وفي مغامرة صحفية كانت محفوفة بالمخاطر، اخترقت "صوت البلد" أوكار المخدرات بالفيوم، وكشفت عن "مهزلة" أبطالها مجموعة من الخارجين علي القانون تسببوا في إصابة بعض الشباب بالإيدز والأمراض المتوطنة بسبب استخدامهم ل "السرنجات" المستعملة قبل ذلك في حقن المدمنين بالماكس ونضع هذه المغامرة أمام أجهزة الأمن. التقينا شاباً يدعي "م . ف" وكشف عن واقعة خطيرة، مؤكدا أنه أصيب بالإيدز نتيجة إدمانه المخدرات خصوصا " الماكس" الذي كان يتعاطاه عن طريق الحقن حيث يستخدم تاجر المخدرات سرنجة واحدة لحقن أكثر من 6 أشخاص من المدمنين، فأصيب بالفيروس عن طريق تعاطيه المخدر بسرنجة ملوثة، وأضاف أنه عندما علم بإصابته بالمرض أخبر مسئولي مديرية الصحة بالمحافظة بإدمانه للمخدرات وكشف لهم تفاصيل استخدام تجار الهيروين والماكس سرنجة واحدة في حقن أكثر من 6 أشخاص مما يهدد بانتشار وتفشي المرض، ولكن للأسف كان رد المسئولين للمصاب: "خليك في نفسك فنحن لا نملك إجبار أحد علي إجراء تحليل الكشف عن الإيدز ولسنا ضباط مباحث حتي نلقي القبض علي تجار المخدرات".. إلي هنا انتهي كلام المريض والذي فجر تلك القضية الخطيرة التي تهدد محافظة الفيوم بكارثة طبية واجتماعية وأمنية لذلك قررت " صوت البلد" خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر تكشف من خلالها أوكار تجارة وتعاطي المخدرات والعديد من الجرائم الأخري التي رصدناها بالكلمة والصورة ربما يتدخل المسئولون قبل فوات الأوان. بدأت المغامرة من داخل مقابر مدينة الفيوم وتحديدا منطقة المطافئ القديمة التي أصبحت مرتعا للبلطجية وتجار المخدرات، ورغم شن الجهات الأمنية العديد من الحملات التي تستهدف جميع الخارجين علي القانون فإن الأمر يزداد سوءاً إذ بمجرد أن تنصرف قوات الأمن تعود تلك العناصر لمواقعها لممارسة أعمالها الإجرامية. وقبل بدء الجولة التقيت التربي أحمد يوسف رجب، المسئول عن المقابر، والذي حذرني بشدة من محاولة دخول هذه المقابر التي يسيطر عليها البلطجية وتجار المخدرات واللصوص فشكرته علي تحذيره وطلبت منه تحديد أماكن تجار المخدرات، وبعدما وصفها لنا بدأت المهمة، فعلي بعد حوالي كيلو متر من مدخل المقابر وجدت آلاف السرنجات ملقاة علي جانبي الطريق فاتجهت يساراً في الاتجاه المؤدي إلي حي البارودية فوجدت عددا من المدمنين يتجمعون أسفل إحدي الجبانات التي يقف علي سورها ثلاثة أشخاص أحدهم يمسك في يده حبلا تتدلي منه شنطة صغيرة يقوم المدمن بوضع الفلوس بداخلها ويخطر هذا الشخص بطلبه من المخدرات ليعود التاجر ويضع بالشنطة النوع المطلوب سواء كان "حشيش أو هيروين أو ماكس". وعلي بعد خطوط قليلة شاهدت عددا من المدمنين يحقنون بعضهم البعض بمخدر الماكس والهيروين والكارثة أن السرنجة الواحدة تستخدم في حقن أكثر من شخص، فتوجهت إلي الناحية الأخري المؤدية إلي منطقة "الخير ياما" لأجد عشرات الشنط الحريمي ملقاة بالطريق علمت فيما بعد أنه يتم إلقاؤها بعد الحصول علي ما بها من متحصلات