وزير العمل يفتتح ندوة "قانون العمل الجديد ودوره في تحسين علاقات العمل" بمشاركة قيادات نقابية    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    وزيرا الزراعة والشؤون النيابية يواصلان الحوار المجتمعي حول التعديلات التشريعية    تفاصيل استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    ضبط 178 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي بأسيوط الجديدة    تليجراف: تقليص النفوذ الصيني بأمريكا اللاتينية أحد أهداف حملة واشنطن في الكاريبي    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 10 آلاف طن مساعدات إنسانية وبترولية عبر قافلة «زاد العزة» ال 59 إلى غزة    ترامب: سأمد رحلتي لآسيا إذا رغب رئيس كوريا الشمالية في لقائي    صراع متكافئ ببرج العرب.. سموحة يواجه الجونة لتحسين المراكز في الدوري    نجم الاتحاد يغيب عن مواجهة النصر في كأس خادم الحرمين الشريفين    ديل بييرو عن أزمة يوفنتوس: المدرب ليس المشكلة ولن يفوز الفريق بالدوري بإقالة تودور    ضبط عامل سمح لشقيقه «الطفل» بقيادة ميكروباص ببني سويف    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    بعد تداول فيديو صادم.. القبض على عاطل ارتكب فعلا خادشا للحياء بالإسكندرية    عالم آثار: افتتاح المتحف الكبير حدث القرن على المستويين الثقافي والحضاري    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يعلن قائمة «الاختيارات العالمية» بمشاركة مصرية في دورته الخامسة    كيف يمكن الحصول على لقاح الأنفلونزا؟ وزارة الصحة تجيب    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    حقيقة مفاوضات الأهلي لضم «دياباتي» نجم السويد    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    ترامب يصل طوكيو في مستهل زيارته لليابان    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3817 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    وزيرة التضامن تلتقي المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    محمد سلام يستعين بأسماء النجمين محمد رمضان ورجب فى كارثة طبيعية    السياحة الأردنية: المتحف المصرى الكبير صرح حضارى يعزز السياحة ويجذب العالم لمصر    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب العقوبات على لاعبي الزمالك في أزمة السوبر المصري    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العامرية العام بالإسكندرية    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة بمستشفى العامرية بالإسكندرية لمتابعة جودة الخدمات    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقى الفكر الإسلامي: الإسلام أول من وضع قواعد الطب الوقائي
نشر في صوت البلد يوم 19 - 05 - 2020

انعقدت، مساء أمس الاثنين، الحلقة الخامسة والعشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى لشئون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة, وجاءت بعنوان "عناية الإسلام بصحة الإنسان", وذلك في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام; لنشر الفكر الإسلامي الصحيح, ومواجهة الفكر المتطرف, وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
حاضر في الحلقة كل من الدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة, والدكتور أسامة فخري مدير عام إدارة التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية, وقدم للملتقى الإعلامي محمد فتحي المذيع بقناة النيل الثقافية .
وأكد الملتقى أن الصحة نعمة من أعظم نعم الله ويجب الحفاظ عليها والاعتناء بها حتى يتمكن الإنسان من العبادة والطاعة والعمل, مشددًا على أن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقل من عنايته بالعلم حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أول من وضع قواعد الطب الوقائي والعزل والحجر الصحي الذي وضع قواعده منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام, والذي عبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمنع انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع وسبق بذلك الطب الحديث.
وفي كلمته أكد الدكتور السيد مسعد، مدير مديرية أوقاف الجيزة أن نعمة الصحة وسلامة الأعضاء من الآفات والأمراض من أعظم النعم التي أنعم الله عز وجل بها على الإنسان، فبالصحة يتمكن المرء من أداء حق ربه جل جلاله، وحق نفسه، وحق غيره، وهى أهم ما يملك العبد في حياته، يقول النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ"، فكثير من الناس لا يقدرون هذه النعمة العظيمة، ولا يعرفون قيمتها، ولا يستثمرونها في موضعها الصحيح، ولا يقدرون أهميتها، فمن اسْتثمر فراغه وصحَّته في طاعة الله فهوَ المغبوطُ، ومَنْ اسْتثمرهما في معصية الله فهوَ المغبونُ، مشيرًا إلى أن عناية الإسلام بالصحة لا يقتصر أثرها على المسلم فقط، لأن المرض لا يفرق بين مسلم وغيره، ولكن المرض عندما ينتشر، ينتشر بين الجميع.
