
ومن ثمّ حصاد الميزة المشرّفة واللائقة خارج السرب المبتلى بفوضوية النص.
.....
- شاعر وناقد مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.