انعقاد الجمعية العمومية ل «الإدارية العليا» لتوزيع عمل القضاة بالدوائر    انتظام الدراسة بجنوب سيناء.. وتسليم الكتب دون ربط بالمصروفات (صور)    بالصور.. حفل استقبال للطلاب الجدد بجامعة شرق بورسعيد الأهلية    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    إنجاز جديد لجامعة بنها بمؤشر نيتشر للأبحاث العلمية Nature Index    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2025 لخدمة العملاء.. متاح الآن بدون خبرة    إحالة 9 من العاملين المقصرين في عملهم بالشرقية للتحقيق    ندوة تثقيفية بمواد قانون العمل الجديد في السويس    محافظ بني سويف يتابع حلول شكاوى المواطنين ومطالبهم في اللقاء المفتوح    رئيس هيئة الاستثمار: مصر استثمرت 550 مليار دولار في تطوير البنية التحتية    قرار جمهوري بتخصيص أراضي لصالح هيئة التنمية الصناعية    "البحوث الزراعية" ينظم المنتدى العلمي الأول حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    «الإحصاء»: 20.9% انخفاضًا في العاملين الأجانب بالقطاع الحكومي خلال 2024    رفع علم فلسطين على مبنى السفارة الفلسطينية في لندن    متحدث الخارجية: منتدى أسوان يسعى لدعم جهود إعادة الإعمار وبناء السلام في أفريقيا    اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة تتوصل لطفلي طريق الرشيد بغزة.. ووالدتهما: بشكر الرئيس السيسي    البرلمان العربي يدين الهجوم الإرهابي على مسجد بمدينة الفاشر بجمهورية السودان    رفع العلم الفلسطيني على مبنى البعثة الفلسطينية في لندن    سبورت ميدياسيت: يوفنتوس يستهدف ضم سافيتش بعد نهاية تعاقده مع الهلال    المكاسب المادية للفائز بجائزة الكرة للذهبية    لجنة شئون اللاعبين باتحاد الكرة تطلب ردًا من زيزو على شكويين رسميتين    عبد الله السعيد يكشف عن خليفته في الملاعب..وموقفه من العودة للمنتخب    منتخب مصر للشباب مع نيو كاليدونيا في الأخيرة النهائية للمونديال    مع إجراء اتصالات مكثفة .. الأهلي يرفع سقف التعاقد مع المدرب الأجنبي الجديد ل 4 ملايين يورو    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «بلطجية بورسعيد»    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص خالف تعريفة الأجرة بالعاشر من رمضان    مدير أمن الفيوم يقود حملة لإعادة الانضباط المروري استجابة لشكاوى المواطنين    استخدموا فيها أسلحة بيضاء.. «الداخلية»: ضبط أطراف «مشاجرة بورسعيد»    القبض على المتهمين بالنصب بواسطة قطع آثار مقلدة فى مدينة 6 أكتوبر    عميد معهد الفراعنة: اكتشفنا واقعة انتحال صفة رمضان صبحى بالامتحانات صدفة    مصرع فتاة وإصابة 6 في تصادم ميكروباصين بطريق العوايد بالإسكندرية    ضبط 6 آلاف علبة جبنة فاسدة داخل مخزن خلال حملة تموينية في الأقصر    المتحف المصري الكبير ومنطقة الأهرامات يستقبلان رئيس جمهورية سنغافورة وقرينته    ب "التايجر".. ريم سامي تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    "بحب الفسيخ وكانت بتخدم علينا".. وفاء عامر تكشف سر علاقتها ب"أم مكة"    "الغردقة لسينما الشباب" يكشف عن لجان تحكيمه .. وداود رئيسا لمسابقة الأفلام الطويلة    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    هل يجوز للأخ الزواج من امرأة أخيه بعد الطلاق أو الوفاة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يشهد احتفال نقابة الأشراف بالمولد النبوي الشريف    العوارى: ما يحدث للأبرياء من تدمير منازلهم لا يمت بصلة للأخلاق التي جاء بها