كما أكد اهتمام الإسلام وعنايته بصحة الإنسان من خلال عدة مظاهر، منها العناية بالطهارة، فجعل الإسلام الطهور شطر الإيمان، حيث يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ" وجعلها شرطًا لصحة كثير من العبادات كالصلاة، والطواف، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، مشيرًا إلى أن الإنسان لم يخلق للعبادة فحسب، بل خلقه الله عز وجل لمهمتى العبادة وعمارة الكون، فكيف لبدن هزيل ضعيف مملوء بالأمراض والأسقام والتعب والإرهاق أن يقوم ببناء حضارة أو تحقيق عمارة؟.
كما أشار إلى عناية الإسلام بصحة الإنسان، فحثه على ترك كل ما قد يُلْحِقُ به الضرر، قال تعالى:{ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ...}، والبعد عن الإسراف في الطعام والشراب كما قال سبحانه:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، والنبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مَلَأَ آدَمِى وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ".
وفي ختام كلمته أكد ضرورة اعتناء الإنسان بصحته حتى يتمكن من عبادة الله سبحانه وتعالى، فقد حثنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على استثمار تلك النعمة في طاعة الله عز وجل، حيث يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزً، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فإذا كان الإنسان قويا في جسده فسيكون قويا في اتباع أوامر الله تعالى، حيث يقول النبى صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفي كُلٍّ خَيْرٌ" وأما إذا كان ضعيفا في جسده فإن ذلك قد يؤثر على عبادته ، فأداء العبادات يختلف في حال الصحة عنها في حال المرض.
وفي كلمته أكد الدكتور أسامة فخري، مدير عام إدارة التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم، وإذا كانت أصولُ الطب التيوصل إليها الإنسان بتجاربه تدور حول حفظ القوة وعدم مضاعفة المرض، والحماية من المؤذيات وكلِّ ما يصيب الإنسان بالألم، فإننا نجد هذه الإشارات الدقيقة والعميقة للنبى صلى الله عليه وسلم في كثير من الجزئيات والأمثلة التي تمثل هذه الأصولَ الطبية، ومن ذلك الحث على نظافة الفم وطهارته بالمضمضة والاستنشاق واستخدام آلة لتنظيف الأسنان؛ حفظًا للفم والأنف والأسنان، ومن كلام النبى صلى الله عليه وسلم في السواك: "مَا لَكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَى قُلْحًا، اسْتَاكُوا، فَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ، عِنْدَ كُلِّ طُهُورٍ"، يريد تبكيتهم على دخولهم عليه وأسنانهم مصفرة، تنبعث منها الرائحة، وفي السواك أيضًا يقول صلى الله عليه وسلم: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ، وكلنا يعرف شدة حرص الأطباء وكثرة وصاياهم على تنظيف الأسنان الذي يولد إهمال نظافتها أنواعًا من الأمراض في كثير من الأجهزة .
كما أشار إلى أن الأحاديث النبوية جاءت كثيرة تدعو إلى النظافة، هذا السلوك الحضارى الذي يكون سببًا رئيسًا في الوقاية من الأمراض وضمان الحياة الصحية المستقيمة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فالشريعة كلها طهارة وزكاة وحثٌّ على معالى الأمور، مؤكدًا أن الإسلام شرع جملة من الآداب الاجتماعية تحفظ على الناس صحتهم، وتمنعهم من التعرض للأمراض، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ، كما نهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التنفس في الإناء لعدم إلحاق الأذى به ونقله للآخرين، حيث يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ في الإِنَاءِ.
