رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    وزير الصحة يهنئ إيهاب هيكل ومجلس «أطباء الأسنان» للفوز في انتخابات النقابة    إزالة 27 حالة تعدٍّ على أراضي الدولة ضمن حملات الموجة ال 22 في الشرقية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    محافظ كفرالشيخ: استلام 47 ألف طن بشون وصوامع الأقماح    مصر تستهدف بيع أصول حكومية قيمتها 3.6 مليار دولار بالعام المالي المقبل    «الجارديان» عن مسؤول أممي: العدوان الإسرائيلي على غزة خلف 37 مليون طن من الأنقاض    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    برقم مثير.. محمد عبد المنعم ومعلول يبصمان على ثنائية تاريخية في الأهلي    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    تفاصيل 9 ضوابط استعدادًا لامتحانات الشهادة الإعدادية    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    مديرية الشباب بالشرقية تنفذ دورات لطرق التعامل مع المصابين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم نصرالله : الرواية الفلسطينية تسكن روح القارئ العربي
نشر في صوت البلد يوم 26 - 10 - 2016

إبراهيم نصرالله الفائز بجائزة كتارا لعام 2016 عن روايته «أرواح كليمنغارو»، ولد في عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، عاش طفولته وشبابه في مخيم للاجئين وبدأ حياته العملية معلماً في السعودية. عاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبدالحميد شومان، وتفرغ للكتابة منذ عام 2006. نشر حتى الآن 14 ديواناً شعرياً و16 رواية من ضمنها مشروعه الروائي «الملهاة الفلسطينية»، المكون من عشر روايات تغطي 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث. ترجمت له أربع روايات وديوان شعر إلى الإنكليزية، وثلاثة كتب إلى الإيطالية. كما ترجمت له رواية إلى الدنماركية وأخرى إلى التركية. ونصرالله إلى ذلك، رسام ومصور، وقد أقام أربعة معارض فردية في التصوير. نال نصرالله جائزة سلطان العويس عام 1997، واختيرت روايته «براري الحُمّى» من جانب صحيفة الغارديان البريطانية كواحدة من أهم عشر روايات كتبها عرب أو أجانب عن العالم العربي. عام 2012، نال جائزة القدس للثقافة والإبداع التي تمنح لأول مرة تقديراً لأعماله الأدبية، كما نشرت تسعة كتب نقدية عن تجربته الأدبية، وتناولت أعماله أطروحات للدكتوراه والماجستير في جامعات عدة.
في كانون الثاني (يناير) 2014، تطوَّع للصعود إلى قمة كليمنغارو بمرافقة أطفال فلسطينيين فقدوا سيقانهم في عمليات نفذتها ضدهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووصلوا القمة، وقد كتب «أرواح كليمنغارو»، استناداً إلى تلك التجربة.
- لماذا أصدرت «أرواح كليمنغارو» في قطر؟
- كانت هناك شراكة بين «مؤسسة قطر»، ودار «بلومزبري» للنشر، لندن، وما شجعني على تلك الخطوة، هو أن تلك الشراكة تضمن صدور العمل باللغتين الإنكليزية والعربية، لكن لم يخبرني أحد من مؤسسة قطر أنهم يخططون للانفصال، وهذا أوجَد مشاكل عدة، آمل بأن تحلَّ قريباً.
- كيف ترى التناص بين روايتك، و «ثلوج كليمنغارو» لهمنغواي؟
" ثلوج كليمنغارو"، هي قصة قصيرة، تدور أحداثها في المنطقة السهلية التي يشكل الجبل خلفيتها، كما أن بطل القصة لا يصعد الجبل، بينما «أرواح كليمنغارو» تدور أحداثها في الجبل، وفق رؤية أخرى لفكرة الصعود، لم تشغل شخوص قصة همنغواي. لذا، فهما نصان مختلفان، يجمعهما اسم الجبل، لكن «أرواح كليمنغارو» تذهب بقصة همنغواي إلى البعيد. أظن أن لا وجود للتناص، بل هناك إعادة تشكيل لعالم بطل همنغواي، وما لم يوفره لبطله، وسط مجموعة من الأطفال الفلسطينيين والشخصيات التي ترافقهم في صعودهم القمة في روايتي.
