تقترب دقات ساعة بدء الإنتخابات الإسرائيلية لرئاسة الوزراء و التي فرضت نفسها بعد حرب غزة الأخيرة و التي قلصت من شعبية رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو إلى جانب فشله بعقد تحالفات مع الأحزاب الحليفة لليكود حول الميزانية مما أدى إلى أفول نجم نتنياهو الذي يسعى رغم تلك الإخفاقات إلى الفوز بولاية جديدة في مجلس الوزراء الإسرائيلي سائرًا على مبدأ حزب الليكود (التكتل) القائم على إقامة دولة إسرائيل على التوراة و السيف. ولد بنيامين نتنياهو الملقب ب(بيبي) يوم 21 أكتوبر من عام 1949 بمدينة تل أبيب و هو بذلك أول رئيس وزراء لإسرائيل ولد بإسرائيل بعد قيام دولتها التي أعلنت من خلال خطاب الإستقلال الذي أذاعه (ديفيد بن جوريون) يوم 15 مايو من عام 1948 ، ينتمي نتنياهو إلى أصول بولندية مثل أقرانه كمناحم بيجن و شيمون بيريز و ديفيد بن جوريون الذي يُلقب في التاريخ الإسرائيلي ب(أبو إسرائيل). تلقى نتنياهو علومه في الولاياتالمتحدةالأمريكية بحصوله على شهادة البكالوريوس من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 1974 و كانت تربطه صداقة بميت روميني المرشح السابق للرئاسة الأمريكية حيث عمل معه لمدة عامان في مجموعة بوسطن الإستشارية من 1976 حتى 1978 و خدم نتنياهو في جيش الدفاع الإسرائيلي في إحدى وحدات الكوماندوز و له صورة شهيرة ألتقطت له و هو في الجيش راكعًا بين قدمي (ديفيد بن جوريون) حيث أخذه في مشواره السياسي كمثل أعلى له في الحفاظ على كيان دولة إسرائيل حسب زعمه و كانت خدمته العسكرية من عام 1972 حتى عام 1976 و بعدها حصل على الماجستير في عام 1976. شغل نتنياهو منصب نائب البعثة بالسفارة الإسرائيلية من عام 1982 حتى عام 1984 ثم تولى منصب السفير الإسرائيلي بواشنطن من عام 1984 حتى عام 1988 و بعدها في عام 1988 عاد إلى إسرائيل ليتقدم لانتخابات الكنيست الإسرائيلي ليفوز بمقعد لحزب الليكود و في نفس العام عُين نائبًا لوزير الخارجية الإسرائيلي بعد رئيس الوزراء في ذلك الوقت اسحق شامير حتى عام 1991. في عام 1993 تم انتخاب نتنياهو رئيسًا لحزب الليكود و الذي كان في بدايته حزب (حيروت) أو الحرية الذي أسسه مناحم بيجن عام 1949 و كان بمثابة الحزب المعارض للسلطة الإسرائيلية و حصل على مقاعد بأول انتخابات للكنيست الإسرائيلي و ظل هذا الحزب هو المعارض الأبدي بإسرائيل حتى تم ضم الجناح اليميني لحزب حيروت الذي تحول إلى حزب الليكود عام 1973 و يتم تنصيب أول رئيس وزراء لإسرائيل من حزب الليكود و هو مناحم بيجن عام 1977 بعد إحتكار 29 سنة لحزب العمل لرئاسة الوزراء. كان نتنياهو من ضمن الوفد الإسرائيلي الذي شارك في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 و كان وقتها رئيسًا للوزراء اسحق شامير التابع لحزب الليكود و المعروف بتعنت سياساته تجاه الفلسطينيين و شارك في محادثات السلام بواشنطن بعد هذا المؤتمر ، كان نتنياهو في الدورة ال13 بالكنيست (1992 – 1996) عضوًا بلجنتي (الخارجية و الأمن) و (الدستور و القانون و القضاء) البرلمانيتين. تولى بنيامين نتنياهو رئاسة وزراء إسرائيل في يونيه من عام 1996 بعد فوزه بالإنتخابات أمام منافسه لحزب العمل (شيمون بيريز) و كانت سياساته تتسم بالتعسف و الصلف تجاه العرب و قيل أن سبب عدائه للعرب هو قتل أخيه على يد المقاومة الفلسطينية في السبعينات مما جعل الكره يحتل قلبه تجاه العرب و هذا ما أدى إلى أن توغل في مسألة البحث عن هيكل سليمان المهدوم منذ قديم الأزل باللعب بأساسات المسجد الأقصى من خلال مشروع (الأنفاق) الذي أعلن عنه عام 1996 ليقوم بإحياء ذكرى حادث (حائط البراق) الذي حدث بين العرب و اليهود عام 1929 حول هذا المكان الذي تصارع عليه العرب و الإسرائيليون بأن حائط البراق الذي يقدسه المسلمون لحادثة الإسراء و المعراج ما هو إلا هيكل سليمان الذي قام على أنقاضه المسجد الأقصى. كانت عملية السلام تسير بخطى جيدة أثناء تولي اسحق رابين لرئاسة الوزراء بتوقيع إتفاقيتي (غزة / أريحا) 1993 و أوسلو 1994 إلى أن أغتيل عام 1995 و جاء من بعده بيريز ليكمل المسيرة لكن رغبة الإسرائيلين أرادت فكرًا متطرفًا متعسفًا تجاه الفلسطينيين فكان نتنياهو الذي ماطل ياسر عرفات في إستكمال مسيرة