مؤلف هذا الكتاب ، الشاعر والكاتب وسام الدويك، حاصل على ليسانس الآثار المصرية ، يعمل مديرا لمكتب قناة الرافدين بالقاهرة، ومن مجموعاته الشعرية : "يرجع العاديون مكبلين بالياسمين " 1999، " الخروج في النهار " 2002، "الشرفات "2009، " أبيض وأسود 2011 وأيضا " كافافي .. الشاعر والمدنية – تأريخ سيرة " 2006 يقسم المؤلف كتابه " مبدعون وثوار " إلى قسمين ، يحوي القسم الأول ، مبدعون : كافافي .. الشاعر يقتله السكوت - بورخيس - مامن غريب مثلك كافكا - الهارب إلى الكابوسية - ميللر الأمريكي العاق - فيروز جارة القمر . أما القسم الثاني : ثوار : يحوي علي بن محمد قائد أول ثورة للزنج - الحاج مالك يخرج إلى الشمس - جيفارا - وقت لصناديق الرصاص - بوليفار محرر أمريكا اللاتينية . في مقدمة الكتاب، يقول المؤلف : إن أول استخدام لمفردة "السيرة" ، كانت في سيرة (النبي صلى الله عليه وسلم) ، ثم نشأت من بعدها كتابة التراجم لرواة الأحاديث النبوية ، ويعد كتاب (تاريخ البخاري) ، من أقدم الكتب التي ظهرت في هذا المجال . وبعنوان "كافافي.. الشاعر يقتله السكوت !" يقول المؤلف : لايعتبر قسطنطين كافافي " أعظم شاعر يوناني فحسب ، لكنه أيضا أعظم شاعر يوناني عرفته مصر، وهو يعبر في شعره عن التلاقي المشترك بين العالمين : اليونان الكلاسيكية ، والشرق الأوسط القديم. بدأ "كافافي" نظم الشعر عام 1886، ونشرت أول قصيدة له عام 1891 في مجلة عنوانها المساء . ومنذ ذلك التاريخ وحتى نهاية حياته لم يتوقف كافافي عن تأليف الشعر وكتابة المقالات والملحوظات النقدية والدراسات المتنوعة في المجلات والدوريات التي كانت تصدر في الإسكندرية واستانبول وأثينا وغيرهم من العواصم الأوربية . وينقلنا المؤلف إلى "بورخيس" ، قائلا :كانت حياته الشخصية غامضة وهادئة ، كأنه لم يجد نفسه جديرًا بفرض ماحدث له على جمهوره ومن قليل ما أورده في مذاكرته عن هذه الحياة الخاصة أنه تزوج إرضاء لأمه، وأنه عمل أمين مكتبة في ضواحي بوينس أيريس ، ثم عمل أمينًا للمكتبة القومية هناك . ويعد بورخيس أحد الأدباء الفهمين للقراءة بشكل لافت للنظر إلى الحد الذي جعل أندريه موروا يقول : قرأ بورخيس كل شيء خاصة مالم يعد يقرأوه أحد . وحتى حين فقد بصره في أخريات حياته كانت أمه – التي كانت قد بلغت التسعين – تقرأ له كتابًا عن حياة الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم". ويقسم المؤلف مراحل الإبداع عند "بورخيس" إلى فترات ، ففي البداية كان الشعر أول إنتاجه الأدبي ، وقد صدر أول ديوان له عام 1923، وجاءت محاولاته الأولى في القصة القصيرة في مجموعة " التاريخ العام للعار" 1935، إلا أن أشهر مجموعاته القصصية كانت بعنوان " قصص" 1944. وقد كتب أقوى مقالاته في نفس المرحلة الزمنية التي كانت فيها أقوى قصصه، من منتصف الثلاثينات حتى أوائل الخمسينات . فصدر أول كتاب ضم مقالاته بعنوان " استقصاءات" 1935. أحب بورخيس السفر واعتاد عليه منذ صغره ، فزار معظم دول أوربا ، وزار بعض الدول العربية مثل المغرب ، إلا أن الرحلة التي أثارت حوله الأسئلة – خاصة من جانب العرب – تلك التي قام بها للكيان الصهيوني عام 1969 وقد توفي خورخي لويس بورخيس في 14 يونيه 1986، عن 86 عامًا . ومن الطريف أن تعثر على مرثيته التي كتبها لنفسه . بالأقدار بورخيس وفي القسم الثاني من الكتاب