وقال محمد طه رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال : إن هذه النتائج توضح سيادة حالة من عدم التفاؤل كثيراً بالإنجازات التى تحققت على مدار السنوات السابقة ، وأنها لم تكن فى مستوى المأمول ، فلا يكفى أن يتم رسم وطرح سياسات نقدية وإصلاحية طموحة ، لكن الأهم هو إيجاد المنفذين القادرين على ترجمة هذه السياسات والمقصود بذلك إيجاد ونشر ما يدعى " الثقافة المصرفية " لدى العاملين فى المصارف والمواطنين على حد سواء . أضاف طه : إن الأجدر أن نجيب عن تساؤل من المسئول عن تدنى الثقافة المصرفية وجهل المواطن بهذه الخدمات ؟ وحتى نجيب عن ذلك فإننا سنجد أن الإجابة سوف تتبلور فى عدة اتجاهات ، تبدأ أولاً فى المصارف نفسها نتيجة لنقص خبرة الموظفين وكفاءتهم وافتقارهم إلى روح المبادرة والاجتهاد ، خوفاً من المساءلة فى ظل نظرة الإدارات المصرفية إلى المواطنين كصاحب حاجة فى تعامله مع المصرف وليس كعميل يجب السعى لإرضائه . وأشار إلى أن قيام البنك المركزى بتحريك أسعار الفائدة لأكثر من مرة صعوداً وهبوطاً وبشكل حاد نسبياً ، ولد حالة ارتباك انعكست بشكل سلبى على المواطنين والإدارات المصرفية على حد سواء وهو ما أدخل كلا الطرفين فى إرباكات وتعقيدات عديدة ، ودفع المواطن إلى البحث عن منافذ أكثر أمناً لمدخراته عن طريق تحويلها إلى مصاغ ذهبية أو شراء عملة صعبة وهو ما ساهم فى تقليل استيعاب الخدمات المصرفية ، فضلا عن تعنت بعض البنوك فى سياستها التحوطية التى يتم اتخاذها فى مجال التجزئة المصرفية خلال فرض مخالفات وغرامات بصورة قد لا تكون عادلة فى بعض الأحيان ، وهو الأمر الذى أثار مخاوف وغضب العميل وبالتالى عدم رغبته فى التعامل وفقا للتكنولوجيا . وأكد رئيس قطاع الخزانة أنه بالرغم من أن الحكومة كسرت احتكار المصارف العامة للسوق المصرفية عن طريق دخول العديد من المصارف الخاصة مما شكل خطوة مهمة وضرورية فى طريق رفع مستوى الخدمات المصرفية وتقديمها إلى المواطن ، إلا أن تأثير هذه المصارف لا يزال محدوداً ، وذلك بسبب قصر عمر التجربة من جهة وتدنى مستوى التعريف والإعلان عن الخدمات المصرفية المتنوعة وتواضع حملات التسويق المرافقة . فيما أكد د. سمير رضوان مساعد رئيس الهيئة العامة للاستثمار أن عدم تعرف المواطن على عدد كبير من البنوك العاملة فى السوق فى ظل خطة الاندماجات والإصلاح الكبيرة التى شهدها القطاع خلال السنوات السابقة وما تبعها من تفاوت فى الخدمات المقدمة من البنوك ، أثر أيضاً على الأداء الاقتصادى لعدد من المصارف فى السوق . وقال د.رضوان إنه حتى ينجح رهان الحكومة فى تطوير السوق المصرفية لابد من العمل على أكثر من صعيد يبدأ من متابعة إصلاح التشريعات المالية وتخليصها من القدر الأكبر من الجمود والابتعاد قدر الإمكان عن الشعارات الفضفاضة ، والاهتمام بنشر الوعى المصرفى عن طريق حملات توعية تشترك بها جميع وسائل الإعلام ولا توجد غضاضة فى إدراج الثقافة المصرفية فى مناهج التعليم ، شريطة أن تتلازم كل هذه الإجراءات مع رفع كفاءة موظفى المصارف ، وبذلك تكون المصارف قد خرجت من إطار العمل كجامع للأموال ودافع للفوائد لتصبح القاطرة الرئيسية فى عملية التنمية ودفع العجلة الاقتصادية . وأضاف أن الثقافة السائدة فى الشارع هى أن البنوك المتواجدة حالياً عبارة عن محال وبقالات أكثر من كونها بنوكاً ، وبدلاً من الأمل فى أن تنهض هذه البنوك بدورها التنموى الاجتماعى ، أصبحت مجرد واجهة لمص الدماء ، فالعميل يعتقد دائماً أنه لا يوجد مواطن إلا وهو مدين لها دون أن نرى أثراً فى المقابل لعمل اجتماعى أو اقتصادى خيرى تصدى له أحد هذه البنوك ، لكى يساعد فى إشاعة ثقافة جديدة إلا من بعض المحاولات التى تسير على استحياء محدود جداً من البنوك . ولفت د. رضوان إلى أن الحل الوحيد لنجاح نشر الثقافة المصرفية بين جمهور العملاء لا يمكن تحققه إلا خلال مبادرة البنوك بتوسعات جادة ، وليس خلال عدد الفروع التى ترمى إلى الوصول إلى مزيد من الطبقات فما زالت معظم الخدمات الجديدة تخاطب شرائح محدودة من المجتمع بسبب تخوف هذه المصارف إضافة إلى غياب نشاطها فى المسئولية الاجتماعية .