وزير الدفاع: مصر تقوم بدور مهم وفعال لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ    بعد الأحداث الأخيرة.. وزارة الهجرة تطلق رابط تسجيل للطلاب المصريين في قيرغيزستان    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    توريد 76.6 ٪ من المستهدف للقمح المحلي بالإسماعيلية.. 48 ألفًا و137 طنا    التنمية المحلية: طرح إدارة وتشغيل عدد من مصانع تدوير المخلفات الصلبة للقطاع الخاص    مواعيد وأماكن قطع المياه في عدة مناطق غرب الإسكندرية اليوم    «عاشور» يشارك في المنتدى العالمي للتعليم بلندن بحضور 122 من وزراء الدول    «قانونية مستقبل وطن» ترد على CNN: مصر ستواصل دعم القضية الفلسطينية    عضو ب«النواب»: إغلاق إسرائيل معبر رفح انتهاك صارخ لحقوق الإنسان    خلال استقبال هنية.. خامنئي: القضاء على إسرائيل أمر ممكن    بعد الاعتراف بفلسطين.. الاحتلال الإسرائيلي يوجه رسالة توبيخ للنرويج وأيرلندا وإسبانيا    خسائر ب8 ملايين دولار.. أهالي جنين يتفقدون آثار العدوان الإسرائيلي على المدينة    تريزيجيه يكشف موقفه من اللعب للزمالك.. ورأيه في تعاقد الأهلي مع إمام عاشور    غيابات بالجملة في قائمة الأهلي قبل مواجهة الترجي    من الأهرامات لأسد قصر النيل.. دوري أبطال إفريقيا يتجول في شوارع القاهرة    تجديد حبس سائق ميكروباص معدية أبو غالب وعاملين بتهمة قتل 17 فتاة بالخطأ    «الداخلية»: ضبط 339 قضية مخدرات و187 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    ضبط 39 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل زوج شقيقتهم بالفيوم للشهر المقبل    أول تعليق من مي سليم بعد إصابتها في حادث سير: «كنت هموت»    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    مستشار الرئيس للصحة: نستهدف تصدير البلازما للخارج للحصول على العملة الصعبة    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    وفاة عصام ابو ريدة شقيق رئيس اتحاد الكرة السابق    أسعار البقوليات اليوم الخميس 23-5-2024 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    تموين الإسماعيلية تضبط 45 مخالفة للمخابز السياحية والأفرنجية والمحال والأسواق العامة    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    صباح الكورة.. صدمة في الزمالك ودور ممدوح عباس في الأزمة الكبرى.. لبيب يكشف موقفه من ضم حجازي والشناوي يتدخل لحل أزمة نجم الأهلي وحسام حسن    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يتابع استعدادات بدء أعمال تصحيح امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم فعالياته بحضور رئيسته الشرفية إلهام شاهين    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    توريد 211 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    انتظام أعمال الامتحانات بكلية أصول الدين بطنطا والشريعة والقانون بتفهنا الأشراف    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث مصر وتونس علي "كفة" الميزان الثقافي
نشر في صوت البلد يوم 21 - 02 - 2011

ضيف يحل علي البلدان بلا استئذان، وينفجر في وجه النظام أيضًا بلا استئذان، يقوم بشرارة بسيطة ينفجر بعدها فيحرر الإنسان.. إنها ثورات الشعوب وليدة القمع والحرمان.. أطاحت بأنظمة وحكومات وبقي علي أرضها فقط من عاني من الحرمان.
لم يصدق أحد - أيا كان موقعه الاجتماعي - حالة السعار التي أصابت شوارع الوطن العربي، واشتعلت بشباب وصمهم البعض بالتافه، و"شباب الإنترنت"، أو شباب "الفيس بوك"، والذين استطاعوا أن يكسروا حاجز الصمت، معلنين أنهم "فاض بهم الكيل" أمام مختلف أشكال الظلم والاستبداد وقمع الحريات والتعسف في اتخاذ الإجراءات، وغوغائية تنفيذ القوانين وتطبيقها علي أرض الواقع.