المخصص ل"ثوار"، يشير الكاتب إلى علي بن محمد وأول ثورة للزنج قائلا: استغل علي بن محمد والذي ولد في قرية (ورزينن) على مقربة من طهران الحديثة ، بدوره هذه العقيدة الرائجة ، فادعى العلوية ، وجاء ذكره في بعض المصادر على أنه علوي البصرة . وفي عام 255 ه عثر الزنج على " علي بن محمد " أو عثر هو عليهم لا فرق ، فما لبث أن خرج بالبصرة واستغوى السودان والزبالين أي الذين يسمدون الأرض بالزبل والعبيد، وأخلص .. وهو الأبيض لقضية - العبيد السود - فقتل وهو يجاهد على حاله غير مستسلم عن عمر يناهز ثمانية وأربعين عامًا . ويتحول المؤلف إلى ثائر آخر ، فيقول ثلاثة أسماء حصل عليها هذا الثائر الذي كانت حياته تمردًا يتلو الآخر ، حتى أنه تمرد على ماتمرد من أجله حين اكتشف خطأه. إنه " مالكولم ليثيل " الذي صار "مالكوم إكس" – وهو الحرف الإنجليزي x الذي يشير إلى المجهول – ثم إنه في نهاية رحلته للحج صار " الحاج مالك الشيباز" . عاش " مالكولم إكس " (1925- 1965) حياة قصيرة ، إلا أنه ترك وراءه آثارًا لاتمحى كثيرة وخطيرة. وعندما بلغ " مالكولم " سن السادسة قتلت جماعة عنصرية بيضاء أباه ، فكانت صدمة كبيرة للأسرة وخاصة الأم التي أصبحت أرملة وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها وتعول ثمانية أطفال ، وعملت الأم خادمة في بعض بيوت البيض ، لكنها كانت تطرد بعد فترة قصيرة لأسباب عنصرية، وعلى الرغم من تردي أحول الأسرة المعيشية إلا أنها كانت ترفض الصدقات . في فترة الحرب العالمية الثانية غاص في أنواع الجرائم المختلفة من سرقة ودعارة لمدة خمس سنوات ، وفي أثناء تلك الفترة أعفي من الخدمة العسكرية ، لأنه صرح من قبيل الخديعة أنه يريد إنشاء جيش زنجي . وفي بداية الحرب ألقت الشرطة القبض عليه وحكم عليه عام 1946م بالسجن عشر سنوات ، وكان عنيدًا يسب حراسه حتى يحبس انفراديًا . وفي عام 1947 تأثر بأحد السجناء ويدعى "بيمبي" الذي كان يتكلم عن الدين والعدل ، والذي نصحه أن يتعلم ، فتردد " مالكولم" على مكتبة السجن وتعلم اللاتينية . وفي عام 1948 انتقل إلى سجن كونكورد ، وفي هذا السجن زاره أخوه " ويجالند" الذي انضم لحركة " أمة الإسلام" بزعامة " إليجا محمد" التي تنادي بأفكار عنصرية منها أن الإسلام دين للسود ، وتبنى مالكولم هذه الأفكار، وكانت الإشارة إلى هذا التحول بتغيير اسمه من " مالكولم ليثيل " إلى " مالكولم إكس". ويضيف الكاتب : أدرك "مالكولم " أن الإسلام هو الذي أعطاه الأجنحة التي يحلق بها ، فقرر أن يطير لأداء فريضة الحج في عام 1946، وتأثر مالكولم بمشهد الكعبة وأصوات التلبية. وقضى 12 يومًا جالسًا مع المسلمين في الحج، ورأى بعضهم شديدي البياض زرق العيون ، لكنهم مسلمون ، ورأى أن الناس متساوون أمام الله بعيدًا عن سرطان العنصرية. وعند عودته من الحج غير مالكولم اسمه إلى مالك الشيباز ، وأحجمت الصحف الأمريكية عن نشر أي شيء عن هذا الاتجاه الجديد، واتهموه بتحريض السود على العصيان .لم يكن لديه ما يدخره ، كان إكس قد مات معدمًا ، حتى أن الكثيرين ومنهم سيدني بواتيه وأوسي ديفس قدموا العون لأرملته بيتي. مات إكس وله من البنات ستة وليس له أولاد. الجدير بالاشارة أن كتاب "مبدعون وثوار" للكاتب وسام الدويك صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ويقع في نحو 147 صفحة من القطع المتوسط .