السلام إلى أن تم التوصل إلى إتفاقية (وايت ريفرز) عام 1998 برعاية بيل كلينتون و لكن ظلت المماطلة مستمرة مما عجل بإجراء انتخابات عاجلة عام 1999 لتعطيل عملية السلام و فاز إيهود باراك بمنصب رئاسة الوزراء مما جعل نتنياهو يقدم إستقالته من رئاسة حزب الليكود و الكنيست في دورته ال15 ليعمل في القطاع الخاص حتى عام 2002. بعد ثلاث سنوات من القطيعة السياسيةعاد بنيامين نتنياهو إلى العمل السياسي في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي (إرييل شارون) ليصبح وزيرًا للخارجية الإسرائيلية من نوفمبر 2002 حتى فبراير 2003 ثم تم تعيينه وزيرًا للمالية من عام 2003 حتى عام 2005 ثم إستقال من منصبه و تم إعادته لرئاسة حزب الليكود بعد إنتخابه عام 2005 و تم التجديد له في رئاسة الليكود عام 2007. في 20 فبراير من عام 2009 تولى نتنياهو منصب رئيس وزراء إسرائيل للمرة الثانية بعد تقلص شعبية إيهوت أولمرت أثناء حرب غزة في أواخر 2008 و أوائل 2009 ليعود لمنصبة الوزاري من جديد و يزداد تعنتًا كما كان في ولايته الأولى و يعود لمشروع الأنفاق أسفل المسجد الأقصى كما كان في عام 1996 لتصل إلى حرب غزه في عام 2012 لتتقلص شعبيته بعد الوصول إلى الهدنة الأخيرة بين الطرفين و يريد نتنياهو بشن حربًا كبيرة على إيران ليستعيد شعبيته و هذا ما يحاول به إقناع إسرائيل كما فعل جورج بوش الإبن بحربه الكبيرة على الإرهاب بإقناعه الشعب الأمريكي بهذا ليفوز بولاية ثانية في الرئاسة الأمريكية عام 2004 و هذا ما يصبو إليه نتنياهو ففي حالة فوزه بولاية أخرى ستكون الحرب ضد إيران على وشك الوقوع كما حدث في عام 1967 حينما أقنع ليفي أشكول الشعب الإسرائيلي بإمكانية تحقيق نصرًا على العرب فتم بقائه في السلطة فترة ثانية لتكون حرب الأيام الست (حرب 1967) و يتم إحتلال أراضي من أربع بلاد عربية بين مصر و الأردن و سوريا و فلسطين و من قبلها أقنع بن جوريون إسرائيل بأن النصر قادم على العرب فكانت حرب 1956 و لكن جاء النصر السياسي لمصر. ما حدث لتقلص شعبية نتنياهو تجعلنا نتذكر ما حدث لمناحم بيجن حينما أراد تعويض إخفاق كامب ديفيد بعودة سيناء للسيادة المصرية فقام بيجن ليفوز بولاية ثانية عام 1981 بضم القدس لإسرائيل كليةً عام 1980 و في عام 1981 قام بضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981 الذي صممه العالم المصري الكبير يحيى المشد الذي قُتل حسب بعض المصادر على يد الضابطة الصغيرة و العاملة بالمخابرات تحت بند (التصريح بالقتل) وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة (تسيبني ليفني) عام 1980 و هذا ما جعل (بيجن) يفوز بأغلبية ساحقة بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الوزارية بإسرائيل رغم إخفاق كامب ديفيد على حسب زعم بعض المعارضين الإسرائيلين له في هذا الوقت. حاول بيجن أن يثبت للشعب الإسرائيلي بأنه مازال قويًا و أن الإخفاق في شيء ليس معناه النهاية فقام بمذبحة (صابرا و شتيلا) عام 1982 و التي نفذها وقتها وزير الدفاع الإسرائيلي (إرييل شارون) و التي قلصت من شعبيته علاوة على وفاة زوجته (ليزا) عام 1983 مما عجل بإستقالته من منصبه و أصبح بيجن مرفوضًا من إسرائيل و إعتزل الحياة السياسية حتى وفاته عام 1992. تكرر نفس الأمر مع (إيهود باراك) عام 2000 حينما أصدر أوامر لإرييل شارون وزير الدفاع بالهجوم على المسجد الأقصى يوم 28 سبتمبر و التي أشعلت الإنتفاضة الثانية و كأن شارون هو شهادة الوفاة السياسية لرؤساء الوزراء بإسرائيل ليتم التعجيل بإنتخابات مبكرة لرئاسة الوزراء فيفوز مرشح الليكود شارون ضد باراك الذي سُحق شعبيًا بعد هزيمة إسرائيل من لبنان عام 2000 بتحرير الجنوب بإستثناء مزارع شبعة و إنتفاضة الأقصى الثانية و ليأتي عليه الدور و هو وزير دفاع ليكون شهادة الوفاة السياسية لإيهوت أولمرت في حرب غزة 2008/2009 و حرب غزة الثانية عام 2012 التي من المحتمل أن تكون شهادة الوفاة السياسية لنتنياهو لينضم لحزب المتوفين سياسيًا جنبًا بجنب (بيجن – باراك - أولمرت) و من قبل كل هؤلاء (جولدا مائير) التي تسمى ب(المرأة الرجل) أو (أم إسرائيل) حيث توفيت سياسيًا عام 1974 بسبب تقصير وزير الدفاع (موشيه ديان) في حرب (يوم كيبور) أو حرب أكتوبر 1973.