وفى إطار ثورة المعلومات وانتشار شبكات المعلومات والعولمة التى جعلت من العالم قرية صغيرة يسمع ويرى فيها دبيب النملة نجد أن انتشار القنوات الفضائية فاق كل الحدود فلا غرو أن يمتلك أية قناة فضائية من يمتلك ما قيمته خمس وعشرون ألفاً من الدولارات وباستطاعتة حينئذ أن يمتلك قناة أيا كان عدد موظفيها أو إمكاناتها إنما هى جزء ولو ضئيل فى التأثير على مجموعة من المشاهدين هم مواطنون محسوبون ضمن الموارد البشرية للدولة التى عبثت بهم تلك الفضائيات التى تحمل مضموناً تافها وتتعمد الإثارة بل تطاولت واقتحمت مضمار الديانة لتنشر على شاشاتها عدداً من الفتاوى التى لا أنزل الله بها من سلطان تعمل على بث الفرقة وتضارب الرؤى فى أدق القضايا حساسية فى المجتمع وخاصة تلك التى تتعلق بالعلاقات والمشكلات الأسرية. والمعروف أن هناك وظيفة فى الدولة تسمى المفتى والذى يتم اختياره عبر قنوات بالغة الدقة ومتناهية فى النقاء وتدخل الدول فى هذا الشأن هو إلزام واجب نحو مواطنيها ولا يتدخل فى حرية التعبير أو فى حرية البث لكن الصحيح هو ألا يفتى أشخاص قد يتفقون أو يختلفون فى الرؤى حول عديد من القضايا الهامة التى تمس المجتمع وتؤثر فى علاقاته خاصة أن هناك مفتىاً للدولة والقضية ليست بالغة الصعوبة، فدار الإفتاء قد خصصت أرقاماً ساخنة يرد عليها مفتون متدربون بعد أن يأخذوا آراء من هم أعلم منهم فى دار الإفتاء ثم يأتونك بالإجابة الاجتهادية الصحيحة والتى لها سند إما من صحيح الكتاب الكريم أو من الأحاديث الصحيحة، ومن قياس أو اجتهاد محمود، القضية ليست بالسهولة التى نتصورها مجرد رأى أبداً على الإطلاق المستمع أو المشاهد يأخذ تلك الفتاوى عبر فضائيات دينية وكأنها كتاب مسلم به ويعمل بنصائحها الأمر الذى يشكل أخطاراً جسيمة إن كانت الفتوى غير دقيقة والأمثلة كثيرة جداً والصحافة تكتب فى هذه القضية كثيراً فالأحرى بالدولة أن تسن قانوناً يمنع تداول الفتاوى لغير المرخص لهم من دار الإفتاء ولتكن المسئولية محدودة ومعلومة وكفانا الأدواية والمستحضرات التى تعالج جميع الأمراض التى تاهت فيها العلوم وعجزت عنها البشرية فيها هى قناة تعالج السكر فى ثلاثة أسابيع فقط بدواء غير مسجل بوزارة الصحة والقنوات التى تسمح لها بذلك لم تكلف نفسها بهذا السؤال لكن يبقى همها وشاغلها الأول هو التربح.. أية أموال هذه التى تدخل خزائن هذه الفضائيات أو تلك الشركات صاحبة الإعلان والتى فى موادها ضرر بصحة البشر وحتى إن لم يكن بها ضرر جسمانى فهى مليئة بالأضرار المعنوية فيما تبثه من أمل فى الشفاء من الأمراض المزمنة. للدولة دور ينبغى عليها القيام به وأيضاً لمؤسسات المجتمع المدنى دور هام، خاصة تلك المسماه بحماية المستهلك والتى يجب ألا يقتصر دورها فقط على مراقبة الأسعار وإعادة الحقوق لأصحابها بل لابد أن يتجاوز دورها هذا وتصبح نذيراً ومحذراً لكل ما هو معلن وغير مقنن فالأخطار داهمة والآثار مدمرة فلنلحق بقتل هذا الخطر المدمر قبل أن يدمرنا هو.. والله من وراء القصد. فدولة مثل روسيا رغم أن الفودكا هو مشروبها القومى ولا يخلو منزل منها فإنها منعت بتاتاً الإعلان عنها رغم أنف المنتجين.