الأنبياء جميعا    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي لمتابعة انتظام سير العمل    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن مؤشرات الأداء بمستشفيات قصر العيني    محافظ الجيزة: دعم مستشفيات الشيخ زايد وأبو النمرس والتحرير وأم الأطباء بأجهزة حديثة    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    تحذير من أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية    أمير كرارة: "الشاطر" وضعني في منطقة مختلفة.. ومصطفى غريب مش بني آدم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بأوروبا والشرق الأوسط    «الإسكان» تستعد لطرح المرحلة الثانية من 400 ألف وحدة.. أكتوبر المقبل    موعد أذان الظهر ليوم الإثنين ودعاء النبي عند ختم الصلاة    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    6 للرجال ومثلها للسيدات.. الجوائز المقدمة في حفل الكرة الذهبية 2025    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    وزير الخارجية يلتقى مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    وفاء عامر: بنيت مسجدًا من مالي الخاص ورفضت وضع اسمي عليه    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوحات رقمية تصور كابوس التوحش ونهاية الإنسان
نشر في صوت البلد يوم 02 - 06 - 2016

قبل نحو عقدين ونيِّف من الزَّمان، كُنتُ قد أصغيتُ إلى الفنان نبيل البقيلي، يُوضِّحُ بحماسة رؤيويةٍ مُتقدة، مفهومه ل”الفنِّ الرَّقمي”، وذلك في سياق مُحاورة بيننا بشأن المدي الذي يُمكن للثورة الرَّقمية أنْ تبلغه في تثوير كُلٍّ من الإعلام والفن، ولا سيما منهما الصَّحافة والفن التشكيلي.
ولم يكن لذاكرتي أنْ تنسى أبداً، في أيّ لحظة أو مناسبة لاحقةٍ أُثير فيهما السؤالُ نفسه، فحوى ما كانَ نبيل قد عرضه من أفكار وتبصُّرات تحوَّلت، في ذاكرتي، إلى عبارات مكثَّفة تُلخِّص رؤيته ومقاصد مسعاه الذَّاهب إلى استثمار ما جاءت به هذه الثورة، وما ستجيء به في مقبل الأيام، من برامج وتطبيقات كمبيوترية ذات صلة بالتصميم الفني والرَّسم وابتكار اللَّوحات التشكيلية، في إنجاز أعمال فنِّية إبداعية فريدة، ومتميِّزة، لأنها تعكس حساسية العصر ونبض الحياة، وتنفتحُ على ثقافة العالم عبر رسوخها العميق في ثقافة هذا الحيِّز أو ذاك من أحياز الكون الذي أُبدعت في رحابه.
فضاء تقني
في تلك المحاورة، قال نبيل ما خلاصته، ومؤدَّاه، أنّه لا يُمكن للبرامج والتطبيقات الكمبيوترية، مهما بلغ شأنها ومهما قدَّمت من وسائل وأدوات وأساليب أو اقترحت من مُخيِّلات رقمية تحتوي كائنات ماديَّة وثيمات وأشكال متنوِّعة وتنويعات ألوان قد لا تتناهى، أنْ تُهمِّش دور فنَّان مُبْدع، أو تلجم عطاء مخيِّلة إنسانية فريدة يتوافر عليها، ويُفعِّلها، فنانٌ خلَّاق مسكونٌ بطاقات إبداعية يُحفِّزها، ويتحفَّزُ بها، خيالٍ إنسانيٍّ طليق.
وفي واقع الحال، وعلى نحو ما بيَّنت تجربة نبيل البقيلي المديدة، والمُجسَّدة في لوحاتٍ فنية تشكيلية فريدة تنتمي إلى الفنِّ الرَّقمي الذي انتمى إليه، منذ بدء البدء، فكان رائداً مرموقاً من رواده الذين شرعوا في فتح الفنِّ التشكيلي على فضاءات تقانيَّة جديدة تثريه إذْ تُسهم في توسيع آفاقه عبر تعزيز قدرته على تجسيد مخيِّلة الفنان، وتمكينه من التقاط شعرية اللحظة وتحويلها إلى “إشارة خالدة” تجسِّدها لوحاتٌ فنية “تتجاوز الحدث” وترسِّخُ دلالاته في الذَّاكرة إذْ تستجيب لحساسية العصر التي تِسٍمُها بميسمها، وترفدها بدفق حياة لا تكفَّ، أبداً، عن الحياة.
