بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    الولايات المتحدة تصادر ناقلة نفط ثانية قبالة فنزويلا وسط تصاعد الضغوط على كراكاس    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    مبابي: سعيد بمعادلة رقم قدوتي رونالدو مع ريال مدريد    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    أميرة الإيقاع نسمة عبد العزيز تشعل مسرح أوبرا الإسكندرية بحفل فني مميز    «كتاب جدة» يقرأ ملامح الفنون السعودية المعاصرة    «القصص» ل أمير المصرى يفوز بالتانيت الذهبى كأفضل فيلم فى مهرجان قرطاج السينمائى    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    14 توصية لدعم وتعزيز صناعة الغذاء في مصر    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    الثالث تواليا.. يوفنتوس ينتصر على روما ويقترب من المربع الذهبي    الدفاع المدني يرفع ركام شقة منهارة وإصابة طالب في العجوزة    وزارة الداخلية تنفذ أكثر من 60 ألف حكم قضائي في حملات أمنية مكثفة    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    رئيس البرازيل: أي تدخل أمريكي في فنزويلا سيكون كارثيًا    مجلس القضاء الأعلى العراقي: لا يمكن تأجيل أو تمديد جلسة انتخاب الرئاسات الثلاث    محمد صبحي عن فيلم «الست»: أم كلثوم ليست ملاكا لكنها رمز.. اهتموا بالفن ولا تنبشوا في السلوكيات الشخصية    آية عبد الرحمن: مصر أرض انغرست فيها جذور الترتيل وأثمرت أصواتا وصلت لشتى بقاع الأرض    المؤتمرات الدولية.. ركيزة الحوار البناء والشراكات الاقتصادية بين الدول    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مقتل 5 متهمين بترويج المخدرات بعد ساعتين من تبادل إطلاق النار مع الأمن في أسوان    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    وزير البترول: لدينا 13 شركة تعمل بمجال استكشاف المعادن والذهب.. ونحتاج إلى 200 مثلهم    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    زعم أن أخاه يسيء معاملته.. تفاصيل واقعة إشعال شقيق ناصر البرنس النيران في نفسه بالشيخ زايد    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    مباراة الزمالك وحرس الحدود اليوم والقنوات الناقلة في كأس عاصمة مصر 2025    «المنشاوي» يستقبل أسامة الأزهري وزير الأوقاف بجامعة أسيوط    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان و السقوط خارج التاريخ
نشر في صوت البلد يوم 25 - 12 - 2020

عمليةُ السُّقوط خارج التاريخ أكبر خطر على مركزية الإنسان في نظام المجتمع ومنظومة الحضارة ، لأن هذه العملية تعني أنَّ الإنسان دخل في الانتحار التدريجي لعدم وجود أرضية صُلبة يقف عليها ، ومساحة إبداعية يتحرَّك فيها ، والمجتمع دخل في المَوت البطيء لعدم وجود شرعية لأحلام الحاضر ومشروعية لآمال المُستقبل ، والحضارة دخلت في اليأس العنيف لعدم وجود ثقافة حُرَّة ومُتحرِّرة مِن الخَوف والوَهْم ، وابتكارات تكنولوجية صديقة للإنسان والبيئة والمناخ .
1
التفاعلُ الرمزي بين الإنسان والتاريخ يَعكس أهميةَ التواصل بين الذات والإطار الحاضن لها ، وبما أن الذات لا تَنشأ في الفراغ ، ولا تَنمو في العدم ، فمن الطبيعي أن تبحث الذات عن بيئة مُناسبة للإبداع ، تَكون كالتُّربة الخِصبة بالنِّسبة للوردة . ولكن الإشكالية أنَّ الإنسان يَنبهر بالوردة ، ويُركِّز في قَطْفها ، ويَنسى الأشواكَ التي تُحيط بها ، وهذه العملية الخطيرة تُشبِه الانبهارَ بالتاريخ ، والتَّركيز في الحَدَث ، ونِسيان الدوافع الخَفِيَّة التي تقف خلف صناعة الحَدَث ، وتعمل على تَوجيهه بشكل مُغرِض ، اعتمادًا على الأهواء الذاتية والمصالح الشخصية . وكما أنَّه لا تُوجد فائدة مِن عطر الوردة وجَمَالها ، إذا كانت سَامَّةً وقاتلةً ، كذلك لا تُوجد فائدة مِن رُومانسية التاريخ ورَوعته ، إذا كان قائمًا على حضارة القتل ، واستغلال القويِّ للضعيف .
