عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    يوم الحشر، زحام شديد على محال بيع اللعب والتسالي بشوارع المنوفية ليلة العيد (صور)    عاجل - الرئيس السيسي يشكر خادم الحرمين وولي العهد على حُسن الاستقبال ويشيد بتنظيم الحج    حزب الله ينشر مشاهد من عملياته ضد قواعد الاحتلال ومواقعه شمالي فلسطين المحتلة (فيديو)    ترامب: زيلينسكي أعظم تاجر بين كل السياسيين الأحياء وسأوقف دفع ملياراتنا له    تشكيل منتخب هولندا المتوقع أمام بولندا في يورو 2024    مصرع سيدة وإصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة فى الشيخ زايد    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    باكية.. ريهام سعيد تكشف عن طلبها الغريب من زوجها بعد أزمة عملية تجميل وجهها    قبلها بساعات.. تعرف على حُكم صلاة العيد وما وقتها وكيفية أدائها    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    من عائلة واحدة.. استشهاد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    موعد مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش في الدوري المصري والقنوات الناقلة    بيان مهم من القنصلية المصرية في جدة بشأن فقدان الاتصال بالحجاج.. ماذا قالت؟    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    الحج 2024.. السياحة: تصعيد جميع الحجاج إلى عرفات ونجاح النفرة للمزدلفة    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    شذى حسون تطرح أغنية «بيك تحلى» في عيد الأضحى    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    أدعية للمتوفى في عيد الأضحى    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت.. وتوجه تهنئة للجمهور    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    اندلاع مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال فى جنين ورام الله    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"السلفي" .. تغزو عش الدبابير
نشر في صوت البلد يوم 05 - 09 - 2015

هل يمكن أن تتنازل مصر عن حضارتها مقابل أيّة أيدلوجية أحادية؟ والمقصود هنا هؤلاء الذين يريدون أن يغيروا هويتها ويفرضون عليها تيارًا بعينه مستغلين بذلك مفهوم خاطئ للدين؟
هذا هو السؤال الأهم الذي تطرحه رواية "السلفي"، الصادرة عن دار العربية للكتاب، للروائي عمار علي حسن، من خلال 21 عتبة - استخدم الكاتب كلمة العتبة بدلا من كلمة الفصل - هي مكونات الرواية التي تصل إلى 300 صفحة من القطع المتوسط.
نعم مصر حالة متفردة على مستوى التاريخ الإنساني والجغرافيا الطبيعية والبشرية والسياسية وهي مفصل تاريخي وجغرافي لن يتكرر وليس له مثيل. ولهذا فهي عصية على التنميط. مصر متعددة وستظل هكذا.
يجيء هذا السؤال المحوري على لسان الراوي الحاضر. أنت سألتني لماذا أنا هكذا؟ وأنا أجبتك بسؤال كيف أصبحت أنت هكذا في غفلة مني؟ ولم أدرك ما حجم خطيئتي وفجيعتي إلا حين صرخت في وجهي: أنت كافر ووصمت أمك بأنها كافرة.
أظن أن المسافة بين الابن الذي ضل طريقه والأب الذي يُتَهم في عقيدته هى المسافة بين مصر الحضارة ومصر التي يريدونها إمارة صحراوية تأوي المتطرفين.
استطاع الكاتب توظيف الفضاء الزماني والمكاني اللامحدود، يقول الراوي في بداية الرواية مخاطبًا ابنه:"لم تكن البيوت هكذا قبل أن يولد أبوك، كانت من الطين الأسود مثل لحيتك الكثة ومع ميلادك أنت يا ولدي. خلخلها الفلاحون الذين ترعى في أكبادهم المهترئة وحوش كاسرة لا أحد يرى أنيابها، فأسقطوها فوق تعرجات الشوارع القديمة وأقاموا مكانها غابات الأسمنت المتجهمة التي يتعانق فيها الصهد والصقيع وتكاد تحجب عن أرواحنا شمس العصر الأليفة".
هذه البداية تبلور مفهوم الرواية وتكشف عن تقنية الروائي في تناول هذا الموضوع. نحن أمام أب يخاطب ابنه، نتعرف على الإبن من خلال ما يطرحه الأب. كما أن غياب شخصية الابن تقنية مقصودة منذ البداية، فالأب يستحضر الابن متى شاء وأينما شاء.
فجاءت هوية مصر يمثلها الأب وكل النماذج المشرقة في الرواية أما هوية الإسلام السياسي المتطرف يمثلها الابن السلفي وكل النماذج التي أخذت طريقه.