وعلى الرَّغم من أنَّ فلسفةً للفنِّ الرَّقمي لم تتبلور، في حدود ما أعلم أو أعرف، على الصَّعيد العالمي بعدُ، فإنَّ الأسئلة المتعلِّقة بالثَّورة الرَّقمية، والتقانة الكمبيوترية، لم تكفَّ، ولن تكفَّ أبداً، عن مطالبة الفلسفة بالإجابة عنها، وكأني بهذه الأسئلة تفتحُ الفلسفة على فضاءاتٍ جديدة فيما هي تفتحُ الحياة الإنسانيَّة نفسها، بجميع مجالاتها وأنشطتها وأشواقها، على فضاءاتٍ أوسع وأعلى، وعلى مدارات أرحب وأسمى، وعلى ممكناتٍ عمليَّة تتجاوز نفسها إذْ تُفضي، عبر التَّفعيل والتوظيف المتواتر والمراقبة الدؤوبة لمستويات الأداء، إلى بلورة ممكنات جديدة لا تني تُفضي إلى ممكنات أجدَّ وأوسع!
تلك هي ملامحُ بدايات الرؤية الفلسفية للفنِّ الرقمي التي شرعت في التّبلور في عقل ووجدان الفنان نبيل البقيلي منذُ منتصف تسعينات القرن الماضي، فما الذي رأتهُ عينُ هذا المُصمِّم الفني، والفنان التشكيلي، بعد ما يربو على عقدين ونيِّف من الزَّمان من السَّعي الفنِّي الدؤوب لتجسيد تلك الرؤية الفلسفية في لوحات فنية مُبتكرة، واقعاً متجلِّياً في تفاصيل الواقع الذي يعيشه في وطنه لبنان ، والذي يُلامسه، بأمِّ العين، في غير لبنان من بلاد العرب؟
وجوه وكوابيس
فما الذي رأتهُ عين الفنان ليملي عنوان هذا الألبوم الذي ستتأمَّلهُ، الآن، عينُ المُشاهد “أحلام رؤية عين“؟ ما الذي رأتهُ هذه العينُ البصيرةُ، والمتبصِّرةُ في ما تلتقطه لتمعن في تأمُّل أعماقه، من “أحلام” أراد صاحبها أنْ يُحيلها إشاراتٍ تشكيليةً يُريد لها أن تكون خالدة في تاريخ الفن؟
لم تكن تلك، في أعمَّها الأغلب، أحلاماً وإنما هي كوابيسُ تقولُ ما اقترفه الإنسانُ بحقِّ أخيه الإنسان من جُرمٍ لن يغفره، أبداً، إنسانٌ لا يزال قابضاً على جمرة إنسانيَّته التي لا يتوخَّى الإرهابُ الأسودُ شيئاً سوى إحالتها إلى محض رمادٍ باردٍ، أو بقايا فكرةٍ مفعمة بالغُبار!
فلنتأمَّل لوحات الوجوه المسكونة بآلاف مؤلفة من الوجوه التي فحَّمَتها كوابيس التَّوحش وأحالتها إلى أقنعة صَمَّاء تنبئ بنهاية الإنسان، ولنقرأ في ضوء ما نستنبطهُ من إشاراتها الخرساء والخالدة، في آن معاً، ودلالاتها المنعكسة في مرايا الجحيم البشري، ما تتأمَّله عيوننا المُبصرة، وضمائرنا اليقظة، في جميع اللوحات المؤطَّرة بين غلافي هذا الألبوم، أو لنقل هذا المعرض الفنِّي المُميَّز بوصفه تجربةً تحويل فنيٍّ لواقع كابوسيٍّ تكاد كابوسيّته المُهلكة، ووعودهُ المُستقبلية المتوارية خلف غموض كثيف مفعم بأشواق إنسانيَّة وتطلُّعاتٍ وآمال، أنْ يُعْجزا أخصبَ خيال، مهما كان ملتهباً وطليقاً، عن التقاطهما بجسارة الرؤى وبراعة الفن.
