وفقاً لقرار الأممالمتحدة، يجب نقل الأسلحة الكيماوية السورية خارج البلاد وتدميرها، لكن أين؟، حيث فشلت الولاياتالمتحدةالأمريكية في تحمل مسؤولية أو إيجاد أي شريك لإنهاء المهمة، ومؤخراً رفضت بلجيكا اقتراحاً دولياً بتدمير مخزون سوريا الكيميائي على أراضيها، لتصبح رابع دولة ترفض ذلك بعد ألبانياوالنرويج وفرنسا، وبالتالي فإن واشنطن حتى الآن غير قادرة على العثور على بلد مستعد للتخلص من هذه الأسلحة الكيميائية، ولذلك يدرس البيت الأبيض خططاً لوضع المكونات الكيميائية للأسلحة على بارجة حيث سيتم حلها أو حرقها في البحر، بمعاونة مسئولين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تعمل في سوريا، لمراقبة ورصد التدمير، التي ستنفذ وفقا لمعايير السلامة التي وضعتها التشريعات في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن يظل التخوف من إلقاء أي بقايا كيميائية في المحيط.. خاصةً وأن هناك أكثر من 1000 طن من غاز السارين وغاز الخردل ومواد أخرى تم الكشف عنها من قبل الخبراء، وقررت المنظمة ضرورة شحن معظم المواد المميتة خارج البلاد بحلول نهاية العام وتدميرها بحلول منتصف 2014.. وكان الرئيس السوري بشار الأسد وافق على انضمام بلاده إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (تأسست عام 1997 للقضاء على جميع الأسلحة الكيميائية في جميع أنحاء العالم) بعد تهديد واشنطن بشن ضربات جوية على سوريا عقب هجوم كبير بغاز السارين على منطقة الغوطة التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة في أغسطس الماضي. مايكل نايت الخبير الأمريكي بمعهد واشنطن للشرق الأدنى قال: إن رفض شركاء أمريكا استضافة السلاح الكيميائي السوري لتدميره على أراضيها أصاب واشنطن خيبة أمل كبيرة، كونها أصبحت أمام المجتمع الدولي عاجزة عن الوفاء بمسئولياتها الدولية، خاصةً وأنها تحملت أعباء تدمير كيماوي سوريا على عاتقها، وبالتالي لابد من إنجاز المهمة بأي طريقة وفي أسرع وقت حفاظاً على ما تبقى من وجه أمريكا في العالم، موضحاً أن ألبانياوبلجيكاوالنرويج والتي قدمت إدارة أوباما عروضاً مالية كبيرة لهما لم يقتنعا بفكرة تدمير السلاح السوري على أراضيهم، بعد سلسلة من الاحتجاجات في الشوارع الداخلية، ولذلك لم يعد هناك خياراً سوى تدمير الأسلحة في المياه الدولية التي لا تتطلب موافقة من الدول، ولكن الناشطين في مجال البيئة قد يعارضون هذه المهمة، وبغض النظر عن ذلك فإن السفن الأمريكية أو الأفراد أو الشركات بموجب هذا الاقتراح، عليهم إنجاز المهمة سريعاً وتوفير الأمن في المياه الدولية ومنع إلقاء المخلفات الباقية في المحيط. في حين أكد أمين صيقل مدير مركز الدراسات العربية بأستراليا، أن أمريكا لم يعد لها خيارات دولية أو بدائل حقيقية لتدمير كيماوي سوريا، ومن المتوقع أن تصب جهودها خلال المرحلة القادمة على تدمير الأسلحة في سوريا، لكن الأسد سيعارض هذا المقترح بشدة، ولو وافق ونزل على رغبة روسيا في هذا الإطار سيكون بوجود صفقة سياسية لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في بلاده بالشكل الذي يراه، وفي الواقع لابد من إيجاد بدائل أخرى توفر لواشنطن القدرة التامة على الوفاء بالجدول الزمني الموضوع لإنهاء عملية التدمير بحلول نهاية العام، لافتاً إلى أن سوريا وافقت على مهلة حتى 31 ديسمبر لتدمير الجزء الأكثر أهمية من الأسلحة الكيميائية، بعد الادعاء بأن الحكومة السورية قد استخدمت الأسلحة الكيميائية في وقت سابق من هذا العام ضد الجماعات المتشددة التي تقاتل ضد دمشق، فإن خيار تدمير الأسلحة في البحر أمر غير متصور من الناحية العملية، فكيف سيتم استخدام عدد من المحارق تعمل في درجات حرارة نحو 2.700 درجة على متن بارجة أمريكية؟، وبدون أن تترك مخلفات وأملاح ومواد صلبة ضارة بالبيئة، ومن المنطقي أن يتم دفن هذه المواد أيضاً لمنع الإشعاعات الصادرة منها، ووقتها ستقابل واشنطن نفس المعضلة، وهي البحث عن دولة لاستضافة هذه المواد للتخلص منها، ولذلك من الأولى أن تقوم الولاياتالمتحدة بدروها ومسئولياتها الدولية لاستكمال هذه المهمة الثقلية وعدم الالتفاف حول البرنامج الزمني. أما د. محمد حسن أستاذ الهندسة النووية والإشعاعية بجامعة الإسكندرية فيرى، أن هناك نظام متطور للغاية وضعته وزارة الدفاع الأمريكية، والمعروف باسم نظام التحلل والانتشار الميداني، والذي تم تصميمه لتحويل المواد الكيميائية إلى مركبات تختلف خواصها