2
عندما يُدرِك الإنسانُ دَوْرَه المركزي في الأنساق التاريخية ، باعتباره فاعلًا لها، ومُنفعلًا بها، سيُدرِك طبيعة العِلَّة والمَعلول في التاريخ واللغة ، فالعِلَّةُ هي قُوَّةُ الإنسانِ الفاعلةُ في تراكيب التاريخ وبُنى اللغة ، والمُؤثِّرةُ في الظواهر الاجتماعية المُتوازنة رُوحًا ومَادَّةً ، والمُعاشة مَعنًى ومَبنًى . والمَعلولُ هو الأثر الاجتماعي المُترتِّب على العِلَّة ( قُوَّة الإنسان الفاعلة ) ، والناتج عنها . وهذا الترابطُ المصيري بين السَّبب الإنساني والنتيجة الاجتماعية ، يعني أنَّ الإنسان هو قائد حركة التاريخ ، والقادر على إيجاد علاقة شرعية بين التاريخ واللغة ، وإحداث توازن منطقي بينهما ، مِن أجل تَوظيف التاريخ لخدمة الأبعاد اللغوية الرمزية الحاملة لمشروع الحضارة الرحيمة، وتوظيفِ اللغة لخدمة المفاهيم التاريخية الوجودية الحاملة لشرعية الظواهر الاجتماعية الإيجابية .
3
تُشكِّل عمليةُ السُّقوط خارج التاريخ أكبر خطر على مركزية الإنسان في نظام المجتمع ومنظومة الحضارة ، لأن هذه العملية تعني أنَّ الإنسان دخل في الانتحار التدريجي لعدم وجود أرضية صُلبة يقف عليها ، ومساحة إبداعية يتحرَّك فيها ، والمجتمع دخل في المَوت البطيء لعدم وجود شرعية لأحلام الحاضر ومشروعية لآمال المُستقبل ، والحضارة دخلت في اليأس العنيف لعدم وجود ثقافة حُرَّة ومُتحرِّرة مِن الخَوف والوَهْم ، وابتكارات تكنولوجية صديقة للإنسان والبيئة والمناخ . وفقدان هذه المسارات الثلاثة ( الإنسان والمجتمع والحضارة ) للأمل والشَّغَف والرُّوح ، يَدفع البعض إلى استخدام الوسائل العنيفة للتَّعبير ، لشُعوره بالعجز التام وخسارة الأحلام وغياب الضَّوء في نهاية النَّفَق . وإذا حُشر الإنسانُ في الزاوية الضَّيقة ، وأيقنَ أنَّه وصل إلى طريق مَسدود ، وأنَّه لَم يَعُدْ هُناك ما يَخسره ، فَسَوْفَ يَرمي إنسانيته وراء ظَهْره ، ويتحوَّل إلى وحش كاسر ضِد أخيه الإنسان ، ويُحوِّل التاريخَ مِن منظومة إنسانية راقية إلى مَنظومة عُقَد نَفْسِيَّة مُركَّبة ، قائمة على الصِّراع والصِّدام، والشُّعور بالظُّلم ، وثنائية الضحية والجلاد ، واستغلال القويِّ للضعيف ، وابتزاز مَن يَملِك لِمَن لا يَملِك ، وحُب الانتقام والأخذ بالثأر . وعِندئذ ، سيعمل الإنسانُ جاهدًا لتحطيم المُنجَزات الحضارية التَّراكمية ، لقناعته بعدم وُجود مكان له في الحضارة ، وأنَّه خارج اللعبة السياسية العالمية ، وأنَّه مُجرَّد مُتفرِّج على اللاعبين بمساره ومصيره . وهذه المشكلةُ الخطيرة تَدعو إلى ضرورة حماية الإنسان مِن نَفْسه ، وحماية المجتمع مِن الإنسان ، وحماية الحضارة مِن الإنسان والمجتمع معًا . وهذه الحمايةُ الشاملةُ لا تتحقَّق إلا بجَعْلِ الإنسان مُشَارِكًا في بناء نَفْسه ، وتَطويرِ مُجتمعه المحلي وحضارته العالمية ، وجَعْلِ الجوهر الإنساني مَوضوعًا للتاريخ ، وبذلك يُصبح التاريخُ حُلْمًا إبداعيًّا مُعاشًا باستمرار ، وبارقة أمل ، ونافذة على المُستقبل المُشرق ، ولَيس لَعنةً على الإنسان ، وتَهديدًا لوجوده ، وتَدميرًا لأحلامه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.