……..
ناقد من فلسطين مقيم في براتشسلافا
قبل نحو عقدين ونيِّف من الزَّمان، كُنتُ قد أصغيتُ إلى الفنان نبيل البقيلي، يُوضِّحُ بحماسة رؤيويةٍ مُتقدة، مفهومه ل”الفنِّ الرَّقمي”، وذلك في سياق مُحاورة بيننا بشأن المدي الذي يُمكن للثورة الرَّقمية أنْ تبلغه في تثوير كُلٍّ من الإعلام والفن، ولا سيما منهما الصَّحافة والفن التشكيلي.
ولم يكن لذاكرتي أنْ تنسى أبداً، في أيّ لحظة أو مناسبة لاحقةٍ أُثير فيهما السؤالُ نفسه، فحوى ما كانَ نبيل قد عرضه من أفكار وتبصُّرات تحوَّلت، في ذاكرتي، إلى عبارات مكثَّفة تُلخِّص رؤيته ومقاصد مسعاه الذَّاهب إلى استثمار ما جاءت به هذه الثورة، وما ستجيء به في مقبل الأيام، من برامج وتطبيقات كمبيوترية ذات صلة بالتصميم الفني والرَّسم وابتكار اللَّوحات التشكيلية، في إنجاز أعمال فنِّية إبداعية فريدة، ومتميِّزة، لأنها تعكس حساسية العصر ونبض الحياة، وتنفتحُ على ثقافة العالم عبر رسوخها العميق في ثقافة هذا الحيِّز أو ذاك من أحياز الكون الذي أُبدعت في رحابه.
فضاء تقني
في تلك المحاورة، قال نبيل ما خلاصته، ومؤدَّاه، أنّه لا يُمكن للبرامج والتطبيقات الكمبيوترية، مهما بلغ شأنها ومهما قدَّمت من وسائل وأدوات وأساليب أو اقترحت من مُخيِّلات رقمية تحتوي كائنات ماديَّة وثيمات وأشكال متنوِّعة وتنويعات ألوان قد لا تتناهى، أنْ تُهمِّش دور فنَّان مُبْدع، أو تلجم عطاء مخيِّلة إنسانية فريدة يتوافر عليها، ويُفعِّلها، فنانٌ خلَّاق مسكونٌ بطاقات إبداعية يُحفِّزها، ويتحفَّزُ بها، خيالٍ إنسانيٍّ طليق.
وفي واقع الحال، وعلى نحو ما بيَّنت تجربة نبيل البقيلي المديدة، والمُجسَّدة في لوحاتٍ فنية تشكيلية فريدة تنتمي إلى الفنِّ الرَّقمي الذي انتمى إليه، منذ بدء البدء، فكان رائداً مرموقاً من رواده الذين شرعوا في فتح الفنِّ التشكيلي على فضاءات تقانيَّة جديدة تثريه إذْ تُسهم في توسيع آفاقه عبر تعزيز قدرته على تجسيد مخيِّلة الفنان، وتمكينه من التقاط شعرية اللحظة وتحويلها إلى “إشارة خالدة” تجسِّدها لوحاتٌ فنية “تتجاوز الحدث” وترسِّخُ دلالاته في الذَّاكرة إذْ تستجيب لحساسية العصر التي تِسٍمُها بميسمها، وترفدها بدفق حياة لا تكفَّ، أبداً، عن الحياة.
