لجنة المنشآت في جامعة بنها تتابع معدلات تنفيذ المشروعات الحالية    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    التخطيط تطلق «منصة بيانات أهداف التنمية المستدامة بالمحافظات»    البورصة تعلن أسماء الشركات المنضمة لمؤشر "EGX35-LV" الجديد    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بالقاهرة الجديدة    صلاح أساسيًا.. سلوت يعلن تشكيل ليفربول لمواجهة يوكوهاما مارينوس وديًا    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 121.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وفاة الفنان لطفي لبيب عن عمر يناهز 77 عامًا    3 جثث لفتيات و12 مصاباً آخرين حصيلة انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    تجدد أزمة حارس باريس سان جيرمان    تعليم الفيوم تعلن عن مسابقة لشغل الوظائف القيادية من بين العاملين بها    "رعايتك في بيتك"، بدء تنفيذ مشروع الرعاية الصحية المنزلية    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    براتب 550 دينار .. العمل تعلن عن 4 وظائف في الأردن    محافظ أسوان يوجه بسرعة الإنتهاء من مبنى قسم الغسيل الكلوى بمستشفى كوم أمبو    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هل اجتمع الجنايني مع عبد القادر لإقناعه اللعب للزمالك؟    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    المجلس القومي للطفولة والأمومة: نؤكد التزامنا بحماية أطفالنا من كافة أشكال الاستغلال والانتهاك    وزارة الصحة تشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المناخ والصحة 2025 بالبرازيل    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    إصابة طفل تعرض لعقر كلب فى مدينة الشيخ زايد    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    أكاديمية العلوم الروسية: هزات ارتدادية قوية بعد زلزال كامشاتكا قد تستمر خلال الشهر المقبل    وزير الخارجية: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري وإسرائيل تغلق جانبه الفلسطيني    1000 طن مساعدات غذائية إلى غزة فى اليوم الرابع لقوافل "زاد العزة".. فيديو    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    هنا الزاهد: حسيت إني بعيش فيلم ريستارت بعد اللي حصل في مصر (فيديو)    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    «مش كل حريف أسطورة».. تعليق مثير من محمد العدل على تصريحات عمرو الجنايني بسبب شيكابالا    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    الدكتورة ميرفت السيد: مستشفيات الأمانة جاهزة لتطبيق التأمين الصحي الشامل فور اعتماد "Gahar"    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنية الدكتورة أروى
نشر في صوت البلد يوم 24 - 04 - 2020


( من حكايات زمن الكورونا)

على فضائية RT ARAB أحرص على متابعة بعض البرامج ، منها برنامج الإعلامي سلام مسافر( قصارى القول)... أعلن مسافر بأن حلقة اليوم مختلفة لأنها عن دكتورة تغني للكورونا..وهكذا ببراعة جذب انتباه المشاهدين..دكتورة تغني..وللكورونا؟!
وبابتسامة واسعة رحب بالدكتورة أروى الشاعر.. فدهشت وأنا اسمع الإسم..وأتأمل الوجه!
لا يمكن أن تكون إلاّ ابنة العميد محمد الشاعر، ولكن الشك داخلني. ربما تكون مصرية، أو أردنية، أو سورية..فعائلة الشاعر منتشرة في عدة أقطار عربية..خاصة في بلاد الشام.
اللهجة فلسطينية..والعينان..والأنف..والضحكة..لا شك أنها ابنة العميد الركن الدكتور محمد الشاعر..أول سفير لفلسطين في الاتحاد السوفييتي..أيام عز الاتحاد السوفييتي..ومنظمة التحرير الفلسطينية.
أصغيت..وتأملت الفيديو..الدكتورة هي كاتبة الكلمات، وهي التي تغني..وهي الملحنة لها..على البيانو..البيانو!
عدت بالذاكرة إلى دمشق في العام 1975.
