لم يعد همساً، بل ظهر في البداية علي شكل ثرثرات، ثم بشكل معلن، عبر أفلام البعد الثالث، بل إن أحد الأفلام حمل اسم 2012، وكان محوره الطوفان الذي سيغزو العالم، ويؤدي إلي غرقه. لكن بعيدا عن النبوءات، وما إن كانت حقيقة أو خرافة، فإن هاجس نهاية العالم بات يؤرق الكثيرين في أنحاء العالم؛ بناء علي معتقدات دينية أو أيديولوجية. لكن الأمريكيين وحدهم سارعوا إلي القيام بتدابير عملية من قبيل الاحتياط في حال كانت النهاية واقعة فعلا .. لذا فقد اتخذوا طريقة غريبة للتعايش مع هذا الهاجس الذي أقض مضاجعهم، ليصل بهم الحد إلي تصميم ملاجئ تحت الأرض، تتوفر فيها جميع سبل الرفاهية بمبالغ باهظة تقدر بآلاف الدولارات .. وهذا الخبر ليس من باب الدعابة، أو الطرفة، بل إن هذا الاستثمار يجد طلبا متزايدا رغم غرابته، إذ تجري منافسة من نوع خاص جدا في سوق العقارات، بمستوي عال من التجهيزات والتكنولوجيا؛ تحسبا للكارثة العظمي. ويأمل المستثمرون في هذا المشروع إنجاز عشرين وحدة قبل حلول عام 2012، ويخططون لبناء عشرين وحدة في الصين، وثلاثة في تايوان ورومانيا وروسيا .. وتبلغ تكلفة الشخص البالغ 50 ألف دولار ليحصل علي مقعد في سفينة النجاة، بينما يدفع الراغب في كرسي لطفل صغير 25 ألف دولار، وهو ثمن باهظ لكنه يبقي رخيصا أمام الحياة نفسها. والطريف أيضا في الخبر أنه يحدد قلب صحراء موهافي ليكون الملجأ الأول والأخير علي الأرض؛ لذا تم تصميم طرق للوصول إلي هذه الملاجئ؛ سواء علي متن طائرة خاصة أو عبر السيارة، وحتي مشيا علي الأقدام، بتصميم معماري يعود تاريخه إلي الحرب الباردة، وقد جُهز بمستشفي وعيادة لطب الأسنان، وقاعة ترفيه سينمائية، ونظام لتنقية المياه، ومعدات لصيد السمك، إضافة إلي جهاز لرصد الانفجارات النووية، ويظهر في المكان بشكل واضح السعي إلي أعلي درجات الرفاهية الممكنة، والمكلفة جدا. ومن كل ما ذكر سابقا، يتضح بشكل سافر مدي الاستفادة المالية التي تحققها الشركات عبر ترويج هذه الأفكار للناس، الذين أصابهم نوع من الخوف الذي يصل إلي حد الهوس، فسارعوا لتأمين حياتهم بأي وسيلة، حتي إن كانت علي سطح القمر.. ومن ناحية أخري: هل يبدو عدلا أن ينجو من هذه الكارثة المحتملة من يتوفر لديهم المال فقط للنجاة؟.. أي ظلم هذا؟