كما أنها تأتي وسط حدثين دولتين كبريين أولهما الصراع العربي الإسرائيلي، والذي جسدت الحرب البشعة علي قطاع غزة المأساة في أقصي مشاهدها الدرامية. أما الحدث الثاني وهو الأزمة الاقتصادية العالمية التي صدرتها السياسات الخاطئة الأمريكية إلي سائر قارات العالم وتدفع فاتورتها الدول النامية التي هي أساساً لا تحتمل أكثر مما فيها من أعباء يتجرع كاملها مواطنوها. أذن فهي قمة تختلف عن ميثلاتها في الشكل والمضمون، ولعل اجتماعات وزراء المالية العرب الأربعاء الماضي يعد بداية حقيقية للقمة، خاصة أنه كان في صحبتهم محافظا البنوك المركزية العربية لاستبيان واستيضاح الصورة الحالية علي أرض الواقع ومعالجة مشاكل الاستثمار العربي، كما شهد يوم الجمعة أيضاً اجتماعًا علي هيئة بمعزة الشخصيات الدولية النابهة والتي تتقدم بأوراق دراسات اقتصادية واجتماعية تهدف إلي استطلاع رأي مختلف فئات شرائح المجتمع العربي كي ترفع للقمة.. فضلاً عن دراسات أخري تهدف إلي إزالة العقبات أمام انتقال السلع والأفراد، كذلك رؤوس الأموال بهدف زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والتي من المشين أن تجارتها مع العالم الخارجي تفوق عبئات الاحتقان عن قيمة تجارتها البيئية في الوقت الذي تتوافر فيه أغلب السلع التي تسد عجز حاجات محتاجيها من دول أخري عربية مجاورة، ومن هذه السلع القطن مثلاً والقمح والأرز وهي سلع إستراتيجية. تناقش أيضاً القمة ملف الطاقة والطاقة البديلة ومشاريع تطويرها، كما تبحث مشاكل النقل البري والبحري والجوي وسبل إسالة الطرق بين الدول العربية.. هذا فضلاً عن ملف هام تستدعيه ظروف تطورات الصناعة، هو ملف البيئة والتغيرات المناخية، ولأول مرة سوف تصدر القمة قرارات منطقية وعقلانية تعتمد علي سماعها لرأي الشارع العربي، الذي يعرضه المفكرون والمثقفون خلال اجتماعاتهم السابقة للقمة. ومن حق المواطن العربي الذي تفقد مصداقيته في قرارات قمم سياسية سابقة أن يأمل في قرارات أول قمة اقتصادية حتي يجبر المحتاج علي كسائه والجوعي علي طعامهم وللجيل الشاب فرص العمل والمنزل الذي يحلم به في تكوين وتأسيس أسرة بعد أن عاني أهله من طاحونة الدروس الخصوصية حتي توج كفاحها بحصوله علي الشهادة التي أضافت إلي طابور العاطلين أعداد غفيرة .. من حق المواطن العربي أن يحلم بمستقبل يحقق فيه القادة ما هم منوطون بأدائه.. ونتذكر أنه في صدر الإسلام كانت الخلفاء تخاف من أن تعثر الدابة في طريقها فما بالك بالإنسان العربي الآن؟! الذي بات فاقدًا للأمل مهزومًا بما يقع علي عاتقه من مشاكل في أساسيات حياته.. المأكل والمسكن، في الوقت الذي تقدمت فيه مجتمعات غربية وسارت عجلة التقدم فيها بسرعة بالغة، لأن مواطنيها نائمون غير قلقين علي طعام الغد أو مأوي اليوم، ولا يسعنا إلا الاستعانة بقول المولي «وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون» صدق الله العظيم.