في ذلك العام أُجريت انتخابات فرع الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في سورية..وكان مقر الفرع في شارع مرشد خاطر في الدور الثاني من بناية تقع على الشارع مباشرة.
مرشحو الفصائل تزاحموا وجرت الانتخابات..ففزت بأعلى الأصوات رغم أنني آنذاك خارج أي فصيل..وكان العميد مرشحا – وهو مؤلف لعدد من الكتب القيّمة- ففاز بأصوات عالية لعضوية أمانة الفرع.
اقترب مني الصديق فيصل حوراني وسألني: هل سترضى أن تكون رئيسا على العميد الشاعر؟!
جذبته من يده..وعبرنا زحمة الكتاب والصحفيين المحتشدين في الصالة الضيقة، واقتربت من العميد الشاعر ومددت يدي..فظن أنني أريد أن أُهنئه..فهززت يده، وقلت: مبروك سيادة العميد..أنت رئيس فرعنا..فرد بسرعة: لا..أنت..فأنت فزت بأعلى أصوات زملائك. رددت عليه: أنت تعرف أبي..صديقك..وهو رباني على الأصول..عندئذ تساءل العميد: ثم هناك رأي من فازوا، فأجبته بسرعة: استمزجت آراءهم جميعا..وهم معك رئيسا، فأنت بمثابة الأب...
بعد أيام دعانا العميد للعشاء في بيته في منطقة الجسر الأبيض..وعرّفنا على أسرته، وبعد العشاء اقترح أن نغني، فكشف لنا عن جانب آخر من شخصيته، فهو ليس الجنرال الذي يبدو قاسي الملامح، ولكنه الانسان المحب للغناء والموسيقى. أشار لبيانو في جانب من الصالون، وقال وهو يبتسم:
- أحضرته لتتعلم البنات والأبناء العزف والغناء، فبدون الموسيقى تبقى روح الإنسان جافة مجدبة...
وبدأت السهرة التي امتدت..والتي لا يمكن أن تنسى.
لا أذكر الآن من التي كانت تعزف على البيانو، ولكنني أتذكر العميد وهو يتكئ على طرف البيانو وينقر بأصابعه برشاقة توقيعات مرافقة..وهو وأم وفيق والعائلة يغنون..وينشدون الأناشيد الوطنية.
وجدتني أقول في نفسي: هي والله ابنة العميد الركن الدكتور محمد إبراهيم الشاعر...
ولأحسم الأمر بحثت عن حسابها على الفيس وكتبت لها رسالة فيها تحية لها..واستفسار، فردت بعد يومين رغم انشغالها في مواجهة الكورونا..برسالة أعتز بها، وذكرتني بسهراتنا في موسكو...
هنا أتوقف مستذكرا آخر عشاء في بيت سفير فلسطيني الدكتور محمد الشاعر، وأسرته..وكنا وفدا من كتاب وأدباء فلسطين، ولقد فوجئنا بدعوة العميد السفير لممثلات اتحاد نساء الاتحاد السوفييتي..تتقدمهن رئيسة الاتحاد، أول رائدة فضاء في العالم فالنتينا ترشكوفا..ووفد من اتحاد الكتاب السوفييت.
بعد التعارف دعانا العميد إلى مائدة العشاء، وكنا محاطين بكرم زوجته أم وفيق وأفراد الأسرة – باستثناء الدكتور وفيق الإبن البكر الطبيب في بلغاريا..والدكتورة وفيقة الطبيبة في بلغاريا، حيث انهيا دراستهما هناك، واختارا أن يعيشا في بلغاريا – وكانت المترجمة الشهيرة فلسطينيا وعربيا ..واسمها العربي ( ليلى) تترجم ببراعة وبسرعة وببهجة ومرح.
أشار العميد لي، وفاجأني بالطلب مني أن أحكي كلمة على العشاء...
ترددت بسبب المفاجأة ..وقلت بعد هنيهة تردد: بشرط يا سيادة العميد أن تشرعوا في تناول العشاء، وأحكي أنا على طريقة الحكائين العرب..محاولاً أن امتعكم ..وأسليكم...