- كيف اختلفت تقنيات الخطاب السردي بينك وبين همنغواي؟
لا وجود لأي تقارب في البناء، فكما أشرت، همنغواي كتب قصة، وأنا كتبت رواية، وبناء الرواية مُركَّب، وواسع، وكانت لديَّ فيه اجتهادات، سعدت بأنها كانت مفاجئة للقراء، والنقاد الذين كتبوا عن الرواية.
- لماذا وقع اختيارك على الأطفال المصابين للصعود بهم إلى قمة كليمنغارو؟
كانت الفكرة لبطلة صعود الجبال الفلسطينية سوزان الهوبي، وحين حدّثتني عن الأمر، تأثرتُ كثيراً، وعلى رغم عدم وجود أي قدرات سابقة لديَّ، أو خبرات في صعود الجبال، وكذلك مسألة العمر، إلا أنني قررتُ ألا أتركهم يصعدون الجبل وحدهم، فقد كان صعودهم امتحاناً لي ولكل ما كتبتُ، فهناك أبطال، وعليَّ أن أصعد معهم، لا أن أكتفي بالكتابة عن بطولتهم. ببساطة، قررتُ الصعود مع أبطالي ومواجهة كل الأخطار التي سيعيشونها، وأن أعيش أحلامهم ومأساتهم التي تركوها خلفهم.
- هل استخدمت منطق الفنتازيا لمغادرة قوانين الحياة أم لتقول الحياة نفسها؟
أكثر ما كان يشغلني أن أصعد بالصعود، إن جاز التعبير، وأمضي به من ماديته، إلى مجازيته، وهذا كان يقتضي تنوعات سردية كثيرة داخل الرواية، للوصول بها إلى أفق إنساني شاسع، يمس الروح الإنسانية ويحاورها في أي مكان.
- على رغم ارتباط الرواية بالواقع، إلا أنها تتسامى على الواقع المجاوز للغة وتفارقه لتنكفئ على ذاتها متأملة ذاتها... كيف ترى الحداثة النصية في كتاباتك؟
أعتبر نفسي واحداً من أكثر الكُتَّاب مغامرة في الكتابة، ويفتنني ابتكار الأشكال الفنية، بقدر ما يفتنني الغوص في الروح الإنسانية. رحلة الصعود ذاتها كانت شكلاً عميقاً من أشكال التمرد على وظيفة الكتابة، أي الكتابة في الراحة، في السماع، أو المشاهدة... ففي هذه الرواية كان عليَّ أن أعايش الاحتمالات كلها، بنفسي، النصر والهزيمة، الإرادة والضعف، وحتى الحياة والموت، وأختبر ذلك كله مع أبطال روايتي، وهذا أوجد فضاءً مختلفاً لحداثة هذا النص، تليق بالحياة التي ولدت فيه، أو بكل آلام الولادة الحقيقية، فالرحلة، التي لم أكن قد فكرتُ في أن تكون رواية، حينما سمعتُ بها، تحوَّلت إلى تجربة شخصية عميقة، لي ولسواي من المشاركين، وبالقدر الذي كنت خلالها أكتشف نفسي يوماً بعد يوم. كنتُ في ما بعد أعيد اكتشاف التجربة، تجربتي وتجربة الآخرين، بالكتابة، وهذه كانت الرحلة الثانية، وقد استمرت عاماً، أي زمن الكتابة، وعشتُ خلالها التجربة الأصعب.