عن خواص عناصر المكون الأساسي، بحيث لا يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، ومن شأن هذا النظام أنه يمكن استخدامه لتحييد كميات كبيرة من السلائف الكيميائية التي يمكن استخدامها من قبل الحكومة السورية مثل السارين وغيرها من أشكال الغاز السام، وبالتالي تفتيت ترسانة الأسلحة الكيميائية بأبسط الطرق لمتعارف عليها كيميائياً، مؤكداًَ أن خيار تدمير الذخائر الكيمائية في البحر أمر منطقي، لكن توجد وسائل نهائية للتدمير لم يتم البت فيها مثل المواد الكيميائية التي تم ذكرها سلفاً، كما أن أمريكا تريد استخدام أبسط الطرق غير المكلفة مادياً لدفن هذه المواد في أي دولة مثل ألبانيا أو النرويج مقابل دفع بعض الأموال لحكومتها، للانتهاء من الأزمة وفق الجدول الزمني المحدد من قبل الأممالمتحدة ومسئولي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا، وفي ظل عجز الإدارة الأمريكية عن التوصل إلى البلد الذي سيقبل 1000 طن من السلائف والمواد الكيميائية في ترسانة سوريا، فإن استخدام البدائل الكيميائية أمر مطروح للتدمير، أو نقلهم إلى البحر كحل آخر. بينما أشار د. سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن تدمير الأسلحة في المياه الدولية لا يتطلب موافقة من قبل أي بلد، ولكن يبقى قلق المسئولين الأمريكيين من أن تكون الأسلحة الكيميائية السورية عرضة للهجوم والاستيلاء عندما يتم نقلها من مواقع التخزين الخاصة بهم إلى منفذ على الطرق التي تشهد معارك بصفة يومية، فضلاً عن أن توفير الأمن للشحنات الكيميائية بالكامل من قبل وحدات عسكرية موالية للرئيس السوري بشار الأسد أو بقوات أمريكية أمر مستبعد، حتى وإن كان الأسد فاجأ العالم بامتثاله لاتفاق توسطت فيه روسيا لوضع مخزونات الأسلحة الكيميائية لبلاده تحت الرقابة الدولية، موضحاً أن تدمير 1000 طن من الأسلحة الكيميائية عملية تبدو أكثر صعوبة مما كان متوقعاً لها في البداية، فمن المفترض أن يتم نقلها إلى خارج البلاد بحلول نهاية العام وتدميرها في أبريل 2014، ومن المفترض أيضاً أن تكون جميع المواد الكيميائية الخطرة الأخرى والمنتجات الأولية للمواد الكيميائية خارج سوريا قبل 5 فبراير 2014، وحتى الآن لا توجد دولة أعلنت استعدادها لتدمير كيمياوي سوريا على أراضيها الوطنية، حيث رفضت النرويجوبلجيكا مقترحات أمريكية لتدمير هذا السلاح السام على أراضيها، أما ألبانيا فقد عرضت سابقاً تدمير الأسلحة لكنها سحبت عرضها في مواجهة الاحتجاجات على مستوى الأمة، ويرجع اهتمام واشنطن بدولة ألبانيا كونها دمرت مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية الخاصة من العصر الشيوعي في عام 2007 على أراضيها. وفي السياق ذاتة أكد د. طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن أي دولة وقعت على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية يمكن أن تقدم مساعدتها، وبالتالي هناك نحو 190 بلداً يمكنهم استضافة السلاح السوري لتدميره، كما أن المنظمة تجري محادثات مع 41 عضواً للمجلس التنفيذي للحصول على المساعدة في إيجاد دولة يمكنها التخلص من كيماوي سوريا، لافتاً إلى أن سوريا يمكنها إنهاء الأزمة في حال وافق الأسد على تدمير السلاح داخل بلاده، لكن تبقى عوامل الحرب الأهلية تمنعه من القيام بذلك، بجانب أنه لا يريد مساعدة الأمريكان في تجاوز الأزمة الدولية، ويبقى كثير من الدول الأوروبية تريد تقيدم المساعدة لكن ليس في نطاق حدودها، فألمانيا وفرنسا مستعدان لتقديم الدعم الفني واللوجستي والمالي لتدمير الأسلحة الكيميائية، لكن يظل اختيار البلد أمر هام لتقديم هذه المساعدات، كون الدول الصغيرة تتخوف كثيراً من مخاطر النقل والتدمير التي تحمل أضراراً صحية خطيرة، بجانب المخاطر البيئية وهذا هو السبب في تراجع كثير من البلدان، فضلاً عن وجود عقبات إدارية كون القانون الأمريكي يحظر نقل الأسلحة الكيميائية عبر البلاد، وهذا هو السبب وراء تحمل الإدارة الأمريكية مهمة نقل هذه المواد لتدميرها، كما أنها تتحمل مسئولية الجنود الذين تم تدريبهم خصيصاً لكيفية التعامل مع هذه الأزمات، وإحضار طاقم طبي للمساعدة في حالة الطوارئ، موضحاً أنه لن يكون هناك حل الترقيع عند الأمريكان لتجاوز الأزمة، ومعظم الدول ستوافق في نهاية المطاف للمساعدة على تدمير السلاح السوري، وإلا فإنه سيكون من السخرية حقاً أن تفشل واشنطن في إنهاء أول أزمة سورية بعد الحصول على اتفاق مع الأسد.