فعلاً..نهضت، وتأملت وجوه الحضور، وحكيت لهم عن أحد أفراد عشيرتنا الذي أحب بنتا من عشيرة أخرى كان يلتقيها عند آبار الماء..ثم انتقلت إلى الحرب التي دارت بسبب ذلك الحب..واختطاف جدي لجدتي على فرسه..والانتقال بها إلى قريتنا..وكانت ليلى تترجم بسرعة متلقفة الكلام من فمي..وانتقلت إلى حكايات تذكرتها من ألف ليلة وليلة..وختمت بالحكي عن تلك الليلة التي سهر فيها أبي..وسهرني معه – وكان شيوعيا محبا للاتحاد السوفييتي..كما يعرف السيد العميد- وأنا وهو نعيش وحدنا لأن والدتي دفنت في فلسطين..ولحقت بها أختي الصغيرة..لا تحزنوا..أرجوكم واصلوا العشاء هنيئا مريئا..وفجأة لمعت نجمة زرقاء في الفضاء من جهة الشرق..كانت النجوم كثيرة..والسماء مقمرة، فربت أبي على ظهري وهمس لي: يا رشاد..أترى تلك النجمة الزرقاء المبهجة؟ هززت رأسي..فأضاف: تلك هي الرفيقة ترشكوفا..بنت يتيمة..رباها الحزب الشيوعي..وعلمها..وأطلقها للفضاء..أنظر.أنت يتيم..ولكنك يوما ستنطلق..وربما تزور الاتحاد السوفييتي فإن حدث هذا..والتقيت بالرفيقة ترشكوفا قل لها: والدي يسلم عليك..ويحب الاتحاد السوفييتي..وكل ناس الاتحاد السوفييتي. والآن..وقد استمتعتم بالعشاء..فقد جاء دوري أنا وليلى..لأنها انشغلت بالترجمة ولم تأكل شيئا. المرة القادمة سأحكي لكم عن شهرزاد التي ملأت حكاياتها الدنيا كلها. على فكرة ك قلائل هم الذين يعرفون أنني من سلالة تنتمي لها، ولذلك صرت كاتبا..وها أنا في موسكو..ومع نجمات مضيئة من نساء الاتحاد السوفييتي..ونجوم من شعراء وكتاب الاتحاد السوفييتي. والدي يسلم عليك يا رفيقة ترشكوفا..وعليكن يا سيدات الاتحاد السوفيتي..وعليكم يا كتاب وشعراء الاتحاد السوفييتي. أما أنت يا سيدة العميد السفير فسأنقل تحياتك أنت وأم وفيق وأسرتك إلى صديقك أبي رشاد..المشتاق لزيارة البلد الذي أحب...
كانت سهرة مدهشة، وعندما غادرنا بعد منتصف الليل مالت ترشكوفا على العميد ..فهز رأسه وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة واسعة وهو يهمس لي: تسأل الرفيقة ترشكوفا إن كنت ستكتب ما حكيته على العشاء..فوعدته، وبعد ثلاثة أسابيع وصلته مجلة ( نضال الشعب) الفلسطينية ..وعلى صفحتين في وسطها المقالة مزينة بصورة فالنتينا ترشكوفا...
الدكتورة أروى الشاعر استشارية قلب وداخلية..هي التي كتبت الأغنية التعليمية المرحة، ولحنتها..وغنتها، وأحسب أنها رائدة الغناء عن الكورونا..وبعدها استمعنا لأغان كثيرة لفنانين وفنانات يجمعهم الاحتراف والرغبة في الشهرة بركب الموجة:
من أغنية الدكتورة أروى:
هلكونا بالكورونا
دبحونا بالأخبار
شلّوا حركة العالم
بهستيريا الكورونا
اضحك كل معركورنة
وانسى هالكورونا
كل ثومة ومعها بصلة
وخدلك معهم ليمونا
روّق مزاجك يلاّ
خلّي المناعة تقوى
ابعد عن كل الزحمة
واقضي على الكورونا
النصائح في الأغنية التعليمية المرحة تنبه الناس جميعا إلى أهمية جهاز المناعة بعدم الخوف، وتناول ما يفيد الجسم في المقاومة، والابتعاد عن الزحمة..والبقاء في البيت.