السرقة. وأثناء محاولتي التقاط بعض الصور شاهدت أحد " الناضورجية " التابعين لتجار المخدرات وبعدها بلحظات رأيت ثلاثة أشخاص يشهرون الأسلحة البيضاء ويحاولون الإمساك بنا فأسرعت بالهرب ولولا عناية السماء لكننا في تعداد الموتي. ومن المقابر توجهت إلي الطريق الدائري وتحديدا عند مدخل مركز إبشواي بعد أن أخبرني أحد المصادر بوجود عدد من أوكار تجارة وتعاطي المخدرات هناك وبالفعل ما إن وصلت إلي تلك المنطقة حتي أشار إلي أحد الأشخاص كان يختبئ بالمنطقة الزراعية وسألني عما أبحث عنه فأخبرته بأنني أريد شراء قطعة من الحشيش، فأشار إلي عشة من الأخشاب قائلا: "ورا العشة نادي يا هشام"، وعندما ذهبنا إلي المكان الذي أشار إليه وجدت شخصين يحملان الأسلحة النارية، سألت أحدهما فين هشام؟ أخبرني أنه المقصود، وقال إن "قرش الحشيش ب 50 جنيها " وحتي لا يشك بي أحد أعطيته المبلغ وأخذت قطعة الحشيش، وأثناء خروجي من العشة شاهدت شخصا يحقن نفسه بسرنجة، اقتربت منه وتظاهرت بالبحث عن مكان لشراء الهيروين، وعلمت أن نفس الشخص الذي باع لي الحشيش هو أيضا الذي يبيع الهيروين والماكس وأن سعر تذكرة الهيروين 08 جنيهاً، وحقنة الماكس 05 جنيهاً فتظاهرت بأنني سوف أذهب لإحضار فلوس علي أن أعود لشراء ما أريد، وانصرفت متوجها إلي منطقة " الشيخة شفا " والتي تعد من أشهر المناطق المعروفة بتجارة المخدرات، الغريب أنني وجدت أن المخدرات تباع هناك علناً، أما أكثر الأنواع المنتشرة فهي حقن "النالوفين" والتي تنتشر بين مئات الشباب نظرا لرخص ثمنها حيث يبلغ ثمن الأمبول الواحد 15 جنيهاً، وأخيرا توجهت إلي منطقة الصليبة المعروف بتجارة الحشيش والبانجو وفوجئت بأن بيع وتجارة المخدرات بهذه المنطقة علنا وأغلب سكانها يحترفون هذه التجارة المحرمة، وفور انتهاء الجولة سلمت قطعة الحشيش التي اشتريتها للجهات الأمنية، وأخبرت المسئولين بكل تفاصيل ما رأيته وحددت أماكن تجارة وتعاطي المخدرات ففوجئت بأنها معروفة لدي الأمن وأن الحملات تتواصل دائما علي هذه الأوكار ولكن للأسف يعاود التجار نشاطهم سريعا. اعتراف بالتقصير وبمواجهة د . مفرح رمزي فهيم ، مسئول مكافحة الفيروسات ومدير برنامج مكافحة الإيدز بالفيوم، باتهامات المصاب بالإيدز "م .ف " عن تقصير الجهات الطبية في التصدي للمرض اعترف مفرح بأن المسئولين بالصحة لا يملكون بالفعل إجبار أي شخص علي إجراء تحليل الكشف عن الإيدز، مضيفا: تحليل الإيدز اختياري بل إن من حق أي شخص أن يخفي اسمه الحقيقي عند التحليل الذي يتم برقم كود سري. وعن انتشار وتفشي مرض الإيدز بين المدمنين نتيجة استخدام السرنجات الملوثة. أكد أن الأمر فعلا خطير حيث تتسبب المخدرات عن طريق الحقن في إصابة العديد من المدمنين بفيروسات الإيدز والالتهاب الكبدي وذلك بخلاف تأثير هذه المخدرات في الجهاز العصبي، وعن كيفية مواجهة تلك الكارثة أكد مفرح أنه لابد من تضافر جميع الجهود بداية من الأسرة ورجال الدين والمدارس لتعريف الشباب بأخطار الإدمان.