لم يكن أحد يصدق أن يحرق شاب تونسي نفسه بسبب ضيق فرص الحياة الكريمة، وإهانة الأمن، أو ذاك الذي حرق نفسه أمام مجلس الشعب بالقاهرة، لم يكن أحد يصدق أن مثل تلك الأحداث ستكون "الشرارة" التي تضرم النار في شوارع القاهرة وتونس؛ مطالبة برحيل النظام ومحاكمة المتسببين في انهيار المنظومة المجتمعية والوطنية.. رافعين شعار "البلد دي بلدنا كلنا.. موش بلدكم لوحدكم".
ففي تونس، اكتظت الشوارع بآلاف المتظاهرين أمام قصر الرئيس زين العابدين بن علي، هاتفين بقوة وحسم "النشيد الوطني التونسي"، وفجأة صمت النشيد الوطني لتعلو أصوات طلقات النيران، والتي سقط علي أثرها ستون شهيدا، وعدد لا بأس به من الجرحي، وراح معتقلون في مواجهات مع جنود أمن لا يحسد أحدهم علي قسوته،والمشهد ذاته، (علي طريقة الكابي.. باست)، تكرر علي أرض ميدان التحرير بدأت بتجمع آلاف المتظاهرين؛ منددة بالنظام الحالي ومطالبة برحيله كلية "من أصغره إلي رأسه"، لتتوالي الأيام وتشتعل نيران الغضب بسرعة - لم تكن متوقعة علي الإطلاق - وتظهر مسيرات مليونية كلها اتفقت علي إسقاط النظام، بل إنها اتفقت علي إسقاط رأس "النظام" الرئيس مبارك.. ووسط الاحتجاجات والمظاهرات انطلقت طلقات النيران (الحية) مدوية، ليتكرر المشهد برمته علي أرض الكنانة كما حدث علي أرض الدولة الخضراء.
ولم تكن المظاهرات التي استمرت لأسابيع؛ لسبب هين؛ فنظام زين العابدين بن علي (في تونس) دام لأكثر من عقدين، ونظام نظيره المصري (مبارك) دام لأكثر من ثلاثة عقود، وكلاهما عُرف بالتعامل القمعي مع المواطنين وحرياتهم عبر ذراع الأمن، وتمكين فئة منتفعة من مقدرات الشعب وقوته، وحرياته؛ فكان الفقر والبطالة من نصيب معظم شرائحه، إضافة إلي حرص النظامين علي كسب ولاء مؤسسات الصحافة، والسياسة، والفتوي، والأحزاب ليقف الشعب وحيدا في مطالبه!
ولكن يبدو أن المتظاهرين - المصريين والتونسيين - لم يقتنعوا بمحاولات رؤسائهم لامتصاص ثورتهم، كما لم يقنعوا بالوعود الرنانة للإصلاح؛ حتي أصبح مطلبهم الأوحد والأول هو "رحيل رأس النظام نفسه"؛ مما اضطر بن علي للإذعان وطار لا يعرف وجهة؛ تاركا مقعد الرئيس شاغرا، حتي حصل علي حق اللجوء من السعودية، ولكن الرئيس مبارك رغم أنه سافر إلي شرم الشيخ إلا أنه تارك مقعده الرئاسي للقوات المسلحة ليضمن بذلك استقرار البلاد.
ومن الملاحظ والمدهش خلال تظاهرات تونس، ما ردده المتظاهرون التونسيون في مشهد الحرية من كلمات للشاعر أبو القاسم الشابي: (إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلي.. ولا بد للقيد أن ينكسر).. وفي المشهد المصري خرجت العديد من القصائد المؤيدة لمطالب الشباب، والهاتفة ضد النظام؛ مما يعني وجود حراك إبداعي لدي الشعبين مصدره نار التظاهرات، التي أحرقت قلوبهم لسنوات وسنوات.. "صوت البلد" التقت عددًا من المثقفين والشعراء؛ لاستجلاء الصور الواضحة حول الأحداث المصرية والتونسية، وكيف رآها المثقف بعينه الإبداعية.
