مقتطفات الشعب المصري لا يبدو أنه يميل إلى هذا الاتجاه. إن الإخوان المسلمين في حالة نضال للتأكيد على أنهم في صف وجود دولة يشارك فيها الملتزمون بالإسلام وكذلك كل من عداهم. لا يمثل الإخوان المسلمون أي تهديد للتطور الديمقراطي في مصر. إن جماعة الإخوان المسلمين هي حركة جيدة التنظيم في مصر، ولكنها لم تكن هي الشرارة التي أطلقت الثورة التي قادت إلى التغيير الأخير في الحكومة. أما وقد أصبح الطريق مفتوحا الآن للنشاط السياسي في مصر، فإن جماعة الإخوان المسلمين تعطي كل المؤشرات على أنها ستشارك، وبفاعلية. وفي نفس الوقت لا تبدو جماعة الإخوان المسلمين أنها تهدف إلى إدارة الحكومة المصرية. ورغم أن الحركة برزت باعتبارها القوة السياسية الرئيسية المعارضة لحكومة الرئيس السابق حسني مبارك، فإنها لا تتمتع بأي تأييد يشبه الأغلبية في مصر، ويعطيها المحللون نسبة 20% كحد أقصى من التأييد بين جماهير الناخبين. والأمر الملحوظ هو أن الجماعة اتخذت قرارا مؤخرا –تم الإعلان عنه رسميا– بأنها لن تقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية. نعم يبدو أن الإخوان المسلمين راغبين في لعب دور ولكنه ليس دورا قياديا. والأمر المؤكد هو أن الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية يصب في مصلحة الإخوان المسلمين. فهذه التغييرات الدستورية ستسمح بانعقاد الانتخابات البرلمانية في تاريخ مبكر. وقد كانت هناك عناصر سياسية أخرى تريد فترة زمنية أطول قبل إجراء الانتخابات حتى يتسنى لهم تنظيم أنفسهم بشكل أكثر فاعلية. ولذلك فإن الإخوان المسلمين ربما يخرجون من هذه التجربة أقوى مما يضمن التأييد الشعبي الحقيقي لهم. حقا إن الإخوان المسلمين يناصرون دولة تحكمها المبادئ الإسلامية، ولكن هذا الهدف لا يفترض سياسات محددة. ففي أوروبا مثلا، هناك أحزاب تسعى إلى اتباع أجندة مسيحية ويطلقون على أنفسهم "الديمقراطيون المسيحيون". ولكن وصف "مسيحيين" لا يعد دليلا أو موجها إلى سياسات محددة. كما أن تركيا تقدم حزبا حاكما يسمي نفسه "إسلاميا"، ولكن تركيا تظل دولة تعددية. وليس هناك مؤشرات كبيرة من جانب الإخوان المسلمين في مصر على أنهم يسعون لوجود دولة تكون محكومة بالطريقة وبالمبادئ التي يراها المرء في المملكة العربية السعودية. والشعب المصري لا يبدو أنه يميل إلى هذا الاتجاه. إن الإخوان المسلمين في حالة نضال للتأكيد على أنهم في صف وجود دولة يشارك فيها الملتزمون بالإسلام وكذلك كل من عداهم. والأمر المرجح هو أن الإخوان المسلمين سيدفعون الحكومة المصرية الجديدة إلى تقديم المزيد من الدعم للفلسطينيين في مواجهتهم المستمرة مع إسرائيل. ولكن الحكومة المصرية الجديدة من المرجح أن تتبع هذا النهج على أي حال حيث إن عموم الجماهير المصرية لم تكن راضية عن تحفظ مبارك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. كما أنه ربما يكون هناك تغيير فيما قام به مبارك من إغلاق الحدود مع قطاع غزة وكذلك انفتاح سياسي على حماس في غزة. وعلى المدى الأطول، ربما تعتمد الحظوظ السياسية للإخوان المسلمين على الظروف الخارجية بقدر اعتمادها على التطورات الداخلية. لقد أصبح الإسلام بمثابة صرخة للاحتشاد والتوحد لحماية الدول في تلك المنطقة من الهيمنة عليها من قبل الغرب. إن الأصولية الإسلامية هي رد الفعل على الغرب. وطالما أن الغرب، وبصفة خاصة الولاياتالمتحدة، تعطي ما يتم تصوره على أنه سبب، فإن الأصولية الإسلامية ستزداد نموا. ومن المرجح أن تظل جماعة الإخوان المسلمين معتدلة لو أن الولاياتالمتحدة اتخذت ما يتم تصوره في مصر على أنه موقف معقول من القضية الإسرائيلية الفلسطينية. إننا نحن الذين ندفع الجماهير المصرية نحو الأصولية بتصرفات مثل الفيتو الأخير في مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الذي كان من شأنه انتقاد إسرائيل على أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية التي من المفترض أن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية المستقلة المراد إقامتها. لقد كنا نحن (الولاياتالمتحدة) العضو الوحيد في مجلس الأمن الدولي الذي يعارض هذا القرار. وهناك اختبار جديد سيلوح في الأفق عندما يتم عرض مشروع قرار، كما هو مرجح، على مجلس الأمن للاعتراف بفلسطين كدولة وربما الاعتراف أيضا بعضويتها في الأممالمتحدة. فإذا ما قمنا بحجب هذا القرار، فإننا نكون بذلك ندفع مصر في الاتجاه الخطأ. وإلى حد ما نحن الذين نمسك بمفاتيح الاتجاه المستقبلي لجماعة الإخوان المسلمين في سياسة مصر. ------ * أستاذ القانون بجامعة ولاية أوهايو.