استنكرت القوى السياسية الرسالة الإيرانية التي وجهها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للرئيس محمد مرسي حول تبني النموذج الإيراني السياسي في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة في مصر، بالاستناد لتعاليم الإمام الراحل آية الله الخميني، لحث مصر على قبول التعاون معها في المجالات الاقتصادية والسياسية، والأمنية أيضًا، إلى أن أثارت هذه الرسالة مخاوف كافة الأحزاب السياسية والقوى الثورية التي اعتبرت هذه الرسالة من محاولات إيران الدءوبة للهيمنة على مجريات الأحداث والأوضاع السياسية في مصر، للعمل على ترسيخ قواعد الفكر الشيعي بأسرع وقت. وفقًا لما يزعمه الإعلام الإيراني بأن الوقت قد حان للصحوة الإسلامية المستوحاة من تعاليم الخميني وقيادة خامنئي، عقب اندلاع ثورات الربيع العربي في دول المنطقة، والتي تتيح لها الفرصة بعودة العلاقات الخارجية والدبلوماسية مع مصر. د. رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، أكد أن دعوة المرشد الإيراني علي خامنئي للرئيس مرسي بتطبيق نظام ولاية الفقيه في مصر، مرفوض شكلًا وموضوعًا؛ لأن مصر لا تتبع أي منهج أو نظم لحكم أي دولة مجاورة، ولن يقبل المصريون بعد ثورة 25 يناير ثورة الكرامة والحرية، وليست الإملاءات الديكتاتورية التي كرس النظام الإيراني في تطبيقها على الشعب الإيراني. مضيفًا أن الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصر كانت تمهد لهذا المخطط بالتعاون مع النظام الحالي، الذي ساعد على إقحام العناصر الخارجية من دول المنطقة في الدخول في الخلاف السياسي المحتدم بين التيار الإسلامي والمعارضة الممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني. وفي رأي حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن رسالة خامنئي للرئيس مرسي جاءت في ظل العلاقات الوطيدة بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران، والتي جاءت لمساندة النظام الحاكم على قمع المعارضة المصرية وتكميم الأفواه، اقتداء بالمعارضة الإيرانية هناك، مشيرًا أن الرسالة تعد بداية التعاون الفعلي بين الإخوان وإيران أمام العالم الغربي والمجتمع الدولي، الأمر الذي ينذر بتراجع مكانة مصر وريادتها وتحويل تبعيتها للمرشد الإيراني في حال تطبيق هذه النصوص الهدامة للديمقراطية والمهدرة للحقوق الإنسانية. لافتًا إلى أن الأوضاع السياسية في مصر في ظل العلاقات مع إيران تمر بخطر ومنحنى التدخل الإيراني في شئون البلاد وتحديد الحياة السياسية وفق نظام فاشي باطل، يصعب الخروج منه. بينما رفض المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، هذه الرسالة الإيرانية بجميع المطالب والنصوص التي تحاول إيران التخفي ورائها، للوصول للهيمنة على مصر وجعلها دولة تابعة لها من حيث الفكر والعقائد، والتدخل في وضع القرار السياسي في مصر وسقوط السيادة المصرية على أرضها وفق لقواعد النصوص الدستورية كما في المادة "1"، والتي تنص بأن مصر دولة مستقلة لها سيادتها. مضيفًا بأن رسالة المرشد الأعلى الإيراني للرئيس مرسي بتبني النموذج الإيراني والانضمام إلى طهران في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة، وفق تعاليم الإمام الراحل آية الله الخميني دعوة مرفوضة سياسيًّا ودينيًّا. فكر متطرف ومن ناحية أخرى، وصف د. خالد سعيد، المتحدث الرسمي للجبهة السلفية، بأن دعوة المرشد الأعلى الإيراني للثورة الإسلامية في إيران للرئيس مرسي وحثه على اتباع نظام ولاية الفقيه، بالضلالة الفكرية النابعة عن الفكر الشيعي المتطرف، والذي لا يصلح تطبيقه في مصر بأية حال؛ نظراً لاتباعها الفكر السني المتعارض مع أفكار وعقائد إيران التي تدعو للانغلاق الفكري الشيعي، لافتًا إلى أن الحزب قد سبق وحذر من تغول الفكر الشيعي ومحاولات إيران للهيمنة على مصر، عقب الزيارة الأولى للرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر مؤخرًا، والتي تهدف لعودة العلاقات المصرية الإيرانية التي تعطيها الصلاحيات الكافية فرض أفكارها وتوجهاتها السياسية والأمنية والعلمية والاقتصادية، وزرع الفكر الشيعي وولاية الفقيه على أرض مصر. وعلى صعيد آخر اعتبر عمرو فاروق، المتحدث الرسمي باسم حزب الوسط، رسالة خامنئي على الصعيد التعاون بين مصر وإيران في محيط المصالح