ويشير د. عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام)، إلي أن الشارع العربي ككل بات يتبادل التهنئة، وكأن الثورة لم تكن في مصر، أو تونس وحديهما، بل امتدت لتشمل بقية البلدان العربية.. وأوضح: وهذا بالطبع يعكس أشواق التغيير التي تستبد بأفئدة المواطن العربي عمومًا، ومواطني البلاد التي شهدت التظاهرات علي وجه الخصوص، فكلهم في الاستبداد والجمود واحد.
وأضاف (أبو همام): كل هذه الثورات كان متوقعًا لها موعد انفجار، نظرًا إلي مقدماتها، والتي تمثلت في: غياب العدالة الاجتماعية، ووجود نظام يعادي الأحلام، ويكره الطموح المشروع؛ كل هذا كان لابد أن يؤدي إلي ما شاهدناه في مصر وتونس.. وقال متعجبًا: "وكأن هذا الشاب الذي أحرق نفسه أمام مجلس الشعب، وهذا الشاب البوعزيزي؛ قد رفعا الغطاء عن إناء ظل يغلي فوق النار لأكثر من ربع قرن من الزمان فانفجر في وجه النظام".
وشاركه الرأي د. محمد عبد اللطيف حماسة عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة؛ قائلًا: إن كلا الشعبين انتفض طلبا للحرية، والخبز، وفرص العمل، إضافة إلي إنهاء الفساد الضارب في جسد البلاد، واستطاع شباب ميدان التحرير كما أجبر أبطال انتفاضة تونس الرئيس علي الرضوخ لمطالبهم - والذي كان مجرد التفكير فيه ضربًا من الخيال - أن يجبروا الرئيس مبارك علي ترك منصبه الرئاسي.. ولكنه أبدي قلقه من تداعيات ما حدث.. متمنيا السلامة لشعب مصر أجمع.
عاقدًا مقارنة بين حال البلدين؛ بقوله: هناك تمت الإطاحة بوزير الداخلية وعدد من رءوس الحكم وسحب توصيفاتهم بحق الثائرين، وهنا في مصر تمت تلك التعديلات نزولًا علي رغبة المحتجين ورحيل الرئيس مبارك.. واختتم كلامه قاءلًا: آمل ألا نشهد فوضي وتاعيات سلبية علي أرض مصر.
وقال الشاعر حلمي سالم عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة: الأحداث المصرية والتونسية، تداعت علي نحو أسرع مما توقع له أكثر المتفائلين؛ حتي جاء الانهيار مفاجئًا، ومدويا؛ فوجدنا أنفسنا جميعًا أمام ما يمكن أن نطلق عليه "انهيار سور برلين العربي".. وفيما يتعلق بمخاوف البعض من سرقة مكاسب الثورة لصالح منتفعين، أشار إلي أنها بالفعل حقيقة؛ خاصة في ظل ما يشهده الشارع المصري الآن من عمليات امتطاء أو سطو صامت علي ثورة الشعب، وليس أدل علي هذا مما حدث في المشهد التونسي من تنصيب الوزير الأول السيد محمد الغنوشي نفسه، رئيسا مؤقتا للبلاد؛ مما فاقم هناك - وهنا كذلك - مخاوف من اختطاف الثورة أو سرقة نجاحاتها.
د. محمد عليوة أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة، يقول: إن تونس كانت دائما من أهم مراكز الحضارة في العالم الإسلامي؛ وشعبها متحضر يعرف قيمة الحرية والتسامح أيضا، ويملك مثقفين مستواهم الفكري عالٍ.. وهذا ما ينطبق علي الشارع، والوضع العام في مصر؛ ناهيك عن أن تونس أول من أهدت للعالم العربي فكرة الدستور، وكانت بحكم موقعها الجغرافي من أكثر الدول العربية معرفة بقيم الثورة، والمساواة، والحرية، فقد استطاعت بثورة شعبها أيضا أن تطرد المحتل الفرنسي 1956.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.