قال الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الإسراء/82) ، وقال تعالى أيضًا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(يونس/57) فيتعذى القلب من الإيمان والقرآن الكريم بما يزكيه ويقويه ، وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح ، فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغذية المصلحة له والحمية عما يضره ، فلا ينمو إلا بإعطائه ما ينفعه ومنعه ما يضره ، فكذلك القلب لا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك ، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من خلال القرآن الكريم ، وإذا وصل إلى شيء من غيره فهو نزر لا يحصل به تمام المقصود، وكذلك الزرع لا يتم إلا بهذين الأمرين ، فحينئذ يقال: زكا الزرع وكمل فهناك العديد من أمراض القلوب ودركاتها في القرآن الكريم ونستعرض بعض منها : (1)آثام القلب: وقد نسَب اللهُ عز وجل الإثم إلى القلب، فقال عز وجل: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [البقرة: 283]، فالإثم جامعٌ لمطلق الذنب الذي يتدرَّج فيه القلب، من عموم المعاصي صغائر وكبائر، حتى يَهْوِيَ به إلى الشِّرك الأكبر، فيختم أو يطبع عليه، وقد أوضحها ابن القيم مُسلسَلة، فقال: "وأول ما يطرق القلبَ الخطرةُ، فإن دفعها استراح مما بعدها، وإن لم يدفعها قَوِيَت، فصارت وسوسة، فكان دفعها أصعبَ، فإن بادر ودفَعَها وإلا قويت وصارت شهوة، فإن عالجها وإلا صارت إرادة، فإن عالجها وإلا صارت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذه الحال، لم يمكن دفعُها، واقترن بها الفعل ولا بد". (2) صَغْو القلوب: وقد وردت هذه المادَّة مرتين في القرآن الكريم، بمعنى الميل والركون: ارتبطت الأولى بالفؤاد كما في قول الله عز وجل: ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ﴾[الأنعام: 113]. والثانية بالقلب في قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [التحريم: 4]؛ يعني أن القلب حاسَّة قابلة للانحرافِ ما لم تجد عاصمًا يكبحها. (3) زيغ القلب: والزَّيغُ مرضٌ من أمراض القلب التي بدأَتْ في طريق الانحدار، وهو بمعنى التمايل؛ يعني الميل عن الاستقامة، وقد ذُكِرت المادة في ثمان مواضع من كتاب الله تعالى، ارتبطت بالقلب في أربعة؛ منها مثلًا: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران: 8]؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((يا أم سلمة، ما من آدمي إلا وقلبُه بين إصبعينِ من أصابع الله عز وجل، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ))[10]. (4) غلُّ القلب: وقد وردت هذه المادة في القرآن الكريم، في مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]. وورد الغلُّ بمعنى الغشِّ، والعداوة، والضغن، والحقد، والحسد، والدغل، والنفاق، والحقد الكامن، والخيانة والشر، هذه أمراضُ الصدور عندما تُمكَّن تتخلل القلب بلطف، حتى تتمكَّن منه وتُصبِح صفة يوصف بها القلب؛ ولذا ورد في الحديث: ((ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مسلم أبدًا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإنَّ دعوتهم تحيط من ورائهم))[11]. (5) القلب الغليظ: والغلظ مَرَض آخر من أمراض القلوب، ذكره الله في محكم بيانِه، منزِّهًا عنه رسولَه صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، والغلظة ضدُّ الرقة في الخلق والطبع والفعل والمنطق والعيش، فهي قسوة وشدة واستطالة؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدَّادِينَ، عند أصول أذناب الإبل))[12]. (6) إباء القلب: إباء القلب عن الإذعان لِمَا أمر الله مرضٌ يُؤدِّي إلى الكفر أو الفسق، نسَبَه الله عز وجل إلى القلب في قوله تعالى عن المشركين: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 8]. (7) نفاق القلب: النفاق أعمُّ أمراض القلب وأكثرها دائرة، يزيد وينقص، فإن زاد كان الموت لا محالة، وإلا فالمرض، وقد سماه الله مرضًا، كما في قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، وقد وردت هذه المادة بأوجه مختلفة في القرآن الكريم، وخاصة بمعنى النفاق، تكررت بمشتقاتها أكثر من ثلاثين مرة. فينبغي إذن للعبد أن يدرس علامات مرض القلب وعلامات صحة القلب حتى يتأكد من حالة قلبه ، فإن كان قلبه مريضًا سعى في علاجه قبل أن يلقى الله تعالى بقلبٍ مريض فلا يؤذن له في دخول الجنة ، وإن كان سليمًا حافظ على سلامته حتى يموت على ذلك ، وإن كان ميتًا والعياذ بالله تعالى علم أن الله عز وجل يحيي الموتى ، يقول سبحانه : (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(الحديد/17) . قال الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الإسراء/82) ، وقال تعالى أيضًا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(يونس/57) فيتعذى القلب من الإيمان والقرآن الكريم بما يزكيه ويقويه ، وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح ، فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغذية المصلحة له والحمية عما يضره ، فلا ينمو إلا بإعطائه ما ينفعه ومنعه ما يضره ، فكذلك القلب لا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك ، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من خلال القرآن الكريم ، وإذا وصل إلى شيء من غيره فهو نزر لا يحصل به تمام المقصود، وكذلك الزرع لا يتم إلا بهذين الأمرين ، فحينئذ يقال: زكا الزرع وكمل فهناك العديد من أمراض القلوب ودركاتها في القرآن الكريم ونستعرض بعض منها : (1)آثام القلب: وقد نسَب اللهُ عز وجل الإثم إلى القلب، فقال عز وجل: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [البقرة: 283]، فالإثم جامعٌ لمطلق الذنب الذي يتدرَّج فيه القلب، من عموم المعاصي صغائر وكبائر، حتى يَهْوِيَ به إلى الشِّرك الأكبر، فيختم أو يطبع عليه، وقد أوضحها ابن القيم مُسلسَلة، فقال: "وأول ما يطرق القلبَ الخطرةُ، فإن دفعها استراح مما بعدها، وإن لم يدفعها قَوِيَت، فصارت وسوسة، فكان دفعها أصعبَ، فإن بادر ودفَعَها وإلا قويت وصارت شهوة، فإن عالجها وإلا صارت إرادة، فإن عالجها وإلا صارت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذه الحال، لم يمكن دفعُها، واقترن بها الفعل ولا بد". (2) صَغْو القلوب: وقد وردت هذه المادَّة مرتين في القرآن الكريم، بمعنى الميل والركون: ارتبطت الأولى بالفؤاد كما في قول الله عز وجل: ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ﴾[الأنعام: 113]. والثانية بالقلب في قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [التحريم: 4]؛ يعني أن القلب حاسَّة قابلة للانحرافِ ما لم تجد عاصمًا يكبحها. (3) زيغ القلب: والزَّيغُ مرضٌ من أمراض القلب التي بدأَتْ في طريق الانحدار، وهو بمعنى التمايل؛ يعني الميل عن الاستقامة، وقد ذُكِرت المادة في ثمان مواضع من كتاب الله تعالى، ارتبطت بالقلب في أربعة؛ منها مثلًا: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران: 8]؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((يا أم سلمة، ما من آدمي إلا وقلبُه بين إصبعينِ من أصابع الله عز وجل، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ))[10]. (4) غلُّ القلب: وقد وردت هذه المادة في القرآن الكريم، في مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]. وورد الغلُّ بمعنى الغشِّ، والعداوة، والضغن، والحقد، والحسد، والدغل، والنفاق، والحقد الكامن، والخيانة والشر، هذه أمراضُ الصدور عندما تُمكَّن تتخلل القلب بلطف، حتى تتمكَّن منه وتُصبِح صفة يوصف بها القلب؛ ولذا ورد في الحديث: ((ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مسلم أبدًا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإنَّ دعوتهم تحيط من ورائهم))[11]. (5) القلب الغليظ: والغلظ مَرَض آخر من أمراض القلوب، ذكره الله في محكم بيانِه، منزِّهًا عنه رسولَه صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، والغلظة ضدُّ الرقة في الخلق والطبع والفعل والمنطق والعيش، فهي قسوة وشدة واستطالة؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدَّادِينَ، عند أصول أذناب الإبل))[12]. (6) إباء القلب: إباء القلب عن الإذعان لِمَا أمر الله مرضٌ يُؤدِّي إلى الكفر أو الفسق، نسَبَه الله عز وجل إلى القلب في قوله تعالى عن المشركين: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 8]. (7) نفاق القلب: النفاق أعمُّ أمراض القلب وأكثرها دائرة، يزيد وينقص، فإن زاد كان الموت لا محالة، وإلا فالمرض، وقد سماه الله مرضًا، كما في قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، وقد وردت هذه المادة بأوجه مختلفة في القرآن الكريم، وخاصة بمعنى النفاق، تكررت بمشتقاتها أكثر من ثلاثين مرة. فينبغي إذن للعبد أن يدرس علامات مرض القلب وعلامات صحة القلب حتى يتأكد من حالة قلبه ، فإن كان قلبه مريضًا سعى في علاجه قبل أن يلقى الله تعالى بقلبٍ مريض فلا يؤذن له في دخول الجنة ، وإن كان سليمًا حافظ على سلامته حتى يموت على ذلك ، وإن كان ميتًا والعياذ بالله تعالى علم أن الله عز وجل يحيي الموتى ، يقول سبحانه : (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(الحديد/17) .