وفي ختام كلمته أكد ضرورة الحرص على نظافة وصلاح البيئة المحيطة بالإنسان، وأن تكون خالية من الأمراض، لأن الأمراض إذا انتشرت في مجتمع فإنها لا تخص شخصًا دون شخص، ولكنها تؤثر سلبًا على حياة الناس عمومًا، فوضع الإسلام قواعد لمنع انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع سبق به الطب الحديث، تعتبر أساس الطب الوقائى، منها العزل والحجر الصحى، الذي وضع قواعده منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، والذي عبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ، ابْتَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَاسًا مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ"، مشيرًا إلى إن الصحة تاج على رءوس الأصحاء فلنشكر الله على نعمة العافية، ولنحافظ عليها، ولنعتبر بمن ابتلى بالأمراض والأسقام، والوقاية خير من العلاج، ولنكثر من سؤال الله عز وجل العافية، فالنَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَرَّ بِقَوْمٍ مُبْتَلِينَ فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَؤُلاءِ يَسْأَلُونَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فالعافية في الدارين غاية كل مؤمن، فإن ابتلي فليطلب العلاج والدواء.
انعقدت، مساء أمس الاثنين، الحلقة الخامسة والعشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى لشئون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة, وجاءت بعنوان "عناية الإسلام بصحة الإنسان", وذلك في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام; لنشر الفكر الإسلامي الصحيح, ومواجهة الفكر المتطرف, وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
حاضر في الحلقة كل من الدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة, والدكتور أسامة فخري مدير عام إدارة التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية, وقدم للملتقى الإعلامي محمد فتحي المذيع بقناة النيل الثقافية .
وأكد الملتقى أن الصحة نعمة من أعظم نعم الله ويجب الحفاظ عليها والاعتناء بها حتى يتمكن الإنسان من العبادة والطاعة والعمل, مشددًا على أن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقل من عنايته بالعلم حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أول من وضع قواعد الطب الوقائي والعزل والحجر الصحي الذي وضع قواعده منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام, والذي عبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمنع انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع وسبق بذلك الطب الحديث.
وفي كلمته أكد الدكتور السيد مسعد، مدير مديرية أوقاف الجيزة أن نعمة الصحة وسلامة الأعضاء من الآفات والأمراض من أعظم النعم التي أنعم الله عز وجل بها على الإنسان، فبالصحة يتمكن المرء من أداء حق ربه جل جلاله، وحق نفسه، وحق غيره، وهى أهم ما يملك العبد في حياته، يقول النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ"، فكثير من الناس لا يقدرون هذه النعمة العظيمة، ولا يعرفون قيمتها، ولا يستثمرونها في موضعها الصحيح، ولا يقدرون أهميتها، فمن اسْتثمر فراغه وصحَّته في طاعة الله فهوَ المغبوطُ، ومَنْ اسْتثمرهما في معصية الله فهوَ المغبونُ، مشيرًا إلى أن عناية الإسلام بالصحة لا يقتصر أثرها على المسلم فقط، لأن المرض لا يفرق بين مسلم وغيره، ولكن المرض عندما ينتشر، ينتشر بين الجميع.
كما أكد اهتمام الإسلام وعنايته بصحة الإنسان من خلال عدة مظاهر، منها العناية بالطهارة، فجعل الإسلام الطهور شطر الإيمان، حيث يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ" وجعلها شرطًا لصحة كثير من العبادات كالصلاة، والطواف، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، مشيرًا إلى أن الإنسان لم يخلق للعبادة فحسب، بل خلقه الله عز وجل لمهمتى العبادة وعمارة الكون، فكيف لبدن هزيل ضعيف مملوء بالأمراض والأسقام والتعب والإرهاق أن يقوم ببناء حضارة أو تحقيق عمارة؟.
