بعد صدور الأحكام الأخيرة في قضية مذبحة بورسعيد في الأول من فبراير الأسود حيث أريقت دماء شباب أراد المتعة و الجمال من اللعبة الشعبية الأولى فإذ بأسلحة بيضاء و ثقيلة تكون كابوسًا مفزعًا يحول المتعة و الجمال إلى ملحمة من الدماء و البكاء و يبدأ صراعًا جديدًا بين أبناء الوطن تحت راية العنصرية التي لم تكن موجودةً بين أبناء هذا الوطن حيث بدأت العنصرية بين المحافظات و الأقاليم مما يدعو إلى التشرذم و التقسيم لنرى أنفسنا في مرآة الأمم أو التاريخ نلحق بمصائر من سبقنا من الشعوب في دائرة التقسيم تحت وهم النعرات القومية و العنصرية. اشتعلت نيران الغضب في بورسعيد بعد صدور الأحكام ضد المتهمين في قضية فبراير الأسود لأن ما حدث يعلن القطيعة للمدينة داخليًا و خارجيًا فكان الغضب المكتوم يؤجج نفسه في الشوارع و تُطلق صيحات تتهم العاصمة بالتعنت ضد بورسعيد التي حمت مصر و القاهرة خاصةً من الإحتلال الفرنسي و الإنجليزي و الإسرائيلي وقت حرب السويس عام 1956 لينضح على السطح عبارات المن و التكرم بين أبناء الوطن الواحد لتُقرع لنا أجراس الخطر بتفكك جسد الوطن الواحد إلى أقليات و تعصبات تذكرنا بجاهلية الماضي المخضبة بدماء نعرات تعصبية أتت من ملاحم (حرب البسوس) و (حرب داحس و الغبراء) و لكن السبب ليس بناقة و لا بسباق فرس لآخر بل من اللعبة المستديرة و معشوقة الجماهير التي أصبحت الآن زاهقة أرواح الملايين. لقد وضحت الرؤية الآن من نيران بورسعيد المشتعلة على تهئيتهم لطلب الإنفصال و الإستقلالية عن السلطة باسم فقدهم للتكريم من قِبل الدولة و أنهم درع الوطن الواقي للمخاطر مما ينم عن تكرم كريه يولد الضغينة بين أبناء الوطن الواحد و المفروض أننا نحمي مصر كلها بشرقها و غربها و جنوبها و شمالها بغض النظر عن اسم المحافظة أو الإقليم و لنتذكر درس الرئيس الأمريكي السادس عشر إبراهام لينكولن الذي فضل وحدة الوطن على قانون تحرير العبيد بعد أن إنشقت ولايات جنوبية عن الجسد الأمريكي الموحد فكانت النتيجة أن وحدة الوطن هي التي جلبت تحرير العبيد لأن الإثنان وجهان لعملة واحدة و مقت تسمية الولايات الجنوبية بإعلانها جمهوريات كونفدرالية لأنه غار على إختفاء الوطن الأمريكي الذي لولاه ما كانت أمريكا و لا أصبحت قطب العالم الأوحد و هنا يأتي نكران الذات من أجل حياة الوطن و إستمراره على بسيطة العالم. ما نراه الآن من نعرات تعصبية جاء من خطأ كبير تسببت فيه الدولة في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك و هو فتح قنوات محلية لكل إقليم و عند رؤية تلك القنوات من الرابعة حتى الثامنة نجد أن نبرة التعصب للإقليم يغطي على ملحمة حب الوطن و نجد برامج تلك القنوات تتناول تراث الإقليم على أنه قائم بذاته لا يمت لمصر بشيء و أثناء مباريات فرق تلك الأقاليم يتم شحن جماهير الإقليم على التشجيع أكثر من تشجيع المنتخب الوطني و عند تناول تاريخ كفاح كل إقليم تظهر أفة المن و التكرم على مصر و لا يذكر أن كل هذا من أجل البيت الكبير ألا و هو بيت مصر الحبيبة و تتراشق اإتهامات بين كل محافظة و تظهر الأحقاد بشكل مذري لنجد ثمارها ناضحة الآن بحروف من دم و نار. على الجميع الإنتباه أننا في الطريق إلى التقسيم و هي المشكلة التي من المستحيل أن تحدث في مصر لتماسكنا و ترابطنا كيد واحدة لكن أطرقت المشكلة طرقاتها على باب القناة المستعدة لوباء الفرقة باسم التاريخ المشرف و الدفاع عن الوطن و البحث عن الكرامة المفقودة بين أنياب الحكومة و هنا ما لا يدركه أبناء القناة أنه في حالة الوصول إلى هدف الإستقلال ستتحول صفحات تاريخ القناة المشرفة بالبطولة و الشجاعة إلى صفحات سوداء تدعو للتمزق و الإنقسام و ستكون دولاً عنوانها الفرقة و التقسيم و التشتيت و الإرهاب. هنا لابد من الإحتواء تحت راية مصرنا الحبية من القاهرة إلى أسوان حتى لا نساهم في تنفيذ أجندة الغرب بإرساء قواعد الشرق الأوسط الكبير و الوطن العربي أغلبه ممزق ما بين العراق و سوريا و الأردن و لبنان و تونس و الخوف من إمتداد هذا التمزق إلى باقي البلاد العربية فتكون بوابة القناة بدلاً من كونها بابًا للصمود ، تكون بابًا للخضوع و الخنوع.