إبراهيم نصرالله الفائز بجائزة كتارا لعام 2016 عن روايته «أرواح كليمنغارو»، ولد في عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، عاش طفولته وشبابه في مخيم للاجئين وبدأ حياته العملية معلماً في السعودية. عاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبدالحميد شومان، وتفرغ للكتابة منذ عام 2006. نشر حتى الآن 14 ديواناً شعرياً و16 رواية من ضمنها مشروعه الروائي «الملهاة الفلسطينية»، المكون من عشر روايات تغطي 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث. ترجمت له أربع روايات وديوان شعر إلى الإنكليزية، وثلاثة كتب إلى الإيطالية. كما ترجمت له رواية إلى الدنماركية وأخرى إلى التركية. ونصرالله إلى ذلك، رسام ومصور، وقد أقام أربعة معارض فردية في التصوير. نال نصرالله جائزة سلطان العويس عام 1997، واختيرت روايته «براري الحُمّى» من جانب صحيفة الغارديان البريطانية كواحدة من أهم عشر روايات كتبها عرب أو أجانب عن العالم العربي. عام 2012، نال جائزة القدس للثقافة والإبداع التي تمنح لأول مرة تقديراً لأعماله الأدبية، كما نشرت تسعة كتب نقدية عن تجربته الأدبية، وتناولت أعماله أطروحات للدكتوراه والماجستير في جامعات عدة. في كانون الثاني (يناير) 2014، تطوَّع للصعود إلى قمة كليمنغارو بمرافقة أطفال فلسطينيين فقدوا سيقانهم في عمليات نفذتها ضدهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووصلوا القمة، وقد كتب «أرواح كليمنغارو»، استناداً إلى تلك التجربة. - لماذا أصدرت «أرواح كليمنغارو» في قطر؟ - كانت هناك شراكة بين «مؤسسة قطر»، ودار «بلومزبري» للنشر، لندن، وما شجعني على تلك الخطوة، هو أن تلك الشراكة تضمن صدور العمل باللغتين الإنكليزية والعربية، لكن لم يخبرني أحد من مؤسسة قطر أنهم يخططون للانفصال، وهذا أوجَد مشاكل عدة، آمل بأن تحلَّ قريباً. - كيف ترى التناص بين روايتك، و «ثلوج كليمنغارو» لهمنغواي؟ " ثلوج كليمنغارو"، هي قصة قصيرة، تدور أحداثها في المنطقة السهلية التي يشكل الجبل خلفيتها، كما أن بطل القصة لا يصعد الجبل، بينما «أرواح كليمنغارو» تدور أحداثها في الجبل، وفق رؤية أخرى لفكرة الصعود، لم تشغل شخوص قصة همنغواي. لذا، فهما نصان مختلفان، يجمعهما اسم الجبل، لكن «أرواح كليمنغارو» تذهب بقصة همنغواي إلى البعيد. أظن أن لا وجود للتناص، بل هناك إعادة تشكيل لعالم بطل همنغواي، وما لم يوفره لبطله، وسط مجموعة من الأطفال الفلسطينيين والشخصيات التي ترافقهم في صعودهم القمة في روايتي. - كيف اختلفت تقنيات الخطاب السردي بينك وبين همنغواي؟ لا وجود لأي تقارب في البناء، فكما أشرت، همنغواي كتب قصة، وأنا كتبت رواية، وبناء الرواية مُركَّب، وواسع، وكانت لديَّ فيه اجتهادات، سعدت بأنها كانت مفاجئة للقراء، والنقاد الذين كتبوا عن الرواية. - لماذا وقع اختيارك على الأطفال المصابين للصعود بهم إلى قمة كليمنغارو؟ كانت الفكرة لبطلة صعود الجبال الفلسطينية سوزان الهوبي، وحين حدّثتني عن الأمر، تأثرتُ كثيراً، وعلى رغم عدم وجود أي قدرات سابقة لديَّ، أو خبرات في صعود الجبال، وكذلك مسألة العمر، إلا أنني قررتُ ألا أتركهم يصعدون الجبل وحدهم، فقد كان صعودهم امتحاناً لي ولكل ما كتبتُ، فهناك أبطال، وعليَّ أن أصعد معهم، لا أن أكتفي بالكتابة عن بطولتهم. ببساطة، قررتُ الصعود مع أبطالي ومواجهة كل الأخطار التي سيعيشونها، وأن أعيش أحلامهم ومأساتهم التي تركوها خلفهم. - هل استخدمت منطق الفنتازيا لمغادرة قوانين الحياة أم لتقول الحياة نفسها؟ أكثر ما كان يشغلني أن أصعد بالصعود، إن جاز التعبير، وأمضي به من ماديته، إلى مجازيته، وهذا كان يقتضي تنوعات سردية كثيرة داخل الرواية، للوصول بها إلى أفق إنساني شاسع، يمس الروح الإنسانية ويحاورها في أي مكان. - على رغم ارتباط الرواية بالواقع، إلا أنها تتسامى على الواقع المجاوز للغة وتفارقه لتنكفئ على ذاتها متأملة ذاتها... كيف ترى الحداثة النصية في كتاباتك؟ أعتبر نفسي واحداً من أكثر الكُتَّاب مغامرة في الكتابة، ويفتنني ابتكار الأشكال الفنية، بقدر ما يفتنني الغوص في الروح الإنسانية. رحلة الصعود ذاتها كانت شكلاً عميقاً من أشكال التمرد على وظيفة الكتابة، أي الكتابة في الراحة، في السماع، أو المشاهدة... ففي هذه الرواية كان عليَّ أن أعايش الاحتمالات كلها، بنفسي، النصر والهزيمة، الإرادة والضعف، وحتى الحياة والموت، وأختبر ذلك كله مع أبطال روايتي، وهذا أوجد فضاءً مختلفاً لحداثة هذا النص، تليق بالحياة التي ولدت فيه، أو بكل آلام الولادة الحقيقية، فالرحلة، التي لم أكن قد فكرتُ في أن تكون رواية، حينما سمعتُ بها، تحوَّلت إلى تجربة شخصية عميقة، لي ولسواي من المشاركين، وبالقدر الذي كنت خلالها أكتشف نفسي يوماً بعد يوم. كنتُ في ما بعد أعيد اكتشاف التجربة، تجربتي وتجربة الآخرين، بالكتابة، وهذه كانت الرحلة الثانية، وقد استمرت عاماً، أي زمن الكتابة، وعشتُ خلالها التجربة الأصعب. - تتوزع أحداث الرواية بين آلاسكا في شمال الكرة الأرضية، وفلسطين... كيف يتجاور الجليد مع الأحداث الساخنة؟ كيف ترى هذه المفارقة؟ كان عليَّ أن أجد تقنيات تجمع كل تلك الأماكن، وهي مسألة ليست سهلة، فالأحداث تدور في تنزانيا، حيث جبل كليمنغارو، وتدور في غزة، الخليل، نابلس، نيويورك، مصر، آلاسكا، باريس، ولبنان، والأردن. الجليد والأحداث الساخنة، هي تلك المنطقة التي تحركت فيها أرواحُ أبطال الرواية، لتتفتح أخيراً تحت شمس القمة. - برأيك، ما السبيل لمقاومة العدوان ثقافياً؟ أن نكتب نصوصاً غير قابلة للهزيمة، نصوصاً تليق بقضايانا، نصوصاً عميقة، تكون جزءاً من تراث البشر، وجزءاً من قوة أرواحهم. - يطغى مفهوم الالتزام على دواوينك الشعرية، فهل هذا بسبب الحقبة التاريخية الحرجة التي عشتها أنت وأبناء جيلك؟ كل النصوص الجيدة هي نصوص ملتزمة، بعيداً من المعنى الحرفي للاستخدام الدَّارج للكلمة، ملتزمة بالبشر وأحاسيسهم وأحلامهم ومصيرهم وجمالهم، وقد تنوعت نصوصي دائماً، حتى إن البعض استنكر وجود قصائد حب في ديواني الأول، يوم كان المفهوم المسطح للالتزام رائجاً، وأتبعته بديوان «أناشيد الصباح» الذي كسر فكرة الالتزام التقليدية في كل قصائده. لقد كتبتُ عن الوطن وعن الحياة، والموت، عن النوافذ، وكتبتُ عن الخيول والرقص، وتعددت أشكال قصائدي، من القصيدة المتوسطة الطول إلى القصيدة القصيرة جداً، إلى الملحمية، إلى الأعمال الشعرية شبه الروائية، مثل «بسم الأم والابن»، و «مرايا الملائكة»، و «نعمان يسترد لونه»، فقد كنت مؤمناً منذ البداية بأهمية تنوع الكاتب داخل تجربته، وهذا ما فعلتُه في الشعر وفي الرواية أيضاً. - كيف تنظر إلى فوز ربعي المدهون بجائزة البوكر العربية؟ الرواية الفلسطينية، رواية مستقرة، ومتطورة، وسكنت منذ زمن بعيد في روح القارئ العربي، والثقافة العربية، وفي ظني أن الجائزة تأخرت قليلاً، فقد كانت فلسطين تستحقها في دورات سابقة. إبراهيم نصرالله الفائز بجائزة كتارا لعام 2016 عن روايته «أرواح كليمنغارو»، ولد في عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، عاش طفولته وشبابه في مخيم للاجئين وبدأ حياته العملية معلماً في السعودية. عاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبدالحميد شومان، وتفرغ للكتابة منذ عام 2006. نشر حتى الآن 14 ديواناً شعرياً و16 رواية من ضمنها مشروعه الروائي «الملهاة الفلسطينية»، المكون من عشر روايات تغطي 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث. ترجمت له أربع روايات وديوان شعر إلى الإنكليزية، وثلاثة كتب إلى الإيطالية. كما ترجمت له رواية إلى الدنماركية وأخرى إلى التركية. ونصرالله إلى ذلك، رسام ومصور، وقد أقام أربعة معارض فردية في التصوير. نال نصرالله جائزة سلطان العويس عام 1997، واختيرت روايته «براري الحُمّى» من جانب صحيفة الغارديان البريطانية كواحدة من أهم عشر روايات كتبها عرب أو أجانب عن العالم العربي. عام 2012، نال جائزة القدس للثقافة والإبداع التي تمنح لأول مرة تقديراً لأعماله الأدبية، كما نشرت تسعة كتب نقدية عن تجربته الأدبية، وتناولت أعماله أطروحات للدكتوراه والماجستير في جامعات عدة. في كانون الثاني (يناير) 2014، تطوَّع للصعود إلى قمة كليمنغارو بمرافقة أطفال فلسطينيين فقدوا سيقانهم في عمليات نفذتها ضدهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووصلوا القمة، وقد كتب «أرواح كليمنغارو»، استناداً إلى تلك التجربة. - لماذا أصدرت «أرواح كليمنغارو» في قطر؟ - كانت هناك شراكة بين «مؤسسة قطر»، ودار «بلومزبري» للنشر، لندن، وما شجعني على تلك الخطوة، هو أن تلك الشراكة تضمن صدور العمل باللغتين الإنكليزية والعربية، لكن لم يخبرني أحد من مؤسسة قطر أنهم يخططون للانفصال، وهذا أوجَد مشاكل عدة، آمل بأن تحلَّ قريباً. - كيف ترى التناص بين روايتك، و «ثلوج كليمنغارو» لهمنغواي؟ " ثلوج كليمنغارو"، هي قصة قصيرة، تدور أحداثها في المنطقة السهلية التي يشكل الجبل خلفيتها، كما أن بطل القصة لا يصعد الجبل، بينما «أرواح كليمنغارو» تدور أحداثها في الجبل، وفق رؤية أخرى لفكرة الصعود، لم تشغل شخوص قصة همنغواي. لذا، فهما نصان مختلفان، يجمعهما اسم الجبل، لكن «أرواح كليمنغارو» تذهب بقصة همنغواي إلى البعيد. أظن أن لا وجود للتناص، بل هناك إعادة تشكيل لعالم بطل همنغواي، وما لم يوفره لبطله، وسط مجموعة من الأطفال الفلسطينيين والشخصيات التي ترافقهم في صعودهم القمة في روايتي. - كيف اختلفت تقنيات الخطاب السردي بينك وبين همنغواي؟ لا وجود لأي تقارب في البناء، فكما أشرت، همنغواي كتب قصة، وأنا كتبت رواية، وبناء الرواية مُركَّب، وواسع، وكانت لديَّ فيه اجتهادات، سعدت بأنها كانت مفاجئة للقراء، والنقاد الذين كتبوا عن الرواية. - لماذا وقع اختيارك على الأطفال المصابين للصعود بهم إلى قمة كليمنغارو؟ كانت الفكرة لبطلة صعود الجبال الفلسطينية سوزان الهوبي، وحين حدّثتني عن الأمر، تأثرتُ كثيراً، وعلى رغم عدم وجود أي قدرات سابقة لديَّ، أو خبرات في صعود الجبال، وكذلك مسألة العمر، إلا أنني قررتُ ألا أتركهم يصعدون الجبل وحدهم، فقد كان صعودهم امتحاناً لي ولكل ما كتبتُ، فهناك أبطال، وعليَّ أن أصعد معهم، لا أن أكتفي بالكتابة عن بطولتهم. ببساطة، قررتُ الصعود مع أبطالي ومواجهة كل الأخطار التي سيعيشونها، وأن أعيش أحلامهم ومأساتهم التي تركوها خلفهم. - هل استخدمت منطق الفنتازيا لمغادرة قوانين الحياة أم لتقول الحياة نفسها؟ أكثر ما كان يشغلني أن أصعد بالصعود، إن جاز التعبير، وأمضي به من ماديته، إلى مجازيته، وهذا كان يقتضي تنوعات سردية كثيرة داخل الرواية، للوصول بها إلى أفق إنساني شاسع، يمس الروح الإنسانية ويحاورها في أي مكان. - على رغم ارتباط الرواية بالواقع، إلا أنها تتسامى على الواقع المجاوز للغة وتفارقه لتنكفئ على ذاتها متأملة ذاتها... كيف ترى الحداثة النصية في كتاباتك؟ أعتبر نفسي واحداً من أكثر الكُتَّاب مغامرة في الكتابة، ويفتنني ابتكار الأشكال الفنية، بقدر ما يفتنني الغوص في الروح الإنسانية. رحلة الصعود ذاتها كانت شكلاً عميقاً من أشكال التمرد على وظيفة الكتابة، أي الكتابة في الراحة، في السماع، أو المشاهدة... ففي هذه الرواية كان عليَّ أن أعايش الاحتمالات كلها، بنفسي، النصر والهزيمة، الإرادة والضعف، وحتى الحياة والموت، وأختبر ذلك كله مع أبطال روايتي، وهذا أوجد فضاءً مختلفاً لحداثة هذا النص، تليق بالحياة التي ولدت فيه، أو بكل آلام الولادة الحقيقية، فالرحلة، التي لم أكن قد فكرتُ في أن تكون رواية، حينما سمعتُ بها، تحوَّلت إلى تجربة شخصية عميقة، لي ولسواي من المشاركين، وبالقدر الذي كنت خلالها أكتشف نفسي يوماً بعد يوم. كنتُ في ما بعد أعيد اكتشاف التجربة، تجربتي وتجربة الآخرين، بالكتابة، وهذه كانت الرحلة الثانية، وقد استمرت عاماً، أي زمن الكتابة، وعشتُ خلالها التجربة الأصعب. - تتوزع أحداث الرواية بين آلاسكا في شمال الكرة الأرضية، وفلسطين... كيف يتجاور الجليد مع الأحداث الساخنة؟ كيف ترى هذه المفارقة؟ كان عليَّ أن أجد تقنيات تجمع كل تلك الأماكن، وهي مسألة ليست سهلة، فالأحداث تدور في تنزانيا، حيث جبل كليمنغارو، وتدور في غزة، الخليل، نابلس، نيويورك، مصر، آلاسكا، باريس، ولبنان، والأردن. الجليد والأحداث الساخنة، هي تلك المنطقة التي تحركت فيها أرواحُ أبطال الرواية، لتتفتح أخيراً تحت شمس القمة. - برأيك، ما السبيل لمقاومة العدوان ثقافياً؟ أن نكتب نصوصاً غير قابلة للهزيمة، نصوصاً تليق بقضايانا، نصوصاً عميقة، تكون جزءاً من تراث البشر، وجزءاً من قوة أرواحهم. - يطغى مفهوم الالتزام على دواوينك الشعرية، فهل هذا بسبب الحقبة التاريخية الحرجة التي عشتها أنت وأبناء جيلك؟ كل النصوص الجيدة هي نصوص ملتزمة، بعيداً من المعنى الحرفي للاستخدام الدَّارج للكلمة، ملتزمة بالبشر وأحاسيسهم وأحلامهم ومصيرهم وجمالهم، وقد تنوعت نصوصي دائماً، حتى إن البعض استنكر وجود قصائد حب في ديواني الأول، يوم كان المفهوم المسطح للالتزام رائجاً، وأتبعته بديوان «أناشيد الصباح» الذي كسر فكرة الالتزام التقليدية في كل قصائده. لقد كتبتُ عن الوطن وعن الحياة، والموت، عن النوافذ، وكتبتُ عن الخيول والرقص، وتعددت أشكال قصائدي، من القصيدة المتوسطة الطول إلى القصيدة القصيرة جداً، إلى الملحمية، إلى الأعمال الشعرية شبه الروائية، مثل «بسم الأم والابن»، و «مرايا الملائكة»، و «نعمان يسترد لونه»، فقد كنت مؤمناً منذ البداية بأهمية تنوع الكاتب داخل تجربته، وهذا ما فعلتُه في الشعر وفي الرواية أيضاً. - كيف تنظر إلى فوز ربعي المدهون بجائزة البوكر العربية؟ الرواية الفلسطينية، رواية مستقرة، ومتطورة، وسكنت منذ زمن بعيد في روح القارئ العربي، والثقافة العربية، وفي ظني أن الجائزة تأخرت قليلاً، فقد كانت فلسطين تستحقها في دورات سابقة.