كما أشار إلى عناية الإسلام بصحة الإنسان، فحثه على ترك كل ما قد يُلْحِقُ به الضرر، قال تعالى:{ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ...}، والبعد عن الإسراف في الطعام والشراب كما قال سبحانه:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، والنبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مَلَأَ آدَمِى وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ".
وفي ختام كلمته أكد ضرورة اعتناء الإنسان بصحته حتى يتمكن من عبادة الله سبحانه وتعالى، فقد حثنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على استثمار تلك النعمة في طاعة الله عز وجل، حيث يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزً، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فإذا كان الإنسان قويا في جسده فسيكون قويا في اتباع أوامر الله تعالى، حيث يقول النبى صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفي كُلٍّ خَيْرٌ" وأما إذا كان ضعيفا في جسده فإن ذلك قد يؤثر على عبادته ، فأداء العبادات يختلف في حال الصحة عنها في حال المرض.
وفي كلمته أكد الدكتور أسامة فخري، مدير عام إدارة التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم، وإذا كانت أصولُ الطب التيوصل إليها الإنسان بتجاربه تدور حول حفظ القوة وعدم مضاعفة المرض، والحماية من المؤذيات وكلِّ ما يصيب الإنسان بالألم، فإننا نجد هذه الإشارات الدقيقة والعميقة للنبى صلى الله عليه وسلم في كثير من الجزئيات والأمثلة التي تمثل هذه الأصولَ الطبية، ومن ذلك الحث على نظافة الفم وطهارته بالمضمضة والاستنشاق واستخدام آلة لتنظيف الأسنان؛ حفظًا للفم والأنف والأسنان، ومن كلام النبى صلى الله عليه وسلم في السواك: "مَا لَكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَى قُلْحًا، اسْتَاكُوا، فَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ، عِنْدَ كُلِّ طُهُورٍ"، يريد تبكيتهم على دخولهم عليه وأسنانهم مصفرة، تنبعث منها الرائحة، وفي السواك أيضًا يقول صلى الله عليه وسلم: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ، وكلنا يعرف شدة حرص الأطباء وكثرة وصاياهم على تنظيف الأسنان الذي يولد إهمال نظافتها أنواعًا من الأمراض في كثير من الأجهزة .
كما أشار إلى أن الأحاديث النبوية جاءت كثيرة تدعو إلى النظافة، هذا السلوك الحضارى الذي يكون سببًا رئيسًا في الوقاية من الأمراض وضمان الحياة الصحية المستقيمة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فالشريعة كلها طهارة وزكاة وحثٌّ على معالى الأمور، مؤكدًا أن الإسلام شرع جملة من الآداب الاجتماعية تحفظ على الناس صحتهم، وتمنعهم من التعرض للأمراض، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ، كما نهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التنفس في الإناء لعدم إلحاق الأذى به ونقله للآخرين، حيث يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ في الإِنَاءِ.
وفي ختام كلمته أكد ضرورة الحرص على نظافة وصلاح البيئة المحيطة بالإنسان، وأن تكون خالية من الأمراض، لأن الأمراض إذا انتشرت في مجتمع فإنها لا تخص شخصًا دون شخص، ولكنها تؤثر سلبًا على حياة الناس عمومًا، فوضع الإسلام قواعد لمنع انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع سبق به الطب الحديث، تعتبر أساس الطب الوقائى، منها العزل والحجر الصحى، الذي وضع قواعده منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، والذي عبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ، ابْتَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَاسًا مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ"، مشيرًا إلى إن الصحة تاج على رءوس الأصحاء فلنشكر الله على نعمة العافية، ولنحافظ عليها، ولنعتبر بمن ابتلى بالأمراض والأسقام، والوقاية خير من العلاج، ولنكثر من سؤال الله عز وجل العافية، فالنَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَرَّ بِقَوْمٍ مُبْتَلِينَ فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَؤُلاءِ يَسْأَلُونَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فالعافية في الدارين غاية كل مؤمن، فإن ابتلي فليطلب العلاج والدواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.