وإذا كانت الرواية هي الشكل الأدبي الوحيد القادر على استكناه الذات والواقع واستقراء المجتمع والتاريخ بصدق موضوعي وفني، فقد مزج الكاتب الواقع والتاريخ بالخيال وقد ساعده ذلك على رسم الشخصيات بدقة داخل بناء روائي متماسك.
نحن إذن أمام وثيقة أدبية سياسية تاريخية والحس الروائي هو المهيمن على الأحداث والشخصيات من خلال سرد بلغة شفيفة، وسارد حاضر مشارك في الأحداث.
وليست القضية الأساسية هي الرسالة التي بعث بها الابن الغائب للأب والتي قلبت العالم رأسًا على عقب، وإنما هذا التوحد والتماهي بين الأب وشخصية مصر، كلاهما انكسر لكنه لم يهزم من جراء هذا الفيروس، فيروس الإسلام السياسي المتطرف الذي أصيبت به مصر منذ منتصف السبعينيات إلى يومنا هذا.
وقد وضع الكاتب يده في عش الدبابير عندما كشف ذلك من بداية العنوان "السلفي"، نعم إنها تيارات إسلامية سياسية متشددة ومتطرفة، جاءت من الصحراء كالجراد لتأكل كل شيء في مصر.
عبر آليات سرد متنوعة يأخذنا الراوي إلى نبوءة "الشيخة زينب" وهي سيدة مجذوبة كما يشاع عنها في القرية، والتي اختارت بيت فهمي أفندي، قالت لأم فهمى: "أنا عندي نبوءة لابنكم وابن ابنكم الذي لن يكون سعيدًا بعلو نجمه بل سوف تحدث له مشاكل كثيرة وبالفعل تتحقق النبوءة".
المكان وهو مسرح الأحداث يتمثل في القاهرة حيث كان يعمل الأب ويعيش في كفر صفط اللبن التابع للمنيا في صعيد مصر وعلاقة هذا المكان بالإسلام السياسي المتشدد وتكتمل الإحدى وعشرون عتبة بين هذين المكانين، والأماكن الأخرى مثل أفغانستان وهي جبال شاهقة وصحارى شاسعة وتطرف شديد في المناخ صيفًا وشتاءً والتي يوجد فيها صحراء "تورا بورا"، ومعناها الأرملة السامة، يتدربون فيها وفي ليبيا تحت مسمى الجهاد الإسلامي.
أما التقنية الروائية الخاصة بنبوءة "الشيخة زينب"، وفيما يخص العالم الروحاني فإنه يوجد لدينا ثقافة شعبية ترسخ لذلك. استجلب الكاتب هذه الشخصية للتدليل على حدث ما لكن المشكلة هنا في ثبات الموقف الفكري للشخصيات الرئيسية "شخصية الأب وشخصية الابن"، فمن ضمن عوامل جذب الشخصية الروائية التغير والتطور وأحيانًا الانقلابية وهذه الأشياء تؤجج الصراعي الدرامي.
اعتمد الكاتب في بناء الرواية على ما يعرف بالتوالد النصي أو توالد الخطابات أي ربط الخطابات ببعضها، وقد استوعبت الرواية ذلك ووظف الكاتب ذلك في إبراز شخصية مصر واختلافها ثقافيًا وحضاريًا عن أي بلد آخر، وبث الكاتب سمات الشخصية المصرية الأصيلة من خلال شخصية الأب فهمي المحامي المثقف المستنير أو في شخصية من تحدث عنهم ووصفهم المحامي نفسه.
وعلى لسان فهمي أفندي أيضا تكون نهاية الرواية بهذه الفقرة: "يأتي الآن صوتك ولا أسد أذنيَّ بل أتركه يدوي. وأسمع صداه يتردد بين جدران الغرفة ثم يسكت فأسمع صوت الصمت هسيسًا وطنينًا وأزيزًا بعيدًا. أترى أن صوتك راح ينكمش ثم اندس في السرداب إلى جانب خطابك الأول والأخير الذي كفرتني فيه؟ لكن حين يسكت صوتك أرى صورتك مرسومة على الجدران تكاد تضيء العتمة. إنها صورتك أيام الطفولة البريئة وأنت تبتسم قبل أن تزحف عليها لحيتك، حتى جاءت الشيخة "زينب" ورسمت أمامي عتباتها".
في ظل هذا الأتون الذي يغلي ويفور باتجاهات سياسية متناقضة وتداخلات شتى تأتي رواية "السلفي" لتقول كلمة شجاعة وجريئة من خلال تقنية روائية محكمة قادرة على المواجهة وقد تعانقت فيها القيم المعرفية مع القيم الجمالية في إطار من التوازن الفني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.