الوطنية والدولية والدبلوماسية بصرف النظر عن المواقف الحزبية التي تعبر عن نفسها، مشيرًا أن مصر باعتبارها دولة إقليمية ومحورية في المنطقة لا يمكن تغافلها أو تجاهلها، أما فيما يتعلق بموقف مصر من إيران وفترة الانقطاع التي تخطت الثلاثين عامًا جراء قطع النظام السابق لهذه العلاقات، محذرًا من محاولة خضوع القرار السياسي المصري للإغراءات الاقتصادية التي قد تقدمها إيران لمصر في الوقت الحالي، مؤكدًا عدم اعتراضه من تحسين العلاقات المصرية الإيرانية، بقدر اعتراضه على إقامة علاقات إخوانية إيرانية يتم على إثرها نقل تجارب الحرس الثوري وقمع المعارضين والمد الشيعي في مصر، مشددًا على ضرورة مراعاة البعد العسكري والأمني بين البلدين بشكل يصعب أن تكون مصر حليفًا عسكريًّا لإيران وغيرها. أكد د. فريد إسماعيل، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، أن إيران تحاول التدخل في شؤون الحكم وإرساء قواعد الحياة السياسية الجديدة في مصر، ولكن لن تنجح في تنفيذ هذا المخطط الوهمي على أرض الواقع، في ظل تفهم النظام الحاكم لجميع هذه الرسائل التي تدور في داخل مصر وخارجها، نافيًا وجود علاقات بين مصر وإيران على المستوى الديني أو المذهبي، مع إتاحة التعاون بين البلدين على المستوى السياسي والعلمي والاقتصادي. وأضاف إسماعيل أن الرئيس محمد مرسي يسعى لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة ذات المرجعية السياسية والقانون وفق قواعد الدستور الذي تم وضعه باستفتاء الشعب المصري. وقال د. أحمد عارف، المتحدث باسم الإخوان المسلمين: إن مصر الجديدة التي ولدت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير لن تعود مرة أخرى، ولن تكون كإيران أو أفغانستان في نظامهم السياسي، منتقدًا رسالة المرشد باتباع ولاية الفقيه خاصة، وتبني النموذج الإيراني السياسي في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة في مصر، استنادًا لتعاليم الإمام الراحل أية الله الخميني، قائلًا: "أن مصر تتبع السنة في تولي من يقع عليه الاختيار بحرية، دون الإلمام بالنص اﻷصلي من الإمامة كما يتبع أهل الشيعة". نافيًا وجود مخاوف من التدخل الإيراني في الحكم السياسي والعقائدي في مصر بشتى المحاولات في ظل وجود الأزهر الشريف كهيئة مستقلة ووسطية تختص دون غيره بتولي نشر الدعوة اﻹسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، والأخذ برأي هيئة كبار العلماء باﻷزهر في الشئون المتعلقة بالشريعة اﻹسلامية، على النحو الذي ينظمه القانون والدستور في مواده الرابعة. ومن ناحية أخرى أوضح د. أحمد رامي، القيادي بحزب الحرية والعدالة، بأن رسالة المرشد الإيراني لا يتفق من الأساس مع أهداف ومبادئ ثورة يناير التي نادت بالحرية والديمقراطية والقانون وإنهاء حكم الفرد، وبالتالي لن تسمح بالتدخل الخارجي سواء العربي أو العالمي في وضع الهيئة السياسية الجديدة لمصر، مؤكدًا أن مؤسسة الرئاسة لن تقبل ببناء الديمقراطية الحديثة على أسس وقواعد دولة لا تؤمن بمبادئ الديمقراطية والحرية مثل إيران. في الوقت ذاته لا يمانع الوضع الجديد من إقامة علاقات دولية ودبلوماسية واقتصادية في إطار تحقيق المصالح المشتركة للبلدين بين مصر وجميع الدول ما عدا إسرائيل.. خاصة وأن مصر في هذه المرحلة في حاجة لتكوين علاقات خارجية على كافة المستويات بما لا يدعو للإخلال بمصالح مصر ورؤيتها. بينما رفض د. جمال حشمت، النائب بمجلس الشورى المصري والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، الدعوات التي تطلقها الأحزاب السياسة والشخصيات العامة بقطع العلاقات بين مصر وإيران، مؤكدًا أن الرسالة التي أطلقها المرشد الأعلى لإيران تدعو للنهوض بالوطن من كبوته وتدهوره العميق في ظل الأحداث المتلاحقة منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن، موضحًا أن النظام السابق للحكم أخطأ بقطعه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين طوال الفترة الماضية، لعدم وجود رؤية إستراتيجية عميقة للاستفادة من هذه العلاقة من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية أيضًا. وأشاد حشمت برغبة الخبراء والعلماء الإيرانيين في نقل أبحاثهم وتجاربهم لمصر كما جاء في نص الرسالة التي تقدم بها عدد من المفكرين والأساتذة الجامعيين في إيران.