وعلى الرَّغم من أنَّ فلسفةً للفنِّ الرَّقمي لم تتبلور، في حدود ما أعلم أو أعرف، على الصَّعيد العالمي بعدُ، فإنَّ الأسئلة المتعلِّقة بالثَّورة الرَّقمية، والتقانة الكمبيوترية، لم تكفَّ، ولن تكفَّ أبداً، عن مطالبة الفلسفة بالإجابة عنها، وكأني بهذه الأسئلة تفتحُ الفلسفة على فضاءاتٍ جديدة فيما هي تفتحُ الحياة الإنسانيَّة نفسها، بجميع مجالاتها وأنشطتها وأشواقها، على فضاءاتٍ أوسع وأعلى، وعلى مدارات أرحب وأسمى، وعلى ممكناتٍ عمليَّة تتجاوز نفسها إذْ تُفضي، عبر التَّفعيل والتوظيف المتواتر والمراقبة الدؤوبة لمستويات الأداء، إلى بلورة ممكنات جديدة لا تني تُفضي إلى ممكنات أجدَّ وأوسع!
تلك هي ملامحُ بدايات الرؤية الفلسفية للفنِّ الرقمي التي شرعت في التّبلور في عقل ووجدان الفنان نبيل البقيلي منذُ منتصف تسعينات القرن الماضي، فما الذي رأتهُ عينُ هذا المُصمِّم الفني، والفنان التشكيلي، بعد ما يربو على عقدين ونيِّف من الزَّمان من السَّعي الفنِّي الدؤوب لتجسيد تلك الرؤية الفلسفية في لوحات فنية مُبتكرة، واقعاً متجلِّياً في تفاصيل الواقع الذي يعيشه في وطنه لبنان ، والذي يُلامسه، بأمِّ العين، في غير لبنان من بلاد العرب؟
وجوه وكوابيس
فما الذي رأتهُ عين الفنان ليملي عنوان هذا الألبوم الذي ستتأمَّلهُ، الآن، عينُ المُشاهد “أحلام رؤية عين“؟ ما الذي رأتهُ هذه العينُ البصيرةُ، والمتبصِّرةُ في ما تلتقطه لتمعن في تأمُّل أعماقه، من “أحلام” أراد صاحبها أنْ يُحيلها إشاراتٍ تشكيليةً يُريد لها أن تكون خالدة في تاريخ الفن؟
لم تكن تلك، في أعمَّها الأغلب، أحلاماً وإنما هي كوابيسُ تقولُ ما اقترفه الإنسانُ بحقِّ أخيه الإنسان من جُرمٍ لن يغفره، أبداً، إنسانٌ لا يزال قابضاً على جمرة إنسانيَّته التي لا يتوخَّى الإرهابُ الأسودُ شيئاً سوى إحالتها إلى محض رمادٍ باردٍ، أو بقايا فكرةٍ مفعمة بالغُبار!
فلنتأمَّل لوحات الوجوه المسكونة بآلاف مؤلفة من الوجوه التي فحَّمَتها كوابيس التَّوحش وأحالتها إلى أقنعة صَمَّاء تنبئ بنهاية الإنسان، ولنقرأ في ضوء ما نستنبطهُ من إشاراتها الخرساء والخالدة، في آن معاً، ودلالاتها المنعكسة في مرايا الجحيم البشري، ما تتأمَّله عيوننا المُبصرة، وضمائرنا اليقظة، في جميع اللوحات المؤطَّرة بين غلافي هذا الألبوم، أو لنقل هذا المعرض الفنِّي المُميَّز بوصفه تجربةً تحويل فنيٍّ لواقع كابوسيٍّ تكاد كابوسيّته المُهلكة، ووعودهُ المُستقبلية المتوارية خلف غموض كثيف مفعم بأشواق إنسانيَّة وتطلُّعاتٍ وآمال، أنْ يُعْجزا أخصبَ خيال، مهما كان ملتهباً وطليقاً، عن التقاطهما بجسارة الرؤى وبراعة الفن.
……..
ناقد من فلسطين مقيم في براتشسلافا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.