- تتوزع أحداث الرواية بين آلاسكا في شمال الكرة الأرضية، وفلسطين... كيف يتجاور الجليد مع الأحداث الساخنة؟ كيف ترى هذه المفارقة؟
كان عليَّ أن أجد تقنيات تجمع كل تلك الأماكن، وهي مسألة ليست سهلة، فالأحداث تدور في تنزانيا، حيث جبل كليمنغارو، وتدور في غزة، الخليل، نابلس، نيويورك، مصر، آلاسكا، باريس، ولبنان، والأردن. الجليد والأحداث الساخنة، هي تلك المنطقة التي تحركت فيها أرواحُ أبطال الرواية، لتتفتح أخيراً تحت شمس القمة.
- برأيك، ما السبيل لمقاومة العدوان ثقافياً؟
أن نكتب نصوصاً غير قابلة للهزيمة، نصوصاً تليق بقضايانا، نصوصاً عميقة، تكون جزءاً من تراث البشر، وجزءاً من قوة أرواحهم.
- يطغى مفهوم الالتزام على دواوينك الشعرية، فهل هذا بسبب الحقبة التاريخية الحرجة التي عشتها أنت وأبناء جيلك؟
كل النصوص الجيدة هي نصوص ملتزمة، بعيداً من المعنى الحرفي للاستخدام الدَّارج للكلمة، ملتزمة بالبشر وأحاسيسهم وأحلامهم ومصيرهم وجمالهم، وقد تنوعت نصوصي دائماً، حتى إن البعض استنكر وجود قصائد حب في ديواني الأول، يوم كان المفهوم المسطح للالتزام رائجاً، وأتبعته بديوان «أناشيد الصباح» الذي كسر فكرة الالتزام التقليدية في كل قصائده. لقد كتبتُ عن الوطن وعن الحياة، والموت، عن النوافذ، وكتبتُ عن الخيول والرقص، وتعددت أشكال قصائدي، من القصيدة المتوسطة الطول إلى القصيدة القصيرة جداً، إلى الملحمية، إلى الأعمال الشعرية شبه الروائية، مثل «بسم الأم والابن»، و «مرايا الملائكة»، و «نعمان يسترد لونه»، فقد كنت مؤمناً منذ البداية بأهمية تنوع الكاتب داخل تجربته، وهذا ما فعلتُه في الشعر وفي الرواية أيضاً.
- كيف تنظر إلى فوز ربعي المدهون بجائزة البوكر العربية؟
الرواية الفلسطينية، رواية مستقرة، ومتطورة، وسكنت منذ زمن بعيد في روح القارئ العربي، والثقافة العربية، وفي ظني أن الجائزة تأخرت قليلاً، فقد كانت فلسطين تستحقها في دورات سابقة.
إبراهيم نصرالله الفائز بجائزة كتارا لعام 2016 عن روايته «أرواح كليمنغارو»، ولد في عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، عاش طفولته وشبابه في مخيم للاجئين وبدأ حياته العملية معلماً في السعودية. عاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبدالحميد شومان، وتفرغ للكتابة منذ عام 2006. نشر حتى الآن 14 ديواناً شعرياً و16 رواية من ضمنها مشروعه الروائي «الملهاة الفلسطينية»، المكون من عشر روايات تغطي 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث. ترجمت له أربع روايات وديوان شعر إلى الإنكليزية، وثلاثة كتب إلى الإيطالية. كما ترجمت له رواية إلى الدنماركية وأخرى إلى التركية. ونصرالله إلى ذلك، رسام ومصور، وقد أقام أربعة معارض فردية في التصوير. نال نصرالله جائزة سلطان العويس عام 1997، واختيرت روايته «براري الحُمّى» من جانب صحيفة الغارديان البريطانية كواحدة من أهم عشر روايات كتبها عرب أو أجانب عن العالم العربي. عام 2012، نال جائزة القدس للثقافة والإبداع التي تمنح لأول مرة تقديراً لأعماله الأدبية، كما نشرت تسعة كتب نقدية عن تجربته الأدبية، وتناولت أعماله أطروحات للدكتوراه والماجستير في جامعات عدة.