الأغنية موجودة على حساب الدكتورة أروى محمد الشاعر..ومعها معلومات وافية عن تميزها كطبيبة..وعن حبها للفن..وعن تلحينها لأغنية الكورونا على البيانو..البيانو الذي سهرنا مع موسيقاه في بيت العميد في الجسر الأبيض..في دمشق الحبيبة
.من العزف عليه تلقنت الدكتورة أروى حب الفن..وأهمية الموسيقى في حياة البشر..والتواضع..فهي استشارية قلب وداخلية..وتعزف وتغني..وتحرص على حياة الناس..وتمرر لهم المعلومات الطبية بشئ من المرح...
رحم الله العميد الركن الدكتور محمد الشاعر..ورحم الله أم وفيق..من ربّيا الدكتورة أروى وأختاها وأخواها..و..آه على تلك الأيام.
( من حكايات زمن الكورونا)
على فضائية RT ARAB أحرص على متابعة بعض البرامج ، منها برنامج الإعلامي سلام مسافر( قصارى القول)... أعلن مسافر بأن حلقة اليوم مختلفة لأنها عن دكتورة تغني للكورونا..وهكذا ببراعة جذب انتباه المشاهدين..دكتورة تغني..وللكورونا؟!
وبابتسامة واسعة رحب بالدكتورة أروى الشاعر.. فدهشت وأنا اسمع الإسم..وأتأمل الوجه!
لا يمكن أن تكون إلاّ ابنة العميد محمد الشاعر، ولكن الشك داخلني. ربما تكون مصرية، أو أردنية، أو سورية..فعائلة الشاعر منتشرة في عدة أقطار عربية..خاصة في بلاد الشام.
اللهجة فلسطينية..والعينان..والأنف..والضحكة..لا شك أنها ابنة العميد الركن الدكتور محمد الشاعر..أول سفير لفلسطين في الاتحاد السوفييتي..أيام عز الاتحاد السوفييتي..ومنظمة التحرير الفلسطينية.
أصغيت..وتأملت الفيديو..الدكتورة هي كاتبة الكلمات، وهي التي تغني..وهي الملحنة لها..على البيانو..البيانو!
عدت بالذاكرة إلى دمشق في العام 1975.
في ذلك العام أُجريت انتخابات فرع الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في سورية..وكان مقر الفرع في شارع مرشد خاطر في الدور الثاني من بناية تقع على الشارع مباشرة.
مرشحو الفصائل تزاحموا وجرت الانتخابات..ففزت بأعلى الأصوات رغم أنني آنذاك خارج أي فصيل..وكان العميد مرشحا – وهو مؤلف لعدد من الكتب القيّمة- ففاز بأصوات عالية لعضوية أمانة الفرع.
اقترب مني الصديق فيصل حوراني وسألني: هل سترضى أن تكون رئيسا على العميد الشاعر؟!
جذبته من يده..وعبرنا زحمة الكتاب والصحفيين المحتشدين في الصالة الضيقة، واقتربت من العميد الشاعر ومددت يدي..فظن أنني أريد أن أُهنئه..فهززت يده، وقلت: مبروك سيادة العميد..أنت رئيس فرعنا..فرد بسرعة: لا..أنت..فأنت فزت بأعلى أصوات زملائك. رددت عليه: أنت تعرف أبي..صديقك..وهو رباني على الأصول..عندئذ تساءل العميد: ثم هناك رأي من فازوا، فأجبته بسرعة: استمزجت آراءهم جميعا..وهم معك رئيسا، فأنت بمثابة الأب...