في كانون الثاني (يناير) 2014، تطوَّع للصعود إلى قمة كليمنغارو بمرافقة أطفال فلسطينيين فقدوا سيقانهم في عمليات نفذتها ضدهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووصلوا القمة، وقد كتب «أرواح كليمنغارو»، استناداً إلى تلك التجربة.
- لماذا أصدرت «أرواح كليمنغارو» في قطر؟
- كانت هناك شراكة بين «مؤسسة قطر»، ودار «بلومزبري» للنشر، لندن، وما شجعني على تلك الخطوة، هو أن تلك الشراكة تضمن صدور العمل باللغتين الإنكليزية والعربية، لكن لم يخبرني أحد من مؤسسة قطر أنهم يخططون للانفصال، وهذا أوجَد مشاكل عدة، آمل بأن تحلَّ قريباً.
- كيف ترى التناص بين روايتك، و «ثلوج كليمنغارو» لهمنغواي؟
" ثلوج كليمنغارو"، هي قصة قصيرة، تدور أحداثها في المنطقة السهلية التي يشكل الجبل خلفيتها، كما أن بطل القصة لا يصعد الجبل، بينما «أرواح كليمنغارو» تدور أحداثها في الجبل، وفق رؤية أخرى لفكرة الصعود، لم تشغل شخوص قصة همنغواي. لذا، فهما نصان مختلفان، يجمعهما اسم الجبل، لكن «أرواح كليمنغارو» تذهب بقصة همنغواي إلى البعيد. أظن أن لا وجود للتناص، بل هناك إعادة تشكيل لعالم بطل همنغواي، وما لم يوفره لبطله، وسط مجموعة من الأطفال الفلسطينيين والشخصيات التي ترافقهم في صعودهم القمة في روايتي.
- كيف اختلفت تقنيات الخطاب السردي بينك وبين همنغواي؟
لا وجود لأي تقارب في البناء، فكما أشرت، همنغواي كتب قصة، وأنا كتبت رواية، وبناء الرواية مُركَّب، وواسع، وكانت لديَّ فيه اجتهادات، سعدت بأنها كانت مفاجئة للقراء، والنقاد الذين كتبوا عن الرواية.
- لماذا وقع اختيارك على الأطفال المصابين للصعود بهم إلى قمة كليمنغارو؟
كانت الفكرة لبطلة صعود الجبال الفلسطينية سوزان الهوبي، وحين حدّثتني عن الأمر، تأثرتُ كثيراً، وعلى رغم عدم وجود أي قدرات سابقة لديَّ، أو خبرات في صعود الجبال، وكذلك مسألة العمر، إلا أنني قررتُ ألا أتركهم يصعدون الجبل وحدهم، فقد كان صعودهم امتحاناً لي ولكل ما كتبتُ، فهناك أبطال، وعليَّ أن أصعد معهم، لا أن أكتفي بالكتابة عن بطولتهم. ببساطة، قررتُ الصعود مع أبطالي ومواجهة كل الأخطار التي سيعيشونها، وأن أعيش أحلامهم ومأساتهم التي تركوها خلفهم.
- هل استخدمت منطق الفنتازيا لمغادرة قوانين الحياة أم لتقول الحياة نفسها؟
أكثر ما كان يشغلني أن أصعد بالصعود، إن جاز التعبير، وأمضي به من ماديته، إلى مجازيته، وهذا كان يقتضي تنوعات سردية كثيرة داخل الرواية، للوصول بها إلى أفق إنساني شاسع، يمس الروح الإنسانية ويحاورها في أي مكان.
- على رغم ارتباط الرواية بالواقع، إلا أنها تتسامى على الواقع المجاوز للغة وتفارقه لتنكفئ على ذاتها متأملة ذاتها... كيف ترى الحداثة النصية في كتاباتك؟
أعتبر نفسي واحداً من أكثر الكُتَّاب مغامرة في الكتابة، ويفتنني ابتكار الأشكال الفنية، بقدر ما يفتنني الغوص في الروح الإنسانية. رحلة الصعود ذاتها كانت شكلاً عميقاً من أشكال التمرد على وظيفة الكتابة، أي الكتابة في الراحة، في السماع، أو المشاهدة... ففي هذه الرواية كان عليَّ أن أعايش الاحتمالات كلها، بنفسي، النصر والهزيمة، الإرادة والضعف، وحتى الحياة والموت، وأختبر ذلك كله مع أبطال روايتي، وهذا أوجد فضاءً مختلفاً لحداثة هذا النص، تليق بالحياة التي ولدت فيه، أو بكل آلام الولادة الحقيقية، فالرحلة، التي لم أكن قد فكرتُ في أن تكون رواية، حينما سمعتُ بها، تحوَّلت إلى تجربة شخصية عميقة، لي ولسواي من المشاركين، وبالقدر الذي كنت خلالها أكتشف نفسي يوماً بعد يوم. كنتُ في ما بعد أعيد اكتشاف التجربة، تجربتي وتجربة الآخرين، بالكتابة، وهذه كانت الرحلة الثانية، وقد استمرت عاماً، أي زمن الكتابة، وعشتُ خلالها التجربة الأصعب.
- تتوزع أحداث الرواية بين آلاسكا في شمال الكرة الأرضية، وفلسطين... كيف يتجاور الجليد مع الأحداث الساخنة؟ كيف ترى هذه المفارقة؟
كان عليَّ أن أجد تقنيات تجمع كل تلك الأماكن، وهي مسألة ليست سهلة، فالأحداث تدور في تنزانيا، حيث جبل كليمنغارو، وتدور في غزة، الخليل، نابلس، نيويورك، مصر، آلاسكا، باريس، ولبنان، والأردن. الجليد والأحداث الساخنة، هي تلك المنطقة التي تحركت فيها أرواحُ أبطال الرواية، لتتفتح أخيراً تحت شمس القمة.
- برأيك، ما السبيل لمقاومة العدوان ثقافياً؟
أن نكتب نصوصاً غير قابلة للهزيمة، نصوصاً تليق بقضايانا، نصوصاً عميقة، تكون جزءاً من تراث البشر، وجزءاً من قوة أرواحهم.
- يطغى مفهوم الالتزام على دواوينك الشعرية، فهل هذا بسبب الحقبة التاريخية الحرجة التي عشتها أنت وأبناء جيلك؟
كل النصوص الجيدة هي نصوص ملتزمة، بعيداً من المعنى الحرفي للاستخدام الدَّارج للكلمة، ملتزمة بالبشر وأحاسيسهم وأحلامهم ومصيرهم وجمالهم، وقد تنوعت نصوصي دائماً، حتى إن البعض استنكر وجود قصائد حب في ديواني الأول، يوم كان المفهوم المسطح للالتزام رائجاً، وأتبعته بديوان «أناشيد الصباح» الذي كسر فكرة الالتزام التقليدية في كل قصائده. لقد كتبتُ عن الوطن وعن الحياة، والموت، عن النوافذ، وكتبتُ عن الخيول والرقص، وتعددت أشكال قصائدي، من القصيدة المتوسطة الطول إلى القصيدة القصيرة جداً، إلى الملحمية، إلى الأعمال الشعرية شبه الروائية، مثل «بسم الأم والابن»، و «مرايا الملائكة»، و «نعمان يسترد لونه»، فقد كنت مؤمناً منذ البداية بأهمية تنوع الكاتب داخل تجربته، وهذا ما فعلتُه في الشعر وفي الرواية أيضاً.
- كيف تنظر إلى فوز ربعي المدهون بجائزة البوكر العربية؟
الرواية الفلسطينية، رواية مستقرة، ومتطورة، وسكنت منذ زمن بعيد في روح القارئ العربي، والثقافة العربية، وفي ظني أن الجائزة تأخرت قليلاً، فقد كانت فلسطين تستحقها في دورات سابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.