بعد أيام دعانا العميد للعشاء في بيته في منطقة الجسر الأبيض..وعرّفنا على أسرته، وبعد العشاء اقترح أن نغني، فكشف لنا عن جانب آخر من شخصيته، فهو ليس الجنرال الذي يبدو قاسي الملامح، ولكنه الانسان المحب للغناء والموسيقى. أشار لبيانو في جانب من الصالون، وقال وهو يبتسم:
- أحضرته لتتعلم البنات والأبناء العزف والغناء، فبدون الموسيقى تبقى روح الإنسان جافة مجدبة...
وبدأت السهرة التي امتدت..والتي لا يمكن أن تنسى.
لا أذكر الآن من التي كانت تعزف على البيانو، ولكنني أتذكر العميد وهو يتكئ على طرف البيانو وينقر بأصابعه برشاقة توقيعات مرافقة..وهو وأم وفيق والعائلة يغنون..وينشدون الأناشيد الوطنية.
وجدتني أقول في نفسي: هي والله ابنة العميد الركن الدكتور محمد إبراهيم الشاعر...
ولأحسم الأمر بحثت عن حسابها على الفيس وكتبت لها رسالة فيها تحية لها..واستفسار، فردت بعد يومين رغم انشغالها في مواجهة الكورونا..برسالة أعتز بها، وذكرتني بسهراتنا في موسكو...
هنا أتوقف مستذكرا آخر عشاء في بيت سفير فلسطيني الدكتور محمد الشاعر، وأسرته..وكنا وفدا من كتاب وأدباء فلسطين، ولقد فوجئنا بدعوة العميد السفير لممثلات اتحاد نساء الاتحاد السوفييتي..تتقدمهن رئيسة الاتحاد، أول رائدة فضاء في العالم فالنتينا ترشكوفا..ووفد من اتحاد الكتاب السوفييت.
بعد التعارف دعانا العميد إلى مائدة العشاء، وكنا محاطين بكرم زوجته أم وفيق وأفراد الأسرة – باستثناء الدكتور وفيق الإبن البكر الطبيب في بلغاريا..والدكتورة وفيقة الطبيبة في بلغاريا، حيث انهيا دراستهما هناك، واختارا أن يعيشا في بلغاريا – وكانت المترجمة الشهيرة فلسطينيا وعربيا ..واسمها العربي ( ليلى) تترجم ببراعة وبسرعة وببهجة ومرح.
أشار العميد لي، وفاجأني بالطلب مني أن أحكي كلمة على العشاء...
ترددت بسبب المفاجأة ..وقلت بعد هنيهة تردد: بشرط يا سيادة العميد أن تشرعوا في تناول العشاء، وأحكي أنا على طريقة الحكائين العرب..محاولاً أن امتعكم ..وأسليكم...
فعلاً..نهضت، وتأملت وجوه الحضور، وحكيت لهم عن أحد أفراد عشيرتنا الذي أحب بنتا من عشيرة أخرى كان يلتقيها عند آبار الماء..ثم انتقلت إلى الحرب التي دارت بسبب ذلك الحب..واختطاف جدي لجدتي على فرسه..والانتقال بها إلى قريتنا..وكانت ليلى تترجم بسرعة متلقفة الكلام من فمي..وانتقلت إلى حكايات تذكرتها من ألف ليلة وليلة..وختمت بالحكي عن تلك الليلة التي سهر فيها أبي..وسهرني معه – وكان شيوعيا محبا للاتحاد السوفييتي..كما يعرف السيد العميد- وأنا وهو نعيش وحدنا لأن والدتي دفنت في فلسطين..ولحقت بها أختي الصغيرة..لا تحزنوا..أرجوكم واصلوا العشاء هنيئا مريئا..وفجأة لمعت نجمة زرقاء في الفضاء من جهة الشرق..كانت النجوم كثيرة..والسماء مقمرة، فربت أبي على ظهري وهمس لي: يا رشاد..أترى تلك النجمة الزرقاء المبهجة؟ هززت رأسي..فأضاف: تلك هي الرفيقة ترشكوفا..بنت يتيمة..رباها الحزب الشيوعي..وعلمها..وأطلقها للفضاء..أنظر.أنت يتيم..ولكنك يوما ستنطلق..وربما تزور الاتحاد السوفييتي فإن حدث هذا..والتقيت بالرفيقة ترشكوفا قل لها: والدي يسلم عليك..ويحب الاتحاد السوفييتي..وكل ناس الاتحاد السوفييتي. والآن..وقد استمتعتم بالعشاء..فقد جاء دوري أنا وليلى..لأنها انشغلت بالترجمة ولم تأكل شيئا. المرة القادمة سأحكي لكم عن شهرزاد التي ملأت حكاياتها الدنيا كلها. على فكرة ك قلائل هم الذين يعرفون أنني من سلالة تنتمي لها، ولذلك صرت كاتبا..وها أنا في موسكو..ومع نجمات مضيئة من نساء الاتحاد السوفييتي..ونجوم من شعراء وكتاب الاتحاد السوفييتي. والدي يسلم عليك يا رفيقة ترشكوفا..وعليكن يا سيدات الاتحاد السوفيتي..وعليكم يا كتاب وشعراء الاتحاد السوفييتي. أما أنت يا سيدة العميد السفير فسأنقل تحياتك أنت وأم وفيق وأسرتك إلى صديقك أبي رشاد..المشتاق لزيارة البلد الذي أحب...
كانت سهرة مدهشة، وعندما غادرنا بعد منتصف الليل مالت ترشكوفا على العميد ..فهز رأسه وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة واسعة وهو يهمس لي: تسأل الرفيقة ترشكوفا إن كنت ستكتب ما حكيته على العشاء..فوعدته، وبعد ثلاثة أسابيع وصلته مجلة ( نضال الشعب) الفلسطينية ..وعلى صفحتين في وسطها المقالة مزينة بصورة فالنتينا ترشكوفا...
الدكتورة أروى الشاعر استشارية قلب وداخلية..هي التي كتبت الأغنية التعليمية المرحة، ولحنتها..وغنتها، وأحسب أنها رائدة الغناء عن الكورونا..وبعدها استمعنا لأغان كثيرة لفنانين وفنانات يجمعهم الاحتراف والرغبة في الشهرة بركب الموجة:
من أغنية الدكتورة أروى:
هلكونا بالكورونا
دبحونا بالأخبار
شلّوا حركة العالم
بهستيريا الكورونا
اضحك كل معركورنة
وانسى هالكورونا
كل ثومة ومعها بصلة
وخدلك معهم ليمونا
روّق مزاجك يلاّ
خلّي المناعة تقوى
ابعد عن كل الزحمة
واقضي على الكورونا
النصائح في الأغنية التعليمية المرحة تنبه الناس جميعا إلى أهمية جهاز المناعة بعدم الخوف، وتناول ما يفيد الجسم في المقاومة، والابتعاد عن الزحمة..والبقاء في البيت.
الأغنية موجودة على حساب الدكتورة أروى محمد الشاعر..ومعها معلومات وافية عن تميزها كطبيبة..وعن حبها للفن..وعن تلحينها لأغنية الكورونا على البيانو..البيانو الذي سهرنا مع موسيقاه في بيت العميد في الجسر الأبيض..في دمشق الحبيبة
.من العزف عليه تلقنت الدكتورة أروى حب الفن..وأهمية الموسيقى في حياة البشر..والتواضع..فهي استشارية قلب وداخلية..وتعزف وتغني..وتحرص على حياة الناس..وتمرر لهم المعلومات الطبية بشئ من المرح...
رحم الله العميد الركن الدكتور محمد الشاعر..ورحم الله أم وفيق..من ربّيا الدكتورة أروى وأختاها وأخواها..و..آه على تلك الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.